Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الإصلاح القضائي" في إسرائيل... بورصة تهوي واستثمار يهرب

مراقبون يشيرون إلى أن المصادقة على القانون دافع قوي لانسحاب الشركات ومهنيون ينشئون مجموعات للعمل في الخارج

مقر البورصة الإسرائيلية في العاصمة تل أبيب  (رويترز)

ملخص

وجد مستثمرون في بورصة تل أبيب وسوق الصرف الأجنبي صعوبة كبيرة في فهم ما يحدث حتى جاءت لحظة الحسم بعد المصادقة على قانون الإصلاح القضائي وانهارت البورصة إلى نسب متدينة.

بالتزامن مع إقرار الكنيست خطة الحكومة الإسرائيلية للإصلاح القضائي، تصاعدت الخطوط الحمر على شاشة بورصة تل أبيب وهوى الشيكل أمام الدولار الأميركي واليورو إيذاناً بانهيار اقتصادي غير مسبوق، ووصلت خيبة الأمل ذروتها لدى جهات اقتصادية وسياسية وحتى عسكرية من أي احتمال لتصحيح الوضع خلال الفترة القريبة.

الدراما التي رافقتها الفوضى داخل الكنيست أدخلت إسرائيل إلى عهد جديد لم تشهده منذ إقامتها عام 1948، كما يجمع سياسيون وعسكريون واقتصاديون، فبحسب مدير مركز الأعمال العربي في إسرائيل وائل كريم فإنه "عندما ينهار الاقتصاد نتيجة فقدان الأمن القضائي فذلك يعني أن معالم انهيار الدولة وصلت إلى مراحل خطرة من دون رجعة قريبة"، واصفاً ما يحدث بـ "كرة ثلج متدحرجة" لا يمكن لأحد أن يتوقع مكان وقوفها.

ويرى كريم أن "طرفي النزاع في ضائقة، فالمعارضة لم تنجح في التوصل إلى أي حل على رغم معركتها الناجحة والشاملة، فيما الحكومة ماضية في طريقها لتحقيق جميع أهدافها المبنية على سيطرتها المطلقة على إسرائيل ضمن سياسة يمين ويمين متطرف ومستوطنين".

وأضاف، "هناك احتقان كبير بسبب ما يجري والاحتجاجات التي لم تتوقف لم تحرك ساكناً لدى الحكومة ولم تدفعها إلى العدول عن خطتها، مما يعني أن ما تبقى من أمل لتحسين الوضع تلاشى لحظة المصادقة على القانون، وهذا ما انعكس بشكل فوري ومباشر على البورصة والشيكل، وهو ما ينذر بسحب مزيد من الشركات المحلية والأجنبية لاستثماراتها من إسرائيل".

 

 

هبوط البورصة ورفع الفائدة

وعلى مدار اليوم الذي تعلقت خلاله الأنظار إلى الكنيست الإسرائيلي وقد أغلق أبوابه آلاف المحتجين في الخارج لتدور بين أروقته في الداخل معركة "التغليب"، كانت الأعصاب مشدودة داخل مركز البورصة في تل أبيب حيث تذبذبت مؤشراتها وأسواق الصرف الأجنبي بشكل حاد، بين الأمل بحل وسط يكسي بيانات الشاشة باللون الأخضر، والتشاؤم بوصول تقارير تنذر بفشل الوصول إلى حلول، وما بين جهود الرئيس إسحاق هرتسوغ بتحقيق خطوات ولو بسيطة، وبين الإضراب غير المسبوق لمنتدى الأعمال في جميع أنحاء إسرائيل ومشاركة العشرات من الشركات.

ووجد المستثمرون في بورصة تل أبيب وسوق الصرف الأجنبي صعوبة كبيرة في فهم ما يحدث حتى جاءت لحظة الحسم بعد المصادقة على قانون الإصلاح القضائي وانهارت البورصة إلى نسب متدينة وصلت مساء الإثنين إلى انخفاض مؤشر "تل أبيب بانكس" بما لا يقل عن 3.86 وخسر مؤشر "تل أبيب 35" 2.21 في المئة، فيما انخفض مؤشر "تل أبيب 125" بنسبة 2.32، أما الشيكل فانخفض بنحو 1.5 في المئة مقابل اليورو والدولار.

 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونقل عن نائب رئيس قسم التداول في بورصة تل أبيب يانيف ياغوط وصفه لما يحدث بـ "الأيام النادرة وغير المشهودة"، مضيفاً أن "هناك خيبة أمل كبيرة لدى المستثمرين لأن تداعيات المصادقة على القانون الذي يمس بالمحكمة الإسرائيلية العليا والقضاء ستخيم على الأسواق التجارية لفترة طويلة"، وحذر ياغوط من إمكان تضرر التصنيف الائتماني لإسرائيل بسبب سياسة الحكومة الإسرائيلية.

فقدان الأمن الاقتصادي

ويؤكد مدير مركز الأعمال العربي وائل كريم أن المصادقة على هذا القانون تزيد من إشكال مفهوم الأمن القضائي في إسرائيل، وهو دافع قوي لهرب المستثمرين لأنه لم يعد لهم أي ضمان للحفاظ على أي ملك لهم أو حقوق اقتصادية.

ويوضح أنه "بحسب هذا القانون تستطيع الحكومة الإسرائيلية تنفيذ ما تريد وبشكل مطلق، فعلى سبيل المثال يكون هناك تخوف لدى مستثمر أجنبي في ميناء حيفا من أن تأتي الحكومة وتقرر تأميمه، وهو بدوره لا يستطيع التوجه إلى المحكمة بسبب المصادقة على القانون، وبالتأكيد فإن عدم وجود دستور في إسرائيل يبقي المشكلات من دون حلول".

ويشير كريم إلى انعكاسات انهيار الشيكل أمام الدولار واليورو على تراجع الاستثمارات الخارجية، "لأن ضعف الشيكل يؤدي إلى تدفق الدولار أو اليورو من الخارج وهذا ما حصل بعد ساعة واحدة من المصادقة على القانون، كما هو الوضع بالنسبة إلى البورصة التي تعتبر البارومتر الأهم لخطط العالم في أي اقتصاد".

 

 

خسائر تتجاوز 55 مليار دولار

ومنذ الإعلان عن خطة "الإصلاح القضائي" والخروج بحملة احتجاج واسعة شهدت إسرائيل موجة كبيرة من نقل الاستثمارات الأجنبية منها وسحب حسابات الشركات الإسرائيلية إلى الخارج، حتى تراوح عدد الشركات المنسحبة ما بين 160 و170 شركة، أدت إلى خسائر تتراوح بين 45 و55 مليار دولار.

وبحسب التوقعات الحالية فإن عشرات الشركات الإسرائيلية ستنقل حساباتها إلى الخارج، كما بادرت جهات مهنية مختلفة إلى تنظيم مجموعات للانتقال إلى الخارج.

وكانت أبرز المجموعات التي سجلت ارتفاعاً عالياً وسريعاً بين الأطباء، إذ تم تشكيل المجموعة بعد ساعات من المصادقة على القانون، ومساء أمس الإثنين لم يتجاوز عدد الأطباء الذي سجلوا أنهم يريدون الانتقال إلى الخارج للعمل الـ 100 طبيب، لكنه ارتفع إلى أكثر من 1100 طبيب حتى ساعات ظهر اليوم الثلاثاء.

وبحسب كريم فهناك تحركات من مختلف المنتديات الاقتصادية لاتخاذ قرارات إما بالإضراب أو التنظيم للانتقال إلى الخارج، إلى جانب الخسائر الناجمة عن مداخيل قيمة الضريبة المضافة التي كانت تحصل عليها الدولة من مئات الشركات، كما ينعكس الانهيار في قيمة الناتج القومي الذي لا يزيد على اثنين في المئة من عدد السكان.

الأشكنازيون

ويقول كريم إنه "عند الحديث عن انهيار إسرائيل في ظل الظروف الحالية فإن الأمر يستدعي الإشارة إلى الأشكنازيين الذين يشكلون الغالبية العظمى المعارضة للحكومة الحالية، ويعيشون اليوم خيبة أمل كبيرة ويشعرون أنهم يخسرون كل ما بنوه في الدولة، وبالتالي سيكونون أول من يغادرها".

ويضيف، "أصحاب رؤوس أموال الشركات الكبرى في إسرائيل تسرب بينهم يأس كبير، إذ أرادوا أن تدار دولتهم من خلال القيم الديمقراطية المثلى، لكنهم مع هذه الحكومة وخطتها القضائية يعتبرون أنفسهم فشلوا ولم يتمكنوا من الاستمرار في العيش هنا ويبحثون عن دول أخرى تتميز بالديمقراطية التي يبحثون عنها".

المزيد من تقارير