Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جبل طارق يخشى أن يكون آخر جبهات "بريكست"

القلق يسود الإقليم البريطاني من إمكان إقامة حدود صارمة إذا فاز حزب يميني في الانتخابات المبكرة المقررة في إسبانيا هذا الشهر

بالنسبة إلى حزب "فوكس" اليميني المتشدد، يُعَد جبل طارق رمزياً للغاية. رفع الحزب ذات مرة علماً إسبانياً ضخماً من "الصخرة" كتحد (أ ف ب/ غيتي)

ملخص

يشعر سكان "جبل طارق" بالخوف في حال فوز اليمين المتطرف في إسبانيا وتبنيه سياسة متشددة حيال قطعة الأرض البريطانية هذه

قبل 20 عاماً، أقيم تمثال برونزي لرجل يمتطي دراجة على الحدود بين جبل طارق وإسبانيا تكريماً لآلاف العاملين الإسبان الذين يقومون بالرحلة كل يوم إلى "الصخرة" [كنية جبل طارق] للعمل ثم يعودون ليلاً.

عندما أبدع النحات الراحل ناتشو فالغيراس العمل، كان يتخيل الطريقة التي يعتمد بها الإقليم البريطاني الخارجي وإسبانيا على بعضهما بعضاً.

قفزة سريعة إلى يومنا الحالي وسنرى أن هذه العلاقة قد تكون تحت التهديد، ذلك أن المفاوضات بين بريطانيا وإسبانيا حول كيفية إدارة هذه الحدود في حقبة ما بعد "بريكست" علقت في مرحلة عدم اليقين.

تعطل اتفاق بسبب خلافات حول دور الشرطة الإسبانية على حدود "شنغن" والطموحات الإسبانية لإدارة مطار جبل طارق جزئياً الذي يقع داخل "الصخرة".

وعبر الحدود، يمكن لقرار رئيس الوزراء الاشتراكي الإسباني، بيدرو سانشيز، بالدعوة إلى انتخابات مبكرة في الـ23 من يوليو (تموز) الجاري، في أعقاب نتائج الانتخابات المحلية الكارثية، أن يولد مزيداً من المشكلات.

وتشير سلسلة من استطلاعات الرأي إلى أن حزب الشعب المحافظ سيحصل على أكبر عدد من الأصوات، لكن من غير المرجح أن يفوز بمقاعد كافية لتشكيل الحكومة، لذلك ربما يعتمد على دعم حزب "فوكس" Vox اليميني المتطرف لكي يحكم.

وأثار احتمال تشكيل حكومة يمينية في مدريد الخوف بين سكان "الصخرة" البالغ عددهم 34 ألف نسمة، وهي برزخ صغير يقع في أقصى جنوب إسبانيا.

وكتب بريان رييس، محرر "ذي جيبرالتار كرونيكل" The Gibraltar Chronicle، من فترة قصيرة "بالنسبة إلى جبل طارق، يمكن أن يحوّل هذا التطور [فوز اليمين المتطرف] الكابوس الحالي إلى عاصفة ’بريكست‘ مثالية [تجمعت فيها كل الظروف المأسوية] بدلاً من فرص متنوعة وعدنا بها وأملنا فيها. فبالنسبة إلى القوميين المتطرفين في ’فوكس‘، سيكون تفضيل العصا على الجزرة في شأن جبل طارق بمثابة لحم أحمر مقدم إلى الذئاب".

 

 

هدأ ألبرتو نونيز فيجو، زعيم حزب الشعب الذي يصور نفسه على أنه معتدل، المخاوف في جبل طارق عندما كشف النقاب عن البيان الانتخابي للحزب.

يقول البيان: "سنستأنف حواراً مسؤولاً مع الحكومة البريطانية لمعالجة عملية إنهاء الاستعمار في جبل طارق واستعادة السيادة وفق العقيدة التي كرستها الأمم المتحدة"، مضيفاً "وسنعالج الوضع الذي نشأ بعد بريكست وندافع عن المصالح المالية العامة والمالية والبيئية والأمنية لإسبانيا ونولي اهتماماً خاصاً لحركة الناس".

في جبل طارق، خففت لهجة الرجل الذي يمكن أن يكون رئيس وزراء إسبانيا المقبل من المخاوف – في الوقت الحالي. اعتبر جون إيزولا، رئيس غرفة التجارة في جبل طارق، أن الأمر الأهم هو إبقاء الحدود مفتوحة.

وقال لـ"اندبندنت"، "أعتقد بأن ما قاله [فيجو] مرحب به لأن هذه السلاسة على الحدود [عدم تقييد المرور] مهمة لجبهة الأعمال ومن المنظور العائلي".

وأضاف "عائلات جبل طارق لديها كثير من العلاقات عبر الحدود. هناك 15 ألف شخص يعبرون الحدود وترتبط مصالحهم بما يحدث على الحدود. لو أن بريكست حدث كما كان من المفترض أن يحدث، مع ضوابط على الحدود، سيكون ذلك كارثياً للعاملين عبر الحدود".

يذكر أنه بموجب اتفاق موقت جرى التوصل إليه بين لندن ومدريد عام 2020، يسمح لمعظم الأشخاص الذين يعبرون الحدود بالمرور عبرها بإشارة من قبل المسؤولين عنها.

وهذا كله يمكن أن يتوقف إذا تبنت حكومة يمينية جديدة في إسبانيا لهجة متشددة تجاه "الصخرة".

 

 

وإذ يُصور أحياناً جبل طارق على بطاقة بريدية تعود لخمسينيات القرن الـ20 تحت شمس البحر المتوسط، إلا أنه في الواقع مختلف جداً.

مع ضريبته المنخفضة، هو موطن لقسم من شركات تأمين المركبات في المملكة المتحدة، وعدد من شركات المراهنة وتجارة الكحول والسجائر البريطانية بسبب ضريبة المبيعات الصفرية. ويؤكد الإسبان أن الدعامة الأساسية لجبل طارق هي التجارة غير المشروعة في السجائر المهربة.

وتطالب إسبانيا منذ فترة طويلة بالسيادة على جبل طارق على رغم تنازلها عنه لبريطانيا عام 1713 بموجب معاهدة "أوتريخت".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن بالنسبة إلى حزب "فوكس" اليميني المتشدد، يُعَد جبل طارق رمزياً للغاية. ورفع الحزب ذات مرة علماً إسبانياً ضخماً من "الصخرة" كتحد.

وعندما ناقش ريشي سوناك وسانشيز الاتفاق حول جبل طارق في مكالمة هاتفية في مايو (أيار) الماضي، استغل "فوكس" الفرصة للإعلان عن موقفه المتشدد.

قال سانتياغو أباسكال، زعيم "فوكس"، إنه من وجهة نظر إسبانيا، سيكون أي شيء أقل من استعادة السيادة على "الصخرة" بمثابة "خيانة" لمدريد.

 

 

وأكد خوان خوسيه أوسيدا من رابطة العاملين الإسبان في جبل طارق إن كثراً على جانبي الحدود قلقون في شأن الغموض الذي يكتنف مستقبل "الصخرة".

وقال لـ"اندبندنت"، "نشعر بالسوء حيال الوضع الآن. كنا نتوقع أن تنتهي المحادثات حول جبل طارق بعد مفاوضات إيرلندا الشمالية لكن ذلك لم يحدث".

وتابع "الآن لدينا شيء لم نتوقعه قط مع صعود الجناح اليميني... يعني ذلك أن الوضع ربما يصبح صعباً للغاية لشعب جبل طارق وعلى الجانب الإسباني من الحدود".

وأضاف السيد أوسيدا، وهو مدير مشتريات سابق إسباني عمل في جبل طارق حتى تقاعده: "’فوكس‘ قوميون بغباء. إنهم يكرهون جبل طارق – على رغم أن إعادة جبل طارق إلى إسبانيا لن تحدث أبداً. يحبون إغلاق الباب إلى إسبانيا مثلما فعل [الجنرال فرانسيسكو] فرانكو لأنهم فاشيون".

وقال أوسيدا إن "الصخرة" وإسبانيا ترتبطان معاً بروابط عائلية ولغة مشتركة تُعرَف باسم "ليانيتو" Llanito، وهي مزيج من الإسبانية والإنجليزية.

على رغم التخلي عن جبل طارق – مساحة برية صغيرة تبلغ 2.6 ميل مربع (6.8 كيلومتر مربع) – قبل أكثر من 300 عام، لم تتصالح إسبانيا قط مع خسارتها إياها.

وقال كارلوس ميراندا، وهو سفير إسباني سابق لدى لندن، إن معاهدة "أوتريخت" تنص على أن إسبانيا لديها موقع الأفضلية في [السيادة على] "الصخرة" إذا اختارت بريطانيا يوماً التخلي عن الإقليم.

 

 

وتعتبر "الصخرة" ذات أهمية استراتيجية لبريطانيا بسبب استضافتها قاعدة خاصة بالغواصات النووية وإشرافها على مدخل البحر المتوسط. أضف إلى ذلك سكانها المؤيدون بشدة لبريطانيا، مما يجعل احتمال رفع العلم الإسباني الأحمر والأصفر فوق جبل طارق في أي وقت قريب غير مرجح.

وعلى رغم هذه التصريحات كلها، قال ميراندا إنه يشك في أن تتشدد حكومة يشكلها حزب الشعب في شأن "الصخرة".

وأوضح لـ"اندبندنت"، "يربط مدريد ولندن اتفاق حول جبل طارق ينطوي على [العلاقات القائمة] بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا. وحتى حل مشكلة إيرلندا الشمالية بالكامل، لن تتمكن الأطراف على الأرجح من حل مشكلة جبل طارق".

ومع ذلك، كدليل على أن الإسبان لا يستسلمون أبداً، أثار ميراندا احتمال أن يكون سكان جبل طارق سئموا من بريطانيا بعدما صوتت لمصلحة "بريكست" ورفضت رغبات 96 في المئة من الناخبين في "الصخرة" في البقاء ضمن الاتحاد الأوروبي.

واقترح، "في المستقبل ربما يقول السكان إن بريطانيا لم تستمع وفي إمكاننا أن نكون إسباناً ونتواصل مع الاتحاد الأوروبي".

 

 

وتسبب دنيس ماكشاين، وزير أوروبا السابق في حكومة توني بلير العمالية، في خلاف سياسي دولي عندما شبه جبل طارق بسبتة ومليلة، الجيبين الإسبانيين في أفريقيا اللذين يطالب بهما المغرب. وتذكر قائلاً: "اتصل خوسيه ماريا أزنار [رئيس الوزراء الإسباني آنذاك] بتوني [بلير] للشكوى".

هو يعتقد بأن حزب الشعب إذا فاز بالسلطة سيتصرف بمسؤولية إزاء جبل طارق. وقال: "لا أعتقد بأن الخبراء في وزارة الخارجية [الإسبانية] الذين التقيت بهم، يرغبون في إثارة خلاف كبير مع بريطانيا حول هذا الموضوع".

قد يكون جبل طارق على بعد أكثر من 1400 ميل (2253 كلم) من لندن، لكن في المملكة المتحدة هو لا يزال رمزياً كموقع متقدم من مواقع بريطانيا المقدامة، وفق ماكشاين. ويضيف "جبل طارق يتردد صداه حقاً في بريطانيا".

للإشارة، رفضت وزارة الخارجية الإسبانية التعليق عندما تواصلت "اندبندنت" معها.

© The Independent

المزيد من تقارير