ملخص
انتشرت نوادي فنون القتال داخل العاصمة نواكشوط كوسيلة دفاعية نتيجة تنامي حوادث السرقة في البلاد.
لا شيء يكسر صمت قاعات الرياضات القتالية بالمركب الأولمبي في العاصمة نواكشوط غير صيحات يافعين في حصة تدريب بنادي الكاراتيه الذي تحول قبلة للباحثين عن اكتساب مهارات في الفنون القتالية التي أملى تنامي الجريمة تعلمها على سكان نواكشوط.
استعد للأسوأ
انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بين الموريتانيين أسهم في سرعة انتشار أخبار جرائم النشل وقصص السرقة وقطع الطريق التي يتعرض لها مواطنون في مناطق مختلفة من العاصمة، وهذه الأخبار دفعت الشاب العشريني سليمان مولود إلى البحث عن مركز للفنون القتالية مطلع هذا العام.
يقول سليمان، "مكنتني المهارات الأولية التي تعلمتها حتى الآن من التصدي لأي معتد محتمل قد يهاجمني وأنا في رحلة العودة لبيت أهلي".
ويوضح رئيس الاتحادية الموريتانية للملاكمة العربية الداه ولد آدب السياق الذي جعل الموريتانيين يهتمون بهذا النوع من الرياضات، إذ يربطه "بالتوسع العمراني الذي شهدته مدينة نواكشوط خلال السنوات الأخيرة والانفتاح على العمالة الأجنبية وتأثيرات الثورة الرقمية وانتشار المخدرات والمؤثرات العقلية بين أوساط الشباب".
ويضيف المتخصص في قنون القتال والدفاع عن النفس، "أصبحت العاصمة تشهد بين الفينة والأخرى تنامياً في معدلات الجريمة ونوعيتها، مما جعل الشباب يتجهون نحو قاعات فنون القتال ليتعلموا أساليب الدفاع عن النفس".
وفي السياق يرى الصحافي الرياضي حسام خلف أن "هذه الرياضات تحولت إلى موضة شبابية يتداخل فيها الذاتي مع الموضوعي، فهؤلاء الشباب من جهة يريدون التميز من خلال تعلم مهارات الدفاع عن النفس، ومن جهة أخرى تعتبر وجاهة اجتماعية ومصدر فخر عائلي للأسر التي ينضم أبناؤها إلى هذه النوادي".
هوايات شبابية
ويهيمن الحضور الشبابي على نوادي الفنون القتالية في نواكشوط، وعلى رغم ذلك تلاحظ أحياناً وجود لاعبين تجاوزوا الـ 40، ويعتبر سليمان مولود أن "ذلك يعود لأن الأخطار المحتملة للشباب تأتي في الصدارة لنشاطهم في المدينة".
ويعود ولد آدب ليؤكد أن "الفئات الأكثر إقبالاً على تعلم فنون القتال والدفاع عن النفس هي الفئة العمرية بين 16 و27 سنة"، مشيراً إلى أن هذا "الإقبال مرتبط بفترات زمنية معينة، فمثلاً في فترة العطلة الصيفية يرتفع وفي فترات الدراسة ينخفض، كما أن الإقبال يزيد داخل الأحياء الراقية وينخفض في نظيرتها الشعبية".
ويتفق خلف مع هذا الطرح بقوله إن "الفئات الشابة هي التي تملك الوقت والطاقة والاهتمام لهذا النوع من الرياضات، كما أن دائرة اهتماماتها ترتبط بكل ما له علاقة بالنشاط والحركة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مواهب تتشكل
ودفع الاهتمام بهذه الفنون الأوساط الرياضية الموريتانية لدعوة وزارة الثقافة والشباب والرياضة الموريتانية إلى تبني أصحاب المواهب الذين تميزوا في الدورات الخاصة بالكاراتيه والملاكمة والجودو.
وفى هذا الصدد يقول حسام، "طالبنا أكثر من مرة الجهات المعنية بالرياضة أن تهتم بالمواهب الشابة التي تفرزها النوادي الرياضية للفنون القتالية في العاصمة".
ويضيف، "إذا ما قوبلت هذه المواهب بالرعاية والاهتمام فسنشهد في القريب العاجل ظهور نجوم شباب في هذه الفنون التي أصبحت تضيف لبلدانها قيمة في المحافل الرياضية العربية والعالمية".
وسبق لرياضيين موريتانيين أن عبروا عن امتعاضهم من غياب الدعم اللازم من وزارة الرياضة، وكان آخرها ما صدر عن الفائز بميداليات دولية عدة في "الكيك بوكسينغ"، يحيى بوعماتو، الذي صرح بأن "الاتحادات القتالية تقوم بعمل جيد ولديها الإرادة لتمثيل موريتانيا، لكنها لا تجد التمويل والدعم الكافيين من الوزارة أو القطاع الخاص".
وأضاف بوعماتو في تصريحات لوسائل إعلام رياضية محلية أن "بعض المشاركات الخارجية تأتي من جهود فردية من القائمين على بعض الاتحادات، لأن الدعم المقدم من الحكومة أو القطاع الخاص غير كاف".
ودعا بوعماتو "سلطات بلاده والقطاع الخاص إلى دعم الرياضات القتالية التي تسهم في الحفاظ على المجتمع والشباب من الانحراف".
يشار إلى أنه انتشرت أخيراً بالعاصمة نواكشوط عشرات المراكز والنوادي المتخصصة بالتكوين في مجال فنون القتال والدفاع عن النفس، وينتظم فيها مئات الشباب الموريتاني.