Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

النقل العام المجاني... تجارب دولية واستدامة بيئية

الدول التي طبقته نجحت في تخفيف حدة الازدحام بالمدن الكبرى وتراجع الانبعاثات الكربونية

أعلنت شركة السكك الحديد الألمانية أن أكثر من 15 مليون شخص اشتروا التذكرة المخفضة الجديدة أول ثلاثة أيام لإطلاق العرض (أ ف ب)

ملخص

كيف تسهم مجانية التنقل عبر المواصلات في تحسين جودة الحياة؟

في عام 2018 وفي خطوة هي الأولى من نوعها في العالم، قررت حكومة لكسمبورغ إلغاء تذاكر وسائل النقل العام وجعله مجانياً بالكامل في البلاد، في وقت قامت دول أوروبية أخرى زيادة في أسعار تذاكر الحافلات والقطارات عام 2019، إلا أنه سرعان ما ستلحق ألمانيا أولاً ومن ثم بعض الدول الأوروبية الأخرى بلكسمبورغ في خطوتها هذه من أجل تشجيع الطلاب والشباب على التنقل عبر البلاد وداخل دول الاتحاد الأوروبي، وهكذا تكون الدولة الأقل سكاناً والأصغر مساحة في أوروبا أطلقت المبادرة في القارة العجوز لتعريف الأوروبيين بقارتهم.

على رغم أن المؤشرات في عام 2020 كانت تتجه نحو رفع أسعار بطاقات النقل العام في معظم الدول الأوروبية، إلا أن دولاً عدة تبعت لكسمبورغ في خفض أسعار النتقل أو تحويله إلى مجاني، إذ أسهمت في تيسير الانتقال الداخلي والخارجي بالقارة.

حرية التنقل عدا عن أنها حق من الحقوق الإنسانية المكفولة في سائر المواثيق والاتفاقات الدولية، فإنها أحد أهم وسائل التواصل بين المجتمعات البشرية المتنوعة، وتسهم في تبادل المعارف والموارد على اختلافها بين البشر، وفي الأساس فإن فكرة الاتحاد الأوروبي بأكملها قائمة على إمكان توحيد الجغرافيا والهوية والجنسية لشعوب مختلفة الأعراق والأديان واللغات التي تشهد اختلافا شديداً، والشعوب الأوروبية حالياً تطبق فعلياً مقولة "التنوع في الوحدة"، لكن تسهيل الانتقال بمختلف وسائل النقل العام يعزز هذه المقولة على أرض الواقع.

فوائد اجتماعية

كان لاعتماد لكسمبورغ مجانية رسوم النقل نتائج إيجابية واضحة، إذ ارتفع عدد ركاب وسائل النقل العام، وكذلك عدد العملاء في الرحلات بين المدن، فيما انخفضت نسب الازدحام وتحديداً في العاصمة اللكسمبورغية الضيقة.

في عام 2020 تبنت حكومة ألمانيا فكرة تيسير وسائل النقل العام عبر خفض الأسعار، وأعلنت شركة السكك الحديد الألمانية أن أكثر من 15 مليون شخص اشتروا التذكرة المخفضة الجديدة فئة 49 يورو (53.5 دولار) في أول ثلاثة أيام لإطلاق العرض، وتوقع اتحاد شركات النقل الألماني اجتذاب 5.6 مليون راكب جديد من البلاد وأنحاء أوروبا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبعد إصدار هذه البطاقة تحول 11 مليون راكب من حملة اشتراكات النقل السابق في ألمانيا إلى شراء الاشتراك المخفض الجديد، وصرح اتحاد النقل العام أن البطاقة المخفضة أسهمت في تخفيف العبء على المواطنين الذين تمكنوا من التنقل في جميع أنحاء البلاد على جميع الحافلات والقطارات المحلية والإقليمية بتذكرة واحدة.

هذا الإجراء وصفته مجلة "دير شبيغل" الألمانية بأنه "أكبر تجربة أجرتها ألمانيا على الإطلاق في نظام النقل العام المحلي"، وكان كجزء من حزمة الإغاثة للتعامل مع التضخم الكبير الذي أصاب الاقتصاد عقب جائحة كورونا وبعد اندلاع الحرب في أوكرانيا.

وتبنى الاتحاد الأوروبي الطريقة نفسها في مبادرة "استكشف أوروبا" أمام 60 ألفاً من الشباب الأوروبيين للحصول على تذاكر مجانية للتنقل في جميع أنحاء القارة لمدة تصل إلى 30 يوماً، بهدف تمكينهم من التعرف على قارتهم، وكانت هذه البطاقات تطاول الذين بلغوا الـ 18 من العمر، إلا أنها باتت تضم كل من بلغوا الـ 20 من العمر أو أدنى، ومن بين هؤلاء شباب إنجليز قرر الاتحاد الأوروبي تعويضهم عن خسارتهم المشاركة في هذه المبادرة خلال سنتي الإقفال بسبب كورونا، على رغم خروج بريطانيا من المجموعة الأوروبية.

تجارب عالمية

على رغم أن تقارير مختلفة أشارت إلى أن المخاوف البيئية لعبت دوراً بارزاً في قرار لكسمبورغ المزدحمة بإعطاء الأولوية للنقل العام المجاني، وقبلها قامت كندا قامت بتجربة مماثلة عام 2012 بضاحية شامبلي والبلديات المحيطة بمدينة مونتريال، من خلال إتاحة وسائل النقل العام المجانية للسكان، إلا أن هذه الخدمة لم تساعد فقط في تقليل الازدحام على الطرق بل وتقليل انبعاثات الغازات المؤدية إلى الاحتباس الحراري.

وكانت مدينة تالين في إستونيا بدأت في إتاحة وسائل النقل العام مجاناً منذ عام 2013، وحفز هذا النظام الإستونيين على التسجيل كمقيمين في المدينة للاستفادة من الميزة المذكورة من النظام، وأسهم الحراك الواسع في توفير 38 مليون يورو إضافية لخزانة البلدية.

وفي السويد تستخدم مدينة أفيستا شبكة النقل العام المجانية منذ ثماني سنوات، وكان السبب الأول لمثل هذا الإجراء هو جعل التنقل متوازناً مع البيئة أو "التنقل الأخضر"، ومنذ ذلك الحين صار مجانياً وزادت خدمات الحافلات بنسبة 200 في المئة.

وفي مدينة ديوسبري بالمملكة المتحدة بات النقل العام مجانياً منذ عام 2009 للحافلات التي تتوقف في مناطق التسوق الرئيسة، ويتم اتباع هذه الطريقة في بلدات ومدن أخرى في مقاطعة ويست يوركشاير.

الولايات المتحدة الأميركية شهدت اجتماع مدن كليمسون وجامعة كليمسون وبندلتون وسنترال وسينيكا، إضافة إلى الحكومة الفيدرالية ووزارة النقل في ساوث كارولينا لتمويل منطقة كليمسون ترانزيت وتمتد على ثمان طرق داخل الولاية.

وبدأ العمل بالتنقل المجاني في مدينة ساموكوف البلغارية عام 2006 لكبار السن والطلاب فقط، لكن في عام 2008 باتت هذه الخدمة تشمل جميع مستخدمي وسائل النقل العام في المدينة التي تغطي جميع كلف تشغيل خدمة النقل.

وباتت كل وسائل النقل العام في الجزيرة الفنلندية ماريهامن التي تتمتع بالحكم الذاتي مجانية، بما فيها خدمات التنقل البحري من وإلى الجزيرة منذ عام 2000، ثم انتقلت المبادرات إلى سائر أنحاء المدن والبلدات، وبينت التجربة بعد سنوات أنها أسهمت بفعالية في تقليل نسبة ثاني أكسيد الكربون في الهواء وارتفاع عدد عملاء وسائل النقل العام بشكل كبير وتخفيف حدة الازدحام داخل المدن الرئيسة.

المزيد من تقارير