ترك السفير الأميركي الجديد في بغداد ماثيو تولر مصير زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي معلّقاً، بشأن إمكانية شموله بالعقوبات الاقتصادية، فعندما سُئل عن ذلك، قال إنه لا ينفي ولا يؤكد. ويفتح هذا الموقف الأميركي باب التوقعات على مصراعيه، وسط تسريبات من مصادر حكومية تشير إلى إمكانية صدور قائمة أميركية تضم شخصيات عراقية جديدة، مشمولة بالعقوبات، قد يكون من بينها نجوم في مجال السياسة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
العقوبات تساوي الشلل
على الرغم من أن التأثير المادي لهذه العقوبات يقتصر على مجالات التعامل مع مصالح الولايات المتحدة وعملتها، إلا أن آثارها الارتدادية كبيرة، إذ يتطوع عدد كبير من الدول حول العالم إلى الاستجابة لهذه العقوبات خشية إغضاب الولايات المتحدة، ما يفرض قيوداً مالية كبيرة على الشخصيات المشمولة، تصل إلى حد العجز عن إتمام تعاملات روتينية مع المصارف، والأجهزة الرسمية الأخرى ذات الصلة بالقطاع المالي.
وآخر القوائم التي أصدرتها وزارة الخزانة الأميركية شملت أربع شخصيات عراقية، هي محافظ نينوى السابق نوفل العاكوب ومحافظ صلاح الدين السابق أحمد الجبوري والقياديَّيْن في الحشد الشعبي ريان الكلداني ووعد القدو.
المالكي يتوقع
وكان المالكي نفسه، توقع دخول اسمه ضمن قوائم العقوبات الأميركية الجديدة، عندما اعتبر أن تقارير تُنشر في وسائل إعلام أميركية، بشأن صفقات فساد خلال ولايته الثانية في رئاسة الوزراء بين عامي 2010 و2014، تمهّد لذلك. ويرتبط اسم المالكي بالكثير من قضايا الفساد خلال ولايته الثانية، لكنه حتى الآن لم يخضع للتحقيق في أي منها، بسبب نفوذه السياسي الكبير، الذي عزّزه المالكي أخيراً عندما فاز بالإجماع بمنصب الأمين العام لحزب الدعوة الإسلامية، خلال انتخابات جرت في كربلاء، مسقط رأسه.
ورشح أن إيران مارست ضغوطاً قوية على الأعضاء لتجديد زعامة المالكي على رأس الحزب الذي احتكر منصب رئيس الوزراء في العراق بين عامي 2005 و2018.
السياسي الأقوى
وعلى الرغم من أنه غادر منصب رئاسة الحكومة منذ عام 2014، إلا أن المالكي ما زال يوصف بأنه السياسي الأقوى في العراق، في وقت يضعه البعض في المرتبة الثانية من حيث التأثير في تاريخ البلاد الحديث، بعد الرئيس الراحل صدام حسين. وشغل المالكي منصب رئيس الوزراء خلال حقبتين متتاليتين، بين عامي 2006 و2014، وهي أعوام شهدت ما يُعرف بـ "الموازنات الانفجارية"، فخلال معظم هذه الأعوام، فاقت عوائد نفط العراق حاجز 100 مليار دولار، ما منح المالكي مصدراً لتأثير واسع في المشهد السياسي العراقي.
امبراطورية المالكي
ويقول خصوم المالكي إن زعيم ائتلاف دولة القانون، استخدم هذه "الموازنات الانفجارية" لبناء امبراطورية مالية، يشاع أن الجزء الأكبر منها، نُقل إلى خارج البلاد، على شكل نقدي أو مصالح تجارية واستثمارية.
لكن المالكي الذي يحتكم على 25 مقعداً من أصل 329 في البرلمان العراقي، يسخر من هذه التقارير ويعتبرها دليل حسد، قائلاً إن الحديث عن امتلاكه قصوراً في أوروبا، أو حوالى 60 مليار دولار في مصارف داخل وخارج البلاد، أو نقل الأموال عبر الطائرات إلى دول لديه فيها أصدقاء، على غرار لبنان، هو مجرد استهداف سياسي، لا يستند إلى أدلة.
الحماية الإيرانية
ويقول مراقبون إن المالكي يستفيد من شبكة محسوبيات سياسية تحمي كبار المسؤولين العراقيين من الملاحقة، حتى بعد مغادرتهم مناصبهم الرسمية، لكن هذه الشبكة لن تكون مفيدة، في ما لو خسر المسؤول السابق نفوذه السياسي، وهو ما يحرص المالكي على عدم حدوثه. ويرى ساسة عراقيون أن المالكي سيكون لقمة سائغة لو خسر نفوذه السياسي القائم على علاقة وثيقة بإيران، وتحديداً بمرشدها علي خامنئي، فيما تعتبر طهران المالكي خطاً عراقياً أحمر، لا يمكن المساس به، وهذا ما يبوح به كثيرون من المطلعين على كواليس المسرح العراقي.
لكنهم يعتقدون أيضاً أن سياسة الإدارة الأميركية ربما لن تعير لنفوذ المالكي ولا لعلاقته مع إيران، أهمية، في حال قررت وضعه على قائمة العقوبات، بل ربما تتحول علاقته بطهران إلى أحد أهم أسباب قرار أميركي من هذا النوع.