ملخص
مناطق واسعة من العالم تواجه ارتفاعاً شديداً في درجات الحرارة وحرائق الغابات تدفع المئات إلى ترك منازلهم.
لا تزال درجات الحرارة مستمرة في تسجيل أرقام قياسية في جميع أنحاء العالم، اليوم السبت، من الصين إلى أوروبا والولايات المتحدة، ما يدفع السلطات إلى اتخاذ تدابير جذرية للتعامل مع القيظ والحرائق التي تعزى إلى الاحتباس الحراري وتغير المناخ.
وأعلنت السلطات الإسبانية اليوم السبت إجلاء ما لا يقل عن ألفي شخص بعد اندلاع حريق غابات وخروجه عن السيطرة في جزيرة لا بالما، وذلك في وقت تجتاح أوروبا موجة من الطقس الحار.
وشهدت أجزاء كثيرة من جنوب إسبانيا ارتفاعاً في درجات الحرارة التي تجاوزت 40 درجة مئوية الأسبوع الماضي، ومن المتوقع أن تواصل درجات الحرارة الارتفاع هذا الأسبوع في إسبانيا وجنوب أوروبا.
ونشب الحريق في الساعات الأولى من صباح اليوم في منطقة أل بينار دي بونتاغوردا، وهي منطقة كثيفة الأشجار تقع في شمال الجزيرة التي تشكل جزءاً من جزر الكناري.
وأجبر الحريق سكان بلدتي بونتاغوردا وتيخارافي على ترك منازلهم.
وذكر رئيس بلدية تيخارافي ماركوس لورنثو لمحطة التلفزيون الإسبانية "آر تي في إي" أنه تم إجلاء أشخاص من البلدة مع انتشار الحريق، لكن لم يتضح عدد الذين غادروا بالفعل.
وقال رئيس الحكومة المحلية في جزر الكناري فرناندو كلافيخو اليوم إن الحريق أدى إلى تدمير 12 منزلاً في الأقل.
وصرح كلافيخو إلى الصحافيين في لا بالما بأن "عدد الأشخاص الي يتعين إجلاؤهم قد يرتفع".
وأفادت السلطات بأن نحو 4500 هكتار (11120 فداناً) تضررت بسبب الحريق.
وأوضح كلافيخو أن الجيش الإسباني نشر 150 رجل إطفاء من قوته لمساعدة الطواقم المحلية في إخماد الحريق بينما يصل آخرون من جزيرة تنيريفي المجاورة.
وتكافح أربع طائرات هليكوبتر وأربع وحدات مكافحة حرائق على الأرض من أجل السيطرة على الحريق في الجزيرة التي تشكل جزءاً من مجموعة جزر إسبانية قبالة ساحل غرب أفريقيا.
وهذا الحريق هو أول كارثة طبيعية تشهدها الجزيرة منذ ثوران بركان في 2021.
وتسبب الثوران البركاني في تدمير أكثر من ألفي مبنى وأجبر الآلاف على مغادرة منازلهم عندما بدأت الحمم بالتدفق من بركان كومبري فييخا.
معدلات غير مسبوقة
ابتداء من السبت، يتوقع أن تشهد إيطاليا، من الشمال إلى الجنوب، موجة حارة سترتفع خلالها درجات الحرارة إلى معدلات غير مسبوقة في الأيام المقبلة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وعليه، أصدرت وزارة الصحة الإيطالية، أمس الجمعة، إشعار تنبيه أحمر يشمل يومي السبت والأحد في العديد من المدن الرئيسة من روما إلى بولونيا ومن فلورنسا إلى بيسكارا مع توقع تسجيل 36-37 درجة مئوية اعتباراً من الأحد (يشعر السكان بأنها توازي 39 درجة مئوية)، قبل الذروة المتوقعة في بداية الأسبوع.
في روما، قد ترتفع درجات الحرارة إلى 40 درجة مئوية الإثنين ثم 42 أو 43 درجة مئوية الثلاثاء، وهذا أعلى من الدرجة القياسية السابقة البالغة 40.5 درجة مئوية التي سجلت في العاصمة في أغسطس (آب) 2007.
ولن يكون شمال إيطاليا في منأى عن موجة الحر إذ يتوقع أن تصل الحرارة إلى 38 درجة مئوية الثلاثاء في ميلانو.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ونقلت صحيفة "إل ميساجيرو" اليومية عن كلاوديو كاساردو، عالم الأرصاد الجوية والأستاذ بجامعة تورينو، قوله إن "التغير المناخي الجاري يجعل مثل هذه المعدلات أكثر تواتراً وأكثر حدة مقارنة بالماضي، حتى مقارنة بالسنوات الأخيرة".
وضعت الخدمات الصحية والطبية في جميع أنحاء البلاد في حالة تأهب لتقديم الرعاية للأكثر ضعفاً والتدخل في دور رعاية المسنين.
بقعة أوروبية ملتهبة
بدورها، تواجه إسبانيا وشرق فرنسا وألمانيا وبولندا موجة حارة واسعة. فمن بين بلدان البحر الأبيض المتوسط، تعاني اليونان أيضاً من موجة حارة اضطرت السلطات لليوم الثاني إلى إغلاق الأكروبوليس في أثينا خلال الساعات التي ترتفع فيها الحرارة.
وقالت وزارة الثقافة إن الموقع المصنف على أنه أحد مواقع التراث العالمي على قائمة اليونيسكو ويشهد إقبالاً كبيراً سيظل مغلقاً لعدد من الساعات.
وفي حين أن درجات الحرارة المتوقعة في أثنيا تتراوح بين 40 و41 درجة مئوية، غير أن "درجة الحرارة الحقيقية التي يشعر بها الجسم... أعلى بكثير من ذلك" على قمة الأكروبوليس، وفق ما صرحت به وزيرة الثقافة والرياضة اليونانية لينا مندوني الجمعة.
وبالفعل، شعر بعض زوار الأكروبوليس بإعياء خلال الأيام الأخيرة. ونشر الصليب الأحمر اليوناني، أول من أمس الخميس، فرقة عند سفح الأكروبوليس لتوزيع "ما لا يقل عن 30 ألف زجاجة من المياه" وتقديم المساعدة للسياح.
وقررت السلطات إبقاء معظم المتنزهات والمساحات الخضراء في أثينا مغلقة أيضاً السبت.
إنذارات حمراء
أما شمال أفريقيا، فيشهد المغرب سلسلة من موجات الحر منذ بداية الصيف. وعليه صدرت إنذارات حمراء في عدة ولايات.
وفي آسيا، تعاني بعض مناطق الصين، بما في ذلك العاصمة بكين، من موجة حر شديدة. كما يتوقع أيضاً أن تسجل أجزاء من شرق اليابان 38-39 درجة مئوية يومي الأحد والإثنين.
من كاليفورنيا إلى تكساس
إلى ذلك، شهد عشرات ملايين الأميركيين درجات حرارة مرتفعة بشكل خطير أمس الجمعة بسبب موجة حر قوية تمتد من كاليفورنيا إلى تكساس وحتى إلى أجزاء من فلوريدا، فيما يُتوقع أن تبلغ ذروتها في نهاية الأسبوع.
ومنذ بداية الأسبوع، تسود موجة حر الولايات الجنوبية الغربية الصحراوية، ما يمثل خطراً صحياً على كبار السن وعمال البناء والتوصيل والأشخاص المشردين.
في أريزونا، إحدى الولايات الأكثر تأثراً، باتت الحياة اليومية أشبه بسباق ضد أشعة الشمس. والجمعة سجلت فينيكس، عاصمة الولاية، حرارة فاقت الـ43 درجة لليوم الـ15 على التوالي، وفقاً لمصلحة الأرصاد الأميركية.
وتسببت الحرارة الشديدة في إلغاء سلسلة حفلات كان مقرراً أن تُقام في الفترة المسائية في نهاية كل أسبوع من الصيف في المدينة.
ومنذ أيام عدة، تدق السلطات ناقوس الخطر باستمرار وتوصي السكان بتجنب الأنشطة النهارية الخارجية وبمراقبة علامات الجفاف التي يمكن أن تصبح قاتلة بسرعة في ظل درجات الحرارة.
أرقام قياسية
وحذر خبراء الأرصاد الجوية من أن "أشد فترات موجة الحر تبدأ" نهاية هذا الأسبوع. والأحد قد تتجاوز مدينة نيفادا الرقم القياسي لدرجات الحرارة.
وفي ولاية كاليفورنيا، يُحتمل أيضاً أن يُسجّل وادي الموت الشهير، وهو أحد أكثر الأماكن حرارة على وجه الأرض، أرقاماً قياسية الأحد قد تلامس 54 درجة مئوية (130 درجة فهرنهايت).
وفي نهاية الأسبوع الماضي، أدت درجات الحرارة المرتفعة إلى وفاة 10 مهاجرين على طول الحدود الأميركية مع المكسيك، وفقاً لشرطة الحدود.
وفي تكساس، سجّلت مدينة إل باسو الخميس حرارة فاقت الـ37.7 درجة مئوية (100 درجة فهرنهايت) لليوم الـ27.
وأعلن البيت الأبيض الثلاثاء تطوير "استراتيجية وطنية للحرارة". وقال الرئيس جو بايدن في بيان إن "ملايين الأميركيين يتأثرون بموجات حر قصوى تزداد شدتها وتواترها ومدتها بسبب التغير المناخي".
وتسبب الدخان الناجم عن الحرائق في كندا، حيث ما زالت أكثر من 500 حريق خارجة عن السيطرة، بتلوث الهواء في شمال شرقي الولايات المتحدة في يونيو (حزيران) الماضي.
على الصعيد العالمي، كان شهر يونيو هو الأكثر سخونة على الإطلاق، وفقاً لوكالة كوبرنيكوس الأوروبية ووكالة ناسا الأميركية. بعد ذلك، كان الأسبوع الأول بكامله من شهر يوليو (تموز) هو الأكثر سخونة على الإطلاق، وفقاً للبيانات الأولية الصادرة عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
وحذرت المنظمة من أن الحرارة هي أحد أخطر الأحداث المرتبطة بالطقس. ففي الصيف الماضي، تسببت درجات الحرارة المرتفعة في أوروبا وحدها في وفاة أكثر من 60 ألف شخص، وفقاً لدراسة حديثة.