ملخص
هل يلقى ترافيس سكوت مصير مواطنه كيفن هارت؟
تصاعدت بقوة دعوات إلغاء حفل مغني الراب الأميركي ترافيس سكوت المقررة إقامته بمصر، في 28 يوليو (تموز) الجاري، مع وابل تغريدات يسرد أسباب رفض هذا الحدث من قبل عدد من النشطاء، باستعمال وسم "إلغاء_ حفل_ترافيس"، ولكن بالتوازي تماماً مع تلك الدعوات، كان هناك ما يشبه المزاد على أسعار تذاكر الحفل في السوق السوداء، وفي حين أن الفئة الأعلى لم تزد على 200 دولار أميركي، لكن الأسعار في السوق الموازية تراوحت بين 25 إلى 30 ألف جنيه، أي ما يعادل 1000 دولار أميركي تقريباً، وذلك بعد أن نفدت التذاكر على الموقع الرسمي بعد ساعات قليلة من طرحها.
هذا التناقض في تلقي الجمهور للحدث أصبح معتاداً للغاية نظراً لاختلاف الأذواق في بلد يتجاوز عدد مواطنيه 100 مليون نسمة، ولكن الجدل المتعلق باتهام سكوت بممارسة طقوس ماسونية في حفلاته وبأنه من مناصري حركة "الأفروسينتريك" التي يدّعي أفرادها أن بناة الحضارة الفرعونية ليسوا أبناء مصر.
وما جرى يذكّر على الفور بالجدل الذي صاحب الإعلان عن حفل الكوميدي الأميركي كيفن هارت في مصر، في فبراير (شباط) الماضي، حيث تم إلغاء الحدث الذي كان مقرراً أن يقام في إستاد القاهرة بعد الغضب الشعبي من مناصرة هارت لحركة مركزية أفريقيا نفسها، وإن كان السبب المعلن هو "مشكلات لوجيستية"، فهل يلقى سكوت المصير نفسه؟!
مدينة ترافيس سكوت الفاضلة
ترافيس سكوت، 32 سنة والأب لطفلين من صديقته السابقة العارضة والمليارديرة الأميركية كايلي جينر، اختار سفح الأهرامات مكاناً لإطلاق ألبومه الخامس UTOPIA "المدينة الفاضلة"، وفور أن نشر الملصق الدعائي للحفل عبر حساباته على "السوشيال ميديا" حصد ملايين علامات الإعجاب وأيضاً مئات الآلاف من التعليقات كثير منها مرحب وكثير منها أيضاً عبارة عن "هاشتاغات" تنادي بمنع الحفل وتطالب المسؤولين بالتصدي له، مع اتهامات من أنه يقدم الأطفال قرابين للشيطان في حفلاته ويناصر الدعاية السلبية للآثار المصرية، ويشجع على تعاطي المواد المخدرة، كما أن طبيعة الرموز التي يستخدمها في ديكورات المسرح الذي يقف عليه لها دلالات متعلقة بالماسونية ولا سيما في ما يتعلق بالأشكال المخروطية والنيران التي تخرج من الفم ومجسمات الجماجم، وأن اختيار الأهرامات مقصود لممارسة تلك الطقوس وللتدليل على أفكاره، بل وصل الأمر إلى اتهامه باستخدام ترددات موسيقية خلال الغناء تجبر الحضور على الإتيان بأفعال خطيرة قد تودي بحياتهم، في حين أن الواقع يقول إن ضحايا الحفل الذي يتم الاستشهاد به للمطالبة بمقاومة وجود ترافيس سكوت والذي كان قد أقامه بمشاركة المغني دريك، في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2021، سقطوا نتيجة الزحام الشديد والتدافع إذ وصل عدد الحضور في هيوستن بولاية تكساس، إلى 50 ألف شخص، كما أن القضاء الأميركي أصدر قراره النهائي قبل أيام عدة بتبرئة سكوت من دماء الجمهور وعزا السبب لسوء التنظيم، على رغم أن الحفل كان مؤمناً من خلال 600 شخص من رجال الأمن والشرطة النظامية، وكان سكوت قد عبر عن حزنه الشديد على ما حدث عقب الحفل من خلال تدوينات عدة له ودخل وقتها في حالة نفسية سيئة، ومما قاله "لقد دمرت تماماً بسبب ما حدث الليلة الماضية، دعواتي للعائلات وكل المتأثرين بما حدث في مهرجان أستروورلد"، بخاصة أن ما تردد حينها عن أنه رفض إيقاف الغناء على رغم مشاهدته لما يجري، وكان 10 من الحضور قد فقدوا حياتهم نتيجة الاختناقات في حين أصيب المئات.
تعليقات مقتضبة والمنظمون يختارون الصمت
لكن مع ذلك، ما زالت تتصاعد دعوات مطالبة بإلغاء الحفل وتختلط فيها الحقائق بالمبالغات، وفي الوقت نفسه تشدد الشركة المنظمة على أنه غير مسموح لمن هم أقل من 16 سنة بالحضور، وكذلك غير مسموح بالتصوير وممنوع دخول حاملي التذاكر بحقائب كبيرة الحجم، ومن ضمن الاحتياطات أيضاً أن عدد الحضور لن يتخطى 6000 فرد على رغم أن المساحة شاسعة، وذلك تسهيلاً لعمل الجهات المختصة بتأمين الحدث. وكان عمرو القاضي الرئيس التنفيذي للهيئة المصرية العامة لتنشيط السياحة قد كشف في تصريحات تلفزيونية أن عدد التذاكر بالفعل لن يتخطى هذا الرقم ليكون من اليسير التحكم في عملية التأمين، واصفاً ما جرى في حفل تكساس الشهير بأنه كان سوء تنظيم بسبب العدد الضخم وبالتالي تم تفادي تلك النقطة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن تصريحات القاضي كانت قبل اشتعال حملة الرفض لوجود سكوت في مصر، إذ تتوالى التغريدات الغاضبة، فهل الحل هو أن يتم إلغاء الحفل أسوة بمواقف سابقة؟ بالطبع الأمر ليس بتلك السهولة، بخاصة أن هذا القرار سيكون بمثابة رسالة سلبية حول النشاط السياحي في الوقت الذي أصبحت معالم القاهرة وبقية المدن الأثرية مفتوحة لإقامة عروض أزياء وحفلات موسيقية وفعاليات ثقافية تسهم في الترويج السياحي للدولة.
وجهة النظر هذه تم التوجه بها إلى بعض المسؤولين في وزارة السياحة والآثار، وفي حين كشف بعضهم أنها بعيدة من اختصاصه رافضاً التعليق، أشارت مصادر أخرى بشكل مقتضب إلى أن حفل ترافيس سكوت ليس من تنظيم الوزارة أو أي من هيئاتها وليس لهم يد في أي تفاصيل تخصه، وكل ما هناك أنهم جهة تنسيق مثل جهات كثيرة، نافين أن تكون هناك نية لأي توجه محدد في ما يخص مصير الحفل، وتتم حالياً دراسة الخيارات المتاحة بعد الهجوم المتواصل، في وقت اختارت الشركة المنظمة للحفل عدم الرد على أي من تلك التساؤلات واستمرت في حملتها الترويجية بشكل معتاد، وما أثار الشك وجود شعار وزارة السياحة المصرية أعلى الملصق الدعائي للحفل المنتظر، إذ اعتقد البعض أن الوزارة هي جهة التنظيم الأساسية في حين أنها من ضمن الرعاة.
دعوة قضائية وسط ازدهار سياحي
ترافيس سكوت واسمه الحقيقي جاك بيرمون ويبستر الثاني بدأ مشواره الاحترافي في عالم الراب قبل 10 سنوات فقط حقق خلالها نجاحات كبيرة وحصل على حوالى 15 جائزة، كما ترشح لثماني جوائز "غرامي"، وفاز بجائزة "غرامي" اللاتينية وعدة جوائز "بيلبورد" وأيضاً "أم تي في"، ويخطط لأن يحتفل مع جمهوره في أجواء الحضارة المصرية القديمة بإطلاق ألبومه الجديد "يوتوبيا" الذي يأتي بعد مرور أربعة أعوام منذ آخر ألبوم غنائي له، لكن، وكالعادة، الجدل يصاحبه دوماً سواء في أعماله أو في اختياراته للطابع الذي يميز كل حفل له، وعلى رغم الانتقادات التي توجه لفكرة إقامته حفلاً بمصر من الأصل، حتى وصل الأمر إلى التهديد برفع دعاوى قضائية يتم فيها اختصام وزارتي السياحة والداخلية في محاولة لإثناء الجهات المعنية عن إقامة الحدث واتهام نجمه بالدموية بدعم حركة عالمية معادية للهوية المصرية ومشككة في أصالة حضارتها، هناك أيضاً أصوات تطالب بضرورة دعوة الموالين لهذه التنظيمات ليشاهدوا عن قرب عظمة الآثار المصرية ويلمسوا بأنفسهم الدلائل على انتمائها للبلد الذي أقيمت على أرضه، بخاصة أن جماهيرية سكوت متصاعدة بين أوساط الشباب الذين دشنوا مجموعات للبحث عن تذاكر في السوق الموازية حيث اشتعلت بورصة الأسعار ومن المتوقع أن تتجاوز 1000 دولار للفئة الأولى، وتتزايد المطالبات أيضاً بزيادة حفلات نجوم العالم في البلاد لما له من مردود إيجابي على المجال السياحي، وذلك في الوقت الذي تستهدف فيه مصر وصول عدد السائحين هذا العام إلى 15 مليون سائح، بعد أن سجلت أعدادهم طفرة في النصف الأول من عام 2023 حيث وصلوا إلى ستة ملايين سائح تتصدرهم الجنسية الألمانية، بحسب تصريحات لوزير السياحة والآثار أحمد عيسى، مقابل 11 مليوناً و700 ألف سائح، العام الماضي، مع توقعات بوصول العدد إلى 18 مليوناً عام 2024.