ملخص
اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ لا تضيف الكثير إلى الاقتصاد البريطاني.
قال خبراء تجاريون بارزون إن الاتفاقية التجارية الجديدة الشهيرة التي أبرمت بعد بريكست بين الحكومة البريطانية وبلدان في المحيط الهادئ "لن تؤدي إلى مكاسب اقتصادية كبيرة للمملكة المتحدة".
وضمت وزيرة الأعمال كيمي بادينوك الأسبوع الماضي بريطانيا إلى الاتفاق الشامل والتقدمي للشراكة العابرة للمحيط الهادئ، وزعمت أنه سيعطي الاقتصاد "دفعاً مهماً" ليس ممكناً إلا خارج إطار الاتحاد الأوروبي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت إن التقديرات الرسمية الصادرة عن وزارتها نفسها بزيادة ضئيلة في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.08 في المئة على مدى 10 سنوات تقديرات ضئيلة للغاية ولا تأخذ في الاعتبار المنافع الخفية المحتملة للانضمام.
لكن أكاديميين في مرصد السياسات التجارية البريطانية المرموق بحثوا في الاتفاقية وأفادوا بإن توافر الشروط المفترضة لتحقيق دفع إضافي يبدو "غير مرجح للغاية".
ويشير الأكاديميون في جامعة "ساسكس" أيضاً إلى أن المنفعة الصغيرة للاتفاق البالغة 0.08 في المئة تبدو "أقل إلى حد ما من أن تعوض عن خسارة الناتج المحلي الإجمالي المتوقعة البالغة أربعة في المئة والناجمة عن مغادرة الاتحاد الأوروبي".
تجدر الإشارة إلى أن الاتفاق الشامل والتقدمي للشراكة عبر المحيط الهادئ هو اتفاقية للتجارة الحرة بين أستراليا وبروناي وكندا وشيلي واليابان وبيرو وسنغافورة وماليزيا والمكسيك ونيوزيلندا وفيتنام، وهي أُسّسَت عام 2018 لخفض الحواجز التجارية بين البلدان المعنية.
ويشير الباحثون إلى أن منافع الاتفاق بالنسبة إلى بريطانيا ضئيلة، لأن المملكة المتحدة تربطها بالفعل اتفاقيات ثنائية للتجارة الحرة مع أعضاء الاتفاقية الجديدة باستثناء اثنين، وهما بروناي وماليزيا.
وتأمل الحكومة في أن تتوسع المنطقة التجارية لتشمل مزيداً من البلدان، مثل الصين. ويقول الباحثون إن دخول الصين إلى الكتلة يمكن أن يشكل تحولاً محورياً – لكن من غير المرجح كثيراً أيضاً أن تدخل.
وكانت الصين قد تقدمت بطلب للانضمام إلى الاتفاقية عام 2021، لكن منذ ذلك الحين، يعني "التنافس المتصاعد على الهيمنة بين الصين والولايات المتحدة، والتوسع الصيني في بحر الصين الجنوبي، والنزاع بين الصين وتايوان" – إضافة إلى الاختلافات في المعايير التجارية – أن "من غير المرجح أن تنضم الصين إلى الاتفاقية في المستقبل المنظور"، وفق ما يخلص إليه الباحثون.
غير أن طلبها الانضمام يعقّد أيضاً الأمور، ويلقي غمامة جيوسياسية على الإجراءات يمكن أن تعطل انضمام بلدان أخرى إلى الاتفاقية، مثل تايوان.
وكتب واضعو الدراسة الدكتور ميناكو موريتا-جايغر، والدكتور مانويل تونغ كويكلين، ونيكولو تامبري، وغييرمو لاربالستيير يقولون: "لن يؤدي الانضمام إلى الاتفاق الشامل والتقدمي للشراكة عبر المحيط الهادئ إلى مكاسب اقتصادية كبيرة للمملكة المتحدة. ذلك أن أي مكاسب من هذا القبيل ستعتمد إلى حد كبير على احتمال توسيع الاتفاقية في المستقبل، ولا سيما إذا انضمت الصين، وبدرجة أقل تايوان وتايلاند وأوروغواي التي تقدمت أيضاً بطلبات للانضمام".
واستنتجوا قائلين: "يبدو انضمام الصين إلى الاتفاقية غير مرجح للغاية"، وأشاروا إلى أن طلب البلد للانضمام "قد تكون له آثار في الانضمامات الأخرى، ولا سيما انضمام تايوان"، وأن "طلب الصين للانضمام إلى الاتفاقية يجعل النادي يواجه صعوبة أكبر في التوسع".
كذلك تشير مسودة الورقة، التي حصلت عليها صحيفة "اندبندنت"، إلى أن رغبة المملكة المتحدة نفسها في انضمام الصين إلى الكتلة غير واضحة لأسباب سياسية واستراتيجية. وفي مارس (آذار) من هذا العام، قالت رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس، التي تتموضع من ضمن الصقور إزاء الصين، إن "من الضروري" أن ترفض المملكة المتحدة أي مقترحات لانضمام الصين إلى الكتلة.
ومن دون انضمام بلدان جديدة، تكرر الكتلة إلى حد كبير الاتفاقيات القائمة التي أبرمتها المملكة المتحدة على أساس ثنائي.
ويشير تحليل أجراه الباحثون إلى أن الغالبية العظمى من الاتفاقيات الحالية التي أبرمتها بريطانيا مع الأعضاء الحاليين في الاتفاق الشامل والتقدمي للشراكة عبر المحيط الهادئ هو نسخ من الاتفاقيات التي تمتعت بها المملكة المتحدة بفضل عضويتها في الاتحاد الأوروبي أو تستند إلى هذه الاتفاقيات في شكل وثيق.
لكن الأهم من ذلك، أن الاتفاقيات التي أبرمتها بريطانيا بالفعل مع البلدان الأعضاء في الاتفاق الشامل والتقدمي للشراكة عبر المحيط الهادئ هو في بعض الحالات أفضل من الشروط التي يمكن أن تتاجر وفقها مع هذه البلدان من ضمن الاتفاقية.
ويقول الباحثون: "بالنسبة إلى بعض المنتجات، تُعَد [شروط الاتفاقية الشاملة والتقدمية للشراكة عبر المحيط الهادئ] أكثر تقييداً من تلك التي تحكم علاقات المملكة المتحدة مع تلك البلدان من خلال الاتفاقيات الثنائية الموقعة أخيراً. والمطلوب تحليل خاص بكل منتج لفهم المنتجات التي يمكن أن تستفيد من قواعد ترتيبات المنشأ الخاصة بالاتفاقية الشاملة والتقدمية للشراكة عبر المحيط الهادئ".
ويشكل التحليل ضربة لحكومة المملكة المتحدة، التي تفاخر بالاتفاقية بوصفها هدفها الرئيسي في التجارة منذ أن خف اهتمام الحكومة الأميركية بإبرام اتفاقية تجارية معها.
وقال مؤيدون لبريكست إن اتفاقيات للتجارة الحرة كهذه مبرر جيد لمغادرة السوق الموحدة والاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي، بما يسمح لبريطانيا بإبرام اتفاقات في شكل مستقل عن بروكسل.
وقالت ليلى موران الناطقة باسم الحزب الديمقراطي الليبرالي للشؤون الخارجية إن البحث الأخير "يوضح أن الاتفاقية لن تقترب من التعويض عن الضرر الذي أحدثه المحافظون باقتصادنا"، وانتقدت "اتفاق الحكومة الفاشل مع أوروبا وتعهدها المنتهك بإبرام اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة"، وأضافت "بدلاً من ذلك، هناك مخاوف جدية من أن تقوض الاتفاقية المعايير العالية في المملكة المتحدة في شأن جودة الأغذية والبيئة ورفاه الحيوان. ولا عجب في أن الوزراء المحافظين لم يسمحوا لأحد بالتدقيق في الاتفاق في شكل صحيح قبل توقيعه".
"لقد خذلت هذه الحكومة المحافظة البعيدة من الواقع الشركات البريطانية والجمهور مراراً بوعودها غير المحترمة واتفاقاتها التجارية الفاشلة. إن الديمقراطيين الليبراليين واضحون في أن تنمية اقتصاد المملكة المتحدة يستدعي إبعاد المحافظين عن السلطة وتصحيح العلاقة المقطوعة مع أوروبا".
وقال ناطق باسم وزارة الأعمال والتجارة "هذا اتفاق عظيم للاقتصاد البريطاني، إذ يوفر تجارة بمليارات الجنيهات سنوياً، وسيستفيد كل بلد ومنطقة من ذلك. ستمتلك الاتفاقية الشاملة والتقدمية للشراكة عبر المحيط الهادئ الآن ناتجاً محلياً إجمالياً مجتمعاً يبلغ 12 تريليون جنيه استرليني (15.4 تريليون دولار) ويمثل 15 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ووظفت الشركات الخاضعة إلى الاتفاقية واحداً من كل 100 عامل في المملكة المتحدة عام 2019 لذلك سيدعم الانضمام إلى المجموعة الوظائف، وزيادة الأجور، وتوليد الفرص في أنحاء البلاد كلها".
© The Independent