Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل تحول خطة "الحسم" إلى برنامج عمل حكومي

سموتريتش يشرف على إجراءات لتهويد الفلسطيينيين وتشجيع شبابهم على الهجرة

تعمل حكومة إسرائيل اليمينية على إغراق الضفة بالمستوطنين ومنع إقامة دولة فلسطينية (غيتي)

ملخص

خطة سموتريتش بإقامة دولة عبرية من نهر الأردن إلى البحر المتوسط بدأت تتحول اليوم إلى برنامج عمل يشرف على تطبيقه من خلال منصبه في الحكومة الإسرائيلية، فما تفاصيلها؟

مع أن خطة "الحسم" التي قدمها وزير المالية الإسرائيلي زعيم حزب الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش إلى النخبة في تل أبيب عام 2017 كانت ضرباً من الخيال حين وضعت، إلا أنها بدأت تتحول اليوم إلى برنامج عمل يشرف على تطبيقه من خلال منصبه الرفيع في الحكومة الإسرائيلية وتنامي دوره في الأوساط السياسية اليهودية، وبانت ملامحها من خلال تهويد طلبة الجامعات والتوسع في الاستيطان بالأراضي المحتلة.

وتهدف خطة المسؤول اليميني المتطرف إلى القضاء على الوطنية الفلسطينية من خلال عمليات دمج للفلسطينيين في المجتمع اليهودي وتسهيل الهجرة للخارج مع التصعيد ضد رافضي الخطة، إلا أن جزءاً من النخبة السياسية والأمنية الحالية في إسرائيل تعتبر أنها "ستصفي في النهاية الحلم الصهيوني بوجود الدولة العبرية كدولة يهودية ديمقراطية".

وتحت اسم "أمل واحد" تطرح خطة سموتريتش لإنهاء الصراع الفلسطييني - الإسرائيلي عبر خلق واقع عملي وسياسي يقضي على الوطنية الفلسطينية، ويمنع إقامة أية دولة بين نهر الأردن والبحر المتوسط سوى الدولة العبرية، إذ يرى باستمرار وجود تطلعين قوميين متعارضين في "أرض إسرائيل" طريقاً "لسنوات عديدة أخرى من إراقة الدماء والصراع المسلح"، والحل برأيه يكمن في تخلي أحد الطرفين ويقصد شعب فلسطين "عن طيب خاطر أو بالقوة، عن تطلعاته الوطنية، وعندها فقط يتحقق السلام المنشود ويصبح التعايش المدني ممكناً".

كسب الصراع

وتشكل الخطة التي طرحها سموتريتش قبل ست سنوات انقلاباً كاملاً في المقاربة الإسرائيلية لحل الخلافات، "لأن المقترحات القديمة كافة تقدم حلولاً تديم الصراع"، لكن خطته تطالب "بكسب صراع الدولة، بدلاً من مجرد إدارته عبر تقديم حل حقيقي وممكن وعملي لإنهائه وإحلال السلام الحقيقي".

وتنفي الخطة وجود شعب فلسطيني، مشيرة إلى أنه "تشكل كخطوة مضادة للحركة الصهيونية التي هي سبب وجود الفلسطينيين، وأن التناقض بينهما ملازم"، لذلك فإن قيام دولة فلسطينية على حدود 1967 "ليست سوى محطة نحو العودة لحيفا ويافا، وإقامة دولة عربية على أنقاض إسرائيل".

وتخلص الخطة إلى أن "حل الدولتين" ليس فقط "ضد الأيديولوجيا الصهيونية"، لكنه "غير واقعي، لأن الحد الأقصى الذي يرغب اليسار الإسرائيلي تقديمه أقل بكثير من الحد الأدنى الذي يرغب فيه الأكثر اعتدالاً" من الفلسطينيين، كما تدعو ليس فقط  إلى "إعلان إسرائيلي حاسم للعرب والعالم أجمع أن الدولة الفلسطينية لن تنشأ"، بل إلى "فرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على الضفة الغربية".

 

الانتصار بالتوطين

ولكي يصبح "الحلم العربي غير قابل للحياة"، تطالب الخطة بـ"إنهاء النزاع بالاستيطان، عبر إنشاء مستوطنات جديدة في عمق المنطقة، وجلب مئات الآلاف من المستوطنين للعيش فيها"، وسيضمن "الانتصار بالتوطين في قضم الأمل العربي في إقامة دولة غرب الأردن، وسيكون أمامهم طريقان"، بحسب الخطة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتفترض خطة سموتريتش أن الفلسطينيين لن يكون أمامهم سوى "البقاء كأفراد في الدولة اليهودية بعد "التخلي عن تطلعاتهم القومية" أو الهجرة إلى خارجها لإحدى الدول العديدة التي يدرك فيها العرب طموحاتهم الوطنية، أو إلى أية وجهة أخرى في العالم".

وتنفي الخطة النية لممارسة "الطرد الوحشي" لتحقيق ذلك، لكن ذلك سيتم عبر "خطط قائمة على الرغبة في حياة أفضل من أشخاص يتمتعون بالمهارات المناسبة لبلدهم الجديد الذي يستوعبهم، والقدرة الاقتصادية على إحداث التغيير"، مشيرة في الوقت ذاته إلى قسم ثالث سيرفض هذين الخيارين، وسيلجأ إلى "الاستمرار في محاربة الجيش الإسرائيلي ودولة إسرائيل والسكان اليهود، إذ سيكون التعامل معهم بيد قوية وفي ظل ظروف أكثر سهولة للقيام بذلك".

وأد الطموحات

وتشدد الخطة على ضرورة "وضع حد للطموحات الوطنية الفلسطينية باعتبارها منبع الإرهاب فبغياب الأمل ستتلاشى الدوافع التي تدفع بالإرهاب"، لافتة إلى أن "أولئك الذين يختارون البقاء هنا كأفراد سيتمكنون من التمتع بحياة أفضل بكثير من أقاربهم وأصدقائهم في البلدان العربية المحيطة أو الحياة التي يمكن أن يتوقعوها في ظل حكومة السلطة الفلسطينية".

في الوقت ذاته ترفض الخطة منح هؤلاء المواطنة الكاملة في إسرائيل في البداية بهدف "الحفاظ على الأغلبية اليهودية في صنع القرار"، لكن من الممكن النظر في منح الجنسية الكاملة وفقاً لعدد السكان العرب الذين يرغبون في ذلك بعد إعلان الولاء الكامل للدولة اليهودية من خلال الخدمة في القوات المسلحة مثل الدروز".

تحديات ديموغرافية

وترفض الخطة وصف إسرائيل في ظل ذلك الوضع بأنها "دولة فصل عنصري، إذ إن الافتقار إلى الحق الكامل في التصويت لا يعني حكم الفصل العنصري بل هو عنصر مفقود في سلة الحريات"، لكنها تمنح لمن يريد البقاء "الإدارة الذاتية المستقلة بما في ذلك الإدارات البلدية، إلى جانب الحقوق والواجبات الفردية".

وترجح الخطة وجود تحديات عدة أمام تنفيذها كرفض العالم لها، مشيرة إلى الحاجة إلى تكريس النظرة بـ"الطبيعة غير الواقعية لحل الدولتين"، مطالبة بعدم الخوف من التحدي الديموغرافي لأن "الاتجاهات الديموغرافية خلال العقدين الماضيين تتجه إلى صالحنا، إذ ارتفع معدل المواليد اليهود بينما انخفض معدل مواليد العرب بشكل كبير على جانبي الخط الأخضر"، ولا تتوقع "وجود أغلبية عربية في أرض إسرائيل خلال العقود المقبلة، إذا اتخذت تدابير تهدف إلى تحسين التوازن الديموغرافي عبر استيعاب المهاجرين اليهود، وتشجع جزءاً من السكان العرب على الهجرة".

مخاوف يهودية

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق غادي آيزنكوت حذر من أن خطة سموتريتش تشكل "كارثة على المشروع الصهيوني، وخطراً على مستقبل إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية تقدمية"، لافتاً إلى أنها "نمت على خلفية غياب استراتيجية إسرائيلية في الحلبة الفلسطينية طوال سنين"، مضيفاً أن "المشكلة هي مع الحزب الحاكم ونتنياهو الذين جلبونا إلى وضع تقود فيه الهوامش المتطرفة الدولة إلى مكان مدمر".

تدحرج سياسي

المتخصص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور يرى أن الخطة "تلخيص لأفكار اليمين الإسرائيلي وطريقته للحل بعد استنفاد الحلول السياسية وإدارة الصراع"، مشيراً إلى أنها تضع الفلسطينيين أمام خيارات سيئة لهم ومرفوضة من المجتمع الدولي، إلى جانب أن معظم الإسرائيليين لا يؤمنون بها.

ولفت منصور إلى أن "تزايد قوة اليمين الصهيوني وإمساكه بمفاصل الدولة الإسرائيلية، خصوصاً الوزارات التي تتحكم بالفلسطينيين، يعطي الخطة إمكان أن تصبح واقعية وأن تتدحرج"، منوهاً بما تقوم به الحكومة اليمينية من إجراءات تنفيذية لخلق بنية تحتية موائمة لها.

وأوضح منصور أن تحذير النخبة الأمنية والسياسية من تلك الخطة يعود للخشية من "ذوبان الدولة اليهودية في أغلبية فلسطينية، وذلك بعد معركة الفلسطينيين على حقوقهم المدنية والسياسية في إسرائيل".

رؤية توراتية

وفي السياق اعتبر الباحث في مركز الدراسات الإسرائيلية وليد حباس أن الخطة "رؤية توراتية لحسم المسألة الفلسطينية" تقوم على مقاربة "بنفي وجود الشعب الفلسطيني تاريخياً"، مشيراً إلى أنها تفترض أن "المنطقة بين نهر الأردن والبحر المستوط يجب تكون تحت السيادة اليهودية تنفيذاً لقوة التوراة والوعد، فأي تنازل عن الضفة الغربية التي تعتبر قلب إسرائيل أو السماح بدولة سيادية للأغيار يشكل خطيئة دينية وليس خطأ سياسياً فقط".

وأوضح حباس أن الخطة لا تقدم على أرض الواقع شيئاً مغايراً لأسلوب الصهيوينة للاستيطان، لكنها تختلف في جذورها التوراتية التي أصبحت تتغلغل في الدولة العميقة لإسرائيل، وتؤثر في الرؤية السياسية لتل أبيب.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات