ملخص
هل يعطل وقف مساعدات برنامج الغذاء العالمي مساعي الأردن لإعادة اللاجئين السوريين؟
ألقى قرار وقف برنامج الأغذية العالمي خدماته للاجئين السوريين في الأردن، بظلال قاتمة على جهود ومساع أردنية محمومة للبدء بإعادتهم إلى بلادهم.
وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي عبر عن استيائه وحث المعنيين على مراجعة القرار، مؤكداً أن توفير حياة كريمة للاجئين السوريين مسؤولية عالمية وليست خاصة بالأردن وحده كبلد مضيف.
وجاء القرار الذي يخشى أن يتسبب بتعقيدات لمساعي عودة اللاجئين السوريين، بعد أيام فقط من زيارة مهمة قام بها الصفدي إلى دمشق، وشدد فيها على ضرورة البدء بتوفير الظروف المناسبة لعودتهم إلى ديارهم، مع تبني الأردن خيار العودة الطوعية لهم من دون إجبار.
نصف مليون لاجئ
ويعاني برنامج الأغذية العالمي من أزمة تمويل غير مسبوقة، أدت إلى تقليص مساعداته الغذائية الشهرية لنحو نصف مليون لاجئ مستفيد في الأردن، حيث قال البرنامج في بيان صحافي، إنه سيمنح الأولوية للأسر الأشد احتياجاً لتلقي المساعدة بدءاً من أغسطس (آب) المقبل، بينما سيتم استثناء نحو 50 ألف لاجئ تماماً من المساعدة الشهرية، مع خفض قيمة المساعدات النقدية بمقدار الثلث لجميع اللاجئين المستفيدين خارج المخيمات.
بدوره عبر الممثل المقيم لبرنامج الأغذية العالمي في الأردن ألبرتو كوريا مينديز عن قلقه البالغ من تقليص المساعدات وزيادة معاناة الأسر اللاجئة مما سيجعلهم أكثر عرضة لخطر انعدام الأمن الغذائي.
مساعدات غذائية
وبلغت قيمة المساعدات الغذائية التي قدمها البرنامج للاجئين السوريين في الأردن عام 2022 نحو 200 مليون دولار أميركي، بهدف تلبية حاجاتهم الغذائية الأساسية وتحسين صحتهم وتخفيف معاناتهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يقدر عدد اللاجئين السوريين في الأردن بنحو 1.3 مليون شخص، وهو ما يمثل 15 في المئة من إجمالي السكان، حيث يعيش أكثر من 80 في المئة منهم بين الأردنيين في المجتمعات المضيفة، فيما يقطن الباقون في المخيمات كمخيم الزعتري.
ومن بين هؤلاء وفر برنامج الأغذية العالمي مساعدات غذائية لنحو 800 ألف لاجئ سوري في الأردن منهم 400 ألف طفل، إضافة إلى مساعدات نقدية يمكن للاجئين استخدامها لشراء الطعام من السوق المحلية.
وتلعب هذه المساعدات الغذائية دوراً حاسماً في مساعدة اللاجئين السوريين بالنظر إلى الحجم الكبير للأزمة وارتفاع تكلفة المعيشة في الأردن، إذ إن من دونها سيواجهون صعوبة في الحصول على الغذاء الكافي، مما سيؤدي إلى إصاباتهم بأمراض سوء التغذية.
بدورها قدمت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والوكالات الأخرى نحو 1.3 مليون طن من المواد الغذائية للاجئين السوريين في الأردن منذ بداية الأزمة في عام 2011، فيما بلغت قيمة هذه المساعدات أكثر من 1.3 مليار دولار أميركي.
تراجع الحصص
وبعد 12 عاماً من اللجوء إلى الأردن، يجد اللاجئون السوريون أنفسهم اليوم عرضة لفقدان الأمن الغذائي، إثر تراجع المساعدات والمخصصات التي كانت تصرف لهم وسط أزمة تمويل حادة تعصف بالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ووفقاً للمفوضية يعاني 85 في المئة من اللاجئين السوريين في الأعوام الأخيرة، فمعظمهم مديونون ويقترضون المال لشراء الغذاء ودفع الإيجارات.
وتقول دراسة أجرتها المفوضية إن جميع اللاجئين المقيمين خارج المخيمات تعرضوا لتهديدات بالإخلاء ثلاث مرات أكثر مما تعرضوا له عام 2018 ومنذ جائحة كورونا، كما انخفض دخل 68 في المئة من اللاجئين، وفقد عدد كبير منهم عمله.
الأرقام الصادمة التي كشفتها المفوضية في ما يخص الأمن الغذائي للاجئين، فهي تلك التي تتحدث عن تجويع آباء اللاجئين أنفسهم لتأمين الغذاء لأبنائهم، إذ صرح 46 في المئة منهم بتقليص حصصهم الغذائية اليومية بعد إبلاغهم من قبل الجهات الدولية المانحة بتخفيض قيمة الدعم الغذائي الممنوح لهم بسبب نقص الموارد.
تقليص المساعدات
منذ عامين، اتخذ برنامج الأغذية العالمي خيارات مؤلمة عبر تقليص المساعدات للاجئين سوريين في الأردن، واعتباراً من يوليو (تموز) 2021 وبسبب نقص التمويل، حذف نحو 21 ألف لاجئ من جدول المساعدات الغذائية الشهرية.
وتحصل عائلات اللاجئين على مساعدات غذائية ضعيفة بطبيعة الحال لا تزيد على 32 دولاراً لكل شخص ممن يقطنون داخل المخيمات، في حين يتلقى اللاجئون خارج المخيمات مساعدة شهرية بقيمة 21 دولاراً لكل فرد.
وعبر اللاجئون السوريون عن قلقهم من هذه الأوضاع المعيشية عبر 400 مكالمة تلقتها خطوط المساعدة في المفوضية بعد أسبوع من الإعلان عن خفض المخصصات، واليوم ثمة لاجئان اثنان من بين كل ثلاثة، يعانيان من انعدام الأمن الغذائي في الأردن.
دعم وتمكين
يرى رئيس مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية أحمد عوض أن الأردن عليه الانتقال من منظور تقديم المساعدات الإنسانية الأساسية للاجئين السوريين إلى التعامل مع الموضوع من منظور تنموي تمكيني، لأن المعطيات تشير إلى أن ضغط اللجوء سيستمر لسنوات طويلة إن لم يكن لعقود، بعدما عبر أكثر من 90 في المئة من اللاجئين السوريين المقيمين بالبلاد عن عدم رغبتهم في العودة إلى بلدهم في ظل الظروف السياسية والاقتصادية والأمنية الراهنة.
وتحدث عوض عن تجاوز موضوع المساعدات الغذائية إلى توفير فرص عمل للاجئين لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة من خلال توسيع برامج التدريب المهني لتزويد أبناء اللاجئين بالمهارات اللازمة للولوج إلى سوق العمل.
وأشار رئيس مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية إلى أن عدداً من الدول المانحة قدمت خلال المؤتمر الدولي الذي عقد قبل أسابيع في العاصمة البلجيكية بروكسل، تعهدات بتقديم الدعم بمختلف أشكاله للدول المستضيفة للاجئين السوريين، غير أن المشكلة تكمن في مدى التزام هذه الدول بتقديم هذه المساعدات.
وأضاف عوض أن المجتمع الدولي مطالب بزيادة المساعدة المالية للأردن لتخفيف العبء الاقتصادي لاستضافة اللاجئين السوريين، لافتاً إلى أهمية التمويل لدعم توفير الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم والمياه وغيرها.