يتجه الوضع في الجزائر، إلى مزيد من التعقيدات بسبب تعثر جهود إنهاء الانسداد السياسي الحاصل في البلاد، ما استدعى الاهتمام بالمجال الأمني من أجل الاستعداد لأي طارئ غير مرحب به.
فبعد التغييرات التي لا تزال تشهدها المؤسسة العسكرية في مختلف أجهزتها، جاء الدور على المديرية العامة للأمن التابعة لوزارة الداخلية، إذ يرتقب أن تشهد تغييرات وصفتها جهات عدّة بالهامة وتندرج في سياق "تشبيب الجهاز".
تغييرات أمنية... تطهير
ينتظر أن تعلن المديرية العامة للأمن عن تغييرات واسعة في أمن المحافظات ومختلف المصالح، وقد تطال 35 أمن محافظة، و230 أمن دائرة، و620 أمن بلدي، ضمن استراتيجية تقويم وتنظيم الشرطة.
ويقول المحلل الأمني أنس الصبري، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، إن المدير العام الجديد للأمن عبد القادر بوهدبة، يعكف على تطهير الجهاز وبخاصة على مستوى المناصب الحساسة، من كل الإطارات التي لها علاقة بفترة المدير السابق عبد الغاني هامل، الذي يواجه تهماً بالفساد إلى جانب زوجته وأبنائه.
ويضيف أن الإطارات الأمنية سواء على مستوى المديرية أو أمن المحافظات، التي استفادت من ترقيات "غير مهنية" خلال فترة إشراف المسؤول السابق، ستتم إحالتها على العدالة وأخرى إلى التقاعد الإجباري.
بوتفليقة عين المدير العام للأمن الحالي؟
عين رئيس الجمهورية المستقيل عبد العزيز بوتفليقة عبد القادر قارة بوهدبة، مديراً عاماً للأمن خلفاً لمصطفى لهبيري الذي خلف الجنرال عبد الغني هامل، المقال بسبب تصريحات مثيرة أطلقها بخصوص التحقيقات في قضية "7 قناطير كوكايين"، حين قال موجهاً كلامه لقائد الأركان قايد صالح، أن "من يدعي محاربة الفساد عليه أن يكون نظيفاً".
وأجرى مصطفى لهبيري، لدى توليه إدارة المديرية العامة للأمن، تغييرات عدة طالت مديرين في المحافظات، فضلاً عن عشرات المسؤولين الآخرين، كما قام بحركة واسعة لمديري الأمن عبر المحافظات، غير أن قراراته لم تنفذ بعد رفض وزير الداخلية آنذاك نور الدين بدوي، الذي يشغل منصب الوزير الأول حالياً.
القطيعة والتجديد
وعلمت "اندبندنت عربية" من مصدر موثوق، أن المدير العام للأمن عبد القادر بوهدبة، وجه أوامر خلال اجتماع موسع، بضرورة اعتماد معايير الكفاءة ومراجعة حصيلة النشاط الشخصي ونوعيته، والمسار المهني واحترام أخلاقيات المهنة، وملاحظات خلايا الاستعلامات في حركة التغيير والترقيات، مبرزاً أن المديرية العامة أحاطت الحركة بسرية تامة، واستهدفت الإطارات التي همشت وأقصت خلال فترة عبد الغاني هامل.
وتحرص الهيئة الأمنية على تطويق الممارسات التي كرسها طاقم المدير السابق الموقوف بالسجن بتهم الفساد، والثراء غير المشروع وسوء استغلال المنصب، وعلى الرغم من السرية والجدية في إعداد القائمة النهائية للحركة، إلا أن اللافت في العملية، الاهتمام بتشبيب الجهاز، مع منح الأولوية لضباط الشرطة القضائية والاستعلامات لتولي مسؤولية أمن المحافظات، وهي الاستراتيجية التي قال المحلل الأمني أنس الصبري، أنها تهدف إلى محاربة كل أشكال الفساد المالي والإداري والجريمة بكل أنواعها.
"فساد" المدير العام للأمن السابق
أمر قاضي التحقيق لدى محكمة سيدي أمحمد في الجزائر العاصمة، بتوقيف المدير العام السابق للأمن اللواء عبد الغني هامل، و3 من أبنائه وابنته، فيما قرر وضع حرمه تحت الرقابة القضائية للاشتباه في تورطهم في قضايا فساد والثراء المشبوه.
وبينت التحقيقات أن عائلة هامل، تملك عقارات عدة ومشاريع استثمارية تابعة لأملاك الدولة في عدد من المناطق، كما كشفت وجود علاقة مباشرة بين المدعو البوشي أو الجزار، المتهم الرئيس في قضية الكوكايين، ونجل اللواء عبد الغني هامل، الذي يملك الميناء الجاف لركن الحاويات.
خطر "العصابة"
تعتبر التغييرات الأمنية المرتقبة مؤشراً على استعداد النظام المؤقت لمرحلة "مبهمة" بعد فشل كل الجهود التي بادرت بها أطراف عدّة، لحل الأزمة السياسية، خصوصاً في ظل ارتفاع الأصوات المطالبة بتنحي قائد الأركان قايد صالح، وبالعصيان المدني، كما أن التغييرات تؤكد استمرار خطر رؤوس النظام السابق وأذرعه التي أشار إليها قائد الأركان في خطاباته، أنها لا تزال تتحرك.