ملخص
أجد نفسي أستمع على نحو متزايد إلى الكيفية التي سيعتمدها صديق أو قريب لتحويل ثروته إلى أطفاله، يكتب كريس بلاكهيرست، وهذا يجعلني غير مرتاح لأولئك الذين ليس لديهم قسط من نصيب: لماذا يجب على جيل الوفرة رفد الأجيال اللاحقة؟
هز صديقي كتفيه. كان هو وزوجته يبيعان شقتهما في لندن. كان لديهما منزل ريفي وكانا خططا لتقسيم وقتهما بين الاثنين. لكن الآن، دفعا إلى الابتعاد تماماً عن العاصمة.
قال إن الخطوة محزنة. لكن كان لها جانب مشرق. سيعطيان بعض عوائد الشقة لأولادهم، حتى يتمكنوا من شراء أماكنهم الخاصة والالتحاق بسلم التملك.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لا بد من أن السبب هو عمري، لكنني أجد نفسي أستمع في شكل متزايد إلى كيف سيساعد صديق أو قريب أولاده، وكيف سينقل ثروته.
إن السبب هو عمري. أنا أنتمي إلى جيل الوفرة، واحد من أولئك الذين ولدوا في سنوات الازدهار بعد الكساد الكبير والحرب العالمية الثانية. أنتسب إلى طرف الأصغر سناً من طيف جيل الوفرة - أنا في أوائل الستينيات وليس الثمانينيات - لكنني مؤهل للانتساب إلى هذا الجيل مع ذلك.
نحن أغنى جيل في التاريخ، وذلك بفضل أسعار العقارات وأسواق الأسهم التي ازدهرت خلال حياتنا. وهذا يعني حتماً أن أولادنا سيحصلون على أكبر ميراث في التاريخ.
أوردت "النيويورك تايمز" هذا الأسبوع أن "أكبر عملية نقل للثروة في التاريخ" تجري على قدم وساق، من بين 73 مليون عضو في جيل الوفرة في الولايات المتحدة، يبلغ أصغرهم من العمر 60 سنة. ويقترب الأكبر سناً من 80 سنة. وبدأوا الآن يموتون بأعداد أكبر.
لن يترك بعض منهم وراءه كثيراً. غير أن آخرين يتركون لورثتهم مبالغ كبيرة محتفظ بها في أصول مختلفة. عام 1989، بلغ إجمالي ثروة العائلات في الولايات المتحدة 38 تريليون دولار. وبحلول عام 2022، زاد هذا الرقم أكثر من ثلاثة أضعاف، ليصل إلى 140 تريليون دولار.
من الآن وحتى عام 2045، من المتوقع أن ينتقل حوالى 84 تريليون دولار من الأميركيين الأكبر سناً إلى ورثة من جيل الألفية [البالغين مطلع الألفية] والجيل إكس [البالغين في ثمانينيات القرن الـ20]. من هذا المبلغ، سينقل 16 تريليون دولار خلال العقد المقبل.
هذا في الولايات المتحدة. الظاهرة في المملكة المتحدة هي نفسها، وتنطوي على مبالغ مذهلة. يمكن لأولاد جيل الوفرة في المملكة المتحدة أن يرثوا ما يقدر بنحو 1.2 تريليون جنيه استرليني (1.54 تريليون دولار).
يبدو غريباً بالطبع، أن نناقش بفرح كبار السن والثروات عندما يعاني كثر من المتقاعدين من أجل تدبر أمورهم. لكن على رغم أنهم قد يعيشون على مداخيل منخفضة، يمتلك عديد منهم بيوتاً. وهذا هو المجال الذي تحقق فيه المال.
بطبيعة الحال، هناك أيضاً ضريبة الميراث والأرباح الرأسمالية، وغيرها من الرسوم التي يتعين دفعها، لكن ذلك سيبقي كميات كبيرة من النقود تذهب إلى الأجيال الأصغر سناً. وسيكون الأثر في مجتمعنا واقتصادنا عميقاً. على حد تعبير "النيويورك تايمز": "ثمة جوانب قليلة من الحياة الاقتصادية لن تمسها الآثار غير المباشرة لتسليم الثروة: سيتأثر حتماً الإسكان والتعليم والرعاية الصحية والأسواق المالية وأسواق العمل والمجال السياسي".
لن يرث أعضاء جيل الألفية والجيل إكس جميعاً، كثير منهم لن يرثوا. وهذا لا بد من أن يسبب انقسامات وتوترات إذ ستتمتع حفنة بحظها الجيد، في حين ستعاني البقية.
سيتوقف بعض منهم عن العمل لأنهم لن يعودوا مضطرين إلى ذلك، سيتحول الأثرياء الجدد إلى الرعاية الصحية الخاصة، سيتطلعون إلى استثمار أموالهم الجديدة. من الناحية السياسية، ينتمي جيل الألفية والجيل إكس في الأغلب إلى الوسط أو يسار الوسط. والآن، إذ يصبحون أغنياء، قد يشهدون تغيراً في النظرة، من اليسار إلى اليمين، من الاشتراكية إلى رأسمالية أكبر، من حزب العمال أو حزب الديمقراطيين الليبراليين إلى حزب المحافظين.
إذ جادلوا مرة بشغف لصالح تعزيز الإسكان وتوفير مزيد من المنازل الاجتماعية وبأسعار أكثر قابلية للتحمل، قد يجدون أنهم الآن يستطيعون تحمل تكاليف العيش في المناطق الغنية والفاخرة نفسها التي لا يبدون الآن حرصاً كبيراً عليها. لذلك، ينشأ الجيل التالي من الحريصين على الجمال الطبيعي في مناطقهم.
لن يكون الأمر سهلاً لجيل الوفرة. سيضطر كثر إلى دفع تكاليف رعاية والديهم المسنين - الأمهات والآباء الذين يعيشون لفترة أطول هذه الأيام، بفضل التقدم في العلوم الطبية والتثقيف الصحي. وسيضطر "جيل السندويتش" [المسؤول عن رعاية أولاده ووالديه في الوقت نفسه] إلى دفع الفاتورة.
ما يثير أكبر قلق هو التفاوت الناجم عن صرف كثير من الأموال على نحو غير متكافئ. سيستفيد كثير من الناس، لكن كثيراً منهم لن يفعلوا. وهذا مصدر قلق كبير للحكومات والسلطات.
إنها دعوة قوية لليسار مفادها بأنه مع رحيل جيل الوفرة ذي الميول المحافظة المالك للعقارات والثري، ستكون كتلة تمنع بناء مجتمع أكثر عدلاً أزيحت. لن يكون الأمر كذلك بالضرورة، إذا وجد هؤلاء اليساريون الشباب الغاضبون أنفسهم ينضمون إلى تلك الطبقة المالكة للعقارات والثرية.
وقد لا يجد حزب العمال أيضاً سياسة تنص على زيادة ضرائب الميراث شعبية كثيراً إذا كان الأكثر تضرراً هم مؤيدوه الأصغر سناً.
يحدث تحول كبير. وستكون له عواقب كثيرة. لكن في غضون ذلك، اعفوني - كمطلق لديه خمسة أولاد يجب أن يعاملوا جميعاً على قدم المساواة – من الحديث حول إعطاء الشباب الفلانيين مبلغاً مؤلفاً من ستة أرقام لكي ينطلقوا.
© The Independent