ملخص
يقبل الشباب بنهم على تعلم اللغة الإنجليزية في موريتانيا الفرانكفونية لمواكبة سوق العمل والهجرة
استقطبت مراكز متخصصة في تعلم اللغة الإنجليزية آلاف الشباب الموريتاني عبر حملة إعلانية ضخمة تمثلت في إعلانات تسللت إلى واجهات المحال، وعلى ألسنة النخب المتعلمة في دول أنغلوسكسونية.
مؤشرات كثيرة تدل على تزايد الاهتمام بلغة كانت إلى وقت قريب رابع لغة يحتاج المرء إلى الحديث بها في موريتانيا؛ العضو في منظمة الفرانكفونية التي ينص دستورها على أن العربية هي اللغة الرسمية للبلد وبعدها الفرنسية التي ما زالت تسيطر على المراسلات الإدارية الحكومية؛ وإن خبا نجمها خلال السنوات الأخيرة بعد وفود أجيال إدارية متعلمة بالعربية.
اهتمام واسع
على مقربة من السفارة الفرنسية في نواكشوط لا يسمع في ردهات أحد مراكز تعلم اللغة سوى كلمات إنجليزية بلكنة أميركية مميزة يتحدث بها فتية موريتانيون دون الـ20 من أعمارهم.
تغيرت وجهة اهتمام الشباب الموريتاني باللغات؛ وأصبحت الإنجليزية هي المستقبل، بحسب الطالب محمد الطاهر الذي يحكي عن شغفه بهذه اللغة ومآربه فيها.
يضيف الطاهر، سأنهي تعليمي في مجال نظم المعلوماتية ويحتاج مجالي إلى الإنجليزية. وهذا ما أسعى إلى تعلمه، فشركات الغاز والتعدين تحتاج إلى تخصصي ولكنها تشترط إجادة اللغة الإنجليزية.
معلم اللغة الإنجليزية صاليحي ادومو يرجع سبب إقبال الشباب على تعلم هذه اللغة إلى أنه أصبح من الضروري للموريتانيين الراغبين في الدراسة أو العمل في الخارج أن يتعلموا الإنجليزية لأنها اللغة الأولى المتداولة عالمياً.
يشار إلى أن مظاهر الاهتمام بالإنجليزية تنوعت في الشارع الموريتاني بين تنامي استعمالها في محادثات الأجيال الشابة، وكتابة عناوين المحال الخدمية بها بشوارع العاصمة نواكشوط.
وتولد عن الاهتمام مبادرات تشجيعية من سفارات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة للطلاب المتحدثين بالإنجليزية، حيث سافر عشرات الشباب الموريتاني خلال الأعوام القليلة الماضية إلى عواصم هاتين الدولتين في منح على حساب السفارات.
ويحظى العائدون من هذه المنح باستقبالات من السفارات التي ابتعثتهم والكتابة عن تجربتهم ونشرها على حساباتها الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
اللغة الفرنسية تتراجع
ورغم أن موريتانيا عضو في المنظمة الدولية للناطقين بالفرنسية، وتشهد منابرها الثقافية سنوياً احتفالات بمناسبة اليوم الدولي للفرنسية فإن تراجع تأثيرها وحضورها في المجال العام الموريتاني أصبح واضحاً بشكل لافت.
في السياق، يرى الروائي الموريتاني امبارك بيروك أن "هناك تراجعاً ملحوظاً للغة الفرنسية منذ سنوات. وحسب اعتقادي فإن مرد ذلك عائد إلى أنها لم تعد اللغة الأساسية في التعليم الابتدائي، وعموماً تراجعت هذه اللغة منذ الثمانينيات في موريتانيا؛ وأصبحت تستخدم في نطاق نخبوي خاص".
يضيف صاحب رواية "طبل الدموع"، الحاصلة على جائزة معرض الكتاب للأدب المكتوب بالفرنسية في 2015، "الإنجليزية فرضت نفسها عالمياً لأنها أصبحت لغة الأعمال والتكنولوجيا والإنترنت، كما أن من أسباب تراجع الفرنسية في البلاد صعوبة تعلمها لمن لم يدرس بها في سنوات تعليمه الأولى".
تذكر إحصاءات لمراكز دراسات موريتانية عن تقدم كبير للإنجليزية في سلم أوليات اختيارات تعلم لغات أجنبية في صفوف الشباب الموريتاني.
ويربط الباحث الاجتماعي السعد محمود بين قلق السعي إلى المكانة الاجتماعية لدى هؤلاء الشباب وضرورة تعلم الإنجليزية كمفتاح لولوج عالم أكثر فرصاً.
إنجليزية المطارات
ومع موجة الهجرات الجماعية لآلاف الشباب الموريتاني نحو الحلم الأميركي، تضاعف الإقبال على مراكز تعلم الإنجليزية في العاصمة نواكشوط.
وعن هذه المسألة يشير الروائي بيروك إلى "أن ما يتعلمه هؤلاء الشباب ليس إنجليزية أكاديمية؛ بل هو قشور لغوية لتمرير إجراءات المطارات، وتعلم جمل ضرورية في المعاملات اليومية".
عديد من الطلاب الراغبين في التعلم لا يخفي أهمية اختصار المناهج لكي يكسبوا الوقت، يقول هارون ولد آبه "أريد أن أتعلم أساسيات المحادثة، ولا أهتم بقواعد الإنجليزية وإملائها لأنني أرغب في تعلمها بسرعة لأحقق حلمي بالهجرة والعمل في أميركا".
وبحسب عديد من القائمين على مراكز تعليم الإنجليزية في نواكشوط، فإن أغلب الطلاب لا ينهون الدورات التي صممها تربويون لاستكمال إجادة الإنجليزية كتابة وسماعاً ونطقاً، فعامل الوقت يقضى على منهجية التعليم التي يعتمدونها.