ملخص
المفوض العام لـ"الأونروا" فيليب لازاريني قال إن نقص موارد الوكالة الأممية لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ليس نتيجة القيود المالية فقط بل لمحاولات شطب لاجئي فلسطين.
بعد عدم حصول وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) على مخصصات مالية تغطي موازنتها لهذا العام، وعجز مؤتمر المانحين عن تقديم دعم جديد لها، باتت المؤسسة الدولية مهددة بالتوقف عن تقديم خدماتها، وهذا ما دفع المفوض العام للوكالة للإفصاح بشكل صريح أنه يواجه مخططات تصفية تهدف إلى تفكيكها وإنهاء وضعها القانوني من دون إيجاد حل للاجئين.
ومنذ 10 سنوات تواجه "الأونروا" مخططات وحملات تشويه لتقويض عملها ونزع الشرعية الدولية عنها، تمهيداً لتفكيك المؤسسة التابعة للأمم المتحدة، وانعكس ذلك بشكل مباشر على المانحين الذين قلصوا دعمهم المالي عنها، لكن ذلك كان في الظل ولم تتحدث الوكالة عن تلك الأفكار، بل كانت ترجع السبب في أزمتها المالية إلى تغير اهتمامات دول العالم وتراجع مكانة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي بما في ذلك قضية اللاجئين.
وبحسب المراقبين الحقوقيين والاقتصاديين فإن عدم استجابة دول العالم لأكثر من نداء استغاثة أطلقته "الأونروا" وفشل مؤتمر المانحين في توفير أموال تغطي برامجها، وكذلك عجز اللجنة الاستشارية عن تقديم اقتراحات لتجاوز أزمتها، كانت أسباب الإفصاح المباشر عن وجود قرار لإنهاء الوكالة الأممية.
تجديد البقاء
تتلخص مشكلة "أونروا" في أنها تحتاج إلى تفويض دولي كل ثلاث سنوات لمواصلة عملها في حماية اللاجئين الفلسطينيين، وبالفعل حصلت على ذلك نهاية عام 2022، إذ صوتت الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة على تمديد ولايتها حتى عام 2026، وعلى رغم ذلك فإن هذا القرار لم يعد بالخير على اللاجئين الفلسطينيين.
ولمواصلة الوكالة الأممية تقديم خدماتها المتمثلة في التعليم والصحة وبرامج إغاثة الفقراء ودفع رواتب العاملين فيها فهي بحاجة إلى موازنة مالية، إذ تعتمد في توفيرها على التبرعات الطوعية من دول العالم، لكنها منذ 10 سنوات تواجه تقلصاً في المنح، وهذا العام حصلت فقط على 25 في المئة من دعمها وتحديداً 400 مليون دولار من أصل 1.6 مليار بالعملة الأميركية.
ولإنقاذ "أونروا" عقد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مؤتمراً للمانحين لكن الوكالة حصلت تعهدات مالية تقدر بنحو 107 ملايين دولار، بحسب بيان لها في يونيو (حزيران) الجاري، كما عجزت اللجنة الاستشارية للمؤسسة الأممية عن الخروج بأفكار أو مقترحات تمنع توقفها عن تقديم الخدمات.
مرحلة مصيرية
وقال المفوض العام لـ "الأونروا" فيليب لازاريني إن "وضع اللاجئين الفلسطينيين في تدهور، وبالنسبة إلى الأرقام المرعبة فإن العالم بات يعرفها، لو أردت التحدث عن غزة فإن لاجئيها يعانون أعباء نفسية هائلة، وبسبب بعض المخططات يدفعون نحو الفقر الشامل والاعتماد على المساعدة الإنسانية من دون وجود لأي نوع من الحياة الطبيعية، إذ يعتقد سكان القطاع أنهم وصلوا إلى أسوأ الظروف، وعليهم أن يقلقوا بشأن عدم الحصول على الطرود الغذائية من الوكالة".
وأضاف لازاريني "الوكالة في مرحلة مصيرية، العهد الاجتماعي مع سكان غزة سينهار بشكل لا يمكن إصلاحه، إذ إن التداعيات الإنسانية والسياسية والأمنية تتجه لطريق مسدود، وستصل المعاناة في المنطقة إلى آفاق جديدة".
دعم مفقود
وأشار المفوض الأممي إلى أن "أونروا" تلقت دعماً سياسياً لكن من دون أموال، لافتاً إلى أنه لا يوجد أحد يرغب في التعامل مع الوكالة، التي بحاجة إلى مساحة سياسية واقعية لتكون قادرة على البقاء، لكن في ظل غياب أفق سياسي فإن هذا يعني التخلي عن وكالة الأمم المتحدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب لازاريني فإن "الأونروا" تواجه الوضع المالي الأكثر تهديداً في تاريخها، وهذه الأزمة المالية ليست من فراغ، إذ يؤكد أنها "تحدث وسط الحملات المنسقة لنزع الشرعية عن الوكالة بهدف تقويض حقوق الفلسطينيين وتتزايد وتيرتها وعدوانيتها، واليوم عندما أزور عواصم الدول المانحة أقضي معظم وقتي في تصحيح المفاهيم الخاطئة حولها".
صراع البقاء
وأوضح فيليب أن الفلسطينيين على دراية بهذه المخططات وهم قلقون للغاية بشأنها، إذ إنها تحدث وسط تحول الاهتمام العالمي والإرهاق العام مما يراه بعضهم على أنه صراع طويل مزعج وغير محلول، مؤكداً أن نقص الموارد ليس نتيجة القيود المالية فقط بل نتيجة المحاولات لشطب لاجئي فلسطين والوكالة التي تمثلهم.
وتابع لازاريني "ليس هناك عمل جدي لإخراج الوكالة من غرفة الإنعاش، فلم يتقرر بعد دفنها ولا إنقاذها تماماً، ليبقى تنفسها صعباً وأحياناً اصطناعياً، فحتى يحين القرار ستظل هي واللاجئون في صراع مع الأزمات".
ردود فعل
ومن الجانب الفلسطيني قال رئيس دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية أحمد أبو هولي إن إسرائيل تعرقل جهود الدعم السياسي لـ"أونروا"، وتحاول إنهاء وكالة الغوث قبل إيجاد حل عادل لقضية اللاجئين وفق الشرعية الدولية، كما أنها تقوم بحملات تشويه لها في جميع دول العالم.
وأضاف أبو هولي "تنكر حكومات إسرائيل المتعاقبة حقوق الشعب الفلسطيني، ولاحظنا أن تل أبيب تحث المانحين على عدم الدفع إلى الوكالة الأممية، وعدم التصويت لأي قرارات لصالحها، بل وتشن حملة مخطط لها على المناهج والموظفين والبرامج التي ينفذونها".
ومن جهة أخرى لم تخف إسرائيل أنها تحث دول العالم على وقف خدمات "أونروا" وتفكيكها، إذ قال المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة غلعاد أردان "من الضروري تجميد تمويل منشآت الوكالة في غزة، والعمل بأسرع وقت على إنهاء عملها، لأنها السبب في إطالة أمد الصراع".
وأضاف أردان "على جميع أجهزة الأمم المتحدة وقف التعامل مع تمويل الوكالة في غزة وحظر استخدامها، لأنها ترتكب مخالفات واضحة سواء أكان العاملين فيها أم المناهج التي تعلمها للطلاب وتحث فيها على قتل اليهود، حتى إن الفصائل الفلسطينية في غزة تستخدم مبانيها، يجب إجراء تحقيق شامل ومستقل حول دور هذه المؤسسة".