ملخص
مجلس الأمن يجتمع لمناقشة تداعيات عرقلة اتفاق "تصدير الحبوب" وسط ارتفاع أسعار القمح والذرة ومساعي موسكو لحصار موانئ أوكرانيا
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الجمعة أن الهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا لصد القوات الروسية في جنوب البلاد وشرقها لم يحقق "أية نتيجة"، على رغم الدعم المالي والعسكري الغربي.
وقال بوتين خلال اجتماع لمجلس الأمن بث التلفزيون وقائعه إنه "لا الموارد الهائلة التي ضخت في نظام كييف ولا الإمدادات الغربية بالأسلحة والدبابات والمدفعية والمدرعات والصواريخ تساعد" أوكرانيا، مؤكداً أنها لم تحقق "أية نتيجة حتى الآن".
وحذر الرئيس الروسي من أن عدواناً على بيلاروس سيكون بمثابة عدوان على روسيا، وأن موسكو سترد "بكل الوسائل" التي في حوزتها. وقال بوتين "في ما يتعلق ببيلاروس التي هي جزء من الدولة الاتحادية، فإن شن عدوان على بيلاروس سيكون بمثابة عدوان على الاتحاد الروسي، وسنرد عليه بكل الوسائل التي في متناولنا".
فاغنر لا تقاتل
في المقابل، قال جيك سوليفان مستشار البيت الأبيض لشؤون الأمن القومي أمام مؤتمر أسبن للأمن اليوم الجمعة إن مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة لم تعد تقاتل في أوكرانيا في الوقت الحالي.
وكان رئيس المجموعة يفغيني بريغوجين ظهر في مقطع فيديو يوم الأربعاء وهو يقول إن مقاتلي فاغنر لن يواصلوا مشاركتهم في الحرب في أوكرانيا وأمرهم بجمع قوتهم للمشاركة في عمليات بقارة أفريقيا.
تحذير روسي
في الأثناء، أعلنت موسكو، صباح الجمعة، أن القوات الروسية أجرت "تدريباً" في شمال غرب البحر الأسود أطلقت خلاله صواريخ مضادة للسفن لضرب هدف في البحر، وقالت وزارة الدفاع إن سفناً تابعة لأسطول البحر الأسود الروسي أطلقت صواريخ "كروز" مضادة للسفن "على زورق حدد هدفاً في منطقة التدريب القتالي في الجزء الشمالي الغربي من البحر الأسود"، وهي منطقة تعتبر موسكو، منذ الخميس، السفن المتوجهة إلى أوكرانيا فيها "زوارق عسكرية محتملة".
وقال الكرملين اليوم الجمعة إن ما يصفه بتصرفات أوكرانيا "التي لا يمكن التنبؤ بها" تشكل خطراً على الملاحة المدنية في البحر الأسود، واتهم كييف بتنفيذ "هجمات إرهابية" في المنطقة.
وحذرت روسيا هذا الأسبوع من أنه يمكن اعتبار السفن المتجهة إلى موانئ أوكرانيا على البحر الأسود أهدافاً عسكرية، واعتبار الدول التي ترفع أعلامها أطرافاً في الصراع مع أوكرانيا بعد أن ألغت الضمانات الأمنية لتلك السفن إثر انسحابها من اتفاق الحبوب.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن "التصرفات التي لا يمكن التنبؤ بها، علاوة على تورط نظام كييف في أعمال إرهابية، من المحتمل أن تشكل بالتأكيد خطراً في هذه المنطقة".
ورداً على سؤال حول إذا ما كانت السفن التي تحمل نفطاً روسياً وسلعاً أخرى من موانئ روسيا على البحر الأسود معرضة للخطر وإذا ما كانت موسكو ستغير مسارات إبحار سفنها في البحر الأسود، قال بيسكوف للصحافيين إن الدوائر الحكومية ستصدر قرارها. وأوضح "يجري تحليل الوضع، وستقوم أجهزتنا المسؤولة بوضع التوصيات المناسبة لتقليل الخطر للحد الأدنى".
مجلس الأمن
في الأثناء، قال حاكم منطقة أوديسا الأوكرانية، اليوم الجمعة، إن الصواريخ الروسية أصابت صوامع حبوب تابعة لمؤسسة زراعية في المنطقة الواقعة جنوب أوكرانيا، ما أسفر عن إصابة شخصين، وقال على تطبيق المراسلة "تيليغرام" "للأسف تم قصف صوامع حبوب تابعة لمؤسسة زراعية في منطقة أوديسا. لقد دمر العدو 100 طن من البازلاء و20 طناً من الشعير".
ويجتمع مجلس الأمن، اليوم الجمعة، لمناقشة تداعيات انسحاب موسكو من اتفاق تصدير الحبوب على الأسعار العالمية وسط تواصل القصف الروسي لموانئ أوكرانيا، الأمر الذي عدته واشنطن محاولة لإعادة فرص الحصار الروسي على أحد أكبر مصدري المواد الغذائية في العالم.
ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن السلطات في شبه جزيرة القرم قولها، إن الجسر أغلق مؤقتا، في وقت متأخر من مساء الخميس، بسبب انطلاق إنذار من ضربة جوية، لكن حركة المرور استؤنفت بعد وقت قصير.
وفي هزة لأسواق الحبوب العالمية وتصعيد للأزمة في البحر الأسود، واصلت روسيا الضربات الجوية لليلة الثالثة على التوالي لموانئ أوكرانية ووجهت تهديداً لسفن متجهة إلى أوكرانيا ردت عليه كييف بالمثل.
ووردت تقارير عن إصابة ما لا يقل عن 27 مدنياً جراء الضربات الجوية للموانئ، والتي أشعلت النيران في مبان وألحقت أضراراً بالقنصلية الصينية في أوديسا.
وقالت الولايات المتحدة، إن تهديد روسيا للسفن يشير إلى أن موسكو قد تهاجم سفناً في البحر بعد أن انسحبت، الإثنين الماضي، من اتفاق توسطت فيه الأمم المتحدة للسماح لأوكرانيا بتصدير الحبوب.
وأدت الإشارة إلى أن روسيا على استعداد لاستخدام القوة لإعادة فرض الحصار على أحد أكبر مصدري المواد الغذائية في العالم إلى ارتفاع الأسعار العالمية.
وتقول موسكو إنها لن تشارك في اتفاق الحبوب الذي أبرم قبل عام إذا لم يوفر شروطاً أفضل لمبيعاتها من المواد الغذائية والأسمدة.
اتفاق الحبوب
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن محادثاته المزمعة مع نظيره الروسي قد تؤدي إلى عودة العمل بمبادرة الحبوب في البحر الأسود، ودعا الدول الغربية إلى النظر في مطالب روسيا، بحسب ما أفادت به محطات تركية اليوم الجمعة.
وقال أردوغان للصحافيين خلال رحلة العودة من جولة ضمت دولاً خليجية وشمال قبرص، إن "إنهاء اتفاق الحبوب في البحر الأسود سيكون له سلسلة من العواقب، تتراوح من زيادة أسعار الغذاء العالمية إلى شح (الحبوب) في مناطق معينة، وربما يؤدي إلى موجات جديدة من الهجرة". وأضاف "أعتقد أنه من خلال مناقشة الأمر بشكل شامل مع الرئيس بوتين، يمكننا ضمان استمرار هذا الجهد الإنساني".
وقال أردوغان "ندرك أن لدى الرئيس بوتين أيضاً توقعات معينة من الدول الغربية، ومن الأهمية بمكان أن تتخذ هذه الدول إجراءات في هذا الشأن".
مجلس الأمن يجتمع
وقالت البعثة البريطانية لدى الأمم المتحدة، إن مجلس الأمن الدولي سيجتمع، اليوم الجمعة، لمناقشة "التداعيات الإنسانية" لانسحاب روسيا من الاتفاق.
وندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشدة بالهجمات الروسية على موانئ أوكرانيا بالبحر الأسود، وحذر من أن "تدمير البنية التحتية المدنية قد يشكل انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي".
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك "هذه الهجمات لها تأثير يتجاوز حدود أوكرانيا"، مضيفاً أن ارتفاع أسعار القمح والذرة يضر بالجميع، خصوصاً الشعوب الضعيفة في جنوب الكرة الأرضية.
توقف سفن الحبوب
وتأمل كييف استئناف الصادرات من دون مشاركة روسيا. لكن لم تبحر أي سفينة من موانئها منذ انسحاب موسكو من الاتفاق، وتساور شركات التأمين شكوك في إمكان ضمان سياسات التجارة في منطقة حرب.
ومنذ الانسحاب من الاتفاق، أطلقت موسكو وابلاً من الصواريخ خلال الليل على أكبر اثنين من الموانئ الأوكرانية، أوديسا وميكولايف. وكانت ضربات أمس الخميس، الأشد على ما يبدو حتى الآن.
ونشر أوليه كيبر، حاكم منطقة أوديسا، صورة يظهر فيها مبنى القنصلية الصينية وقد تهشمت نوافذه. ويقع المبنى في وسط مدينة أوديسا التي تحمل اسم المنطقة نفسها ولا يفصلها عن الميناء إلا خط للسكك الحديدية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال كيبر عبر تيليغرام "المعتدون يقصفون عمدا البنية التحتية للميناء. لحقت أضرار بالمباني الإدارية والسكنية المجاورة".
وقالت وزارة الخارجية الصينية، إن موجة التفجيرات الصادمة "دمرت أجزاء من جدران القنصلية ونوافذها".
وفي ميكولايف، كافحت فرق الإطفاء حريقاً هائلاً في مبنى سكني، الذي تحول إلى حطام. كما لحقت أضرار بعدد من المباني السكنية الأخرى.
في مقابل الجسر
ووصفت موسكو الهجمات على الموانئ بأنها انتقام من ضربة أوكرانية للجسر الذي يربط بين روسيا وشبه جزيرة القرم، الإثنين. وقالت، الخميس، إن ضرباتها الانتقامية مستمرة وإنها أصابت جميع أهدافها في أوديسا وميكولايف.
وفي التهديد الأكثر صراحة حتى الآن، أعلن الجيش الروسي أنه سيعتبر جميع السفن المتجهة إلى الموانئ الأوكرانية، بداية من الخميس، ناقلات محتملة للشحنات العسكرية وسيعتبر الدول التي ترفع هذه السفن أعلامها أطرافاً في الصراع مع الجانب الأوكراني. كما قال، إنه أعلن أجزاء من البحر الأسود غير آمنة.
وردت كييف اليوم بإعلان إجراءات مماثلة، قائلة إنها ستعتبر السفن المتجهة إلى روسيا أو الأراضي الأوكرانية التي تحتلها روسيا ناقلات للأسلحة.
ووصفت واشنطن تهديد روسيا بأنه إشارة إلى أن موسكو قد تهاجم سفناً مدنية. وقال سفير روسيا لدى واشنطن أناتولي أنتونوف، إن موسكو لا تعتزم مهاجمة سفن مدنية في البحر الأسود.
120 شركة روسية على القائمة السوداء
في السياق وضعت الولايات المتحدة أكثر من 120 شركة روسية وعدداً من الشركات القرغيزية على القائمة السوداء للعقوبات، الخميس، بسبب ما قالت إنها مساهمات من قبلها في الحرب الروسية على أوكرانيا.
وقالت وزارة الخارجية، إن العقوبات تهدف إلى زيادة منع وصول روسيا إلى المواد الخام والمواد المصنعة الأساسية، وكذلك إلى التمويل بهدف إعاقة آلتها الحربية.
ومن بين عشرات الشركات المدرجة على القائمة السوداء الجديدة للخزانة الأميركية، المصارف الروسية وشركات صناعة الطاقة وشركات الشحن والشركات المصنعة لمشتريات الدفاع والتكنولوجيا، والشركات العسكرية الروسية الخاصة.
إضافة إلى ذلك، تم وضع سبعة معاهد أبحاث خاضعة لسيطرة الدولة وتتعامل مع التقنيات المتقدمة على القائمة السوداء.
كذلك، حددت وزارة الخزانة عدداً من الشركات في قرغيزستان، مشيرة إلى أن روسيا تستخدمها للالتفاف على قيود الولايات المتحدة وحلفائها على الصادرات من المواد التكنولوجية التي يريدها المصنعون الروس.
ووفقاً لوزارة الخزانة، فإن إحدى شركات قرغيزستان التي تأسست العام الماضي، وهي شركة RM Development، تعد "شركة شحن ناشطة" لأشباه الموصلات الإلكترونية والدوائر المتكاملة، تنقلها للمشتري الروسي الذي يزود بها الصناعات الدفاعية.
ونفت قرغيزستان، في وقت سابق الخميس، مساعدة حليفتها موسكو في الالتفاف على العقوبات المفروضة بسبب الغزو الأوكراني، لكنها اعترفت بـ"التورط المحتمل لشركات خاصة" وقالت، إنها تحقق في الأمر.
من جهته، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بيان، إن "هذه العقوبات ستقيد وصول روسيا إلى المواد الحيوية، وتمنع قدراتها المستقبلية في إنتاج الطاقة والتصدير، وتحد من استخدامها للنظام المالي، وتقمع المتواطئين في التهرب من العقوبات والالتفاف عليها".
وتهدف العقوبات الأميركية عموماً إلى جعل من الصعب على الأفراد أو الشركات المدرجة على القائمة السوداء العمل دولياً من طريق منع الأميركيين أو الشركات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً، بما فيها البنوك الأجنبية التي لها فروع أميركية، من التعامل معهم.
قنابل عنقودية
يأتي التصعيد في البحر الأسود في الوقت الذي قالت فيه كييف، إن روسيا تستأنف الهجوم في شمال شرقي أوكرانيا حيث حشدت موسكو 100 ألف جندي ومئات الدبابات.
قال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، الخميس، إن القنابل العنقودية التي قدمتها الولايات المتحدة لأوكرانيا تستخدم في ساحة القتال ضمن معركة كييف ضد روسيا.
وقال كيربي في إفادة صحافية "تلقينا بعض ردود الفعل الأولية من الأوكرانيين، وهم يستخدمونها بفعالية إلى حد بعيد". وأضاف أن القنابل العنقودية تؤثر في التشكيلات الدفاعية الروسية ومناوراتها.
وتعهدت أوكرانيا أن يقتصر استخدامها للقنابل العنقودية في تفريق تجمعات جنود العدو الروسي. وحظرت دول كثيرة القنابل العنقودية التي تحتوي على عشرات القنابل الصغيرة التي تمطر الشظايا على منطقة ما باعتبارها خطراً محتملاً على المدنيين.
ومنذ الشهر الماضي، تتحرك القوات الأوكرانية في الشرق والجنوب، مستعيدة مساحات صغيرة من الأراضي في أول هجوم مضاد كبير منذ العام الماضي. لكن التحرك كان بطيئاً، ولم تهاجم القوات الأوكرانية بعد الخطوط الدفاعية الرئيسية لروسيا.
ودفع التصعيد في البحر الأسود العقود الآجلة للقمح الأميركي إلى الارتفاع، الخميس، بعد أن قفزت 8.5 في المئة، الأربعاء، في أسرع ارتفاع في يوم واحد منذ الأيام الأولى للهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.
وقال تجار أوروبيون في السلع الأولية، الخميس، إن مستوردي الحبوب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يتعاملون بهدوء ومن دون هلع بعد إغلاق ممر الشحن الآمن للصادرات الأوكرانية عبر البحر الأسود هذا الأسبوع.
تبادل الاتهامات في زابوريجيا النووية
وميدانياً، أسفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الخميس لعدم تمكنها من فحص أسطح محطة زابوريجيا للطاقة النووية حتى الآن بجنوب أوكرانيا، حيث تشتبه كييف في أن القوات الروسية التي تحتل الموقع زرعت ألغاماً أو متفجرات.
وقال مدير الوكالة الأممية رافايل غروسي في بيان، إن خبراء الوكالة في الموقع "ما زالوا ينتظرون الوصول إلى أسطح مباني المفاعلات".
مطلع يوليو (تموز)، اتهمت أوكرانيا روسيا بالتخطيط لـ"استفزاز"، وأكد الجيش الأوكراني أن "أغراضاً أشبه بمتفجرات ثبتت" على أسطح المباني التي تضم المفاعلين الثالث والرابع.
من جهته، حذر الكرملين من "عمل تخريبي يقوم به نظام كييف ويمكن أن تكون تداعياته كارثية".
وإثر تبادل هذه الاتهامات، طالبت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول إلى كل المباني في المحطة من أجل "التحقق من الوقائع على الأرض" بطريقة "مستقلة وموضوعية".
في وقت لاحق، تحدث غروسي عن "تقدم" بعدما تمكن فريقه من زيارة أحواض التبريد، لكن طلب الوصول إلى الأسطح المشتبه باحتوائها متفجرات وألغاماً لا يزال معلقاً منذ أسبوعين تقريباً.
وفي الأسابيع الأخيرة، فتش موظفو الوكالة الدولية للطاقة الذرية في المحطة مواقع مختلفة "من دون ملاحظة أي آثار لألغام أو متفجرات حتى الآن"، وسط "سياق أمني متقلب في هذه المنطقة".
وسيطر الجيش الروسي على محطة زابوريجيا في الرابع من مارس (آذار) 2022، وقد استهدفت بقصف متكرر وانقطعت عن شبكة الكهرباء مرات عدة.