ملخص
يتعرض لاجئون في انتظار لم شملهم مع أسرهم في بريطانيا لأعمال اغتصاب، ويعيشون مختبئين في بلدانهم من بطش أنظمة استبدادية، في وقت ينتظرون إحضارهم إلى بر الأمان في المملكة المتحدة
يتعرض لاجئون في انتظار لم شملهم مع أسرهم في بريطانيا لأعمال اغتصاب، ويعيشون مختبئين في بلدانهم من بطش أنظمة استبدادية، في وقت ينتظرون إحضارهم إلى بر الأمان في المملكة المتحدة، مع تراكم ملفات اللجوء الذي أصبح أمراً "يهدد حياتهم".
وتظهر أرقام حصلت عليها "اندبندنت" أن أكثر من 11 ألف شخص ما زالوا في انتظار إعادة توطينهم في بريطانيا، يواجهون مصاعب في الخارج، بعدما أخفقت إحدى "الطرق الآمنة والقانونية" الوحيدة التي وضعتها الحكومة، في تأمين انتقالهم إلى المملكة المتحدة.
وتمثل النساء والأطفال من دول مثل سوريا وأفغانستان وإيران، غالبية هؤلاء المهاجرين. وفي جميع الحالات، كان أحد الأفراد المقربين في تلك الأسر قد سبق أن حصل على وضع الحماية في المملكة المتحدة، مما يمنحه تالياً الحق في إحضار شركائه وأطفاله كي ينضموا إليه.
أحد اللاجئين السودانيين قال لـ"اندبندنت" إنه كان ينتظر منذ ما يصل من عام للحصول على تأشيرة دخول لزوجته وابنه، اللذين تقطعت بهما السبل وسط الصراع المحتدم في بلاده والذي أدى إلى مقتل ابن شقيقه.
وفي حادثة أخرى مثيرة للصدمة، تعرضت فتاة إيرانية - فيما كانت تنتظر أن تبت وزارة الداخلية البريطانية في تأشيرة دخولها إلى المملكة المتحدة - "لملاحقة من قوات أمنية إيرانية وهي قادمة من المدرسة إلى منزلها، حيث قام أفرادها باغتصابها". وفي غضون ذلك، لا تزال مئات النساء محاصرات في ظل نظام "طالبان" الوحشي في أفغانستان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وزيرة الداخلية في حكومة الظل "العمالية" المعارضة إيفيت كوبر، اتهمت الحكومة البريطانية بـ"ترك الناس في ظروف تهدد حياتهم، وبجعلهم فريسة سهلة لعصابات تهريب البشر المجرمة، التي تضعهم على متن قوارب صغيرة خطرة وترسلهم إلى بريطانيا".
وقالت لـ"اندبندنت": "لقد حان الوقت لرئيس الوزراء ووزيرة الداخلية أن يتوقفا عن التركيز على عناوين مثيرة لوسائل الإعلام، وأن يسيطرا على حالة الفوضى التي نشأت في عهدهما".
في غضون ذلك، تظهر أرقام جرى الحصول عليها من قاعدة بيانات رسمية بموجب قوانين حرية الوصول على المعلومات، أن غالبية اللاجئين والبالغ عددهم 11189 شخصاً - ممن ينتظرون تأشيرات لم شمل مع أسرهم - قد تقدموا بطلباتهم منذ أكثر من ستة أشهر، وأن قرابة 1800 منهم يعيشون في حال من التيه والنسيان منذ أكثر من عام.
وتشكل النساء والفتيات أكثر من سبعة آلاف من هؤلاء الذين تقطعت بهم السبل في بلدانهم، فيما يشكل الأطفال نحو 5700، في الوقت الذي تقدم فيه أقاربهم في بريطانيا بطلبات لنقلهم بأمان. وتأتي الجنسية السورية في مقدم الجنسيات الأخرى، تليها إريتريا وأفغانستان وإيران، والسودان، والصومال، واليمن.
وقد حذرت الهيئة المستقلة لشؤون الحدود والهجرة (ICIBI) من أن "الفشل" في عمليات لم شمل الأسر، سيعرض النساء والأطفال للخطر، ويزيد من أخطار لجوء الأشخاص الضعفاء إلى المهربين لعبور "القنال الإنجليزي" والوصول إلى أحبائهم في المملكة المتحدة.
لكن الحكومة كثيراً ما تستشهد بالتأشيرات باعتبارها طريقاً مستداماً آمناً وقانونياً للوصول إلى بريطانيا، فيما تدفع بقوانينها التي تهدف إلى احتجاز جميع المهاجرين الذين يصلون بقوارب صغيرة، وترحيلهم ومنعهم من العودة إلى المملكة المتحدة.
ولدى تقديم وزيرة الداخلية سويلا برافرمان "مشروع قانون الهجرة غير الشرعية" Illegal Migration Bill إلى البرلمان، أعربت عن "فخرها" بالمخطط، وقالت للنواب: "لدينا خطة لم شمل، من شأنها تمكين أفراد الأسر من الانضمام إلى أحبائهم هنا. إنه سجل يستحق أن نفتخر به".
يشار إلى أن وزيرة الداخلية البريطانية تحدثت في كثير من الأحيان عن موضوع لم شمل الأسر، عند الدفاع عن نفسها في وجه انتقادات أعضاء البرلمان لخطتها في شأن ترحيل مهاجرين إلى رواندا - التي إذا ما تم تمريرها ستشهد إرسال لاجئين إلى تلك الدولة الأفريقية لطلب اللجوء هناك - وغيرها من السياسات العقابية، واصفة إياها بأنها بديل "حاسم" لعمليات التهريب على متن زوارق صغيرة إلى بريطانيا.
وقالت برافرمان للبرلمان في شهر مارس (آذار) الماضي: "نحن فخورون بتلك الطرق الآمنة والقانونية التي قمنا بتحديدها. وعندما نتمكن من ردع القوارب، سننظر في توسيع نطاق تلك الطرق".
وزير الهجرة روبرت جينريك أشاد هو أيضاً مرات عدة بتأشيرات لم شمل الأسر، معتبراً أن الحجج القائلة إن الحكومة لم توجد بدائل كافية لمسألة عبور اللاجئين بقوارب صغيرة، هي "سخيفة".
وقال إن "نحو 45 ألف شخص قد جاؤوا إلى البلاد بتأشيرات لم شمل الأسر. ونحن في غنى عن محاضرات تتحدث عن وجوب قيامنا بدورنا كدولة كريمة ومتعاطفة".
لكن أرقام وزارة الداخلية البريطانية تظهر أن أقل من 4500 كانوا قد منحوا تأشيرات دخول العام الماضي، مما يعني أنه - وفق هذا المعدل - سيستغرق الأمر حتى عام 2026 لمعالجة التراكم الراهن في الطلبات، في وقت يتم فيه تقديم مزيد من الطلبات من أسر يائسة.
المتحدثة باسم "الحزب القومي الاسكتلندي" SNP للشؤون الداخلية أليسون ثيوليس، مارست ضغطاً على الحكومة بالنيابة عن أحد ناخبيها، وهو رجل إيراني تقدم بطلب الحصول على تأشيرات لزوجته وابنه وابنته منذ أكثر من ستة أشهر.
وقالت "تعيش عائلته في هذه الأثناء في خطر - فقد تم تعقب ابنته من المدرسة وجرى اغتصابها من جانب عناصر في ’الحرس الثوري الإسلامي‘". وهذا هو السبب في أن الناس لا يمكنهم أن ينتظروا في بلدانهم حتى تقوم الحكومة بالبت في تأشيراتهم. إنهم لا ينتظرون لأنهم معرضون للاضطهاد، والاغتصاب، والخطر، والتعذيب. وهم ليسوا مستعدين لانتظار طرق آمنة وقانونية، لأن تلك الطرق هي غير موجودة في كثير من الحالات".
وأشارت ثيوليس إلى أن لم شمل الأسر متاح فقط للأشخاص الذين منحوا وضع لاجئ في المملكة المتحدة، وبالنظر إلى التراكم الكبير في طلبات اللجوء، فهذا يعني أن كثيراً ممن تقدموا بطلباتهم، هم منفصلون فعلياً عن أقاربهم منذ أعوام.
جنسيات مقدمي طلبات لم شمل الأسر العالقة واللاجئين في المملكة المتحدة:
سوريا 2470
إريتريا 1621
أفغانستان 1417
إيران 1007
السودان 910
الصومال 402
اليمن 334
باكستان 277
سريلانكا 247
إثيوبيا 239
المصدر: وزارة الداخلية البريطانية، البيانات تم استخراجها في 12 يونيو (حزيران) 2023.
يشار إلى أنه لا يمكن للاجئين إحضار سوى شركائهم وأطفالهم إلى بريطانيا، وقد طالبت مؤسسات خيرية منذ فترة طويلة بتوسيع المخطط ليشمل الآباء والأشقاء.
وقالت منظمة "الممر الآمن" Safe Passage - وهي منظمة خيرية تساعد في لم شمل العائلات - إنها تتعامل مع ملف فتاة تبلغ من العمر تسعة أعوام ووالدتها اللتين تعيشان مختبئتين في أفغانستان.
الفتاة لم تتمكن من ارتياد المدرسة منذ أن استولت حركة "طالبان" على السلطة في أفغانستان في عام 2021، ويعاني والداها اللذان يعيشان بعيدين عن بعضهما بعضاً تدهوراً في صحتهما العقلية ومشكلات نفسية.
وعلى رغم تقديم طلب لم شمل الأسرة منذ نحو عام، وتسجيل الأم وابنتها رسمياً بياناتهما البيومترية لدى وزارة الداخلية البريطانية في غضون أسابيع، فلم يصدر قرار في شأن تأشيرتيهما، وتم إبلاغ الموظفين المشرفين على الملف بأن الحالة ليست "استثنائية بما فيه الكفاية" ليتم تسريع إجراءاتها.
وقالت رئيسة قسم الشؤون القانونية في منظمة "الممر الآمن الدولية" كاترينا فرانشي إن "هذه التأخيرات يمكن أن تكون لها عواقب كارثية، بحيث يفقد الأطفال الثقة خلال الفترة التي تستغرقها عملية لم شمل الأسرة. ومن المحزن أن كثراً يمضون في رحلة محفوفة بالأخطار للانضمام إلى عائلتهم هنا لأنهم لا يستطيعون الانتظار أكثر من ذلك".
وأضافت أن "الأسر التي مزقتها الحرب وعانت اضطهاداً يجب ألا تضطر إلى المخاطرة بحياتها للحفاظ على تماسكها وعناق بعض أفرادها بعضاً".
وقالت فرانشي إن الحكومة تضيق الخناق على اللاجئين بتقليص خيارات الطرق التي يستطيعون سلوكها "من دون التأكد من سلامتها". وأضافت "يتعين على الحكومة أن تتخذ القرار المناسب بسرعة، وأن تتخلى عن ’مشروع قانون حظر اللاجئين‘ Refugee Ban Bill الذي من شأنه أن يعاقب الأشخاص على الانضمام إلى أسرهم هنا بأي طريقة ممكنة".
مدير دعم اللاجئين في منظمة "الصليب الأحمر البريطاني" British Red Cross أليكس فريزر قال إن "كثيراً من الناس يواجهون فترات انتظار مؤلمة، لمعرفة ما إذا كان في وسع أحبائهم الذين غالباً ما تكون حياتهم معرضة للخطر، الانضمام إليهم".
وأضاف أن "’مشروع قانون الهجرة غير الشرعية‘ الذي تقدمت به الحكومة سيجعل الوضع أكثر تعقيداً بكثير، إذا ما تم تشريعه، لأن الغالبية العظمى من الأشخاص الذين يصلون إلى هنا طلباً للحماية، لن يتمكنوا من طلب اللجوء والتقدم بطلب لم شمل الأسرة".
وفي تعليق على ما تقدم، قال متحدث باسم وزارة الداخلية إن "للمملكة المتحدة تاريخاً حافلاً في توفير طرق آمنة وقانونية للأفراد الذين يحتاجون إليها، وقد تم منح أكثر من46200 تأشيرة لم شمل أسر منذ عام 2015، مع منح أكثر من نصفها للأطفال".
وأضاف "نحن ننظر بعناية شديدة في كل طلب نقوم بتسلمه، ولا نزال ملتزمين تحسين البت في طلبات لم شمل الأسر".
© The Independent