أشكال مبتكرة للاعتراض في روسيا

منذ أن باشرت السلطات الروسية بقمع كافة الاحتجاجات على الحرب الدائرة في أوكرانيا، بدأ الناس في البحث عن وسائل غير مباشرة للتعبير عن دعمهم للشعب الأوكراني وضحايا التدخل العسكري الروسي واعتراضهم على الحرب التي تشنها بلادهم.

وتراوحت طرق التعبير من رفع لافتات مكتوب عليها أحاديث من الإنجيل، إلى حمل كتاب "الحرب والسلم" للكاتب ليف تولستوي، وصولاً إلى رفع الشعار السوفياتي الشهير "السلام، العمل، مايو" وهو هتاف كان رائجاً أثناء احتفالات يوم العمال في الأول من مايو (أيار)، كما وضع زهور على أنصبة أو أماكن لها صلة بأوكرانيا.

كل هذا لم يشفع للمحتجين، فتعرضوا للملاحقات والغرامات المالية، وأحياناً الحبس، ولكن مسيرة الابتكارات لم تتوقف، إذ لجأ المعترضون إلى وسائل التواصل الاجتماعي ليبقوا مجهولين واعتمدوا لغة سرية للتعبير عن معارضة سياسة الكرملين.

في العام الماضي في سانت بطرسبورغ، قام فنان بتحميل بعض الصور لتماثيل صغيرة من الطين موضوعة في مكان عام على منصة التواصل الاجتماعي "إنستغرام" تحت حساب "مالينكي بيكيت" Malenkiy Piket، مما يعني "الاحتجاج الصغير"، وفي منشور منفصل، دعا الآخرين للانضمام إليه في تظاهرته الصامتة.

وفي تقرير لـ"نيويورك تايمز"، يقول الفنان واسمه يفغيني، إنه تلقى ما يقرب من 2000 صورة تحتوي على تماثيل طينية منزلية الصنع، يحمل عديد منها ملصقات احتجاجية تحمل رموزاً غريبة.

وعلى رغم الحفاظ على هوية المرسلين، فإن إرسال مثل هذه الصور، حتى بشكل خاص، ينطوي على أخطار جسيمة، باعتبار أن مشاركة رسائل مناهضة للحرب يمكن أن تكون سبباً للسجن، فقد استخدمت الشرطة لقطات كاميرات المراقبة لتتبع واعتقال أحد المساهمين في الحركة الاعتراض هذه في عام 2022.

ويلفت الفنان إنه من المهم أن يرى الناس أن الروس يعارضون الحرب أيضاً، "ليس الجميع مع بوتين. نحن نعلم كيف تتجاهل وسائل الإعلام هذا، وتخفي كل ما يظهر اعتراض الناس على السلطة".

إحدى المشاركات في حركة الاعتراض، وتعيش في روسيا، قالت لـ"نيويورك تايمز"، "هؤلاء الرجال الصغار فعلوا ما أصبح مستحيلاً علينا القيام به علانية. رأيت أن هناك أشخاصاً، مثلي، ضد هذه الحرب".

وأوضحت أنها عادة تبحث عن مكان عام لا توجد فيه كاميرات وتنتظر اللحظة لا يوجد فيها أحد على المقربة، "ألتقط صورة وأغادر بسرعة".

وتقول مشاركة أخرى إنها استلهمت وضع شخصيات طينية وإرسال الصور لأن صورها يمكن أن تستمر لفترة أطول من احتجاجات الشوارع، التي قمعتها الشرطة منذ فترة طويلة، مضيفة "من المهم أيضاً للأشخاص مثلي أن يروا أنني لست وحدي".

ومن بين الشعارات التي حملت اعتراضاً على الحرب:

سمكة الروش

في عام 2022 اعتقلت امرأة بسبب كتابتها باللغة الروسية على الجدران في ساحة عامة "لا للحرب" مع تركها إشارات نجمية (**) على أحرف وسط الكلمة، لكن خلال المحكمة نفت المرأة أنها كتبت "للحرب"، واخترعت كلمة أخرى تناسب الحرف الأول والأخير من كلمة "الحرب" الروسية، وهي سمكة من نوع "الروش" (فوبلا) موطنها بحر قزوين يأكلها الروس تقليدياً مع البيرة أو الفودكا.

شخصية طينية تحمل رمز "لا للسمك" ومغزاها "لا للحرب" (إنستغرام "مالينكي بيكيت")

بعدما صدقتها المحكمة في بادئ الأمر، وأوقفت ملاحقتها، انتشرت القصة على الإنترنت الروسي مثل النار في الهشيم، وأنتجت كثيراً من الميمات وحتى غنية، لكن لاحقاً أعيدت القضية إلى المحكمة وغرمت المرأة، ولكن بحلول ذلك الوقت، حولت قصتها السمكة والعلامات النجمية إلى رموز للاحتجاج.

لافطات فارغة

شخصيات ورقية تحمل لافتات بيضاء كتعبير عن الاعتراض (إنستغرام "مالينكي بيكيت")

تؤكد اللافتات الفارغة كيف انعدمت حرية التعبير في روسيا. خلال الأشهر الأولى من عام 2022، بعد غزو روسيا لأوكرانيا، نزل عديد من الروس إلى الشوارع بلافتات فارغة، واعتقلتهم الشرطة.

العلم المناهض للحرب

شخصية طينية تحمل "العلم المناهض للحرب" (إنستغرام "مالينكي بيكيت")

بعد اندلاع الحرب الروسية، لجأت القوى السياسية في الاغتراب إلى العلم الأبيض مع وجود شريط أزرق في المنتصف كرمز مناهض للحرب من قبل الروس الذين عارضوا غزو أوكرانيا ورفضوا حكومة بوتين.