ملخص
يشكل قتل أبكر تصعيداً في النزاع الذي اندلع في 15 أبريل بين الجيش وقوات الدعم السريع
دعت الأمم المتحدة إلى محاسبة قتلة والي غرب دارفور، خميس عبدالله أبكر، وقالت إن قوات "الدعم السريع" التي كانت تحتجزه كانت مسؤولة عن سلامته.
وقال المتحدث باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان جيريمي لورنس للصحافيين في جنيف أمس الخميس، "يجب محاسبة جميع المسؤولين عن عملية القتل هذه بمن فيهم أولئك الذين يتولون مسؤولية القيادة".
وفي ولاية غرب دارفور التي تشهد اضطرابات، قتل الوالي بعد ساعات على إدلائه بتصريحات تنتقد قوات "الدعم السريع" في مقابلة هاتفية مع قناة "الحدث" التلفزيونية الأربعاء.
وقال لورنس إن المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك "يشعر بالصدمة إزاء قتل" الوالي.
وأشار إلى أن مقتله في 14 يونيو (حزيران) الحالي، جاء "بعد ساعات على توقيفه من جانب قوات الدعم السريع في الجنينة عاصمة غرب دارفور، حيث اتخذ النزاع بعداً إثنياً".
وقال لورنس "إلى جانب مسؤولية الجاني المباشر، فإن الوالي أبكر كان محتجزاً لدى قوات الدعم السريع، وإن مسؤولية الحفاظ على سلامته تقع على عاتق قوات الدعم السريع".
وأشار إلى أن الوالي كان ثاني شخصية كبيرة يتم اغتيالها في الجنينة خلال أيام، بعد مقتل الشقيق الأكبر لزعيم قبيلة المساليت طارق عبدالرحمن بحر الدين.
وعبر لورنس عن قلق عميق إزاء تصاعد خطاب الكراهية في المنطقة، محذراً من أن ذلك "يمكن أن يؤجج توترات".
وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إنها اطلعت على مقتطفات مصورة سجلها أفراد من قبيلة عربية يتباهون بـ "الانتصارات" والقتل وطرد أفراد من مجموعات أخرى.
وقال لورنس "نطالب بالعدالة والمساءلة عن عمليات القتل خارج إطار القانون، وجميع الانتهاكات والإساءات الأخرى التي حصلت خلال النزاع المستمر".
أطفال نازحون
من جهة اخرى، أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أن أكثر من مليون طفل نزحوا في الشهرين الماضيين جراء النزاع في السودان بين الجيش وقوات "الدعم السريع"، مشيرةً إلى أن زهاء 25 في المئة منهم هم في إقليم دارفور.
وقالت المنظمة في بيان الخميس، إن "أكثر من مليون طفل نزحوا جراء شهرين من النزاع في السودان"، مشيرةً إلى أنها تلقت تقارير "عن مقتل أكثر من 330 طفلاً وإصابة أكثر من 1900".
وحذرت من أن كثيرين غيرهم يواجهون "خطراً جسيماً" جراء النزاع الذي تسبب بمقتل أكثر من 2000 شخص وفق آخر أرقام مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح "أكليد". إلا أن الأعداد الفعلية قد تكون أعلى بكثير، بحسب وكالات إغاثة ومنظمات دولية.
كما تسببت المعارك التي تتواصل من دون أي أفق لحل، بنزوح أكثر من 2.2 مليون شخص، لجأ أكثر من 528 ألفاً منهم إلى دول الجوار، وفق أحدث بيانات منظمة الهجرة الدولية.
وأكد المتحدث الإقليمي باسم "يونيسيف" عمار عمار لوكالة الصحافة الفرنسية الجمعة، أن "الأطفال يشكّلون أكثر من نصف عدد سكان السودان" المقدّر بـ45 مليون نسمة. ووفق تصنيف المنظمة، الطفل هو كل من لم يبلغ 18 من العمر.
وحذرت ممثلة "يونيسيف" مانديب أوبراين من أن "مستقبل السودان على المحك، ولا يمكننا أن نقبل الخسارة والمعاناة المتواصلة لأطفالهم"، مضيفةً "الأطفال عالقون في كابوس بلا هوادة، يتحمّلون العبء الأكبر لأزمة عنيفة لم يكن لهم أي دور في اندلاعها". وأسفت لأن هؤلاء باتوا أسرى "النيران، مصابين، يتم استغلالهم، نازحين ويواجهون الأمراض وسوء التغذية".
الحاجة للمساعدات
وأثّر النزاع على كل مناحي الحياة في السودان، أحد أكثر دول العالم فقراً حتى قبل اندلاع المعارك. ويعاني السكان من نقص في المواد الغذائية والخدمات الأساسية خصوصاً الطبية منها، إذ إن ثلاثة أرباع المستشفيات في مناطق القتال أصبحت خارج الخدمة.
وكانت "يونيسيف" حذرت في أواخر مايو (أيار) من أن أكثر من 13.6 مليون طفل في السودان هم في حاجة ماسة للدعم الإنساني المنقذ للحياة.
وأعربت المنظمة الخميس عن قلقها خصوصاً بشأن دارفور، مشيرةً إلى أن "انقطاع الاتصالات وعدم إمكان الوصول" إلى الإقليم الواقع في غرب السودان ويشكّل نحو ربع مساحته، يجعل الحصول على معلومات دقيقة مهمة صعبة.
وتؤشر تقديرات المنظمة إلى "أن 5.6 مليون طفل يعيشون في الولايات الخمس لدارفور، ويقدّر أن نحو 270 ألفاً منهم باتوا نازحين جدداً بسبب القتال".
وتثير الأوضاع في دارفور قلقاً متزايداً في الآونة الأخيرة، إذ حذرت الأمم المتحدة من أن ما يشهده الإقليم قد يرقى إلى "جرائم ضد الإنسانية".
واعتبر مسؤول الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث الخميس أن على العالم الحؤول دون وقوع "كارثة إنسانية جديدة" في دارفور الذي عانى على مدى عقدين من نزاع دام أودى بحياة 300 ألف وهجّر أكثر من مليونين ونصف مليون، وفق المنظمة الأممية.
تحذيرات متزايدة
في غضون ذلك، دانت أطراف عدة مقتل والي غرب دارفور بعد توقيفه بأيدي قوّات الدعم السريع، مع دخول النزاع في السودان شهره الثالث، وسط دعوات إلى تدخل في إقليم دارفور حيث حذرت الأمم المتحدة من وقوع "جرائم ضد الإنسانية" فيه، وقال الجيش إن قوات الدعم خطفت خميس أبكر وقتلته، ليل الأربعاء الخميس، بعد ساعات على اتهامه إياها بـ"تدمير" مدينة الجنينة. من جهتها، حملت قوات الدعم المسؤولية عن قتله إلى "متفلتين".
ويشكل قتل أبكر تصعيداً في النزاع الذي اندلع في 15 أبريل (نيسان) بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، ويتزامن مع تحذيرات متزايدة بتدهور الأوضاع في إقليم دارفور الذي عانى خلال عقدين نزاعاً دامياً، خصوصاً في الجنينة، مركز غرب دارفور، إحدى الولايات الخمس للإقليم الواقع غرب السودان عند الحدود مع تشاد.
ودان البرهان "الهجوم الغادر" معتبراً، في بيان، أن ما تنفذه قوات الدعم "من قتل وسلب ونهب وترويع للمواطنين واستهداف للمنشآت الخدمية والتنموية بمدينة الجنينة، يعكس مدى الفظائع التي تقوم بها القوات المتمردة ضد الأبرياء العزل".
ودانت قوات الدعم مقتل أبكر مؤكدة أنه جرى "على أيدي متفلتين على خلفية الصراع القبلي المحتدم بالولاية"، وقالت إن مجموعة من "أحد المكونات القبلية" دهمت مقر أبكر ما دفعه إلى طلب "الحماية من قوات الدعم السريع" التي قامت "بتخليصه وإحضاره لمقر حكومي"، إلا أن "المتفلتين دهموا المكان بأعداد كبيرة" واشتبكوا مع عناصر قوات الدعم "ما أدى لخروج الأوضاع عن السيطرة"، ودعت إلى "تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للتقصي حول الأحداث التي وقعت بالولاية وأدت لمقتل الوالي ومئات المواطنين"، غير أن الأمم المتحدة حملت قوات الدعم مسؤولية "العمل الشنيع"، وقالت بعثة المنظمة، في بيان، "تنسب إفادات شهود مقنعة هذا الفعل إلى الميليشيات العربية وقوات الدعم
كابوس
في نيويورك، اعتبر مسؤول الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث أن إقليم دارفور الذي يعيش سكانه "كابوساً" بسبب الحرب في السودان التي دخلت شهرها الثالث، يتجه نحو "كارثة إنسانية" جديدة على العالم منعها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جهتها، نددت واشنطن بشدة بـ"أعمال العنف المروعة" في السودان، قائلة إن التقارير عن انتهاكات لحقوق الإنسان ارتكبتها قوات الدعم السريع "موثوقة"، وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية، إن ثمة "ضحايا وجماعات مدافعة عن حقوق الإنسان قد اتهموا بشكل موثوق جنود قوات الدعم السريع ومجموعات مسلحة متحالفة معها بارتكاب عمليات اغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي على صلة بالنزاع"، وأضاف أن "الفظائع التي وقعت في غرب دارفور ومناطق أخرى هي تذكير مشؤوم بالأحداث المروعة التي دفعت الولايات المتحدة إلى أن تحدد عام 2004 أن إبادة جماعية قد ارتُكِبت في دارفور".
ربع سكان البلاد
ويضم دارفور نحو ربع سكان البلاد البالغ عددهم 45 مليون نسمة تقريباً، وفي العقدين الماضيين، تسبب النزاع فيه بمقتل 300 ألف شخص ونزوح 2.5 مليون آخرين، بحسب الأمم المتحدة.
وخلال النزاع، لجأ الرئيس السابق عمر البشير إلى ميليشيات "الجنجويد" لدعم قواته في مواجهة أقليات عرقية، ونشأت قوات الدعم السريع رسمياً عام 2013 من رحم هذه الميليشيات.
وكان أبكر زعيم إحدى حركات التمرد الموقعة على اتفاق جوبا للسلام مع الحكومة عام 2020 سعياً لإنهاء النزاع.
الاستجابة الإنسانية
وتستضيف جنيف في 19 يونيو (حزيران)، مؤتمراً ترأسه السعودية بالاشتراك مع عدد من الدول والهيئات الدولية لدعم الاستجابة الإنسانية للسودان.
من جهتها، تقود الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا "إيقاد" مبادرة، وأعلنت، هذا الأسبوع، رفع عدد الدول المكلّفة بها بضم إثيوبيا إلى لجنة كانت تقتصر على كينيا والصومال وجنوب السودان على أن تكون كينيا رئيسة لها بدل جنوب السودان.
وأعلنت الخارجية السودانية "رفضها رئاسة كينيا للجنة إيقاد الخاصة بمعالجة الأزمة"، وشددت على أن كينيا "ليست مؤهلة لرئاسة اللجنة"، مؤكدة أن هذا الأمر "لم يُطرح للنقاش" خلال قمة استضافتها جيبوتي هذا الأسبوع.