عُثر على الملياردير الأميركي جيفري إبشتاين منتحراً في زنزانته بحسب وسائل إعلام أميركية، حيث كان محتجزا من دون إمكانية الإفراج عنه بكفالة في اتهامات تتعلق بالاتجار بالجنس، في حين قال مصدر إنه لم يكن يخضع لمراقبة الانتحار وقت وفاته.
وقال المكتب الاتحادي للسجون، الذي يدير سجن مانهاتن السفلى، في بيان إن إبشتاين (66 عاما) عُثر عليه بلا حراك في وحدة خاصة للسكن في المركز الإصلاحي الرئيسي، ونُقل إلى مستشفى محلي حيث أعلنت وفاته. وأكد موقع "نيويورك بوست" نقلاً عن مصادر أمنية، أن عربة تنقل رجلاً بملامح إبشتاين خرجت، صباح اليوم، من سجن مانهاتن الإصلاحي وتوجهت إلى مستشفى وسط مدينة نيويورك.
ووُضع إبشتاين قبل أسبوعين في "قسم مراقبة حالات الانتحار" بالسجن، بعدما عثر عليه فاقداً الوعي في زنزانته، مع جروح في رقبته.
وألقي القبض على إبشتاين في السادس من يوليو (تموز) الماضي، لكنه رفض الإقرار بالذنب في اتهامات بالاتجار في الجنس بما يشمل عشرات القاصرات، وبعضهن في سن الرابعة عشرة، في الفترة بين عامي 2002 و2005 على الأقل.
وأفادت تقارير إعلامية بأنه عثر على إبشتاين فاقدا الوعي الشهر الماضي في زنزانته مع وجود علامات على عنقه وفتح مسؤولون تحقيقا في ذلك الحادث باعتباره محاولة انتحار.
وقال وزير العدل الأميركي وليام بار إن مكتب التحقيقات الاتحادي والمفتش العام لوزارة العدل، فتحا تحقيقات في الواقعة. وأضاف أنه "فُزع" عندما علم بوفاة إبشتاين في سجن اتحادي.
وقال بار في بيان "وفاة إبشتاين تطرح تساؤلات خطيرة يتعين الإجابة عليها".
وأوضح مصدر غير مصرح له بالتحدث مع وسائل الإعلام أن اثنين من حراس السجن يتعين عليهم القيام بعمليات تفتيش منفصلة على جميع السجناء كل 30 دقيقة لكن الإجراء لم يكن يتبع خلال الليل.
إضافة إلى ذلك، فإنه يتعين على الحراس إجراء تفتيش آخر كل 15 دقيقة على السجناء الخاضعين لمراقبة الانتحار.
وقالت آيا ديفيز، وهي متحدثة باسم مكتب الفحص الطبي الرئيسي في مدينة نيويورك إنها لا تستطيع تحديد كيف حدثت وفاة إيبستين قبل فحص جثمانه.
وأتت وفاة إيبستين بعد يوم من الكشف عن دعوى رفعتها امرأة أمام محكمة اتهمت فيها إبشتاين باحتجازها واسترقاقها جنسيا، وقالت إن أحد مساعدي الملياردير الأميركي أرغمها على ممارسة الجنس مع ما لا يقل عن ستة شخصيات بارزة.
وفي الوقت الذي أعلن وزير العمل الأميركي سابقاً ألكسندر أكوستا استقالته، الجمعة 12 يوليو (تموز) الماضي، بعد إثارة مسألة إدارته، منذ أكثر من 10 أعوام، الملف القضائي لرجل الأعمال جيفري إبشتاين، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن إبشتاين حاول شراء شاهدين للنفاذ من القضية.
وأوردت الصحيفة أن إبشتاين دفع في نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول) 2018، ما مجموعه 350 ألف دولار لشخصين يمكن أن يُدليا بشهادة ضدّه في حال محاكمته.
وأقدم رجل الأعمال الثري على هذه الخطوة بعدما كشفت صحيفة "ميامي هيرالد" أنه تفاوض عام 2008 على اتفاق قضائي سري مع سلطات فلوريدا للإفلات من ملاحقات فيدرالية.
وحاول أكوستا، البالغ من العمر 66 سنة، الدفاع عن إدارته لملف إبشتاين، في مؤتمر صحافي ساده توتر كبير. وأكّد خلاله أن فريقه، عندما كان نائباً عاماً فيدرالياً في فلوريدا، اختار إبرام الاتفاق خشية خروج إبشتاين حراً إذا دُفع إلى المحاكمة، عبر إبقاء التهم الأكثر خطورة.
صداقات عالمية
ووصلت شبكة الأصدقاء والحلفاء التي يلتزم بها الملياردير جيفري إبشتاين إلى جميع أنحاء العالم.
كان صديقاً للأمير أندرو، واستضاف بيل كلينتون في جزيرة خاصة في الكاريبي تحمل اسم "ليتل سانت جيمس" وأرسل كيفن سبيسي وكريس تاكر جواً إلى أفريقيا كجزء من مشروع إنساني. كان حليفاً أيضاً للرئيس الأميركي دونالد ترمب، وارتاد لفترة من الزمن بانتظام نادي "مار أ لاغو" الذي يمتلكه ترمب في فلوريدا.
وفي عام 2002، قال ترمب لمجلة نيويورك: "أعرف جيف منذ خمسة عشر عاماً. إنه رجل رائع ... صحبته ممتعة للغاية. يُقال حتى إنه يحب النساء الجميلات بقدر ما أحبهن، والكثيرات منهن من الصغيرات في السن. لا شك في ذلك - يستمتع جيفري بحياته الاجتماعية".
قطعت معظم تلك الشخصيات البارزة اتصالها مع هذا الرجل الذي ظهر للمرة الأولى على الساحة الاجتماعية في نيويورك في التسعينيات، عندما بات موضوع دعوى جنائية نتجت منها صفقة إقرار عام 2008 اعترف فيها بذنبه في تهمة واحدة هي إغواء فتاة قاصرة بالدعارة.
ولكن مع كشف المدّعين في نيويورك عن تهم جديدة ضد الرجل البالغ من العمر 66 عاماً، والذي كان لمرة واحدة يتاجر بعقود "الخيارات المالية" في شركة "بير ستيرنز" للاستثمارات المصرفية وقدّم تبرعات لجامعة هارفرد، فلربما تكون عودة بعض تلك التحالفات السابقة مؤذية.
الاتهامات الجديدة ضد إبشتاين - إذ وُجهت إليه تهمة واحدة بالإتجار بالجنس وتهمة واحدة بالتآمر للإتجار بالجنس، ومَثـُلَ أمام محكمة في نيويورك مرتدياً زي المساجين الأزرق الداكن - تتعلق بجرائم يُزعم أنها وقعت في إقامته في قصره الذي تبلغ مساحته 45 ألف قدماً مربعة والكائن في شارع "إيست 71" في مدينة نيويورك، بين عامي 2002 و2005.
يُذكر أن ترمب جدّد تأكيده الشهر الماضي أنه قطع صلاته بإبشتاين منذ فترة طويلة، قائلاً "لم أكن معجباً بجيفري إبشتاين. لم يكن شخصاً أحترمه".