يواصل الحوثيون حشد تحركاتهم بانتهاج العمل الدبلوماسي السياسي تارة، والتصعيد العسكري المسلح تارة أخرى، في مسعى لتكريس حضورهم في صورة المشهد اليمني الملتهب بالتزامن مع الجهود الإقليمية والدولية لإنهاء الحرب والدخول في تسوية سياسية شاملة.
وفي حين تعقد محادثات إيرانية- حوثية في العاصمة العمانية مسقط تناولت تطورات الأوضاع في اليمن، تواصل الميليشيات تحشيدها العسكري في تعز عقب عرض عسكري حاشد أقامته بمسيرة لمئات من عناصرها بين محافظتي إب وتعز (وسط اليمن).
تنسيق طهران والذراع
والتقى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان المتحدث باسم ميليشيات الحوثي محمد عبدالسلام فليتة في السفارة الإيرانية بمسقط، وفي حين يقرأ مراقبون الخطوة في سياق الجهود التي تبذلها طهران لتخفيف التوتر في الساحة اليمنية على وقع التقارب مع الرياض، اعتبرها آخرون تأكيداً جديداً على استخدامهم ورقة بيدها والتلويح بهم في السلم والحرب لتحقيق مآربها.
وأمس الثلاثاء وصل عبداللهيان على رأس وفد إلى مسقط، المحطة الثانية من جولته في الخليج العربي التي بدأها بزيارة قطر، "في إطار مواصلة التطوير الشامل للعلاقات مع دول الجوار"، وفق تصريح سابق للوزير الإيراني.
في حين قالت قناة "المسيرة" التي تتحدث باسم الحوثيين اليوم الأربعاء إن "فليتة التقى بوزير الخارجية الإيراني في مقر السفارة الإيرانية بالعاصمة العمانية مسقط"، من دون ذكر تفاصيل إضافية، فكما جرت العادة لا تتطرق وسائل الإعلام الحوثية إلى أي حقائق تفصيلية في مثل هذه اللقاءات، وكذلك فعلت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" التي اكتفت بالقول إن "المحادثات تناولت تطورات الأوضاع في اليمن"، من دون أن تذكر تفاصيل أخرى.
السلام والتحشيد
ومع تزايد الضغوط الدولية لدفع عملية السلام الذي عززت من آماله عودة العلاقات السعودية- الإيرانية بوساطة الصين في الـ10 من مارس (آذار) الماضي، تواصل الجماعة في المقابل تصعيد تحركاتها العسكرية على أكثر من جبهة، بخاصة في محافظات تعز ومأرب (شرق) والحديدة (غرب)، مما أثار قلق الحكومة الشرعية ومعها التحالف العربي الداعم لها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتقود السعودية جهود مساعي الحلحلة وبينها مبادرة حسن النوايا التي طرحتها أخيراً بالسماح لقيادات حوثية بأداء مناسك الحج والسماح لاستقبال أول طائرة من مطار صنعاء الدولي إلى مطار جدة الدولي وعلى متنها عدد من الحجاج منذ بداية الأزمة قبل نحو تسعة أعوام.
وتشغل الأزمة اليمنية حيزاً بارزاً في اهتمامات الدبلوماسية السعودية ولهذا تسعى إلى رعاية حلول واعدة تنهي حال الصراع في البلد الجار.
رسالة عابرة
وإزاء هذه المبادرات، دفعت ميليشيات الحوثي بمئات المجندين إلى منطقة الحوبان بتعز الذين انطلقوا أول من أمس الإثنين من ذمار مروراً بإب، في مسيرة راجلة رافقتها تغطية إعلامية حوثية كبيرة، تفسر أهمية الرسالة المراد إيصالها.
وتعليقاً على تلك التحركات قال نائب رئيس شعبة التوجيه المعنوي في محور تعز، العقيد عبدالباسط البحر إن الاستعراضات التي تقوم بها ميليشيات الحوثي الإرهابية باتجاه تعز "حقيقتها أنها غير عسكرية ولا قتالية وليست طريقة حربية إنما هي وسيلة دعائية هدفها دعائي وإعلامي لا غير، وما يجب أن يعرفه الجميع أن هؤلاء هم أطفال المخيمات الصيفية التي زعموا إقامتها".
وأضاف أن إرسال الحوثي لهذه الحشود "يصب في محاولة رفع معنويات أفراده المنهارة، خصوصاً بعدما شعروا بأنهم سيقوا إلى محارق الموت بينما ذهبت القيادات لطلب التفاهم والتصالح مع من كانت تصفهم بالعدوان".
وأضاف القائد اليمني في منشور له على "فيسبوك" أن "الميليشيات الحوثية اليوم في أضعف حالاتها وما ترسله من خلال هذا الحشد الأبله هي رسائل الانهزام والتسليم ببساطة لأن من لديه القدرة على العمل العسكري وعلى الفعل في الميدان وعلى المبادأة والمناورة والمفاجأة لا يمكن أن يلجأ إلى حشد الأطفال وتصويرهم في الشوارع".
مقاتلات حوثية
وأظهرت تسجيلات مصورة مسيرة لعناصر راجلة من ميليشيات الحوثي في محافظة إب في طريقها إلى منطقة الحوبان بتعز الخاضعة لسيطرتها.
وتداول نشطاء خبراً يفيد بأن طائرة مروحية تابعة للميليشيات تواصل التحليق في سماء مدينة إب بالتزامن مع إجراءات أمنية مشددة تشهدها شوارع المحافظة، فيما أجبرت موظفي المكاتب الحكومية على المشاركة في استقبال العناصر كما أرغمت مالكي المطاعم على تقديم الضيافة اللازمة لهم باعتبارهم "مجاهدين في سبيل الحق والوطن ونصرة أولياء الله"، في إشارة إلى زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي.