ملخص
ثمة مساعٍ ليبية مكثفة إلى التوسط لحل الأزمة بين رئيس المجلس الأعلى خالد المشري ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة بعد الخلافات الأخيرة بينهما
قال مصدران مسؤولان في المجلس الأعلى للدولة الليبي، اليوم الثلاثاء، لـ"اندبندنت عربية"، إن هناك مساعي كثيفة من أجل التوسط لحل بين رئيس المجلس خالد المشري، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة بعد الخلافات الأخيرة بينهما.
ولم يخف المصدران، اللذان فضلا عدم الكشف عن هويتهما، أملهما في تجاوز الانسداد الحاصل في الغرب الليبي في ذروة الأزمة بين المشري والدبيبة خصوصاً أن قوى إقليمية بارزة لن تسمح بانزلاق الوضع نحو مواجهة مسلحة، بحسب تعبيرهما.
وساطات ولقاءات
هذه التطورات جاءت بعد يومين من اتهام المشري للدبيبة بمنع أعضاء من المجلس الأعلى للدولة، الذي يرأسه، من السفر في خطوة بدت وكأنها تأتي ردا على تحركات الأول التي يقوم بها مع رئيس البرلمان عقيلة صالح للتوصل إلى خريطة طريق جديدة لإجراء الانتخابات وتفضي أيضاً إلى تشكيل حكومة جديدة تحل محل حكومة الدبيبة وتوكل إليها مهمة تنظيم الاستحقاقات الانتخابية.
وقال عضو من مجلس الدولة، فضل الكشف عن هويته في تصريح خاص، إن "لقاءات تمت بين ممثلين عن الدبيبة وآخرين عن المشري في إطار وساطة ترمي إلى حل الأزمة، وحسب ما يتم ترشيحه فإنها في طريقها بالفعل إلى الحل وقد تشهد الأيام المقبلة تهدئة بين الرجلين".
في المقابل، استبعد العضو الآخر إمكانية التوصل إلى حل بين المشري والدبيبة لكنه أشار بدوره إلى أن ملامح وساطة تركية بدأت تتشكل خصوصاً بعد لقاء رئيس مجلس الدولة بالسفير التركي كنعان يلماز، السبت الماضي، للتقليص من حدة الخلافات في طرابلس.
وسبق أن حذر رئيس المجلس الأعلى للدولة من "انحدار الوضع إلى مواجهة مسلحة" وذلك بعد منع أعضاء من المجلس من السفر.
وقال الباحث السياسي الليبي كامل المرعاش، إن "تهديد المشري باستخدام مصطلح الصدام العسكري هو مجرد فقاعة بالون ليس لها أي أثر، لأن الدبيبة في طريق عقد صفقة بينه وبين بعض الميليشيات التي تمردت عليه، وهربت إلى خارج طرابلس".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولفت إلى أن "هناك معلومات تشير إلى أن الدبيبة وعد زعماء الميليشيات هذه بأموال طائلة بملايين الدولارات ومناصب دبلوماسية في الخارج مقابل تفكيك تشكيلاتهم العسكرية وانضواء عناصرهم تحت قيادات ميليشيات موالية له في في مصراتة وطرابلس".
وراجت في الساعات الماضية أنباء عن لقاء بين المشري والقائد العسكري القوي أسامة الجويلي، الذي طرد إلى خارج العاصمة الليبية بعد محاولته تسهيل دخول رئيس حكومة الاستقرار الوطني السابق فتحي باشاغا إليها وهو ما تصدى له الدبيبة وكتائبه.
تفاقم الأزمة
ولم يتوان المشري في عقد لقاءات مع مجموعة من السفراء أبرزهم كلماز والسفير الإيطالي جيانلوكا ألبريني وهي لقاءات تمحورت بحسب ما هو معلن في البيانات الرسمية حول ملفات المصالحة وإجراء الانتخابات دون التطرق إلى الخلاف المستجد بين رئيس مجلس الدولة ورئيس حكومة الوحدة الوطنية.
ومنذ أشهر دخل المشري والدبيبة في سجالات واسعة النطاق خصوصاً عند تشكيل حكومة باشاغا بعد اتفاق بين رئيس مجلسي الدولة والنواب، لكن الأزمة الأخيرة بدت كأنها تنذر بانزلاق للوضع، لا سيما بعد تلويح المشري بمواجهة مسلحة.
ويرى الباحث السياسي المتخصص في الشأن الليبي غازي معلى أن "الصراع الحالي تطور ولم يعد بين الدبيبة والمشري فحسب، بل بين الدبيبة والمجلس الأعلى للدولة، والمشري يسيطر على المجلس حيث له كتلة فيها 25 أو أكثر من الأعضاء وبقية الأعضاء يرون أن الدبيبة تجاوز كل الحدود".
وأوضح معلى في تصريح خاص، ينبغي "ألا ننسى أن بقية الكتل في المجلس الأعلى للدولة لديها ارتباطات خارجية وداخلية، وهي كتل دخلت مرحلة من اليأس في التوصل لأي اتفاق أو مكاسب مع الدبيبة خصوصا بعد حجب رواتب أعضاء المجلس وهو ما يعني أن الوضع أصبح متوتراً للغاية في طرابلس وفرص التوصل إلى حل تبدو ضئيلة".
وشدد على أن "الأتراك سيكون لهم دور جوهري في تهدئة الوضع الآن في الغرب الليبي، لكن عندما تصل العلاقة بين الأخوة إلى عداوة كبيرة يصبح من الصعب على طرف أجنبي أن يُقرب بينهم لاسيما أن تركيا دولة تبحث عن مصالحها فقط".
ومع المنعرج الجديد في الأزمة الليبية في ظل الخلاف بين الدبيبة والمشري ستكون الانتخابات على محك حقيقي خصوصاً في ظل رفض رئيس حكومة الوحدة الوطنية التنحي لفسح المجال أمام حكومة جديدة تتولى الإشراف على الانتخابات وتكون محل إجماع وتوافق من كافة الأطراف الليبية وقادرة بسط سيطرتها على أنحاء البلاد وهو هدف صعب المنال.