ملخص
اجتماع الحرية والتغيير يسعى لبلورة رؤية سياسية موحدة لوقف الحرب
يختتم تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، اليوم الثلاثاء 25 يوليو (تموز)، بالعاصمة المصرية القاهرة، اجتماعه الأول منذ اندلاع الحرب السودانية، منتصف أبريل (نيسان) الماضي، الذي انعقد، على مدى يومين، لمناقشة بناء جبهة وطنية عريضة لإنهاء الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، وحشد الجهود الوطنية والإقليمية والدولية وإعادة إعمار ما دمرته الحرب.
بناء جديد
وخاطب عمر الدقير القيادي بالتحالف رئيس حزب المؤتمر السوداني في الجلسة الافتتاحية للاجتماعات التي انطلقت، ظهر أمس الإثنين، مجدداً الدعوة لطرفي النزاع للتوصل لوقف إطلاق النار ضمن جولة مفاوضات جدة التي انعقدت برعاية السعودية والولايات المتحدة.
وأكد التحالف، في بيان، على ضرورة إطلاق عملية سياسية تشمل جميع السودانيين ولا يستثنى منها إلا حزب المؤتمر الوطني المنحل وواجهاته ورموزه وقياداته، بغرض استعادة المسار الانتقالي المدني الديمقراطي وفق رؤية سياسية تؤسس لبناء وطني جديد تعالج آثار الحرب وإعادة إعمار ما دمرته، واعتبر البيان أن الاجتماع يكتسب أهميته الخاصة كونه الأول للتحالف بصورة مباشرة منذ اندلاع الحرب التي دخلت شهرها الرابع في ظل تزايد المعاناة الإنسانية للشعب في الداخل والخارج، مشدداً على أن التحديات والمتغيرات الماثلة تفرض رؤى واضحة على رأسها ضرورة وقف الحرب وقطع الطريق أمام مخططات تحويلها إلى حرب أهلية شاملة تتبناها فلول النظام المباد.
محاذير الانزلاق
وأكد الدقير، في مستهل الاجتماع، أن المنطق السليم والضمير الإنساني يدعو إلى وقف هذه الحرب التي خلّفت كارثة إنسانية متفاقمة تهدد الملايين من أبناء الشعب السوداني بالجوع والتشريد، ودمرت البنى التحتية والممتلكات، وحذّر من انزلاق البلاد إلى حرب أهلية شاملة ومن التدخلات الأجنبية، وقال إن "فلول النظام السابق يسعون لتأمين عودتهم إلى سدة الحكم مرة أخرى".
مسار جديد
ودعا الدقير إلى اعتماد مسار سياسي جديد وشامل يضم كل القوى الوطنية المحبة للسلام المؤمنة بالديمقراطية وقضايا التحول الديمقراطي وبناء دولة المواطنة وصولاً إلى انتخابات عامة حرة ونزيهة تعبّر عن إرادة الناخبين السودانيين، مطالباً القوى السياسية "بالثقة في النفس واستلهام روح ثورة ديسمبر (كانون الأول) المجيدة والاعتصام بالوحدة من أجل الخلاص من هذه الحرب وبلوغ الوطن المنشود". وأضاف "سيناقش الاجتماع الرؤية السياسية لبناء التحالف العريض باعتبار أن الحرية والتغيير هي جزء من كل، يسعى للعمل مع الجميع من أجل وقف الحرب، والنظر في حشد الجهود الوطنية والإقليمية والدولية لوقف الحرب وإعادة إعمار ما دمرته ". واعتبر الاجتماع مفصلياً وتاريخياً يضع في مقدّم أولوياته وقف الحرب، وقال أيضاً "يعيش السودانيون اليوم لحظات قاسية من القلق والتوتر والخوف على وطنهم من مغبة الانهيار، وعلينا أن نتعلم من هذه التجربة وجعلها النهاية الفاصلة لكل المعاناة التي عاشتها البلاد، والتفكير في بناء المستقبل بالتسامي فوق الصغائر، وبالأمل والعمل الجماعي من أجل تحقيق وطن السلام والحرية والعدالة والديمقراطية الذي يتسع للجميع، على رغم الدم المسفوح والمعاناة والتشرد والنزوح، لكن الشعب تعوّد دائماً كلما يحترق أن ينهض كل مرة من رماد المعاناة". وأكد الدقير أن قوى إعلان الحرية والتغيير تسعى إلى اتفاق بشأن رؤية سياسية موحدة للتعامل مع الواقع الذي أفرزته الحرب الحالية، من أجل بناء جبهة عريضة لوقفها.
ورقة شاملة
وكشفت مصادر سياسية لـ "اندبندنت عربية" أن تحالف الحرية والتغيير يعكف على إعداد ورقة شاملة للاتفاق حول رؤية سياسية موحدة للتعامل مع الواقع الذي أفرزته الحرب، مشيراً إلى أن قادة التحالف سينخرطون في لقاءت مع القيادات السياسية والمجتمعية السودانية الموجودة بالقاهرة تمهيداً لبلورة مبادرة لوقف الحرب، وأوضحت المصادر أن الرؤية التي يناقشها الاجتماع لا تنفصل عن الجولة الإقليمية التي قامت بها القيادات السياسية للتحالف التي شملت كلاً من إثيوبيا وكينيا وأوغندا، فضلاً عن المشاركة في اجتماعات منظمة "إيغاد" بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، واجتماعها مع مساعدة وزير الخارجية الأميركي مولي في ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وشكر التحالف مصر قيادة وحكومة وشعباً لاستضافتها السودانيين قبل وبعد الحرب، مشيداً بحرص قيادتها ومؤسساتها على القيام بدور محوري من خلال مؤتمر قادة دول الجوار ومع الإقليم والمجتمع الدولي من أجل إنهاء الحرب العبثية في السودان بما يفتح الطريق لاستعادة الأمن والاستقرار والسلام والديمقراطية، معتبراً أن انعقاد الاجتماع في القاهرة لا يخلو من دلالات سياسية تؤكد على عمق الروابط بين السودان ومصر.
خطوة للتوافق
ووصف الزمزمي بشير عبدالمحمود أستاذ العلوم السياسية بجامعة "أفريقيا" الاجتماع الأول بعد الحرب لتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير الذي أسهم بشكل كبير في ثورة ديسمبر، بأنه خطوة للتوافق الوطني وتوحيد كتلة القوى الثورية في هذا الظرف الدقيق الذي تمرّ به البلاد. وأشار الزمزمي إلى أن انعقاد الاجتماع في أعقاب قمة قادة دول الجوار بالقاهرة، وما طرح فيه من دعوة لبناء جبهة وطنية عريضة، يتسق مع طروحات وإشارات القمة، بخاصة القيادة المصرية، بضرورة شمولية الحل وعدم العودة إلى ما قبل 15 أبريل الماضي، ورأى الأكاديمي أن المرحلة المقبلة تستدعي توسيع الحل ليشمل كل القوى السياسية المتفق عليها ومشاركتها الفترة الانتقالية المرتقبة، لافتاً إلى أن كل التصريحات الأميركية والمصرية تؤكد على ضرورة إطلاق عملية سياسية جديدة تفضي إلى انتقال يؤدي إلى عملية ديمقراطية، ما يشير إلى أن الاتفاق السياسي الإطاري السابق للحرب، لم يعد يمثل طموحات السودانيين لأن كثيراً من القوى السياسية كانت خارج هذا الاتفاق حتى من داخل المجلس المركزي للحرية والتغيير نفسه.
التحول الكبير
ونوه الزمزمي إلى أن تغييراً وتحولاً كبيراً سيحدث في أهداف ومهام الفترة الانتقالية ما بعد الحرب، وستواجه الفترة الانتقالية المرجح أن تكون قصيرة تقودها حكومة تكنوقراط، بقضايا شائكة ومعقدة أبرزها تحديات السلام والعدالة وإعادة الإعمار واستقطاب المساعدات وإنعاش الاقتصاد الذي تضرر بشدة، إلى جانب علاج آثار الحرب والانتهاكات وتعويضات المتضررين من عمليات السلب والنهب والاغتصاب وغيرها من الأضرار الكبيرة التي لحقت بالمواطنين، واعتبر أستاذ العلوم السياسية أن انعقاد اجتماع تحالف الحرية والتغيير، بحدّ ذاته، نجاح في سياق تجدد واستئناف الحراك السياسي "فهو وإن لم يصل إلى الحل المباشر للأزمة فسيسهم من دون شك في التمهيد للوصول إليه خلال الفترة المقبلة".
وحذر مصدر قيادي بالحرية والتغيير (الكتلة الديمقراطية) من تكرار عملية الإقصاء والانفراد بتقرير مصير البلاد من قوى سياسية بعينها، مبيناً أنهم سيطرحون خريطة طريق يجري العمل عليها عبر اجتماعات الكتلة المتواصلة، وأشار إلى أن الطريقة الأحادية في العمل السياسي التي تم اختبارها في الاتفاق الإطاري انتهت بالبلاد إلى الحرب الكارثية الحالية، مشيراً إلى أن توسيع مشاركة القوى السياسية يمثل أحد ضمانات الاستقرار واستدامة الحلول.
يذكر أن الحرب كانت قد عطلت المرحلة النهائية للعملية السياسية لحل الأزمة السودانية في ضوء الاتفاق السياسي الإطاري الموقع بين الجيش و"الدعم السريع" وعدد من القوى السياسية على رأسها المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير.