ملخص
أعلنت شرطة هونغ كونغ هذا الأسبوع أنها تعرض مكافأة في مقابل أي معلومات قد تؤدي إلى اعتقال ثمانية نشطاء ومشرعين سابقين ومحامين يقيمون في الخارج
يقول أحد أبرز أعضاء الحركة المؤيدة للديمقراطية في هونغ كونغ إن التهديد بـ"الاختطاف عبر الحدود يزداد أكثر فأكثر" بعد عرض مكافأة بقيمة مليون دولار هونغ كونغي (100 ألف جنيه استرليني/ 129 ألف دولار أميركي) لاعتقاله.
وأعلنت شرطة هونغ كونغ هذا الأسبوع أنها تعرض مكافأة في مقابل أي معلومات قد تؤدي إلى اعتقال ثمانية نشطاء ومشرعين سابقين ومحامين يقيمون في الخارج. وأكد الزعيم التنفيذي للمدينة جون لي أن المعارضين "سيلاحقون مدى الحياة" بموجب قانون الأمن القومي الذي فرضته بكين، والذي يحظر التخريب والانفصال والتواطؤ مع القوى الأجنبية والإرهاب.
أحد هؤلاء المعارضين والمرشح لنيل جائزة نوبل للسلام لعام 2018، ناثان لو (29 سنة)، مقيم في المنفى بالمملكة المتحدة، أطلع "اندبندنت" على الآثار النفسية الجسيمة التي أصيب بها مع تصاعد التهديدات – واصفاً المكافأة للنيل من المعارضين بأنها "غير مسبوقة".
وأضاف "بالطبع، يعد وجود المكافأة إشارة إلى أن حكومة [هونغ كونغ] تصعد التخويف، لذلك فإن احتمال تعرضي للاختطاف العابر للحدود يزداد ارتفاعاً، وذلك كله بسبب الموقف العدواني للحكومة الصينية".
ومع ذلك، يضيف أن أي خطر من هذا القبيل لن يمنعه من إعلاء صوته: "سأواصل التحدث نيابة عن مواطني هونغ كونغ وباسم حرية هونغ كونغ".
ويقول لو إنه "حزين للغاية" لأن المنطقة تتغير إلى الأسوأ. ويتابع "لا أعتقد أن هناك أي شخص في تاريخ هونغ كونغ قد تلقى هذا النوع من المعاملة من قبل... كأن الأمر غير مسبوق. لم تعرض أي مكافآت لقاء اعتقال أي شخصيات سياسية"، كاشفاً عن أن الإعلان يجعله يشعر "بالتوتر بعض الشيء" في شأن احتمال الاختطاف.
وتفيد شرطة هونغ كونغ بأن المعارضين الثمانية، وهم سبعة رجال وامرأة واحدة تتراوح أعمارهم بين 26 و74 سنة، لا يزالون يهددون الأمن القومي ويسعون إلى "تدمير هونغ كونغ وترويع المسؤولين" من خلال التشجيع على فرض عقوبات دولية.
ويعيش المشرعون السابقون دنيس كووك وتيد هوي ولو، والنقابي مونغ سيو - تات، والمحامي كيفن يام، والنشطاء فين لاو وآنا كووك وإلمر يوان جميعاً في الخارج حالياً. واعتقل المئات في هونغ كونغ ودينوا بموجب قانون الأمن القومي الذي فرض عام 2020.
ويقول لو، واسمه الكامل ناثان لو كوون تشونغ، إن الحريات في هونغ كونغ أصبحت الآن "محدودة للغاية"، ويأمل في إيلاء مزيد من الاهتمام [الدولي] إلى الأمر لتحميل السلطات "المسؤولية".
وبعد الإعلان عن المكافأة، اتهمت الصين المملكة المتحدة – التي فر لو إليها عام 2020، وحصل على اللجوء بعد عام – بإيواء هاربين. وجاء هذا البيان الصادر عن سفارتها في لندن بعدما أعلنت المملكة المتحدة أنها لن تتسامح مع أية محاولات من الصين لإسكات الأفراد في المملكة المتحدة أو في الخارج.
يقول لو لـ"اندبندنت"، "أنا لاجئ سياسي في المملكة المتحدة. حصلت على اللجوء قبل سنتين، لذلك فأنا أعتبر شخصاً سيتعرض للاضطهاد إذا عدت إلى هونغ كونغ... من الواضح حقاً أن حكومة المملكة المتحدة تتمسك بالتزامها باتفاقيات جنيف. إنها تتمسك ببساطة بالتزامها بالقيم العالمية وحقوق الإنسان... بالنسبة إليَّ، تفعل حكومة المملكة المتحدة كثيراً في ما يتعلق بمحاولة حماية الأشخاص الذين سيواجهون الاضطهاد، وكذلك القمع السياسي من قبل حكومة هونغ كونغ".
ولا تربط أي من البلدان التي يعيش فيها المعارضون الثمانية حالياً – وهي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا – بالصين أي معاهدات لتسليم المطلوبين.
لذلك حضت سلطات هونغ كونغ النشطاء على العودة ومحاكمتهم – وهي خطوة يقول لو أنها "غير مرجحة".
أسس لو "حزب ديموسيستو" Demosisto Party المؤيد للديمقراطية، وخاض انتخابات المجلس التشريعي عام 2016، ليصبح أصغر نائب في تاريخ هونغ كونغ. وفي وقت لاحق، نزعت المحكمة العليا في هونغ كونغ تأهله للمنصب في يوليو (تموز) 2017 بحجة أدائه اليمين بشكل غير صحيح.
ذلك أن لو، كعلامة على الاحتجاج ضد بكين، اقتبس من المهاتما غاندي قبل أداء اليمين قوله "يمكنك أن تقيدني، يمكنك أن تعذبني، يمكنك حتى إن تدمر هذا الجسد، لكن لا يمكنك أبداً أن تسجن عقلي".
وسجن لو أواخر صيف 2017 لمشاركته في الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية عام 2014، والمعروفة شعبياً باسم حركة المظلات. وأفرج عنه في فبراير (شباط) 2018 بعد استئناف الحكم بالسجن.
وعام 2020، عندما دخل قانون الأمن القومي حيز التنفيذ، فر لو من هونغ كونغ، لكنه استمر في إعلاء صوته. وفي يوليو (تموز) من ذلك العام، أخبر مشرعين أميركيين خلال جلسة استماع في الكونغرس حول هونغ كونغ أنه قلق من العودة.
وقال للسياسيين الأميركيين عبر الفيديو: "مجرد الحديث عن محنة سكان هونغ كونغ في مناسبة كهذه يعد تناقضاً مع قانون الأمن القومي الجديد. لقد ضاع كثير الآن في المدينة التي أحبها – حرية قول الحقيقة".
منذ فراره من هونغ كونغ، كتب لو كتاباً إلى جانب إيفان فاولر، بعنوان "الحرية: كيف نفقدها وكيف نحاول استعادتها؟".
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، وصف وزير الأمن في هونغ كونغ لو بأنه "خائن من العصر الحديث"، حيث اتهمه كريس تانغ بينغ – كيونغ، الثلاثاء، "بالتصرف مثل سلحفاة جبانة تخفي رأسها وتختبئ... أنت تنغمس في حياة فخمة في بلد أجنبي، بينما يترك الشباب الذين تحرضهم في هونغ كونغ ليتحملوا العواقب القانونية".
وعندما يسأل لو عن شعوره تجاه الاتهامات، يقول "حسناً، أعتقد أن الأمر سخيف تماماً".
ويقول "ما أفعله هو حض الحكومة الصينية على التمسك بالمعاهدة التي أبرمتها مع الحكومة البريطانية لتحقيق وعودها بتطبيق الحكم الذاتي والحرية والديمقراطية في هونغ كونغ".
ويزعم لو أن عمله كان دائماً يتعلق بـ"جعل النظام مسؤولاً عن تصرفاته". وقال في بيان نشره على وسائل التواصل الاجتماعي "لن أعيش في خوف".
وبموجب قانون الأمن القومي، تتهم بكين بامتلاك سلطة معاقبة المعارضين وإسكات المنتقدين – ما يغير حياة سكان هونغ كونغ في شكل أساسي.
وفي أعقاب الإعلان عن المكافأة، دعت أكثر من 50 منظمة مدنية تمثل هونغ كونغ في أنحاء العالم كله المملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا وأوروبا إلى "تأكيد عدم اعترافها بقانون الأمن القومي في هونغ كونغ ضمن كياناتها ذات السيادة، وإدانة أحدث مذكرات الاعتقال والمكافآت".
وأضافت المنظمات المدنية في بيان مشترك: "يجب حماية نشطاء هونغ كونغ في المنفى في نضالهم السلمي من أجل حقوق الإنسان الأساسية والحريات والديمقراطية".
في الوقت نفسه يحاول لو أن يعيش الحياة "بعيداً من الأعين" قدر الإمكان، حيث ذكر: "أبلغني مكتب الأمن القومي [في الصين] أنني رجل مطلوب منذ ثلاث سنوات، لكن وجود مكافأة لاعتقالي... هي تجربة جديدة".
© The Independent