ملخص
التحول الاقتصادي كفيل بتغيير وجه السعودية من الريعية إلى رحاب التنويع
باقتصاد متنوع هو الأسرع نمواً من بين اقتصادات مجموعة الـ20، وبرؤية مستقبلية طموحة تنافس الرياض كلاً من روما وبوسان وأوديسا على استضافة معرض "إكسبو 2030"، في وقت تؤشر الشواهد والمعطيات إلى أميال مقطوعة نحو تحول اقتصادي غير نفطي كفيل بتغيير وجه السعودية من الريعية إلى رحاب التنويع.
الرياض في منتصف طريق برنامج طموح ابتكره ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وكل المؤشرات تبرهن على مساع لدفع النشاط غير النفطي كمحرك للنمو جنباً إلى جنب مع مكانة عالمية رائدة تحظى بها البلاد في سوق الطاقة العالمية بشقيه التقليدي والمتجدد.
يعبر حرص الرياض على اقتناص فرصة استضافة فعاليات معرض "إكسبو 2030" والفوز بها في مضمار منافسة تضم إيطاليا وكوريا الجنوبية وأوكرانيا، عن رغبة صادقة في فطم اقتصاد البلاد عن الاعتماد على النفط، وتدعيم النشاط غير النفطي ودفع نموه إلى آفاق أرحب ضمن "رؤية 2030"، في وقت تعكس فيه الأرقام والإحصاءات والنسب حجم الإنجاز الذي أحرزه الاقتصاد السعودي الذي صار يشار إليه بالبنان باعتباره الأسرع نمواً بين اقتصادات مجموعة الـ20 العام الماضي.
المؤسسات الدولية ترى أن هناك تعافياً واسعاً في النشاط غير النفطي في السعودية، وتسجل أن البلاد تمكنت عبر حزمة الإصلاحات في دفع نمو هذا النشاط على النحو الذي يعزز للسعودية مكانتها كبيئة أعمال واعدة.
أعلى مستوى في ثماني سنوات
نما نشاط قطاع الأعمال الخاص غير النفطي في السعودية إلى أعلى مستوى له منذ ثماني سنوات في فبراير (شباط)، معتمداً في ذلك على زيادة قوية في الطلب وتوقعات اقتصادية متفائلة، بحسب ما يلفت إليه بنك الرياض السعودي في مؤشر مديري المشتريات المعدل موسمياً إلى 59.8 في فبراير (شباط) الماضي من 58.2 في الشهر السابق له، في أسرع معدل زيادة منذ مارس (آذار) 2015.
ويظهر مسح حديث في مارس الماضي أن الارتفاع الكبير في الطلبيات الجديدة يؤشر إلى تحسن الظروف الاقتصادية للشركات، في وقت ارتفع المؤشر الفرعي للطلبيات الجديدة إلى 68.7 في أعلى قراءة منذ أكثر من ثماني سنوات من 65.3 في يناير (كانون الثاني) الماضي، مواصلاً اتجاهاً صعودياً في الآونة الأخيرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تقديرات صندوق النقد الدولي الأخيرة تشير إلى ازدهار للاقتصاد السعودي بدعم من التحسن القوي في مستويات الاستثمار الخاص جنباً إلى جنب مع عوائد النفط، وصعد النمو الكلي بارتفاع قدره 8.7 في المئة العام الماضي بدعم من الإنتاج النفطي، وأيضاً صعود إجمالي الناتج المحلي غير النفطي 4.8 في المئة، إذ إن الأخير حظي بمستويات استهلاك كبيرة واستثمارات خاصة واسعة ومشاريع عملاقة، وكانت قطاعات النقل والبناء وتجارة الجملة والتجزئة دعائم هذا النمو، في وقت يتوقع صندوق النقد الدولي نمو القطاع الاقتصادي غير النفطي بأكثر من خمسة في المئة في النصف الأول من العام الحالي، وبلوغ فائض الحساب الجاري أعلى مستوياته خلال 10 سنوات.
القطاع الخاص يقود المعركة على البطالة
يعكس تراجع البطالة إلى أدنى مستوياتها العام الماضي (4.8 في المئة في مقابل تسعة في المئة خلال الجائحة)، حجم النمو في التشغيل بالقطاع الخاص وتزايد العمالة الوافدة وتركزها في قطاعي البناء والزراعة، ويتوقع أن يحتفظ النمو غير النفطي بقوته وزخمه، فيشير تقرير مشاورات المادة الرابعة لعام 2023، الصادر عن صندوق النقد الدولي مطلع يونيو (حزيران) الجاري، إلى أن القطاع غير النفطي سينمو إلى خمسة في المئة العام الحالي، بينما سيتراجع نمو القطاع النفطي بموجب اتفاق "أوبك +" خفض الإنتاج في أبريل (نيسان) الماضي.
ينظر "الصندوق" إلى النشاط الاقتصادي غير النفطي في السعودية باعتباره محركاً قوياً أيضاً لحالة الازدهار الاقتصادي وانحسار ركود سوق العمل، التي ستقود إلى احتواء التضخم الكلي في 2023 إلى حدود 2.8 في المئة.
ويبدي "الصندوق" إعجابه بإصلاحات "رؤية 2030" وأهدافها على صعيد التحول الرقمي وتنظيم بيئة الأعمال وزيادة الاستثمارات الخاص، ويرى بأن الرؤية السعودية تجاوزت في بعض الحالات الأهداف المحددة لعام 2030، في ظل استراتيجية وطنية للحد من الاعتماد على النفط وتوفير الحوافز الاستثمارية وإنشاء المناطق الاقتصادية الخاصة والنهوض بالتكنولوجيا.
أكثر من مجرد قصة نفطية
"السعودية أكثر من مجرد قصة نفطية" كما يقول رئيس فريق الأسواق الناشئة في "مورغان ستانلي" نجم حسنين، في معرض حديثه عن الإصلاحات الطموحة لدفع النشاط غير النفطي قدماً، فيلفت إلى عملية هيكلة الاقتصاد وتجاوز النفط، عبر إنشاء مدن ومنتجعات جديدة على البحر الأحمر لتعزيز السياحة غير الدينية، ومنها مشروع "نيوم" الأكثر طموحاً ومشاريع الهيدروجين الأخضر.
ويلفت محلل "مورغان ستانلي" إلى أن البلاد تسعى إلى جذب 100 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر بحلول 2030 في مسعى إلى تدعيم القطاع غير النفطي، مع استهداف نمو القطاع الخاص من الناتج المحلي الإجمالي ليصبح 65 في المئة بحلول نهاية العقد الحالي.
سيضيف "إكسبو 2030" للسعودية مزيداً من الزخم في قطاعات السياحة والضيافة والسفر والطيران والعقارات والإنشاءات وصناعة المعارض والفعاليات وتجارة التجزئة والمراكز التجارية، بالنظر إلى العوائد الضخمة التي حققتها المدن التي سبق لها استضافة الحدث العالمي، ومنها الاقتصاد الإيطالي حينما استضافت روما نسخة "إكسبو 2015" وحققت 10 مليارات يورو (10.9 مليار دولار).
في أبريل الماضي يلفت تقرير بنك الاستثمار "غولدمان ساكس" إلى ارتفاع الإيرادات غير النفطية، بجانب الفوائض المالية الضخمة التي يمكن أن تمثل مصدات ضد أي مخاطر محتملة.
يسجل التقرير أن محركات النمو غير المالية نتيجة الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية تدعم موقف الرياض أمام أي تراجع في سعر النفط، ووسط تأكيد على المستويات العالية من الاحتياطات والفوائض الكبيرة من المرجح أن تلجأ إليها لتنفيذ خطط التنمية.ش