مع جمود معركة العاصمة الليبية طرابلس، وسّع الجيش الليبي والقوات الموالية لحكومة الوفاق عملياتهما الجوية لضرب المواقع الخلفية وخطوط إمداد قوات الخصم، وشنت طائرات الجيش غارات متتالية على مطار مصراتة والقاعدة الجوية لمنع وصول التعزيزات إلى جبهات العاصمة، تمهيداً لإضعافها قبل الانقضاض عليها، كما قالت مصادر مقربة من الجيش.
في المقابل، عمدت قوات موالية لحكومة الوفاق إلى مهاجمة الخطوط الخلفية للجيش لتشتيت انتباه قواته التي يحشدها للهجوم على العاصمة ومحاولة الوصول إلى وسطها.
غارات على أهداف حيوية
استهدفت طائرات تابعة للجيش الوطني الليبي مجدداً قاعدة الكلية الجوية في مصراتة، الأربعاء 7 أغسطس (آب). وكشف آمر غرفة عمليات القوات الجوية المتمركزة في قاعدة عقبة بن نافع الجوية جنوب طرابلس اللواء محمد المنفور، عن أنهم "تابعوا انتقال طائرتين من نوع L-39 من مصراتة إلى مطار معيتيقة"، مبيناً أن الطائرتين أقلعتا صباح الأربعاء من مطار معيتيقة واستهدفتا مدنيين جنوب العاصمة".
وأوضح المنفور في بيان، أن "مقاتلات سلاح الجو كانت في انتظار الطائرتين أثناء رجوعهما إلى مصراتة"، لافتاً إلى أن "المقاتلات استهدفتهما بكل دقة عند هبوطهما في مصراتة وتمت إصابتهما وتدميرهما".
ونفى وجود معلومات بشأن مصير قائدَيْ الطائرتين. وجدّد تحذير المدنيين والأجانب من الوجود بالقرب من أي قوة إرهابية"، حسب وصفه.
اعتراف أوكراني يثير الجدل
في سياق متصل، أكّدت وزارة الشؤون الخارجية الأوكرانية التقرير المتعلق بالضربة الجوية لسلاح الجو الليبي التي أصابت طائرة شحن IL-76 تابعة لشركة أوكرانية خاصة في مطار مصراتة، ليلة الاثنين 5 أغسطس، مؤيّدةً بذلك صحة ادعاءات الجيش بخصوص الطائرة.
وأعلنت الوزارة في بيان أنها "تعمل على ضمان عودة طاقم الطائرة إلى أوكرانيا"، وذلك وفقاً لدائرة الطيران الحكومية في البلاد، مضيفةً أنه "جرى قصف الطائرة خلال تفريغ حمولة بواسطة طائرة من دون طيار". وادّعت أن "الطائرة كانت تحمل مساعدات إنسانية لتلبية حاجات منظمة الهلال الأحمر الليبي"، مشيرةً إلى أن جميع التصاريح المطلوبة كانت موجودة".
وقالت الخارجية الأوكرانية "نتيجة الهجوم، دُمّر ذيل الطائرة وأُصيب عامل بجروح طفيفة ومُزّقت وثائق جواز سفر الملاح، فيما نُقل الطاقم إلى مكان آمن"، مضيفةً أن "الطائرة تابعة لشركة الطيران الخاصةSky AviaTrans وقد تسلمت الشحنة من تركيا".
الوفاق تهاجم ظهر الجيش
في سياق آخر، لجأت القوات الموالية لحكومة الوفاق إلى التحرك في ظهر الجيش، لا سيما في مدينة مرزق في الجنوب التي باتت تسبب صداعاً للجيش، نظراً إلى كثرة الهجمات على قواته المتمركزة فيها، كواحدة من قواعده المهمة في الجنوب.
وقال الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري، في مؤتمر صحافي، إن "الإرهابي حسن موسى هو من قاد الهجوم على مرزق للتشويش على تقدمات القوات المسلحة في طرابلس في اعتداء بالدبابات من ثلاثة محاور".
توتر وقصف
وتشير مصادر خاصة لـ"اندبندنت عربية" من داخل مدينة مرزق إلى "توتر الوضع بشكل كبير حالياً بعد قصف طائرات الجيش مواقع تابعة للميليشيات التشادية"، مضيفةً أن قصفاً عنيفاً تشنّه الميليشيات التشادية على المدينة بالأسلحة الثقيلة، كما تهاجم المنازل في بعض الأحياء وتقوم بتصفية من تجده فيها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتشير مصادر صحافية ومحلية من مرزق أن مواطناً وزوجته من سكان المدينة، ينحدران من قبائل عربية لقيا مصرعهما على يد مسلحين ليبيين وتشاديين من قبائل التبو في إطار التصعيد المستمر منذ أكثر من 48 ساعة.
ووفقاً لسكان، فإن مسلحين اعترضوا سيارة تلك الأسرة وأمطروها بالرصاص، وقد عُثر على طفلهما لاحقاً بعد فراره من السيارة.
مكافآت مالية ضخمة
وأثارت حكومة الوفاق الليبية في طرابلس الجدل مجدداً بشأن الأموال التي تصرفها على القوات التابعة لها بعد تخصيصها 40 مليون دينار ليبي (قرابة 25 مليون دولار بالسعر الرسمي) لوزارة الدفاع بغية إنفاقها على الميليشيات المتحالفة معها، في مواجهة القوات المسلحة الطامحة إلى دخول العاصمة طرابلس.
ولم تُبين الحكومة في قرار التخصيص أي معلومات بشأن تفاصيل إنفاق المبلغ، علماً أنّها كانت قد خصصت في أبريل (نيسان) الماضي نحو ملياري دينار لتغطية نفقات التصدي للقوات المسلحة.
ومنحت الحكومة 3 آلاف دينار (1500 دولار بالسعر الرسمي) لكل عنصر من الميليشيات مكافأة للتصدي للقوات المسلحة بقيادة المشير خليفة حفتر التي أطلقت في أبريل معركة أسمتها "طوفان الكرامة" لتحرير العاصمة طرابلس من سيطرة الميليشيات.
ومع استمرار المعارك واحتدامها وتوسع رقعتها، لا يبدو أن طرفي النزاع يُلقيان بالاً للدعوات التي وجّهها المبعوث الدولي إلى ليبيا غسان سلامة بشأن هدنة يُتّفق عليها طيلة أيام عيد الأضحى. ويبدو أن العاصمة الليبية طرابلس ستستقبل العيد على وقع الاشتباكات المسلحة واستمرار المواجهة العسكرية.