ملخص
أغلب الاقتصادات الصاعدة والنامية لن تعود إلى وضع ما قبل وباء كورونا إلا بنهاية العام المقبل أو بداية 2025.
رغم النمو الاقتصادي بشكل أفضل من المتوقع في الربع الأول من هذا العام، فإن هناك احتمالات قوية ترجح تباطؤاً شديداً في النشاط الاقتصادي في الدول الصاعدة والنامية حول العالم، بحسب تقرير مفصل لمؤسسة "ستاندرد أند بورز" للتصنيف الائتماني صدر هذا الأسبوع.
وشمل التقرير دراسة نماذج لاقتصادات دول من أميركا اللاتينية وأوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا، وتوقع التقرير "تباطؤاً حاداً في أغلب اقتصادات الأسواق الصاعدة، باستثناء الصين، في عام 2023، وذلك عقب نمو قوي في العام الماضي 2022".
مع أن معدلات التضخم الأساسي أخذت في التراجع، إلا أنها تظل أعلى من المستهدف من قبل البنوك المركزية في دول أميركا اللاتينية الصاعدة، باستثناء البرازيل، وفي الأسواق الصاعدة بدول أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
كما توقعت المؤسسة الدولية أن تنخفض معدلات التضخم في اقتصادات آسيا الصاعدة، باستثناء الفيليبين، إلى مستويات قرب المستهدف من قبل البنوك المركزية بنهاية هذا العام، أما بالنسبة لبقية الاقتصادات الصاعدة والنامية حول العالم فلن يصل الانخفاض إلى النسبة المستهدفة إلا بنهاية العام المقبل 2024 ولن يكون الطريق إلى ذلك الهدف سلساً بل قد يشهد كثيراً من العقبات.
كما أن دورة التشديد النقدي (رفع أسعار الفائدة وسحب السيولة من السوق) في أغلب الاقتصادات الصاعدة إما وصلت إلى نهايتها أو كادت تصل مع بدء تراجع معدلات التضخم وضعف النمو الاقتصادي وانخفاض العائد على سندات الخزانة الأميركية طويلة الأجل.
العوامل الخارجية
يركز تقرير "ستاندرد أند بورز" على أن القدر الأكبر من التحديات التي تواجهها اقتصادات الدول الصاعدة والنامية ترجع إلى عوامل خارجية، حتى مع ما يبدو من تحسن في الأوضاع العالمية.
يشار إلى أن تلك التقارير التي تصدرها مؤسسات التصنيف العالمية الكبرى تكون نتيجة أبحاث مفصلة وتشكل أساساً لتصنيفها الائتماني للدول التي تصنفها.
ولم تغير المؤسسة توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي لأغلب دول آسيا، باستثناء الصين، لكنها قدرت أن النمو في الهند وبعض دول جنوب شرقي آسيا سيكون أقل من المعدلات الطبيعية لها في 12 شهراً مقبلة، وما لم تحدث أي ظروف استثنائية، ستعود أغلب الاقتصادات الصاعدة إلى معدلات النمو الطبيعية لها بنهاية العام المقبل 2024 أو في عام 2025.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واستعرض التقرير الأوضاع العالمية، مشيراً إلى أن الاضطراب وعدم اليقين في الأسواق العالمية بدأ في التراجع بشكل ملحوظ، فالولايات المتحدة تفادت مشكلة التخلف عن سداد الديون بالتوصل لقانون المسؤولية المالية الذي حل مشكلة سقف الاقتراض للحكومة الفيدرالية – ولو موقتاً، كما أن أزمة انهيارات المصارف لم تعد أزمة حادة في القطاع المصرفي بشكل عام.
ومع استمرار الحرب في أوكرانيا من دون نهاية واضحة في الأفق تراجعت المخاطر الجيوسياسية التي هزت الاقتصاد العالمي العام الماضي. إلا أن المخاطر في شأن أسواق السلع يمكن أن تعود بقوة في أي وقت.
كذلك أعلنت منظمة الصحة العالمية نهاية حالة وباء كورونا كوضع طوارئ عالمي بعد أن أخذت معدلات الوفيات من الإصابة بفيروس "كوفيد – 19" تتراجع بوضوح، بالتالي لم تعد الضغوط على النظم الصحية في دول العالم كما كانت من قبل، وعادت أغلب دول العالم إلى أوضاع ما قبل الوباء من حيث طرق المعيشة والنشاط الاقتصادي.
ارتفاع كلفة رأس المال
وأشار التقرير إلى استمرار ارتفاع كلفة رأس المال نتيجة أسعار الفائدة العالية وصعوبة الاقتراض لكثير من الدول التي ستظل تشكل ضغطاً كبيراً على معدلات النمو الاقتصادي، لذا لن يكون تراجع المخاطر العالمية دافعاً قوياً للنمو الاقتصادي في ظل قيود الائتمان واستمرار الاضطراب في السياسات المالية والنقدية، ما يعني أنه لن يكون هناك نمو قوي للناتج المحلي الإجمالي في النصف الثاني من هذا العام.
إلى ذلك توقع المحللون استمرار رفع أسعار الفائدة، في الأقل في الولايات المتحدة ودول منطقة اليورو هذا الصيف، قبل أن يتوقع توجه الزيادة لفترة وأنه لن يكون هناك تحول إلى تخفيض أسعار الفائدة هذا العام.
وقدر التقرير أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) سعر الفائدة مرة واحدة في الأقل فيما تبقى من هذا العام لتصل إلى 5.5 في المئة وقد تستمر عند هذا المستوى العالي لبقية العام وربما حتى منتصف العام المقبل 2024، لذا يقدر تقرير "ستاندرد أند بورز" أن يكون نمو الناتج المحلي الإجمالي في أميركا وأوروبا أقل من معدلاته المعتادة في 12 إلى 18 شهراً المقبلة.
الصين وتايلاند
وفي الخلاصة، يذكر التقرير أن النمو الاقتصادي في أغلب الاقتصادات الصاعدة، باستثناء الصين وتايلاند، سيكون أضعف بشدة في النصف الثاني من هذا العام عن النصف الأول.
ومن العوامل التي تضعف النمو فقدان زخم التعافي الاقتصادي ما بعد وباء كورونا، وضعف الطلب بشكل عام خصوصاً من أطراف التجارة العالمية الكبار، واستمرار ارتفاع الأسعار الذي يجعل القيمة الحقيقية للدخول تنخفض، وارتفاع أسعار الفائدة عالمياً ومحلياً بما يحد من زيادة الإنفاق والاستثمار.