Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مطار صنعاء يعود لواجهة المساومة بين الحوثي والشرعية

الحكومة تهدد بإنهاء التسهيلات التي قدمتها للمنفذين الجوي والبحري طالما ترفض الميليشيات فك حصار تعز

ما أن استبشر اليمنيون بفتح مطار صنعاء حتى تبخرت آمالهم (رويترز)

ملخص

يعاني ملايين اليمنيين صعوبة السفر والتنقل عبر مطار صنعاء جراء الممارسات الحوثية التي تستغله للتكسب السياسي والمالي

تستمر معاناة اليمنيين الراغبين في السفر من مطار صنعاء الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي بعدما اتخذت من المرفق المدني وسيلة للتكسب السياسي بمعزل عما يسببه ذلك من مكابدات مريرة على ملايين المرضى والطلاب والمغتربين.

وجاءت حادثة وفاة مسنة يمنية تأخرت رحلتها لتلقي العلاج في الخارج لتذكر بالمأساة التي يتجرعها السكان لتسارع الجماعة الحوثية إلى إخلاء مسؤوليتها في حين تتهمها الحكومة الشرعية بعرقلة فتح المطار بشكل طبيعي أمام المواطنين.

استغلال التنازل

وما إن استبشر ملايين السكان في صنعاء والمناطق القريبة منها بعودة النشاط الجوي لمطار العاصمة في أبريل (نيسان) العام الماضي عقب المشاورات اليمنية- اليمنية التي استضافتها الرياض برعاية مجلس التعاون الخليجي، حتى تبخرت آمالهم ببروز شكاوى من نوع آخر تتعلق باقتصار السفر على فئات معينة من الناس، إذ جرى خفض الرحلات الأسبوعية من وإلى العاصمة الأردنية عمان من ست رحلات إلى ثلاث فقط بعد أن بات المرفق المدني في إطار الابتزاز السياسي.

وتستمر الميليشيات بفرض سلسلة من الشروط على الراغبين في مغادرة البلاد، إضافة إلى عدم التزامها تنفيذ بنود الهدنة الإنسانية التي أعلن بموجبها فتح المطار وميناء الحديدة، وفي مقدمتها رفضها حتى الآن فتح الحصار عن مدينة تعز (جنوب غربي) المكتظة بملايين السكان، مما دفع الحكومة الشرعية إلى التهديد "بإنهاء التسهيلات التي قدمتها لمطار صنعاء وميناء الحديدة في ظل استمرار الحوثيين باستغلال تنازلاتها".

وقالت على لسان وزير الإعلام معمر الإرياني إن الحكومة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام انتهاكات الحوثيين للهدنة. لهذا "ستضطر إلى مراجعة الخطوات التي اتخذتها ضمن بنود الهدنة الأممية وإعادة النظر في التسهيلات المتصلة بتشغيل ميناء الحديدة ومطار صنعاء واتخاذ التدابير التي تحفظ مصالح ومقدرات الشعب اليمني"، واتهم الإرياني الحوثيين "باستغلال التنازلات التي تقدمها لدفع مسار التهدئة والحل السلمي في تحقيق مكاسب اقتصادية وشن ’حرب على الاقتصاد‘"، في إشارة إلى قصفها موانئ تصدير النفط في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية وتكبد الأخيرة خسائر تهدد التزاماتها تجاه المواطنين.

إخلال ببنود الحلول الإنسانية

حديث الوزير اليمني الذي يعيد مشكلة مطار العاصمة إلى الواجهة بعد أن تعززت الآمال في فتح مجاله الجوي بشكل تام بفعل الجهود الإقليمية والدولية التي نجحت أخيراً في تقريب وجهات النظر نحو حلحلة الملفات الإنسانية، ربطه بإخلال الحوثيين بالتزاماتهم التي تضمنتها الهدنة وبنود وقف إطلاق النار بعد أن شنت "هجمات إرهابية على السفن والناقلات النفطية في موانئ محافظتي حضرموت وشبوة بهدف وقف تصدير النفط والإضرار بإيرادات الدولة والموازنة العامة، والحيلولة دون قدرة الحكومة الشرعية على الوفاء بالتزاماتها بما في ذلك دفع مرتبات الموظفين في المناطق المحررة".

دور سلبي

ولم يصدر عن الحوثيين تعليق على تصريحات الإرياني أو تفنيد الاتهامات المتكررة بإصرارها على الاستمرار في حصار ملايين السكان في تعز، ولكن الجماعة هاجمت الأمم المتحدة واصفة دورها بالسلبي على خلفية تقليص عدد الرحلات الجوية بين صنعاء وعمان.

وقال القيادي في ميليشيات الحوثي خالد الشايف الذي يحمل صفة مدير مطار صنعاء، إن دور الأمم المتحدة سلبي منذ بداية الحرب، مشيراً إلى أنه كان من المفترض فتح مطار صنعاء بشكل كامل، متهماً الحكومة الشرعية بعرقلة عمليات حجز تذاكر السفر للمسافرين من مطار صنعاء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومساء الأربعاء الماضي، أعلن المسؤول ذاته وفاة امرأة مسافرة في مطار صنعاء، بينما كانت في طريقها إلى العلاج في الأردن.

وأضاف أن المرأة التي كانت تعاني مرضاً  لم يذكر نوعه توفيت "نظراً إلى تأخر سفرها".

وقالت وكالة "سبأ" التابعة للحوثيين، نقلاً عن الشايف، إن المسافرة مريم حمود هادي توفيت في مطار صنعاء أثناء صعودها إلى الطائرة، محملاً الحكومة الشرعية والتحالف المسؤولية.

وأول من أمس الجمعة ذكر المسؤول ذاته أن عدد الرحلات بين صنعاء وعمان ستتقلص في أغسطس (آب) المقبل إلى ثلاث رحلات في الأسبوع بدلاً من ست رحلات.

جدل دائم

ولطالما اتخذ الحوثي من مطار صنعاء ذريعة للحديث عن "مظلومية الشعب اليمني" في حين يتجاهل قادة الجماعة المناشدات الإنسانية التي أطلقها ملايين اليمنيين والإقليم والمجتمع الدولي بفتح الحصار عن مدينة تعز الذي دخل في الـ13 من يونيو (حزيران) الماضي عامه الثامن.

في الأحوال الطبيعية بإمكان المسافر براً إلى عدن، الوصول خلال ست ساعات فقط، في حين يحتاج الآن إلى أكثر من 24 ساعة عبر طرق جبلية وعرة لطالما كانت شاهدة على عشرات الحوادث المرورية المروعة التي راح ضحيتها عدد كبير من الأشخاص.

وكانت الحكومة الشرعية والتحالف العربي الداعم لها منعا شركات الطيران من التعامل مع مطار صنعاء الدولي في أغسطس 2016 بعد اتهام ميليشيات الحوثي باستخدامه لأغراض عسكرية ومنها اتخاذه مقراً لتخزين الأسلحة واستقدام خبراء إيرانيين بعد عام من عقد الحوثي اتفاقاً مع إيران على تسيير رحلات عدة بين طهران وصنعاء من دون تنسيق مع السلطات الحكومية اليمنية.

ولم ينته الجدل في شأن المطار، فالحكومة والتحالف لا يعارضان فتحه بشرط التزام الميليشيات شروط تحييد أعيان المدينة عن مشروعها المسلح.

ولإيجاد حل إنساني في هذا الشأن، طالب المتحدث الرسمي لقيادة قوات التحالف العربي الأمم المتحدة بالإشراف الأمني على المطار واشترط ضمان مخاوف الحكومة الشرعية وضمان أمن وسلامة الطائرات التجارية وتوافر عوامل حسن إدارة المطار وإيقاف عمليات التهريب.

وأعلنت لاحقاً أنها لا تتحمل مسؤولية إدارة وفتح المطار بل تتحملها أطراف النزاع، وجاء الرد سريعاً من جانب الحوثيين من خلال رفضهم فتح المطار "بشروط مسبقة" الذي جاء بمثابة إقرار حوثي ضمني بالتهم المنسوبة إليهم وتقديم مصلحة الجماعة على مصالح ملايين المواطنين.

ضغط

من جانبه، قال مسؤول في الخطوط الجوية اليمنية إن الشركة تواجه ضغطاً بفعل شح الرحلات اليومية المجدولة عبر مطار صنعاء، في حين تمضي الأمور بشكل جيد في عدن.

وأرجع السبب إلى أن تصريحات التشغيل (الصادرة من الحكومة الشرعية) عادت لما كانت عليه قبل الهدنة (قبل عام) "بواقع ثلاث رحلات وهو عدد غير كاف لأن معظم المسافرين من العاصمة والمناطق المحيطة بها ولهذا تم إيقاف إعطاء التصريحات الأخيرة التي رفعت إلى ست رحلات"، من دون مزيد من التوضيح.

وفي يونيو العام الماضي، استبشر آلاف المرضى والطلاب بالإعلان عن فتح خط صنعاء- القاهرة كوجهة إضافية أخرى، إلا أنهم أصيبوا بخيبة أمل جراء الشروط الحوثية التي تربط حقهم في السفر بموافقة مسبقة تصدر عن لجان مشكلة من قبلهم.

ولهذا يضطر الراغبون في السفر خارج البلاد إلى الانتقال براً إلى مدينتي عدن (جنوب) أو سيئون التابعة لمحافظة حضرموت (شرق)، باعتبارهما المنفذين الجويين الوحيدين لملايين اليمنيين، بعد قطع مئات الكيلومترات مع ما يحمله السفر البري من إرهاق ومتاعب شديدة بفعل استحداث طرق بديلة غير ممهدة جراء اشتعال الحرب قرب الطرقات الرسمية الرابطة بين مختلف المحافظات اليمنية، واتخاذها قنوات برية لإمداد الجبهات بالسلاح والمقاتلين.

تجسس

وعلاوة على سلسلة من المصاعب التي تقف أمام اليمنيين وحقهم في حرية السفر والتنقل، خصوصاً الوافدين من مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران وما تحمله من قيود قانونية دولية، فرضت الميليشيات شروطاً على المدنيين الراغبين في السفر عبر مطار صنعاء تلزمهم ضرورة التسجيل والموافقة المسبقة مما يسمى "اللجنة الطبية العليا"، وهو كيان جديد يتبعهم تم استحداثه في مكاتب الطيران في سابقة لم يعهدها اليمنيون من قبل.

وأكد أحد المرضى، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن الميليشيات اشترطت عليه ضرورة الحصول على موافقة طبية أو تقرير مسبق مما يسمى "اللجنة الطبية" التابعة لها، فضلاً عن فرض مبالغ مالية بخلاف رسوم تذكرة السفر المعتمدة من قبل طيران اليمنية التي تعتبر الأغلى، وتبلغ نحو 700 دولار من صنعاء إلى العاصمة الأردنية عمان والعودة"، موضحاً أن "هذه الإجراءات تستهدف الفئة التي تشكل معظم المسافرين من فئتي المرضى أو الطلاب ممن يعانون أصلاً ظروفاً اقتصادية صعبة".

ويشير مراقبون إلى أن مهمات هذه اللجنة أمنية تجسسية، إضافة إلى التكسب المادي إذ إنها تعمل على فحص ملفات المسافرين ومراقبة أنشطتهم، ومن ثم تقرر السماح لهم بالسفر من عدمه بناءً على قوائم لديها بأسماء السياسيين والناشطين والإعلاميين ورجال الأعمال والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية وجهات الإغاثة، من خلال طلب أوراق ووثائق ثبوتية لا تختص بها تتعلق بأعمال الراغب في السفر وأنشطته ومكان سكنه وحتى علاقاته العائلية والشخصية.

وللمرة الأولى منذ أكثر من ستة أعوام، أقلعت أول رحلة تجارية من مطار صنعاء في الـ 16 من مايو (أيار) الماضي إلى العاصمة الأردنية عمان بموجب اتفاق الهدنة الأممية بين الأطراف اليمنية التي دخلت حيز التنفيذ في الثاني من أبريل الماضي لمدة شهرين وتم تمديدها أيضاً وانتهت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ولكن الجبهات ظلت شبه هادئة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير