بعد نحو خمسة أيام على الحادثة التي خيم عليها تضارب الروايات، أمرت النيابة العامة في مصر اليوم الأحد بإحالة ضابط شرطة وخمسة عناصر إلى المحاكمة الجنائية على خلفية الأحداث التي شهدتها منطقة سيدي براني بمحافظة مرسى مطروح شمال غربي البلاد، بعد مقتل شاب على يد ضابط وما تبعه من تجمهر أهالي القتيل أمام قسم الشرطة.
وعلى مدى الأيام الماضية، تضاربت الروايات في شأن مقتل الشاب فرحات المحفوظي (35 سنة) على يد أحد ضباط الشرطة، مما استدعى حالاً من الغضب بين المغردين على وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما أنها جاءت بعد أيام قليلة من حادثة مشابهة، دهس خلالها ضابط في القوات المسلحة في تجمع "مدينتي" السكني شمال شرقي القاهرة أسرة طبيبة صيدلانية، مما أسفر عن وفاتها وإصابة زوجها وأبنائها الثلاثة بجروح.
تحقيقات النيابة
وفق ما أوضحت النيابة العامة المصرية في بيانها المفصل اليوم، فإنها تلقت في الـ11 من يوليو (تموز) الجاري إخطاراً من قسم شرطة براني بمحافظة مرسى مطروح بوفاة شخص أثناء استيقاف سيارته خلال مأمورية أمنية للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية وتجارة المخدرات، مشيرة إلى تجمهر "الأهالي أمام القسم إثر حادثة الوفاة، مما أسفر عن وفاة فرد أمن وحدوث أضرار بالممتلكات العامة".
وقالت النيابة العامة إنها "أمرت بإحالة ضابط شرطة وخمسة آخرين إلى المحاكمة الجنائية لمعاقبتهم عما اقترفوه من جرائم في الأحداث".
وأفادت النيابة بأنها انتقلت إلى موقع الحادثة وعاينت جثماني الشخصين، وسألت أربعة من شهود الواقعة، مشيرة إلى أن أقوالهم تواترت على انطلاق قائد السيارة المتوفى بسيارته مسرعاً حال محاولة قوات الأمن إيقافه من دون امتثاله لأمرهم بعد مطالبة القوات بتوقفه أكثر من مرة، وآنذاك أشهر أحد ضباط الأمن سلاحه وأطلق أعيرة نارية صوب السيارة.
ولفتت النيابة العامة إلى أنها ضبطت أجهزة المراقبة المطلة على مسرح الحادثة، مشددة على أنها "تبينت منها صحة رواية الشهود من انطلاق المتوفى بسيارته مسرعاً حال محاولة قوات الأمن استيقافه من دون امتثال، ثم توقفه لاحقاً متأثراً بإصابته". وأضافت أنها "عاينت السيارة فتبينت ما بها من آثار".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفق بيان النيابة العامة، وبعد سؤال أفراد القوة الأمنية المذكورين، "وقفت من شهادتهم على عدم امتثال قائد السيارة المتوفى لأمرهم بالتوقف، مما دعا أحد ضباط المأمورية إلى إطلاق النار صوبها معللاً ذلك بمحاولة قائد السيارة دهسه"، وتابعت أنها "استجوبت الضابط في ما نسب إليه من اتهامات، فأنكر وأكد أنه إثر محاولة قائد السيارة دهسه انطلقت أعيرة نارية منه نتيجة فقدانه الاتزان".
وذكر البيان أن "تحريات الشرطة انتهت إلى إطلاق الضابط تلك الأعيرة صوب الإطارات قاصداً تعطيل السيارة، إلا أن قائدها استمر في الإسراع نحوه فحدثت إصابته".
وأضافت النيابة العامة أنها أجرت تحقيقاتها في واقعة تجمهر أشخاص في الشوارع المحيطة بديوان قسم شرطة سيدي براني لاقتحامه على إثر واقعة وفاة قائد السيارة وإلقائهم الحجارة على قوات الأمن من دون الامتثال لمحاولات فض التجمهر، مشيرة إلى إصابة أربعة أفراد من القوات أثناء إلقاء القبض على المتجمهرين ولافتة إلى احتجاز ثمانية منهم، وقالت إن أحدهم دهس أحد أفراد الأمن، مما أدى إلى وفاته متأثراً بإصابته.
وأردف البيان أن التحريات الأمنية أثبتت مشاركة خمسة من الموقوفين في أعمال الشغب والتجمهر، موضحاً أن النيابة العامة انتقلت لإجراء معاينة لموقع الحادثة حيث تبين لها حدوث سرقة إضافة إلى أضرار في الممتلكات العامة.
وبحسب ما نقل البيان، فقد أقر أحد الموقوفين خلال الاستجواب بدهسه فرد الأمن المتوفى، وثبت كذلك في التحقيقات أن المتهم المذكور له سوابق جنائية عدة، موضحاً أنه "عقب انتهاء التحقيقات ووقوفها على أدلة الاتهام، أمرت النيابة بإحالتهم إلى المحاكمة الجنائية".
لا نريد "الوقيعة"
من جانبها، وتعليقاً على بيان النيابة العامة، وجهت قبيلة المحافيظ التي ينتمي إليها الشاب المتوفي "الشكر والتقدير لوزارة الداخلية وأجهزة الدولة" لما عدّته تعاملاً مع الموقف بحيادية من قبل الوزارة والنيابة العامة.
وأوضحت القبيلة في بيان لها نقلته وسائل إعلام محلية وموقع عمدة القبيلة في محافظة مطروح إدريس عبدالغني عبدالعال وعمدة القبيلة في مدينة براني عبدالكريم يونس الصافي، وشقيق المتوفي عادل حوية وإبراهيم عرفة محامي أسرة المتوفي أن "الواقعة هي أحداث فردية لا تؤثر في العلاقة بيننا وأجهزة الدولة"، رافضين أية مزايدات ممن أسموهم "الجماعة الإرهابية أو الأشخاص الذين يسعون إلى خراب الدولة"، على حد وصفهم، ومشددين على أنهم لن ينساقوا وراء أغراض الجماعة "الإرهابية الخبيثة"، في إشارة إلى تنظيم الإخوان المسلمين الذي تصنفه السلطات "إرهابياً".
جدل وتضارب في الروايات
وعلى مدى الأيام الماضية، هيمنت رواية بعينها على الأحداث التي شهدتها مدينة سيدي براني إثر مقتل أحد أبناء قبيلة "المحافيظ" على يد ضابط شرطة، الأمر الذي تطور لاحقاً لإقدام عدد من أبناء المدينة على قطع الطريق الذي يربط المحافظة بمدينتي السلوم وبور سعيد، في إطار حال من الغضب العام.
ونقلت تقارير إعلامية محلية عن شهود قولهم إن حادثة مقتل الشاب على يد الضابط مساء الثلاثاء الماضي إثر إصابته بطلقات نارية عقب مشادة كلامية بينهما بسبب رفض القتيل الاستجابة إلى أوامر شفهية من الضابط غرضها توقيفه، عقب إصراره على استرداد سيارة مملوكة له أراد القاتل التحفظ عليها، إذ يعمل الضحية تاجراً للسيارات.
وعلى الفور تطورت الأحداث إلى نشوب احتجاجات في شوارع المدينة وحصار بعض الأهالي لقسم الشرطة ورشقه بالحجارة، وإشعال النيران في إطارات السيارات وقطع الطريق المؤدي إلى المدينة.
وجاءت حادثة سيدي براني بعد أيام قليلة من حادثة دهس ضابط في الجيش المصري بتجمع "مدينتي" السكني شمال شرقي القاهرة أسرة طبيبة صيدلانية، مما أسفر عن وفاتها وإصابة زوجها وأبنائها الثلاثة بجروح، كذلك ترددت أنباء قبل وقوعها عن وفاة مواطن آخر في محافظة الإسكندرية (شمال) أثناء احتجازه في أحد أقسام الشرطة، غير أن وزارة الداخلية نفت أن تكون وفاته نتيجة التعذيب، متهمة جماعة الإخوان المصنفة إرهابية بترويج الشائعات والأخبار الكاذبة لزعزعة الثقة بأجهزة الأمن المصرية.