ملخص
قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن الاستخبارات الروسية اكتشفت خطة زعيم "فاغنر" ما دعاه إلى تسريع تحريك قواته
بين الإشادة بـ"رباطة الجأش" وانتقاد الضعف، تباينت آراء المدونين العسكريين الروس الذين يتمتعون بنفوذ متزايد منذ اندلاع النزاع في أوكرانيا، حيال رد فعل الرئيس فلاديمير بوتين بعد تمرد مجموعة "فاغنر".
فبعد انتفاضة قصيرة الأمد بين يومي الجمعة والسبت هزت الكرملين، ندد بوتين بـ"خيانة" لكنه أشار إلى أن المتمردين بإمكانهم العودة إلى الحياة المدنية أو الالتحاق بالجيش أو الانتقال إلى المنفى في بيلاروس.
وكتب المراسل الحربي ألكسندر سلادكوف، الذي يتابع قناته على "تيليغرام" أكثر من مليون مشترك "اعتقدنا جميعاً" أن رد بوتين "كان ليسرع دوران الأرض خمسة أضعاف" مشيراً إلى احتمالات كانت واردة باللجوء إلى "أسلحة نووية أو تعبئة عامة أو إعلان الحرب على حلف شمال الأطلسي". وتابع المدون المؤيد بحزم للكرملين "لحسن الحظ حافظ (بوتين) على رباطة جأشه".
إقرار بالضعف
لكن عدم معاقبة المتمردين في حين يقبع كثر في السجون على خلفية تغريدات انتقدوا فيها الهجوم على أوكرانيا، فسره محللون على أنه إقرار بالضعف.
حالياً يبذل بوتين جهوداً لإثبات أنه ممسك بالقيادة. الثلاثاء أشاد الرئيس الروسي بالعسكريين الذين قال إنهم جنبوا البلاد "حرباً أهلية".
مراسم التكريم اعتبرها مدونون غير مبررة بعد أن سيطر مقاتلو مجموعة "فاغنر" على مواقع عسكرية عدة في مدينة روستوف (جنوب-غرب) وزحفوا بعد ذلك مئات الكيلومترات نحو موسكو من دون مقاومة فعلية.
وشدد المدون المعروف بـ"باتل_زي_سيلور" (Battle_Z_Sailor) الذي يتابعه 63 ألف مشترك على أن "الشرطة العسكرية والقوات الخاصة التي كان يفترض أن تحمي مقر قيادة المنطقة الجنوبية (في روستوف) اختفت ببساطة" لدى وصول المتمردين.
خيبة أمل
أما مدون قناة "غوفوريت توباز" التي يتابعها نحو مئة ألف مشترك فأسف لـ"التكريم الذي حظي به أولئك الذين لا علاقة لهم بالحل السلمي للنزاع".
ولم يخف مدون القناة خيبة أمله إزاء موقف رئيس الدولة، مشيراً إلى "عدم تطرقه ولو بكلمة واحدة إلى السبب الذي أدى إلى هذا التمرد" أو إشارته إلى أن "مطالب المتمردين سيتم درسها".
منذ أشهر يتهم قائد مجموعة "فاغنر" يفغيني بريغوجين القيادة العسكرية الروسية العليا بانعدام الكفاءة في أوكرانيا، علماً أن مدونين كثراً يوافقونه الرأي.
لكن بالنسبة إلى المدون رايبار، الذي يتابع قناته 1.2 مليون مشترك، الرسالة الرئاسية "مقتضبة وواضحة". وقال "الأمر الوحيد القليل الوضوح هو مصير روسيا"، مؤكداً في الوقت نفسه ثقته بأن الأمور "ستسير بشكل جيد" بالبلاد.
"لا شك"
وقال بوتين إنه "لم يشك" بدعم الروس خلال التمرد المسلح لمجموعة "فاغنر"، الأسبوع الماضي، وجاء في مقتطفات بثّها التلفزيون الرسمي الروسي من لقاء أجراه مع زعيم جمهورية داغستان الواقعة في جنوب روسيا "لم أشك برد فعل (الناس) في داغستان وفي كل أنحاء البلاد".
قبيل ذلك أكد زعيم جمهورية داغستان سيرغي مليكوف للرئيس الروسي أن كل سكان جمهورية داغستان يدعمون القرارات التي اتخذتها القيادة في روسيا الاتحادية في 24 يونيو (حزيران)، وهو اليوم الذي شهد الانتفاضة.
وهز التمرد المسلح لقائد مجموعة "فاغنر" يفغيني بريغوجين في نهاية الأسبوع الماضي السلطة الروسية في خضم نزاع تخوضه موسكو في أوكرانيا حيث يواجه الجيش الروسي هجوماً مضاداً تشنه القوات الأوكرانية.
مذاك أكد بريغوجين أن تمرده لم يكن يرمي إلى إطاحة السلطة في روسيا بل إلى إنقاذ "فاغنر"، إلا أن الانتفاضة ألحقت ضرراً كبيرة بصورة الرئيس الروسي.
في روستوف أفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية بأنه شاهد عدداً من سكان المدينة يصفقون لمجموعة "فاغنر" العسكرية ويهتفون باسمها لدى مغادرة مقاتليها مساء السبت، بعد قرار بريغوجين وقف التمرد.
"خرج ضعيفاً"
لكن المستشار الألماني أولاف شولتز يرى أن الرئيس الروسي خرج "ضعيفاً" من التمرد الفاشل لمجموعة "فاغنر".
وقال شولتز على قناة "إي آر دي" العامة إن تمرد مجموعة المرتزقة هذه "ستكون له عواقب على المدى البعيد على روسيا"، لكنه تحفظ عن "المشاركة في أي تكهنات حول مدة ولاية" بوتين "التي يمكن أن تكون طويلة أو قصيرة، لا نعلم".
وأضاف المستشار الألماني "أعتقد أنه (بوتين) بات أضعف، لأن ذلك يثبت وجود شروخ في الهيكلية الاستبدادية وهيكلية السلطة وأن (حكمه) ليس متيناً كما يدعي".
وقال شولتز إن "روسيا قوة نووية، وهي دولة قوية للغاية، ولهذا السبب علينا دائماً أن نكون متيقظين للأوضاع الخطرة، وما حصل كان وضعاً خطراً".
وتابع "يتهكن كثيرون بأن الأمر انتهى، ولا نعرف ذلك أيضاً، لكن على أي حال ستكون لذلك بالتأكيد عواقب على المدى البعيد في روسيا"، وأكد مجدداً أن أي مفاوضات لا يمكن أن تبدأ إلا إذا سحبت موسكو قواتها من أوكرانيا.
"تهديد محتمل"
من جانبه، قال الرئيس البولندي أندريه دودا إن وجود "فاغنر" في بيلاروس يمثل "تهديداً محتملاً" للدول المجاورة الواقعة على الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي "ناتو"، وأضاف دودا لصحافيين في كييف "يصعب علينا أن نستبعد احتمال أن يشكل تواجد مجموعة فاغنر في بيلاروس تهديداً لبولندا التي تتشارك في حدودها مع بيلاروس وتهديداً لليتوانيا التي لديها أطول حدود مع بيلاروس من بين دولنا، وكذلك للاتفيا المجاورة أيضاً لبيلاروس".
وسأل دودا خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيريه الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والليتواني غيتاناس ناوسيدا عن "الهدف من إعادة التموضع هذه"، وتابع "ما الغاية فعلياً من (وجود) قوات مجموعة فاغنر، أي عملياً الجيش الروسي، في بيلاروس تحديداً؟ هل هدفها احتلال بيلاروس أو إيجاد تهديد إضافي من الشمال نحو أوكرانيا، عبر التلويح بهجوم محتمل على هذا البلد من بيلاروس؟ أو أن هذا شكل من أشكال التهديد المحتمل لبلادنا في حلف شمال الأطلسي، لبولندا؟".
أنظمة دفاع جوي
وتعتزم بولندا شراء أنظمة دفاع جوي صاروخي "باتريوت" متطورة تصل قيمتها إلى نحو 15 مليار دولار في صفقة أعلن البنتاغون عنها الأربعاء.
وأفادت وكالة التعاون الأمني الدفاعي في وزارة الدفاع الأميركية أن الصفقة تشمل ما يصل إلى 48 منصة إطلاق باتريوت "باك-3" و644 صاروخ "باك-3 أم أس آي"، إلى جانب رادارات ومكونات أخرى.
وأضافت الوكالة أن وزارة الخارجية التي تملك سلطة على صفقات تصدير الأسلحة الأميركية وافقت على عملية البيع التي ستوفر لوارسو بعضاً من أنظمة الدفاع الجوي الأكثر تقدماً.
وأشارت الوكالة في بيان إلى أن "الصفقة المقترحة ستحسن القدرات الدفاعية الصاروخية لبولندا وتسهم في أهدافها العسكرية المتمثلة في تحديث القدرات مع تعزيز التشغيل البيني أكثر مع الولايات المتحدة وحلفاء آخرين".
وصُممت أنظمة "باتريوت" للاستخدام ضد الصواريخ والطائرات المقاتلة عالية السرعة.
وتسعى الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي في أوروبا الشرقية مثل بولندا إلى تعزيز قدراتها الدفاعية منذ غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير (شباط) من العام الماضي.
وأثبتت صواريخ "باتريوت" فعاليتها العالية في حماية أجواء أوكرانيا من الهجمات الجوية الروسية، كما أنها نجحت في إسقاط صواريخ بالستية تكتيكية وصواريخ فرط صوتية روسية.
"الكثير من التكهنات"
في هذا الوقت، أشار الكرملين إلى أن ظهور "الكثير من التكهنات" بعد التمرد الفاشل لمجموعة "فاغنر" ليس أمراً غريباً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أدلى بهذه التصريحات رداً على سؤال عن التقرير الذي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" ونقلت فيه عن مسؤولين أميركيين قولهم إن الجنرال سيرغي سوروفيكين نائب قائد العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا كان على علم مسبق بالتمرد قبل وقوعه في مطلع الأسبوع.
وقال بيسكوف "سيكون هناك الكثير من التكهنات والإشاعات وما إلى ذلك حول هذه الأحداث. أعتقد أن هذا ما تضمنه التقرير، مجرد نموذج".
وكثيراً ما أشاد يفغيني بريغوجين رئيس مجموعة "فاغنر" بسوروفيكين الذي لم يظهر علناً منذ يوم السبت عندما دعا إلى وقف التمرد.
كشف الخطة قبل تنفيذها
من جهتها، نقلت "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين غربيين أن بريغوجين خطط لاعتقال قادة الجيش الروسي، قبل بدء تمرده، لكن وكالة الاستخبارات الروسية اكتشفت الأمر ما دعاه إلى تسريع تحريك قواته.
وبحسب المعلومات الغربية، فإن بريغوجين كان يعتزم إلقاء القبض على وزير الدفاع سيرغي شويغو، والجنرال فاليري غيراسيموف رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش الروسي، وإن ذلك كان سيتم خلال زيارة إلى المنطقة الجنوبية على الحدود مع أوكرانيا كان الاثنان يخططان لها، لكن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي FSB علم بالخطة قبل يومين من تنفيذها.
وبحسب الجنرال فيكتور زولوتوف قائد الحرس الوطني الروسي، وهي قوة عسكرية محلية تقدم تقاريرها مباشرة إلى الرئيس فلاديمير بوتين، فإن السلطات كانت على علم بنوايا بريغوجين قبل أن يبدأ محاولته.
وقال زولوتوف لوسائل إعلام رسمية "تسريبات محددة بشأن الاستعدادات للتمرد الذي سيبدأ بين 22 و25 يونيو (حزيران) تم تسريبها من معسكر بريغوجين".
واكتشفت وكالات الاستخبارات الغربية مبكراً خطط بريغوجين، من خلال تحليل اعتراض الاتصالات الإلكترونية وصور الأقمار الاصطناعية، وفقاً لشخص مطلع على النتائج، وقال مسؤولون غربيون إنهم يعتقدون أن المؤامرة الأصلية كانت لها فرصة جيدة للنجاح لكنها فشلت بعد تسريب المؤامرة ما أجبر بريغوجين على الارتجال في خطة بديلة.
مؤامرة بريغوجين
اعتمدت مؤامرة بريغوجين على اعتقاده بأن جزءاً من القوات المسلحة الروسية سينضم إلى التمرد وينقلب ضد قادته، وفقاً لهذه المعلومات الاستخباراتية، وتضمنت الاستعدادات تكديس كميات كبيرة من الذخيرة والوقود والمعدات بما في ذلك الدبابات والعربات المدرعة والدفاعات الجوية المتطورة قبل أيام من الهجوم وفقاً لنتائج الاستخبارات الغربية.
وبعد علمه بالتسرب، أُجبر بريغوجين على التصرف في وقت أقرب مما كان مخططاً له يوم الجمعة وتمكن من الاستيلاء على مدينة روستوف جنوب روسيا، وهي نقطة قيادة رئيسية لغزو أوكرانيا.
وتشير السهولة التي استولت بها قوات "فاغنر" على المدينة التي يبلغ عدد سكانها مليون نسمة والتي تضم مطاراً عسكرياً كبيراً إلى أن بعض قادة القوات النظامية ربما يكونون جزءاً من المؤامرة، وفقاً للاستخبارات الغربية.
علم مسبق
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" أفادت، الثلاثاء بأن الجنرال سيرغي سوروفيكين نائب قائد العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا كان على علم مسبق بأن يفغيني بريغوجين قائد مجموعة "فاغنر" العسكرية الخاصة يخطط للتمرد على مسؤولي الدفاع الروس.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين اطلعوا على معلومات الاستخبارات الأميركية في هذا الأمر. وقالت إن المسؤولين "كانوا يحاولون معرفة ما إذا كان الجنرال سيرغي سوروفيكين، القائد الروسي الأعلى السابق في أوكرانيا، قد ساعد في التخطيط لتحركات بريغوجين في مطلع الأسبوع".
وسافر بريغوجين إلى المنفى في بيلاروس الثلاثاء بموجب اتفاق أنهى تمرداً قصيراً قام به مقاتلو "فاغنر" في مطلع الأسبوع، وأشاد الرئيس فلاديمير بوتين بالقوات المسلحة لتجنبها حرباً أهلية.
ونقلت "نيويورك تايمز" عن المسؤولين الأميركيين قولهم أيضاً إن هناك دلائل على أن قادة عسكريين روساً آخرين ربما دعموا بريغوجين.
مسؤولية إخفاقات الحرب
وكلف سوروفيكين بتولي المسؤولية الكاملة عن العمليات في أوكرانيا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو كلف في يناير (كانون الثاني) رئيس الأركان العامة فاليري جيراسيموف بالإشراف على الحملة على أن يكون سوروفيكين نائباً له.
وقبل التمرد، هاجم بريغوجين كلاً من شويغو وجيراسيموف، وحملهما مسؤولية إخفاقات الحرب في أوكرانيا وعدم دعم الجيش لمقاتلي "فاغنر".
ودعا سوروفيكين مجموعة "فاغنر" إلى عدم معارضة القيادة العسكرية والعودة إلى قواعدها قبل أن يقود بريغوجين مقاتليه في ما يسمى "بمسيرة من أجل العدالة".
وبعد أن انطلق بريغوجين من مدينة روستوف بجنوب روسيا في مطلع الأسبوع، أوقف المسيرة على بعد 200 كيلومتر من موسكو.