ملخص
الغموض سيد الموقف في ما يتعلق بقرار منع ترافيس سكوت من الغناء عند سفح الأهرامات المصرية، فجمهوره ينتظره بشغف ونقابة الموسيقيين تقف له بالمرصاد.
قبل عشرة أيام من موعده المقرر لا تزال الأنباء المتعلقة بحفل المغني الأميركي ترافيس سكوت في مصر تحمل ارتباكاً واضحاً يصل إلى حد التخبط، فالجهات المنوطة بها الموافقة على إقامة حدث بهذا الحجم وفي منطقة أثرية مثل أهرامات الجيزة متعددة، وفي حين احتفت وزارة السياحة والآثار بهذه الفعالية بتصريحات تلفزيونية متداولة على نطاق واسع، شاب الغموض كلمات بعض الممثلين الإعلاميين للمؤسسة في ما يشبه "التبرؤ" من الحفل، مؤكدين أنهم غير مسؤولين عنه بأي شكل من الأشكال.
لكن من جهتها حسمت نقابة المهن الموسيقية أمرها وأصدرت بياناً مطولاً وتفصيلياً أعلنت فيه إلغاء تصاريح الحفل المقرر بسبب تنافي الطقوس التي يؤديها مغني الراب الأميركي الشهير في حفلاته مع الهوية المصرية بعد الحملة التي انطلقت تطالب بإلغاء الحدث تماماً، متهمة سكوت بأنه يروج لعبادة الشيطان والماسونية وينشر طاقة سلبية تتسبب في إصابة الحضور بحالات هيسترية خطرة قد تؤدي إلى الموت، بحسب الادعاءات المتداولة.
بيان غاضب
بيان نقابة المهن الموسيقية قوبل بحفاوة من قبل القطاع الذي قاد حملة المطالبة بالإلغاء واعتبروه انتصاراً للقيم ولتوجهات الجمهور، وفي المقابل أبدى كثيرون امتعاضهم سواء من محبي المطرب الحائز على جوائز موسيقية رفيعة، بينها "غرامي" اللاتينية، أو من مشاهير الفن الذين يعتبرون إلغاء حفل إطلاق ألبوم واحد من أشهر نجوم الراب عالمياً، بمثابة رسالة سلبية وأمر يضر أكثر مما ينفع، وبينهم الفنان محمد عطية.
عطية كتب عبر حسابه الرسمي في "فيسبوك"، "الحقيقة إلغاء حفلة واحد من أهم مغنيّ الراب في العالم مثل ترافيس سكوت واللي كان هيطلق ألبومه الجديد من مصر لأسباب تنم عن جهل شديد هو قرار جاهل"، وراح عطية يعدد أهمية حدث كهذا من الناحية التسويقية وكيفية استغلاله لمصلحة الترويج السياحي، منتقداً ما سماه "نظرية المؤامرة المسيطرة على عقول جموع كبيرة من الشعب".
كما علق المخرج خيري بشارة على الجدل الذي يثيره الحدث بوصف الأقاويل المتعلقة بعبادة الشيطان بـ"التخاريف"، مشيراً إلى أن حالات الوفاة في حفله بتكساس التي تفجرت في شأنها أزمات كبرى ووصلت إلى القضاء كانت بسبب التزاحم الشديد، وبالفعل برأ القضاء الأميركي ترافيس سكوت من التسبب في وفاة 11 من حضور حفله، ملقياً باللوم على الجهة المنظمة التي لم تراعِ معايير السلامة في الحفل الذي أقيم ضمن مهرجان أستروورلد في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) 2021.
احتفاء بالإلغاء
وتبنى مجلس نقابة المهن الموسيقية برئاسة مصطفى كامل وجهة النظر التي ترى أن سكوت مذنب وجاء في بيانه الرسمي، "حيث إن النقابة العامة من نسيج هذا الوطن الحبيب تعمل على استقراره وأمنه وترفض العبث بالقيم المجتمعية والعادات والتقاليد المصرية والعربية، فإنه بعد استقراء واستطلاع آراء رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وبعد ما ورد لنقابة المهن الموسيقية ونقيبها العام ومجلس إدارتها من أنباء تصدرت محركات البحث ووسائل التواصل الاجتماعي تضمنت صوراً ومعلومات موثقة عن طقوس غريبة لنجم هذا الحفل يقدمها أثناء فقرته وتسخير أدواته من أجل إقامة طقوس تتنافى مع قيمنا وتقاليدنا المجتمعية الأصيلة، قرر النقيب العام ومجلس الإدارة إلغاء الترخيص الصادر لإقامة هذا النوع من الحفلات الذي يتنافى مع الهوية الثقافية للشعب المصري".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تأكيدات نقابة المهن الموسيقية إلغاء الحفل تقابلها على الجانب الآخر تأكيدات مضادة من قبل الصفحة الرسمية الموثقة لمحبي ترافيس سكوت على "تويتر" أن الحفل قائم في موعده ولم يلغَ وأن الحديث عن إيقاف التصاريح ما هو إلا إشاعة، كما أن الشركة المنظمة لا تزال تروج له عبر حساباتها الرسمية بشكل معتاد، ولم يعلق ترافيس سكوت حتى الآن على الأنباء المتداولة مكتفياً بتثبيت المنشور الدعائي عبر حساباته الرسمية، ويدعو فيه جمهوره إلى الاحتفال معه بإطلاق ألبوم" UTOPIA يوتويبا" عند سفح الأهرامات في الـ28 من يوليو (تموز) الجاري، إذ حصد المنشور ما يقرب من 3 ملايين إعجاب وأكثر من 15 ألف تعليق، ما بين الاحتفاء بعودته للألبومات بعد غياب أربعة أعوام، وتعليقات مكتوبة باللغة العربية والإنجليزية أيضاً تبدي غضبها من إقامة هذا الحدث على أرض مصرية وفي مكان استثنائي مثل الأهرامات، وهي تعليقات لم يخفِ أصحابها خشيتهم من وقوع مكروه على غرار حفله السابق.
دائرة من التصاريح
من جهته قال المتحدث باسم نقابة المهن الموسيقية محمد عبدالله إن النقابة بالفعل امتنعت عن إعطاء تراخيص لحفل ترافيس سكوت، لافتاً إلى أنه في حال سددت الشركة المنظمة الرسوم المقررة وفق القانون في الإدارة المالية للنقابة، ستتم إعادتها لها كاملة وبإمكانها استردادها في أي وقت تريد.
وأوضح أن هناك عدداً من الجهات ينبغي الحصول على موافقتها مجتمعة كي يتسنى لمنظمي الحفل إقامته، بينها النقابة ووزارة القوى العاملة والرقابة على المصنفات الفنية في وزارة الثقافة، وكذلك الموافقة الأمنية. وأضاف، "حتى الآن لم يتم إصدار التصريح الأمني للحفل"، وبحسب اللوائح فمن غير الممكن إقامته في حال امتناع إحدى تلك الجهات عن إصدار الترخيص والموافقة.
وأكد عبدالله أن النقابة ترحب دوماً بجميع أنواع الحفلات الفنية لكن بشرط ألا تمس معتقدات المصريين، فيما لم يتم التطرق بشكل مباشر إلى الاتهامات الموجهة لترافيس سكوت بدعم حركة الـ"أفروسينتريك" التي تتبنى بدورها أقاويل تشكك في مصرية الحضارة الفرعونية.
أما في ما يتعلق بحاملي التذاكر التي لم يزد سعرها على ما يعادل الـ200 دولار في السوق الرسمية، وتجاوزت الألف دولار في السوق الموازية، فأكدوا من خلال تعليقات متبادلة لهم أنهم بناء على تجارب سابقة يمكنهم استرداد ثمنها عن طريق منصة الحجز، حيث لم يتم إبلاغهم رسمياً بالإلغاء.
وعلى رغم أن الشركة المنظمة تفضل بدورها عدم التعليق المباشر على الأزمة، إلا أن التعليقات على صفحاتها الرسمية تتوالى من قبل محبي ترافيس سكوت في مصر للمطالبة بطرح تذاكر إضافية، نظراً إلى أن الـ6 آلاف تذكرة نفدت بعد ساعات قليلة من طرحها، وحتى كتابة هذه السطور لم ترغب إدارة الإعلام في وزارة السياحة والآثار التعليق على جدل إلغاء الحفل، كما لم تصدر أية جهة رسمية بخلاف نقابة المهن الموسيقية أي بيان يتعلق بقرار المنع ولا تزال الحملات الدعائية تسير في طريقها.