ملخص
صباح أمس الأحد كانت آثار الدبابات لا تزال بادية على الطريق في وسط روستوف فيما أغلقت المناطق التي كانت تقف فيها المركبات المدرعة وعادت حافلات النقل المشترك إلى عملها
قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ووزير دفاعه أوليكسي ريزنيكوف إنهما أجريا سلسلة من الاتصالات مع حلفاء كييف، أمس الأحد، لمناقشة "ضعف" الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والخطوات الهجومية المضادة المقبلة لأوكرانيا. وجاءت الاتصالات الهاتفية بعد تمرد وجيز غير مألوف من قبل رئيس مجموعة "فاغنر" العسكرية الخاصة الروسية يفغيني بريغوجين الذي أثار تساؤلات حول قبضة بوتين على السلطة في الوقت الذي تضغط فيه أوكرانيا بهجوم مضاد في جنوب وشرق البلاد.
وقال زيلينسكي بعد اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي جو بايدن "ناقشنا مسار الأعمال القتالية والأحداث الجارية في روسيا. يتعين على العالم الضغط على روسيا لحين استعادة النظام الدولي".
ووفقا لبيان من البيت الأبيض، ناقش الزعيمان "الهجوم المضاد المستمر لأوكرانيا، وأكد الرئيس بايدن دعم الولايات المتحدة الثابت".
وأضاف زيلينسكي أنه ناقش مع بايدن توسيع التعاون الدفاعي مع التركيز على الأسلحة بعيدة المدى والتنسيق قبل قمة حلف شمال الأطلسي في فيلنيوس (ليتوانيا)، الشهر المقبل، والاستعدادات "لقمة السلام العالمي" التي روج لها، ونقل البيان عن زيلينسكي قوله "أحداث الأمس كشفت عن ضعف نظام بوتين".
وفي سياق منفصل، قال زيلينسكي إنه أبلغ رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو في اتصال هاتفي عن "الوضع الخطر" في محطة زابوريجيا للطاقة النووية التي تحتلها روسيا في أوكرانيا.
وحذر زيلينسكي، في وقت سابق هذا الأسبوع، من أن روسيا تدرس القيام بعمل "إرهابي" يتضمن إطلاق إشعاع في المحطة، وهو ادعاء نفته روسيا.
الهجوم المضاد
وقال وزير الدفاع الأوكراني إنه ناقش مع نظيره الأميركي لويد أوستن الهجوم المضاد لأوكرانيا والخطوات التالية لتعزيز القوات، وكتب ريزنيكوف على "تويتر" "الأمور تسير في الاتجاه الصحيح".
وبينما قال المسؤولون الأوكرانيون إن الفوضى الروسية تعمل لصالح كييف، يبقى أن نرى ما إذا كان زيلينسكي وجيشه يمكن أن يستفيدوا من الاضطرابات في موسكو لاستعادة الأراضي التي تحتلها روسيا الآن.
وقال المتحدث باسم القيادة العسكرية الشرقية لأوكرانيا سيرهي تشيرفاتي إن الجيش الأوكراني تقدم بما بين 600 و1000 متر عن اليوم السابق بالقرب من باخموت، المدينة التي استولت عليها قوات "فاغنر" في مايو (أيار) بعد أشهر من القتال.
مغادرة "فاغنر"
في هذا الوقت، أبدى سكان في روستوف في جنوب روسيا، الأحد، ارتياحهم بعد مغادرة قوات "فاغنر" مدينتهم، معربين في الوقت نفسه عن تعاطفهم مع تمرد اليوم الواحد الذي نفذته الحركة المسلحة.
وأول من أمس السبت انتشر في المدينة مقاتلون من مجموعة "فاغنر" حاملين بنادقهم الرشاشة وبجوارهم دبابات ومدرعات.
وفي إطار تمردها، أعلنت المجموعة سيطرتها على مقر قيادة الجيش في المدينة - وهو مركز رئيس لإدارة الحملة الروسية في أوكرانيا - في حين كانت جموع من مقاتليها تزحف إلى موسكو، لكن "فاغنر" أنهت تمردها، مساء أول من أمس السبت، بعد إبرام اتفاق مع الكرملين يسمح لزعيمها يفغيني بريغوجين بالذهاب إلى بيلاروس، حليفة روسيا، ووقف الملاحقات القضائية بحق عناصر المجموعة وقائدها.
وبدأ عناصر "فاغنر" الانسحاب تدريجاً من روسيا بعدما قرر بريغوجين وقف تمرده ضد موسكو.
وأحبط التمرد بموجب اتفاق تم بين قائد "فاغنر" والكرملين بوساطة من مينسك. ويقضي لاتفاق بمغادرة بريغوجين إلى بيلاروس، من دون أن يعرف موعد هذه المغادرة، الأشبه بالنفي، ولا المكان الذي يتواجد فيه قائد المجموعة.
وتقول رينا أبراميان، وهي طبيبة تبلغ 28 سنة، إنها تشعر "بالارتياح" لهذه النتيجة. وتضيف "عندما يتغير شيء روتيني في مدينتك، ولا تفهم حقاً ما يحدث، تشعر بالقلق الشديد وبعدم الأمان. لذلك شعرت بالارتياح".
وصباح أمس الأحد كانت آثار الدبابات لا تزال بادية على الطريق في وسط المدينة، فيما أغلقت المناطق التي كانت تقف فيها المركبات المدرعة، وعادت حافلات النقل المشترك إلى عملها الطبيعي.
"لا يوجد أعداء هنا"
وكتب على لافتة زرقاء كبيرة في حديقة المدينة "أيها الإخوة، دعونا لا نسمح بإراقة الدماء، لا يوجد أعداء هنا، لا يمكننا الانتصار إلا سوياً". وأمس الأحد خرج السكان للاستمتاع بأشعة الشمس بعدما بقوا في منازلهم في اليوم السابق استجابة لطلب السلطات المحلية. وتقول تاتيانا، وهي معلمة تبلغ 76 سنة، إنها كانت "مستاءة للغاية" عندما سمعت لأول مرة عن التمرد. وتتابع "لم أخرج لأنهم قالوا إنه من الأفضل عدم الخروج. لقد تابعت الأخبار طوال اليوم وكنت قلقة حقاً، لذلك أنا سعيدة بأن كل شيء سار على ما يرام".
أما ديمتري فيليانين، وهو أخصائي نفسي يبلغ 35 سنة، فيقول إنه شعر بالخوف عندما حدث التمرد، وبالارتياح عندما سمع عن الاتفاق بين "فاغنر" والكرملين بعد وساطة الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، لكنه يضيف "ما زالت هناك أشياء غامضة. لماذا تم ذلك؟ ومن حرض عليه؟". ويتابع "لا يزال هناك لبس، لكن الوضع أصبح بطريقة ما أكثر هدوءاً".
من جهته، يؤكد المتقاعد بوريس كودريافتسيف أنه "يحترم" عناصر "فاغنر". ويضيف "أتفهمهم قليلاً"، معرباً عن اعتقاده بأنه كان ينبغي عليهم تسوية خلافاتهم مع القادة العسكريين الروس بشكل مختلف.
ويردف السائق السابق "لقد جاؤوا مسلحين. كان من الممكن أن تحدث فوضى حقيقية"، مضيفاً أن فلاديمير بوتين يجب أن "ينتبه" للقيادة العسكرية الروسية "المسنة".
ومنذ بدء الهجوم في أوكرانيا، انتقد بريغوجين القادة العسكريين الروس بعبارات شديدة، واتهمهم بالتقاعس وعدم الكفاءة والفشل في تزويد قواته بالذخيرة الكافية.
وتمرد "فاغنر" هو أخطر أزمة أمنية في روسيا وأكبر تحدٍّ واجهه بوتين منذ توليه السلطة في نهاية عام 1999.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ماكرون: تمرد بريغوجين يظهر الانقسامات
واعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس الأحد، أن تمرد قائد مجموعة "فاغنر" "يظهر الانقسامات الموجودة داخل المعسكر الروسي، وهشاشة جيوشه وقواته الرديفة".
وغداة تمرد بريغوجين الذي تم إحباطه، قال ماكرون في مقابلة أجرتها معه صحيفة "لا بروفانس" اليومية الفرنسية "لقد تابعت الأحداث ساعة بساعة، وتواصلت مع الشركاء الرئيسين لفرنسا"، مشدداً على أن "الوضع لا يزال قيد التبلور".
وتابع الرئيس الفرنسي "كل ذلك يستدعي أن نكون أكثر يقظة، ويبرر تماماً ما نقدمه من دعم للأوكرانيين في مقاومتهم" للهجوم الروسي.
لوكاشينكو يحادث بوتين
قالت وكالة "بلتا" للأنباء في بيلاروس إن الرئيس ألكسندر لوكاشينكو تحدث هاتفياً صباح أمس الأحد مع نظيره الروسي.
وتحدث الزعيمان مرتين في الأقل، السبت. وتوسط لوكاشينكو في اتفاق بين موسكو وبريغوجين الذي وافق على خفض تصعيد الموقف والذهاب إلى بيلاروس.
بكين تؤكد دعم موسكو
أكدت الصين، أمس الأحد، أنها تدعم روسيا في "حماية الاستقرار الوطني"، وذلك في أول تعليق رسمي لبكين على الأحداث في روسيا.
وجاء في بيان لوزارة الخارجية الصينية أن الصين بصفتها "جارة صديقة وشريكة في حقبة جديدة من التعاون الاستراتيجي الشامل، تدعم روسيا في حماية الاستقرار الوطني وتحقيق التنمية والازدهار". وشدد البيان على أن بكين تعتبر أن المسألة "شأن داخلي" روسي.
وكانت الصين قد امتنعت حتى ليل الأحد عن التعليق على الأزمة التي شهدتها روسيا في نهاية الأسبوع، والتي وافق بريغوجين في إطار تسويتها على الانتقال إلى بيلاروس بعدما وافق بوتين على صفقة تعهد فيها عدم ملاحقة قائد المجموعة.
وأمس الأحد، استقبل وزير الخارجية الصيني تشين غانغ في بكين نائب وزير الخارجية الروسي أندري رودينكو. وأعلنت بكين أن المحادثات تناولت "العلاقات الصينية - الروسية" و"القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك".
وفي بيانها حول المحادثات، أشارت موسكو إلى أن بكين أعربت عن "دعمها لجهود قادة روسيا الاتحادية من أجل استقرار الوضع في البلاد".
وفي السنوات الأخيرة توطد التعاون الاقتصادي والتواصل الدبلوماسي بين موسكو بكين، وقد تعززت الشراكة الاستراتيجية بينهما منذ بدأ الهجوم الروسي - الأوكراني. وتؤكد بكين أنها على الحياد في الحرب الدائرة في أوكرانيا، لكنها تعرضت لانتقادات غربية بسبب عدم إدانتها موسكو وقربها من روسيا. ويقول محللون إن الصين هي الطرف الأقوى في العلاقات مع روسيا، وإن نفوذها آخذ في التنامي مع تزايد العزلة الدولية لموسكو.
ليتوانيا تدعو إلى تعزيز الجناح الشرقي لـ"الأطلسي"
اعتبر الرئيس الليتواني غيتاناس ناوسيدا، أمس الأحد، أنه سيتعين على حلف شمال الأطلسي "تعزيز" جناحه الشرقي إذا استضافت بيلاروس زعيم مجموعة "فاغنر".
وليتوانيا الواقعة على بحر البلطيق متاخمة لكل من روسيا وبيلاروس، وتستضيف الشهر المقبل قمة حلف شمال الأطلسي.
وأدلى الرئيس الليتواني بتصريحه هذا بعد ترؤسه اجتماعاً لمجلس الأمن القومي خصص للبحث في تمرد اليوم الواحد الذي نفذته "فاغنر" من مساء الجمعة حتى مساء السبت، وزحف خلاله مقاتلوها نحو موسكو.
وقال غيتاناس نوسيدا للصحافيين "إذا انتهى الأمر ببريغوجين أو جزء من مجموعة (فاغنر) في بيلاروس من دون خطط أو نوايا محددة، فهذا يعني أنه سيتعين علينا تعزيز أمن حدودنا الشرقية". وأضاف "أنا لا أتحدث فقط عن ليتوانيا اليوم، ولكن بالتأكيد عن حلف الأطلسي ككل". وأوضح نوسيدا أن ليتوانيا ستخصص مزيداً من الموارد لأجهزة الاستخبارات لتقييم "الجوانب السياسية والأمنية لبيلاروس". كما أكد أن بلاده ما زالت تخطط لاستضافة قمة حلف شمال الأطلسي المقررة الشهر المقبل، وأن الإجراءات الأمنية المحيطة بالفعالية لا تحتاج إلى تغيير بعد الأحداث الأخيرة في روسيا.
واعتبر نوسيدا أن نظيره الروسي بوتين سيواجه صعوبات أكبر بعد تمرد "فاغنر".
مقتل اثنين في دونيتسك
من جانب آخر، قال رئيس بلدية مدينة دونيتسك الذي عينته روسيا على "تيليغرام" إن اثنين من المدنيين لقيا حتفهما، الأحد، في قصف نفذته القوات الأوكرانية.
وقال أليكسي كوليمزين إن شاباً يبلغ من العمر 18 سنة وامرأة عمرها 67 سنة قتلا جراء نيران معادية.
وفي وقت سابق، الأحد، قال حاكم مدينة خيرسون إن مدنياً لقي حتفه خلال قصف للقوات الروسية على المدينة الواقعة بجنوب أوكرانيا.
بريطانيا ودول حليفة دربت 17 ألف مجند أوكراني
دربت بريطانيا وحلفاء لها أكثر من 17 ألف مجند أوكراني خلال العام الماضي لمساعدة كييف في محاربة الهجوم الروسي، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع البريطانية، الإثنين. وخضع المجندون لبرنامج "شاق" مدته خمسة أسابيع، قالت الوزارة إنه حولهم "من مدنيين إلى جنود".
وبدأت بريطانيا وتسع دول شريكة، هي كندا وأستراليا ونيوزيلندا والنروج وفنلندا والسويد والدنمارك وليتوانيا وهولندا، هذه المبادرة لتجنيد متطوعين جدد في القوات المسلحة الأوكرانية في يونيو العام الماضي.
ويهدف برنامج التدريب الذي تقوده المملكة المتحدة وأطلق عليه اسم عملية "إنترفليكس" إلى تعليم المجندين الذين لديهم خبرة عسكرية قليلة أو معدومة، مهارات مختلفة بما في ذلك التعامل مع الأسلحة والإسعافات الأولية في ساحة المعركة وتكتيكات الدوريات.
وقال وزير الدفاع البريطاني بن والاس "ستواصل المملكة المتحدة وشركاؤنا الدوليون تقديم هذا الدعم الحيوي ومساعدة أوكرانيا في الدفاع ضد العدوان الروسي، طالما تطلب الأمر ذلك".
وعرضت بريطانيا في البداية تدريب ما يصل إلى 10 آلاف جندي أوكراني على مهارات ساحة المعركة بناءً على التدريب الأساسي الذي يتلقاه الجنود في المملكة المتحدة. وقد تم حالياً توسيع البرنامج لتدريب نحو 30 ألف مجند بحلول عام 2024 وفق وزارة الدفاع البريطانية.
وقالت الوزارة إن التدريب أحدث "فارقاً كبيراً في الفاعلية القتالية" بأوكرانيا. وأضافت "القوات المسلحة البريطانية تبقي على اتصال وثيق مع أوكرانيا لتحسين الدورة التدريبية وتطويرها بناءً على المهارات التي تشتد الحاجة إليها في ساحة المعركة".