ملخص
هل العمل عن بعد نعمة أم نقمة؟... سؤال يطرح نفسه بعد الأزمات التي يواجهها الكثيرون بعد عودة الحياة لطبيعتها والانتظام في الدوام اليومي من مقار المؤسسات مع انتهاء إغلاقات جائحة "كوفيد-19".
من كان يتوقع أن يلجأ البعض إلى حضور دروس خصوصية في تعلم فن الابتسام؟ العبارة لا تحمل أي مبالغة، لأنها ببساطة واحدة من تداعيات جائحة "كوفيد–19" غير المتوقعة على بيئات العمل والحياة الاجتماعية، فبعد نحو ثلاث سنوات من السير إجباراً وسط العامة بنصف وجه وتغطية النصف الآخر بالكمامة الطبية خوفاً من التعرض للعدوى، وجد اليابانيون أنفسهم وقد نسوا كيف يبتسمون في وجوه بعضهم البعض.
من هنا نشطت مراكز التدرب على الابتسام التي تكلف حصتها الواحدة نحو أربعين دولاراً أميركياً، وزاد الطلب عليها أخيراً، بحسب موقع firstpost بعد أن أعلنت الحكومية اليابانية أخيراً عن أن الكمامة لم تعد ملزمة.
ما يحدث قد يبدو غريباً لغيرهم، ولكن المؤكد أن تأثيرات الوباء الذي أجلس البشرية في حالة من الرعب ودخل معه معظم الموظفين إلى أجواء التحول الرقمي بشكل مفاجئ، لا تزال مستمرة وقد نكتشف المزيد منها تباعاً، فالأمر لم يعد متعلقاً فقط بدراسة آثار الفيروس طويلة الأمد على من أصيبوا به أو حتى بالتمعن لمعرفة ماذا حل بالاقتصاد العالمي بسبب حالة الشلل التي أصابت الكيانات العملاقة حينها، ولكن هناك أمراضاً اجتماعية ونفسية ومهنية نلمسها بشكل واضح، وعلى ما يبدو أن مصطلح عودة الحياة إلى طبيعتها ليس معبراً بما يكفي ولا يصف الوضع بشكل دقيق.
مأساة اليابانيين
اليابانيون يخشون من أن تظهر ابتساماتهم زائفة، فلجأوا إلى متخصصين يديرون حلقات تعليم الابتسام بشكل طبيعي، فالإنسان هنا يفقد مهاراته الاجتماعية التي اكتسبها على مدى سنوات وعقود لمجرد أنه خبأ ملامحه لبعض الوقت، حيث قرروا أن يعيدوا استعمال عضلات الوجه المتوقفة منذ عام 2020 واتخذوا الخطوة بالفعل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى رغم أن هذا الأمر أثار استغراب وسخرية البعض ولكن الأكاديمية المتخصصة في علم الاجتماع، هالة منصور، ترى أن تصرف مثل هذا يليق للغاية بالثقافة اليابانية، لافتة إلى أن أفراد هذا المجتمع لا يوزعون الابتسامات بكثافة من الأساس، فعاداتهم وتقاليديهم تحتم عليهم الجدية والصرامة، بالتالي فالتحية المعتمدة لديهم للترحيب هي الانحناء وليس الابتسام.
وتشير إلى أنه من الطبيعي أن يتوقفوا عن الابتسام تماماً والذي كان محدوداً في الظروف الطبيعية ما قبل الجائحة لأنهم لم يعودوا في حاجة إليه طوال فترة ارتداء الكمامة، بالتالي يجدون صعوبة في التواصل بالضحك مع من حولهم.
متلازمة الكمامة
الملاحظ أنه بخلاف الحالة اليابانية، هناك آثار متواصلة لعادات زمن "كوفيد–19"، ففي حين أن الحكومات لم تعد تلزم المواطنين بارتداء الكمامات في الأماكن العامة بعد أن تقلصت حدة انتشار العدوى، إلا أن البعض أصبح لديه ما يعرف بمتلازمة الكمامة في مناطق كثيرة من العالم وفي ما يتعلق بدائرة الأشخاص حولنا، يبدو كثيرون يجدون راحتهم واطمئنانهم في ارتداء الكمامة، سواء خوفاً من التقاط فيروس ما، أو إعجابهم بحالة التخفي، أو حتى التعود، ولكن التأثير الأكبر يظهر في طبيعة العمل.
خلال فترة الإغلاق وجد معظم الموظفين أنفسهم مجبرين على العمل من المنزل من دون أية استعدادات وكثيرون لم تكن منازلهم مجهزة بخدمة إنترنت جيدة أو بمساحة عمل ملائمة، أو حتى تلقوا تدريباً كافياً مع ذلك انخرطوا في المهمة وشجعتهم الشركات بناءً على تشديدات الدوائر الصحية، فالعمل من المنزل أصبح أمراً واقعاً بين يوم وليلة، ثم تحول إلى ضرورة بالنسبة إلى القطاع الأكبر، وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية فإن ثلث الموظفين العاملين بشركات وادي السيليكون بالولايات المتحدة فقط هم من انتظموا في الذهاب إلى مكاتبهم، كما أن العاملين بشركة عملاقة مثل أمازون تظاهروا رفضاً لقرارات إدارتها بإعادتهم إلى المكاتب، على رغم تأكيد المسؤولين أن تلك الدعوة تهدف لتحقيق المزيد من الإبداع الذي لن يتحقق إلى بالتواصل وجهاً لوجه.
كل ذلك فيما لا يزال الرئيس التنفيذي لشركة "تيسلا" ومالك "تويتر" الملياردير إيلون ماسك، يصر على أن العمل عن بعد لم يعد خياراً مطروحاً في مؤسساته، لافتاً إلى أنه من غير الأخلاقي أن يذهب عدد من الموظفين بانتظام إلى عملهم بينهما آخرون ينعمون بالراحة ويمارسون مهامهم من بيوتهم. كما أضاف أن العمل يكون أكثر إنتاجية من المكاتب، وهي العبارة التي قد تواجه بالتشكيك نظراً لأن هناك استطلاعات ودراسات تشير إلى العكس تماماً وبينها ما خلصت إليه شركة هوكسبي المتخصصة بالاستشارات والعمل الافتراضي، وأشارت إلى أن أصحاب الشركات في بريطانيا أبدوا سعادتهم بتحسن إنتاجية موظفيهم حينما تحولوا للعمل من المنزل، متمسكين بأن هذا هو المستقبل.
العمل عن بعد من شأنه أن يقلل من مقدار النفقات لأصحاب الشركات، بخاصة في ما يتعلق باستهلاك الأدوات المكتبية والأجهزة الإلكترونية والطاقة، كما أنه يقلل من استعمال وسائل النقل بالنسبة إلى الموظفين مما يحد من نسبة التلوث، وكذلك يجعلهم أكثر اطمئناناً على عائلاتهم، حيث يعملون وسط أطفالهم وآبائهم وأشقائهم.
بالتالي تقل الاستعانة بالمربيات ودور الحضانة، وتجعلهم أيضاً أقل توتراً بالنسبة إلى المظهر اليومي وتوقيت الاستيقاظ، مما يحسن من نوعية حياتهم بشكل عام، ولعل هذا ما جعل قرار العودة للعمل من مقار الشركات أمراً شديد الصعوبة بالنسبة إلى البعض؛ إذ إن هناك من طلب تخفيض راتبه مقابل أن ينعم بالحياة المهنية التي عاشها إبان فترة كورونا، معتبراً أن العمل في بيئة آمنة ومريحة خياراً لا يعوض أبداً ولا يمكن مقارنته بأي شيء ولا يعتبر زيادة الراتب حافزاً مشجعاً على العودة للدوام اليومي.
اضطراب ما بعد العودة
اللافت أن بعضاً ممن أجبروا على العودة للمكاتب يواجهون صعوبات شتى لا تتعلق فقط بالجهد البدني أو باستهلاك وقت أطول في العمل، ولكن في أبجديات التواصل مع الزملاء وفي التعامل مع المديرين، وبينهم الشاب المصري ثابت هشام، الذي يعمل في مجال التسويق. يقول ثابت إنه عاد للعمل من مقر الشركة منذ ثمانية أشهر كاملة وحتى الآن فشل في أن يجعل علاقته بزملائه تعود مثلما كانت وفشل في أن يندمج مع محيطه، مضيفاً "أشعر أنني أفقد مهارات التواصل وحاولت جاهداً طوال الأشهر الماضية ولم أنجح، وأنتظر كل يوم انتهاء ساعات العمل لأنني أشعر أنني على غير طبيعتي؛ بل وأصبحت متشككاً فيمن يعملون معي بالمكتب وأشعر أنهم يتنمرون علي بالتالي تزداد عزلتي، وأنهيت رصيد إجازاتي مبكراً لرغبتي في الهرب من هذا الوضع".
أما الشابة المصرية دينا الشيمي فقد رفضت تماماً الحصول على ترقية جديدة بكل امتيازاتها المادية والمعنوية، لأن هذه الامتيازات ستتطلب منها مواجهة قدر كبير من الناس والزملاء بشكل يومي، ووجدت أنها نفسياً تكون أكثر اتزاناً وقدرة على الإنجاز المهني حينما تتعامل مع جهاز الكمبيوتر فقط، وتفضل أن يكون التواصل مع زملاء العمل عبر البريد الإلكتروني من دون أي وسائل تواصل اجتماعي.
ولفتت إلى أنها محظوظة لأن المؤسسة التي تعمل بها تعطي للموظفين خيار العمل من المنزل بشروط، موضحة أنها جربت المكوث في بيتها منذ وقت "كوفيد–19" ولم تكن تتخيل أن التجربة ستكون مثالية إلى هذا الحد بالنسبة لها، بخاصة أنها أصبحت أكثر اهتماماً بأطفالها بعد أن كانت تتأخر عليهم باستمرار بسبب زحام الطرق وضغوط مهام الوظيفة، "والآن هي تعمل من المطبخ ومن غرفة النوم وأمام التلفزيون وبجوارها الأبناء، واللافت أنها تؤكد أن أداءها المهني بات أفضل لأنها مستقرة".
لكن هل المشكلة هنا متعلقة بالفترة الاستثنائية التي اضطرت الموظفين الذين تلائم طبيعة تخصصاتهم فكرة العمل المنزلي، إلى هجر المكاتب ومقاطعة الانتظام في الذهاب للعمل، أم أن القضية متعلقة بطبيعة أشخاص بعينهم، لديهم أكثر من غيرهم قابلية للعزلة؟!
توحد مع الأجهزة الإلكترونية
بالعودة إلى الأكاديمية المتخصصة في علم الاجتماع، هالة منصور، رأت أنه بالفعل هناك شخصيات معينة لا تحب التواصل المجتمعي، وتعتبره أمراً ضاغطاً عليها، ويفضلون الانغلاق على الذات، بالتالي كانت فكرة العمل المنزلي بالنسبة لهم براقة وملائمة تماماً، ويشعرون بصدمة حقيقية عند العودة للاحتكاك بالناس مجدداً.
وفي رأيها فإن أسلوب العمل عن بعد يمثل بالنسبة إلى البعض وسيلة للراحة، ولكنها راحة سطحية، فمقابل هذا ترتفع معدلات الاكتئاب وتزداد المشكلات النفسية ويحدث نوع من أنواع التوحد مع الذات ومع الأجهزة الإلكترونية، قائلة "في البداية كنا نبرر لأنفسنا الابتعاد عن بيئة العمل الطبيعية بأن الأمر إجبارياً بسبب الطارئ الصحي ثم بعد ذلك تعودنا ووجدنا متعة في الحرية والاستقلال وبعد العودة للأجواء الطبيعية لم نعد نعرف كيف تنسجم بسهولة؟".
وتنبه إلى أن الحياة المهنية النظامية اختفت تماماً بالنسبة إلى الغالبية العظمى من الموظفين، ووجدوا متعة شديدة في الحياة الاختيارية ولهذا لا يريدون أن يفرطوا فيها بسهولة، مضيفة "علاقات العمل إجبارية، والعمل عن بعد قلل من كثافة هذا التعامل الإجباري غير المريح، وتم استبداله بالدائرة المطمئنة من أقارب وأصدقاء لأن من يرفضون الذهاب للعمل والاحتكاك بأشخاص معينين، في المقابل يتنزهون مع الأقارب والأحبة وحتى في عز انتشار الجائحة كان هناك من يصر على التواصل مع مديريه عن بعد ولكنه يخرج إلى المقاهي مع صحبة من اختياره".
أمراض ما بعد "كوفيد-19" النفسية
تخشى المتخصصة هالة منصور من أن الأزمات المماثلة الناجمة عن جائحة "كوفيد–19" أخذت طريقها إلى الازدياد، فبعد "عزلة كورونا" قلت الرغبة لدى كثيرين في التفاعل مع الغير والانخراط في الحياة النظامية، بل والشعور بالتوتر والاضطراب والارتباك أثناء الوجود في بيئة مزدحمة بعض الشيء، مما نتج منه رفض للآخر وإضعاف القدرات والمهارات في التعامل مع الأنماط المختلفة من البشر.
في حين يرفض قطاع كبير أن تسلبهم المؤسسات المكسب الهائل في ما يتعلق بخيار العمل المنزلي، فإنه في المقابل يدفع آخرون ثمن هذا التوجه ولكن بالطريقة المعاكسة، فبعض الشركات وجدت أنه من الأفضل لها مادياً وإنتاجياً أن تستمر على نفس المنوال وبعد نجاح التجربة الاضطرارية في 2020 قرروا الاعتماد عليها واستغنوا بالفعل عن مقار المؤسسات الخاصة بهم أو معظمها في الأقل، وأصبحوا يمتلكون شبكة واسعة من الموظفين الذين يتواصلون وينهون مهاهم عن بعد بكفاءة عالية.
إلا أن بعض الموظفين لا تلائمهم تلك الطريقة ومنهم نيرة هلال التي صدمت حينما أبلغها مديرها قبل عام تقريباً بقرار العمل من بعد، لافتة إلى أنها تعمل في مجال التصميم الفني وكان يلائمها تماماً الوجود بشكل يومي في بيئة العمل لأن الاحتكاك بالنسبة لها كان يمنحها خبرة كبيرة في وقت قصير، علاوة على أن طبيعة شخصيتها اجتماعية وتفضل التفاعل مع الآخرين، بالتالي بحثت عن طرق مساعدة للتغلب على تلك الأزمة حيث أصبحت تعمل في مقهى يقدم خدمات بمقابل مادي من طريق توفيره مساحات عمل ملائمة ومزودة بالحاجات اللازمة.
وبينما كان البعض يبحث طوال الوقت عن قوائم للشركات التي لا تزال تتيح العمل عن بعد، فإن نيرة ترى أن أزمة حياتها هي هذا الخيار الذي تقول إنه أثر سلباً في طموحها وتقدمها المهني وفي مستوى جودة ما تقدمه، وأفسد مواعيد نومها، كما أنها بسبب عدم الانتظام بالذهاب إلى مكتبها بالشركة، لم تعد تهتم بصحتها أو بممارسة الرياضة وكذلك فشلت تماماً في تنظيم وقتها نظراً لأنها لم تعد ملتزمة ساعات معينة للدوام، وهو أمر يقود للحديث عن مرونة العمل عن بعد الذي قد يصبح لعنة في بعض الأوقات، حيث إن المديرين يعتقدون طوال الوقت أن الموظف طالما يعمل من خارج المكتب فهو متاح على مدار اليوم مما يشكل ضغطاً أكبر عن العاملين وبدلاً من أن يكون هذا الأمر مصدراً للراحة يتحول إلى النقيض.
ولذلك رفض خالد عماد تماماً أن يستمر في العمل من المنزل، حيث تتيح مؤسسته عدة اختيارات للموظفين، مشيراً إلى أنه حسبها بصورة دقيقة، فبخلاف المرونة المبالغ فيها في ساعات العمل التي تؤثر سلباً في الموظف هناك أيضاً خصومات مالية تقوم بها الإدارة المالية بحجة أن الفرد لا ينفق على وسائل النقل، وأيضاً وضع نظام مراقبة على جهاز الكمبيوتر لتضمن الشركة أن الموظف ملتزم بمواعيد العمل ومتاح للتواصل.
دائرة التأثيرات تتسع
كل تلك التناقضات تصب دوماً في إدارة الموارد البشرية في المؤسسات، وتعترف "سلمى. ع" التي ترأس هذا القسم بإحدى مؤسسات التكنولوجيا المالية بأنها باتت تتلقى شكاوى من الموظفين مختلفة تماماً عن فترة ما قبل 2020، لافتة إلى أن أشهر العمل عن بعد غيرت كثيراً من المفاهيم، لتصبح نوعيات الأزمات المهنية مغايرة وذات توجهات جديدة.
لكنها تقول أيضاً إن الجانب الأكبر من المناقشات بينها وبين عناصر العمل تتعلق برغبتهم في العمل خارج مقر الشركة حيث تدخل في مفاوضات طويلة معهم وتحاول الوصول إلى حل وسط كأن يتم تقسيم أيام الدوام بين المكتب والمنزل، مشيرة في الوقت نفسه إلى أنه على العكس كان هناك من يطلب أن يأتي إلى المكتب حتى في أوقات الحظر والإغلاق نظراً لأنه لم يعرف كيف يتأقلم على الوضع ولم يقدم أية إنتاجية تذكر ويفضل الالتزام بمواعيد محددة وأجواء معينة ليعرض أفضل ما لديه.
ولعل ما يمر به مسؤول الموارد البشرية من حالات مختلفة، يتوافق مع رأي أخصائي الصحة النفسية وتعديل السلوك، نور أسامة، الذي يؤمن بأن لكل شخصية ظروفها فهناك الأم التي تفضل القرب من أطفالها، والشاب الأعزب الذي يعيش منفرداً فهو يفضل على الأغلب عدم الجلوس بشكل رتيب ويرى أن الخروج وسيلة صحية لقضاء الوقت، فلكل فرد متطلباته التي على أثرها يحدد موقفه من فكرة العمل عن بعد.
أما الدراسة التي قدمها الأكاديمي المصري في كلية إدارة الأعمال جامعة قناة السويس، عبدالله أحمد الطبال، وحملت عنوان "دور العمل من المنزل كأحد الاتجاهات الحديثة في إدارة الموارد البشرية في دعم التحول الرقمي"، خلصت إلى أن الدعم الإداري هو العامل الأول الذي يؤثر في نجاح تجربة العمل عن بعد، ثم يليه المرونة في المواعيد والتوازن بين العائلة ومتطلبات العمل، ثم تنظيم الوقت.
المؤكد أن هناك دائرة تتسع من التداعيات مرتبطة بمأزق "كوفيد–19"، ولكن أيضاً هناك لفتات إيجابية أثرت إيجاباً في سوق العمل والتكنولوجيا، فعلى سبيل المثال تم تطوير كثير من التطبيقات التكنولوجية التي تدعم تجربة العمل "أون لاين" والتي لا تزال مستخدمة حتى اليوم، وقد يكون من أبرزها "زووم" الذي لمع نجمه بسبب هذا الاختبار القسري للموظفين حول العالم، وتبعه عدد آخر من التطبيقات التي أسهمت في تسهيل التواصل بين عناصر المؤسسات.
وأخيراً فإنه بحسب ما أشار الأكاديمي المتخصص في الاقتصاد بجامعة ستانفورد في كاليفورنيا، نيكولاس بلوم، إليه فإنه في عام 2021 قدم ورقة بحثية بمعاونة مجموعة من زملائه أقر فيها بأن هناك ارتفاعاً ملحوظاً في عدد طلبات براءات الاختراع المتصلة بالتكنولوجيا المساعدة للعمل عن بعد داخل الولايات المتحدة، وتضاعفت تلك الطلبات خلال أشهر قليلة من عام 2020، وهي فترة ذروة انتشار الجائحة وقبل بدء عمليات توزيع اللقاحات.