Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لدى ديفيد كاميرون الكثير ليأسف عليه ولكن ليس الاستعداد لمواجهة كورونا

هنالك الكثير من الأسباب التي قد تدفع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق للتحديق في سقف غرفة نومه عند الثانية فجراً، باحثاً في قرارة نفسه عن أجوبة. لكن جاهزية بلاده للتعامل مع الجائحة ليست إحدى تلك الأمور.

رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ديفيد كاميرون بعد الإدلاء بشهادته في تحقيق جائحة كورونا في لندن 19 يونيو 2023 (رويترز)

ملخص

أكثر ما اشتهر به كاميرون كان استقالته، واعتذاره عن بريكست وكذلك اعتذاره عن كل الأمور التي قام بها بعد استفتاء بريكست 

ديفيد كاميرون، هل تتذكرونه؟ كان، وفي قديم الزمان قد شغل منصب رئيس حكومة المملكة المتحدة. وكان ذلك في فترة أقل تعقيداً، أيضاً. في ذلك الوقت، كانت أسئلة على شاكلة "ما الذي يمكننا فعله إن حدثت جائحة ما؟"، نوعاً من المشكلات التي قد تشغل بال رئيس الوزراء ليوم أو اثنين. يقوم بعقد اجتماع هنا، أو يقوم باتصال ما هناك، قبل أن يتناول جهازه من نوع "أيفون" بنسخته الثالثة، ويقوم باللهو طوال فترة بعد الظهر في لعبة "فروت نينجا" Fruit Ninja.

كان من الجميل، والغريب، إلى حد ما، أن نشهد عودته مجدداً إلى الشأن العام. لقد كان وبحسب موقع "ويكيبيديا"، رئيساً لوزراء المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وشمال إيرلندا من عام 2010 إلى عام 2016. للأسف، لا أحد، ولا حتى هو نفسه، يمكنه تذكر أياً من إنجازاته.

أكثر ما اشتهر به كاميرون كان استقالته، واعتذاره عن بريكست [تم الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عهده]، وكذلك اعتذاره عن كل الأمور التي قام بها بعد استفتاء بريكست والتي تمحورت بشكل رئيس حول إرساله رسائل لمسؤولين سابقين طالباً منهم، إن كانوا لا يمانعون، إسداءه بعض الخدمات التي تتعلق ببعض الأعمال التي كان يقوم بها لمصلحة رجل أعمال أسترالي موصوم بالعار حالياً، وهو الأمر الذي كان سيحقق له خمسين مليون جنيه استرليني، وهو أمر - لاحظوا إن كان بمقدوركم رؤية نمط يتبدى هنا – ذهب بشكل خاطئ جداً.

لكن هذه المرة كان الأمر مختلفاً. لأنه يتعلق بالتحقيق في كيفية التعاطي الحكومي مع جائحة كورونا. وهو تحقيق ودي إذا ما قورن بغيره [بارتي غيت على سبيل المثال]. فلجنة التحقيق أرادت معرفة الأمور التي قام بها وكذلك التي لم يقم بها، وإذا ما كان يشعر بأي ندم حيال أي أمر فعله أم لم يفعله في المراحل التي سبقت أعظم كارثة صحية عامة منذ قرن من الزمن، أو ربما أكثر.

هل لديه وعلى سبيل المثال، أي ندم بخصوص إلحاقه أضراراً جسيمة بقطاع الخدمات المدنية، وربما، تركها في حال يتعذر معه الصمود للتعامل مع جائحة ما، والتي وفقاً لما قاله بنفسه، كان بالتزامن يحذر من أن ذلك ممكن وقوعه في أية لحظة؟

لكن لا، وفق شرحه، بأسلوبه المهذب والمطمئن. فإهلاك أسس عمل الدولة كان أمراً ضرورياً لضبط المالية العامة للحكومة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ففي الدول حيث لم تكن للحكومة سيطرة على ماليتها العامة، وفق شرحه، لنقل في دول مثل اليونان أو إسبانيا، فإن تأثير ذلك على قطاع الصحة العامة والقطاعات المشابهة كان في النهاية أسوأ، وليس أفضل. لا بد أن ذلك كان إجراءً قاسياً، ولكنه ضروري. فالفضل يعود فقط لاقتطاعات ميزانيته الجريئة التي سمحت في وقت لاحق بإجراءات حكومية كريمة، مثل، لنقل قيام رئيس الحكومة الحالي ريشي سوناك في شراء ود الناس من خلال وجبات مجانية من "بيغ ماك" [من ماكدونالد].

كما أدلى ببيان من المتوقع أن يعاود الظهور بشكل متكرر خلال التحقيق. فعلى رغم الإدراك المتأخر، أعرب عن ندمه على تركيز حكومته على الاستعداد لوباء إنفلونزا محتمل، مع تجاهل معالجة أنواع أخرى من الأوبئة، مثل فيروس كورونا، على سبيل المثال.

مرة أخرى، من المؤكد أن مفكراً استراتيجياً أكثر ذكاءً كان ليعطي اعتباراً أعمق للاحتمالات المختلفة.

لكن الإدراك المتأخر هو أمر رائع. فهو، وعلى سبيل المثال، قد يدفع الرجل إلى التفكير في ما إذا كان صائباً في تهديده لمسؤولي الاتحاد الأوروبي بإمكانية إجراء استفتاء حول بقاء بلاده أو خروجها من الاتحاد، إن لم يمنحوا حكومته بعض التنازلات، على رغم وقوع تلك التنازلات خارج نطاق صلاحياتهم، وبالتالي عدم إمكان منحه إياها. ثم قيامه بتعزيز هذا التهديد من خلال طمأنتهم سراً أن الهزيمة في الاستفتاء أمر مستحيل.

لكن في الإمكان التساؤل أيضاً في ما إذا كان كاميرون يقسو على نفسه، حتى ولو في مراجعة أفعاله. لكن من المتوقع أن يتردد صدى اعترافه بالخطأ في ما يتعلق بالتأهب للجائحة مراراً وتكراراً خلال السنوات الثلاث المقبلة. في الواقع، لقد تم سماع ذلك بالفعل في مناسبات عدة.  

يبدو أن ذلك قاسٍ بعض الشيء. ففيما التحقيق في موضوع جائحة كورونا يتطور، فإن تحقيقات أخرى ــ خصوصاً تلك التي تقوم بها، وعلى سبيل المثال، الاستخبارات الأميركية – في طريقها للاستنتاج وبكثير من التأكيد، بأن جائحة كورونا لم تكن حدثاً طبيعياً، وإنما نتيجة حادث قاد إلى تسرب مخبري جرى لاحقاً إخفاء حقيقته. 

كاميرون، وآخرون، لديهم كامل الحق في تركيز استعداداتهم على التعامل مع حوادث طبيعية عوضاً عن تركيزها على [تسربات] يمكن حدوثها بشكل أقل، والتي عظم تأثيرها بسبب عدم صدق المسؤولين عما جرى. 

لدى رئيس الحكومة الأسبق الكثير من الأمور ليأسف عليها. وهنالك الكثير من الأسباب التي قد تبعد النوم عنه فيجد نفسه محدقاً بسقف غرفته عند الثانية صباحاً باحثاً عن إجابات. لكن ــ وهذا ليس ثناء بأي حال ــ فإن الاستعدادات للتعامل مع أي جائحة ليس واحداً منها.

© The Independent

المزيد من تحلیل