ملخص
رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، وجه رسالة خاصة إلى جنوده قائلا إن "غاية الجيش الدفاع عن إسرائيل والانتصار في الحرب وضمان وجودها".
مع حال عدم جاهزية الجيش الإسرائيلي وما وصفه بعضهم بتفككه الداخلي عادت الأجواء التي سبقت حرب أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973 ويسميها الإسرائيليون حرب "يوم الغفران" إلى رأس أجندة طرفي الصراع من مؤيدي التمرد وعدم الامتثال للخدمة والداعين إلى إبقاء الجيش خارج الاحتجاج والانقسام الذي تشهده إسرائيل.
رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي وجه رسالة خاصة إلى جنوده، قائلاً إن "غاية الجيش الدفاع عن إسرائيل والانتصار في الحرب وضمان وجودها"، بعدما وجد نفسه أمام إعلان 10 آلاف جندي احتياط التوقف عن الخدمة.
هاليفي بات في مواجهة أكثر من 100 ضابط وجنرال ومسؤول أمني سابق في إسرائيل دعوا إلى دعم ضباط وجنود سلاح الجو الإسرائيلي في عدم الامتثال للخدمة العسكرية، وحذروا من خطورة وضع الجيش وعدم قدرته على الجاهزية والاستعداد وخوض أي صراع، إذ اعتبر رئيس الموساد السابق يوسي كوهين أن الاستمرار بالوضعية الحالية وتعنت الحكومة في تنفيذ خطتها بتشريع القوانين سيجعل الجيش غير قادر على الدفاع عن أمن إسرائيل ومواجهة الخطر الإيراني.
رسالة هاليفي جاءت في أعقاب أكثر من وثيقة ورسالة لضباط ومسؤولين في الجيش أعلنوا عن وقف خدمتهم ومنهم من هدد في حال استمرار خطة التشريع بالانضمام إلى العصيان داخل الجيش، لكن ما هز كيان قادة الجيش ودفع هاليفي إلى كتابة مثل هذه الرسالة التي لم يسبق أن بعث بمثل مضمونها أي رئيس أركان إسرائيلي سابق منذ 50 عاماً في الأقل، هو إعلان أربعة من الضباط الكبار في سلاح الجو عن وقف خدمتهم وهم زئيف ليفي ويارون روزين وشيلي غوتمان وأمنون عين دار، وهو قرار اعتبره أكثر من مسؤول وخبير عسكري مؤشراً إلى اقتراب سلاح الجو من الخط الأحمر، بخاصة أن هؤلاء من ضمن مجموعة تدربت قبل فترة وجيزة على إدارة المعارك بطريقة معينة تتناسب والخطط العسكرية التي وضعها الجيش، وهم قادة في وحدات الأنشطة العملياتية.
10 آلاف جندي احتياط يعلنون التمرد
استفاقت القيادة العسكرية للجيش الإسرائيلي على معضلة مواجهة استمرار الإعلان عما سماه عسكريون "التمرد العسكري" بعد أن أعلن 10 آلاف جندي في ساعة متأخرة من ليل أمس السبت إنهاء الخدمة في الجيش، وقالوا في مؤتمر صحافي "نحن نقف في واحدة من أصعب اللحظات في تاريخ إسرائيل. نحن 10 آلاف جندي احتياط نحمل الحكومة المسؤولية. لقد فعلنا كل شيء لحماية البلاد حتى لا نصل إلى هذه اللحظة. ندعوكم إلى إيقاف خطة التشريع. سنخدم المملكة وليس الملك. الحدود بين الديمقراطية والديكتاتورية هي أهم ما حافظنا عليه حتى الآن. التغييرات تتم بتوافق واسع وليس خلسة".
وشكل هذا الإعلان الجماعي ضوءاً أحمر دفع مسؤولين أمنيين وعسكريين إلى التحذير من خطورة الأمر ودعوا إلى عدم تجاهل هذا العدد الكبير من رافضي الخدمة وإجراء بحث فوري لاستدراك تداعياته واحتمال اتساعه.
أجواء حرب أكتوبر
على مدى أيام سيطرت على نقاشات الإسرائيليين الأجواء التي عاشوها قبل حرب أكتوبر، عندما لم تصغِ القيادة إلى التحذيرات من خطر الوضع المحيط بإسرائيل.
ضابط إسرائيلي كبير رفض ذكر اسمه قال، "نحن في وضع مشابه لذلك الذي ساد عشية حرب يوم الغفران. توقعاتنا أن يستدرك الأمر القادة العسكريون من هيئة الأركان وقادة سلاح الجو والبر والبحر ويطلقون صرخة موحدة في وجه متخذي القرار في المؤسسة السياسية والتحذير من العواقب المتوقعة إذا سمح بحدوث أمر كهذا. فما نشهده اليوم يذكر بالإشارات الأولى لعبور مصر للقناة، عشية الحرب. ولم يعد بإمكان القيادة العليا التحدث عن احتمال منخفض لوقوع الخطر".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مما برز خلال المقارنة بين حرب أكتوبر واليوم بعض ما تضمنه تقرير لجنة التحقيق في فشل حرب أكتوبر "أغرانات" الذي جاء فيه "بدأ الجيش الإسرائيلي الذي كان مزوداً بمعلومات كاذبة وتسيطر عليه الثقة بالنفس والغطرسة، بإطلاق سراح جنود الاحتياط الذين تم تجنيدهم قبل شهرين بعد تلقي تحذير باحتمال نشوب الحرب. في الشهرين التاليين، في صباح يوم الحرب، فضل الجيش الإسرائيلي التعامل مع نوايا العدو بدلاً من قدراته مقابل قدرات إسرائيل. كان الجيش الإسرائيلي يعرف جيداً عدد القوات التي تمتلكها مصر وسوريا على الحدود، وأن بإمكانهما الهجوم في غضون ساعتين. كانوا يعلمون أيضاً أن إسرائيل ليست لديها قوات لصد مثل هذا الهجوم، لكن الجيش أطلق سراح الاحتياط ولم تتم تعبئتهم مرة أخرى حتى الحرب".
أما اليوم، وبحسب الخبير العسكري رونين برغمان، المحاضر في مجال الأسرى والمخطوفين، فإن الوضع شبيه بل أكثر خطورة، خصوصاً إذا ما نفذت خطة "الإصلاح القضائي" ويقول "يعمل سلاح الجو بشكل مختلف عن وحدات الجيش الإسرائيلي الأخرى لأنه يشارك في عمليات على مدى العام، حتى في الأيام التي لا توجد فيها حرب، وفي الدفاع عن الأجواء الإسرائيلية على مدى الساعة ضد تسلل العناصر المعادية، وفي جمع المعلومات الاستخبارية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وأيضاً في مهاجمة أهداف إقليمية، وتتم تلك الغارات من قبل قوة من الطيارين المقاتلين ومشغلي الطائرات من دون طيار، ربعهم من الطيارين المنتظمين وربعهم من الضباط المحترفين الذين يخدمون في مناصب أخرى في سلاح الجو، أما نصفهم، فهم من جنود الاحتياط".
أكبر التحديات منذ 42 عاماً
رئيس الموساد السابق يوسي كوهين توجه إلى الحكومة بطلب توقيف التشريع محذراً من تقهقر وضع الجيش الإسرائيلي وضعف قدراته أمام التحديات الأمنية، وإيران بشكل خاص، وقال "في الماضي، حتى في الأيام التي كنا فيها مختلفين حول الطريقة التي علينا أن نستخدمها في الساحات المختلفة ضد إيران، في الساحة الدولية، في الساحة المحلية، وفي إيران نفسها، أدرنا باستقامة وبصدق شديد المداولات بيننا، وسط إعراب كل واحد في إطار مسؤوليته عن رأيه وموقفه، حتى نتخذ قراراً مشتركاً ومتفقاً عليه بيننا جميعاً. فأمن الدولة متداخل جداً في وحدتنا، نحن رؤساء الأجهزة الأمنية والقيادة السياسية".
واعتبر كوهين الأوضاع التي شهدتها إسرائيل خلال الأشهر الأخيرة "تحدياً لم أواجه مثيلاً له خلال 42 عاماً من انشغالي في الأمن القومي، بداية من الجيش، كمقاتل وقائد في الخدمة القتالية، ولاحقاً في الموساد بمناصب تنفيذية عدة حتى منصب رئيس الجهاز، ولاحقاً كرئيس هيئة الأمن القومي، وعليه فقد عملت في الفترة الأخيرة بأفضل ما أستطيع كي أربط بين الناس المختلفين، من فئات مختلفة، ذوي آراء مختلفة وذلك بهدف مركزي واحد وهو الوصول إلى قرار صائب من خلال الحوار".
تذكروا حرب الغفران ولبنان الثانية
أمام هذه التحذيرات ومزيد من العصيان داخل الجيش الإسرائيلي ما كان أمام رئيس الأركان إلا التوجه إلى جنوده في محاولة لمنع انسحاب مزيد منهم، داعياً إياهم إلى تذكر من فقدتهم إسرائيل في حرب أكتوبر ومن أصيب من بينهم وقال "تذكروا الطيارين المقاتلين الذين شاركوا في حرب يوم الغفران قبل 50 عاماً، عندما انطلقوا لمساعدة القوات المقاتلة ولم يعد بعضهم للطيران بعد أن أصيبوا. وتذكروا اليوم طياري المروحيات الذين دخلوا قبل 17 سنة لنقل الجرحى إبان حرب لبنان الثانية مخاطرين بحياتهم".
وطالب هاليفي من قرر الانضمام إلى الاحتجاج ووقف الخدمة العسكرية بإعادة التفكير قائلاً "لم يفت الأوان للتصحيح. يجب التصحيح، فليس من سبيل سوى التماسك الداخلي والخارجي. إنه السبيل الوحيد الذي نستطيع من خلاله الحفاظ على غاية الجيش المتمثلة في الدفاع عن إسرائيل وضمان وجودها".