ملخص
فعلت أوكرانيا الدفاعات الجوية لحماية موانئ منطقة أوديسا من القصف الروسي ليلة انتهاء أجل اتفاق الحبوب في البحر الأسود
مع انتهاء مفاعيل اتفاق تصدير الحبوب، أعلنت روسيا أن قواتها دمرت في أوديسا بجنوب أوكرانيا ليل الإثنين الثلاثاء مواقع استخدمتها كييف للتحضير لهجوم دمر جزئياً ليل الأحد-الإثنين جسر القرم.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان إنه "خلال الليل، شنت القوات المسلحة الروسية مجموعة ضربات انتقامية... على منشآت تم فيها التحضير لأعمال إرهابية ضد روسيا الاتحادية باستخدام مسيرات بحرية"، مشيرة إلى أن الضربات استهدفت أيضاً موقعاً لتصنيع هذه المسيرات "في حوض لبناء السفن قرب مدينة أوديسا".
وجاءت الهجمات بعد توعد روسيا بالرد عقب وقوع انفجار بجسر يربط بين روسيا وشبه جزيرة القرم أمس الإثنين، اتهمت موسكو أوكرانيا بالوقوف وراءه.
القوات الجوية الأوكرانية قالت من جهتها إنها أسقطت كل الصواريخ الستة من طراز "كاليبر" و31 من أصل 36 طائرة مسيرة أطلقت ليلاً. وأضافت أنها أسقطت الصواريخ ومعظم الطائرات المسيرة فوق منطقتي أوديسا وميكولايف في الجنوب بينما دمر ما تبقى فوق مناطق دونيتسك وخاركيف ودنيبروبيتروفيسك في الشرق.
وتابعت أن الحطام المتساقط والانفجارات ألحقا الضرر بمنازل عدة وجزء من البنية التحتية بميناء أوديسا لم تحدده، من دون الخوض في مزيد من التفاصيل. وأضافت أنه لم ترد تقارير عن سقوط قتلى لكن رجلاً مسناً أصيب.
وقال مدير مكتب الرئيس الأوكراني أندريه يرماك على "تيليغرام"، إن أحدث هجوم يعد "دليلاً آخر على أن الدولة الإرهابية تريد أن تعرض للخطر حياة 400 مليون شخص في دول عدة يعتمدون على صادرات المواد الغذائية الأوكرانية".
تفعيل الدفاعات الجوية
وأعلنت السلطات الأوكرانية تفعيل الدفاعات الجوية في منطقة أوديسا الساحلية في وقت مبكر، اليوم الثلاثاء، بعد ساعات على رفض روسيا تمديد العمل باتفاق يسمح لأوكرانيا بتصدير الحبوب عبر موانئ البحر الأسود.
وقال المتحدث باسم منطقة أوديسا العسكرية سيرغي براتشوك على "تيليغرام"، "أوديسا. العمل القتالي للدفاع الجوي مستمر".
وتضم منطقة أوديسا في جنوب أوكرانيا موانئ أساسية لاتفاق تصدير الحبوب الذي انتهت مدة صلاحيته بين موسكو وكييف.
وقال رئيس الإدارة العسكرية لمنطقة أوديسا أوليغ كيبر على "تيليغرام" إن روسيا "تهاجم جنوب أوكرانيا بطائرات مسيرة هجومية"، محذراً السكان من ضرورة البقاء في الملاجئ.
وأكدت قيادة العمليات الجنوبية في أوكرانيا إن روسيا "تهاجم المناطق الجنوبية بمسيرات هجومية".
تحذير روسي
ووجه الكرملين الثلاثاء تحذيراً مبطناً لسفن تصدير الحبوب الأوكرانية بقوله إنها ستواجه "مخاطر أمنية" إذا ما واصلت عبور البحر الأسود من دون موافقته، وذلك غداة انسحاب موسكو من اتفاق رعته الأمم المتحدة وسمح بمرور آمن لسفن التصدير.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف للصحافيين، إنه "في غياب ضمانات أمنية مناسبة، تظهر أخطار معينة. إذا تم إقرار أي شيء من دون روسيا، فيجب أن تؤخذ هذه الأخطار في الاعتبار".
واتهم بيسكوف كييف باستخدام الممر المخصص لتصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود "لأغراض عسكرية". وقال إن المنطقة التي يرعاها اتفاق الحبوب "يستخدمها نظام كييف لأغراض عسكرية... هذه حقيقة واضحة".
ورفض المتحدث باسم الكرملين الانتقادات الأميركية لموسكو بعد الانسحاب من الاتفاق، مؤكداً أن روسيا ستواصل إمداد الدول الفقيرة بالحبوب.
جسر القرم
وقال نائب رئيس الوزراء الروسي مارات خوسنولين إن حركة المرور عادت جزئياً على أحد مسارات جسر القرم في ساعة متأخرة من مساء أمس الإثنين. وذكر أن المسار للمركبات المتجهة من بلدة تامان في جنوب روسيا إلى كيرتش في شبه جزيرة القرم.
وأسقطت روسيا 28 مسيّرة أوكرانية فوق شبه جزيرة القرم، ليل الإثنين الثلاثاء، وأوضحت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، أن 17 مسيّرة أرسلتها القوات الأوكرانية "دُمرت" و11 أخرى "حُيدت" بالوسائل الإلكترونية، وأشارت إلى عدم وقوع إصابات او أضرار.
وقال نائب رئيس الوزراء الروسي مارات خوسنولين عبر قناته على تطبيق "تيليغرام" إن حركة المرور عادت جزئياً على أحد مسارات جسر القرم في ساعة متأخرة من مساء الإثنين.
ومع هذا، تم تعليق رحلات العبارات، في وقت مبكر اليوم، بسبب سوء الأحوال الجوية، حسبما نقلت وكالات روسية عن وزارة الطوارئ المدعومة من موسكو في شبه جزيرة القرم.
حريق في ميناء ميكولايف
كما قالت السلطات الأوكرانية إن حريقاً اندلع في وقت متأخر من أمس الإثنين في منشأة لم تحددها في ميناء ميكولايف، الذي يوفر لأوكرانيا منفذاً على البحر الأسود.
وفي أحدث قصف روسي، قال حاكم منطقة دونيتسك إن ثلاثة مدنيين قتلوا في المنطقة أمس، وذكر مكتب المدعي العام أن امرأة لقيت حتفها في أوريكيف بمنطقة زابوريجيا الجنوبية.
في المقابل، نقلت وكالة "تاس" الروسية للأنباء عن وزارة الدفاع قولها اليوم الثلاثاء إن القوات الروسية تقدمت نحو كيلومترين باتجاه مدينة كوبيانسك التي تقع في منطقة خاركيف بشمال شرقي أوكرانيا.
كما أطلقت صافرات الإنذار في ميكولايف وخيرسون وزابوريجيا ودونيتسك وخاركيف ودنيبروبتروفسك وبولتافا وكيروفوغراد وتشيركاسي.
وأغلقت روسيا العام الماضي الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود بواسطة سفن حربية، إلى أن سمح الاتفاق الذي تم توقيعه في يوليو (تموز) 2022 بتأمين مرور صادرات الحبوب إلى الأسواق الدولية.
انتهاء أجل "تصدير الحبوب"
وفي منتصف الليل بتوقيت إسطنبول (21.00 ت غ) انتهى أجل الاتفاق الذي يسمح لأوكرانيا بتصدير الحبوب إلى الأسواق الدولية عبر البحر الأسود بعد رفض روسيا تمديدها. وتحدد موعد انتهاء العمل بالاتفاق الذي توسطت الأمم المتحدة وتركيا للتوصل إليه في يوليو 2022، بعدما جرى تمديده آخر مرة لمدة شهرين في مايو (أيار) الماضي.
ورفض الكرملين، أمس الإثنين، تمديد العمل باتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية، الحيوي للأمن الغذائي العالمي، في قرار أتى بعد ساعات من هجوم أوكراني دمر جزئياً، للمرة الثانية منذ بدء الحرب، جسر القرم الذي يربط روسيا بشبه الجزيرة التي ضمتها موسكو إليها عام 2014.
من يدفع ثمن الرفض الروسي؟
وسارع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى التحذير من أن مئات الملايين في العالم "سيدفعون الثمن" من جراء قرار روسيا.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن "نتيجة ما قامت به روسيا اليوم من استخدام الغذاء كسلاح. سيكون جعل وصول الغذاء إلى الأمكنة التي في حاجة ماسة إليه أكثر صعوبة، إضافة الى زيادة الأسعار"، مضيفاً "خلاصة القول إن (ما حصل) غير مقبول".
ودانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين "بشدة" إعلان موسكو، واصفة إياه بـ"الوقح". كما دانت باريس القرار الروسي، مطالبة موسكو بـ"وقف ابتزازها للأمن الغذائي العالمي".
وقالت الخارجية الفرنسية في بيان إن "روسيا وحدها مسؤولة عن عرقلة الملاحة في هذا المجال البحري وتفرض حصاراً غير قانوني على الموانئ الأوكرانية"، مطالبة روسيا بـ"التراجع عن قرارها".
على رغم إعلان الكرملين أبدى أردوغان ثقته في رغبة نظيره الروسي فلاديمير بوتين في استمرار الاتفاق.
من جانبها، دعت برلين روسيا الى تمديد العمل بالاتفاق، مؤكدة أهميته للأمن الغذائي العالمي. أما لندن التي أعربت عن خيبة أملها إزاء قرار موسكو فقالت إنها "ستواصل المحادثات".
أوكرانيا تواصل تصدير الحبوب
في المقابل، أعلنت أوكرانيا رغبتها في الاستمرار في تصدير حبوبها عبر البحر الأسود، سواء أعطت موسكو ضمانات أمنية لسفن التصدير أو لم تعطها. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي "لسنا خائفين".
وأتى موقف زيلينسكي بعد أن تلقى خلال زيارة إلى إسطنبول مطلع يوليو الجاري دعم نظيره التركي رجب طيب أردوغان مما أثار غضب موسكو، لكن بالنسبة إلى موسكو فإن الاتفاق هو اليوم في حكم الميت، وإحياؤه ممكن فور تلبية شروطها.
وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن "اتفاق البحر الأسود انتهى عملياً اليوم الإثنين". وأضاف "ما إن يلبى الجزء المتعلق بروسيا (في الاتفاق) ستعود روسيا فوراً إلى اتفاق الحبوب".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولاحقاً، قالت الخارجية الروسية في بيان إنه "إذا كانت العواصم الغربية تقدر حقاً مبادرة البحر الأسود، فلتفكر جدياً في الوفاء بالتزاماتها، ولتسحب فعلياً الأسمدة والمواد الغذائية الروسية من العقوبات. فقط عندما يتم تحقيق نتائج ملموسة، وليس إطلاق وعود وإعطاء ضمانات، ستكون روسيا مستعدة للنظر في إعادة العمل بالاتفاق".
وأتت هذه المواقف قبل ساعات من انتهاء صلاحية الاتفاق الذي أبرم في إسطنبول وتنتهي مفاعيلها في الساعة 21,00 ت غ. وأبرم هذا الاتفاق في يوليو 2022 على ضفاف البوسفور، وتم تجديده مرتين حتى اليوم، وقد أتاح خلال العام الماضي تصدير ما يقرب من 33 مليون طن من الحبوب من الموانئ الأوكرانية، على رغم الحرب.
وتهدف مبادرة حبوب البحر الأسود التي وقعتها روسيا وأوكرانيا برعاية تركيا والأمم المتحدة للتخفيف من خطر المجاعة في العالم من خلال ضمان تصدير المنتجات الزراعية الأوكرانية.
وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن تركيا وأوكرانيا والأمم المتحدة أخطرت بقرار الكرملين.
نقص الغذاء
وأتاح الاتفاق لبرنامج الأغذية العالمي مساعدة دول تواجه نقصاً غذائياً حاداً مثل أفغانستان والسودان واليمن.
وأعلنت الأمم المتحدة، مساء أمس الإثنين، انتهاء تفتيش آخر سفينة شحن محملة بالحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، موضحة أن عملية التفتيش هذه تحمل الرقم 1972 منذ الأول من أغسطس (آب) 2022.
استهداف "جسر القرم"
وأتى قرار الكرملين بعد ساعات من تعرض جسر القرم الذي يعد خط إمداد رئيساً للقوات الروسية في أوكرانيا، لهجوم ليل الأحد باستخدام "مسيرات بحرية".
وقال مصدر في أجهزة الأمن الأوكرانية (أس بي يو) إن الاستخبارات وسلاح البحرية يقفان وراء استهداف الجسر الذي يعبر مضيق كيرتش. وأوضح المصدر لوكالة الصحافة الفرنسية أن "هجوم اليوم على جسر القرم هو عملية خاصة لجهاز "أس بي يو" والبحرية تم تنفيذها "بواسطة مسيرات بحرية".
من جهتها، قالت لجنة التحقيق الروسية في بيان "قتل مدنيان هما رجل وامرأة في سيارة سياحية على الجسر" جراء الهجوم، مشيرة أيضاً إلى أن ابنتهما أصيبت بجروح.
وأفادت لجنة مكافحة الإرهاب الروسية بأن الهجوم وقع عند الساعة 03.05 (الساعة 00,05 ت غ). وبثت محطة "القرم-24" العامة مقطعاً مصوراً يظهر انهيار قسم من الجزء الطرقي من الجسر. ونشرت هيئة التحقيق الروسية أيضاً مقطعاً مصوراً يظهر رجالاً يرفعون أدلة عن الطريق.
ليس الأول
ولاحقا، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تعزيز الإجراءات الأمنية على جسر القرم الاستراتيجي، واصفاً الهجوم بأنه "عمل إرهابي".
وقال بوتين خلال اجتماع حكومي نقل التلفزيون وقائعه "سيكون هناك بالتأكيد رد من جانب روسيا. وزارة الدفاع تعد اقتراحات ملائمة". ويمتد الجسر على مسافة 18 كلم، ويتألف من قسمين أحدهما طرقي، والآخر للسكك الحديدية، ودشنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 2018 لربط روسيا بشبه الجزيرة التي ضمتها عام 2014.
وأدى الهجوم الى تضرر الجزء الطرقي وتعليق الحركة لساعات، بينما لم تطاول أضرار الجزء المخصص للسكك الحديدية.
واستؤنفت حركة السكك الحديدية على الجسر قبل ظهر أمس الإثنين، وفقاً لسلطات القرم. وهي المرة الثانية في غضون أشهر يتعرض فيها الجسر لهجوم.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) أدى انفجار ضخم ناتج من شاحنة مفخخة، وفق موسكو، إلى تدمير جزء من الجسر ومقتل ثلاثة أشخاص.
وأمس الإثنين، استأنفت العبارات تنقلاتها المكوكية بين ضفتي المضيق، لكن الحاكم الروسي لشبه جزيرة القرم سيرغي أكسيونوف دعا السياح الروس الذين يريدون العودة إلى روسيا بالسيارة لأن يعبروا الأراضي الخاضعة لسيطرة روسيا في شرق أوكرانيا على رغم أن أجزاءً من هذه المناطق تتعرض لقصف أوكراني يستهدف خطوط الإمداد الروسية.
الهجوم المضاد
وبالموازاة، تمضي كييف في هجومها المضاد لاستعادة أراضٍ تسيطر عليها قوات موسكو في شرق البلاد وجنوبها.
وأقرت أوكرانيا في الفترة الأخيرة بأنها تواجه صعوبات في القتال، داعية الولايات المتحدة ودولاً حليفة أخرى إلى تقديم أسلحة بعيدة المدى ومدفعية.
وأعلنت بيلاروس، الدولة الحليفة لروسيا والمجاورة لأوكرانيا، أمس الإثنين، أنها أسقطت مسيرة أوكرانية اخترقت مجالها الجوي، في حادثة تأتي بعد أيام من تأكيد مينسك وجود مقاتلين من مجموعة "فاغنر" المسلحة الروسية على أراضيها. كما قتل طيار روسي إثر تحطم طائرته المقاتلة "سو-25" خلال طلعة تدريبية في جنوب غربي روسيا، فوق بحر أزوف، وفق ما أفادت السلطات المحلية، أمس الإثنين.
وأعلن المخرج الأوكراني أوليغ سينتسوف الذي انضم إلى القتال ضد القوات الروسية، أنه عولج من إصابات بشظايا لحقت به جراء قصف مدفعي على الجبهة الجنوبية.
وفرضت بريطانيا، أمس الإثنين، سلسلة عقوبات على شخصيات روسية بينها وزير وصحافي معروف، للاشتباه في ضلوعهم بـ"الترحيل القسري لأطفال أوكرانيين".
وروسيا متهمة بنقل آلاف الأطفال إلى مناطق خاضعة لسيطرتها في أوكرانيا وإلى الأراضي الروسية.
وتتهم المحكمة الجنائية الدولية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بارتكاب جرائم حرب لـ"الترحيل غير الشرعي" لآلاف الأطفال الأوكرانيين خلال النزاع بين موسكو وكييف. وترفض روسيا هذه الاتهامات.