Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قصص ناجين وضحايا حاصرتهم الحرائق في الجزائر

ألسنة اللهب أتت على ممتلكات ومصادر رزق كثيرين

تحولت الشواطئ والصخور بالجزائر من وجهة العائلات للسباحة والاستجمام إلى ملاذات للاحتماء من اللهيب (مواقع التواصل)

ملخص

سارعت الجمعيات الخيرية الجزائرية إلى تسيير قوافل إغاثة نحو المناطق المتضررة جراء الحرائق

لحظات عصيبة عاشها سكان المناطق الساحلية في الجزائر بعد موجة الحرائق التي اجتاحت مساحات واسعة من الغابات وأتت على الأخضر واليابس وخلفت ضحايا وخسائر كبيرة في ممتلكات المواطنين خصوصاً القاطنين في الأرياف، وحولت الشواطئ والصخور من وجهة العائلات للسباحة والاستجمام إلى ملاذات للاحتماء من اللهيب.
وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع الفيديو تظهر مشاهد مرعبة لأشخاص حاصرتهم ألسنة النيران في مناطق غابية وحتى على الشواطئ وفي الأماكن السياحية، بينما بثت وسائل إعلام محلية لقطات أظهرت حقولاً وأراض مشتعلة وسيارات متفحمة وواجهات متاجر محترقة.

صرخات استغاثة

ولم يكن سائح جزائري مغترب جاء ليقضي عطلته الصيفية في أحد شواطئ محافظة بجاية (شرقي العاصمة) يتوقع أن تتحول إجازته إلى كابوس حقيقي حين فاجأت ألسنة اللهب الفندق الذي كان يقيم فيه رفقة عائلته وأجبرتهم على اللجوء إلى جزيرة صخرية قرب الشاطئ في انتظار قدوم فرق الإطفاء لإنقاذهم.
وظهر السائح في تسجيل فيديو وهو يوجه نداء استغاثة إلى فرق الدفاع المدني وقال إنه يحتمي رفقة عائلته فوق صخرة على الشاطئ بعد ارتفاع كبير لدرجة الحرارة وتساقط الرماد بعد أن تحولت السماء إلى كتلة من الرماد الداكن.
وتعالت صرخات الاستغاثة بين السكان المحليين، في وقت كانت النيران تلتهم الأشجار والمحلات على جنبات الطريق وفرار كثير منهم وسط حالة من الهلع والخوف، بينما وجهت السلطات نداء تطالبهم بإخلاء المكان بسرعة.


النجاة "بأعجوبة"

وروى شهود كيف اندلعت ألسنة اللهب فجأة، وكيف نجوا بأعجوبة بعد أن حاصرت النيران الفندق المحاذي للغابة الذي كانوا يقيمون به، وأجبرت القاطنين على الهرب نحو الشاطئ والاحتماء بالصخور داخل مياه البحر بعدما ضاقت بهم السبل ولم يجدوا منافذ للخروج من دائرة النيران.
وغادر آلاف الأشخاص المناطق السياحية المعروفة في محافظات تقع على السواحل الجزائرية، خوفاً من تداعيات الحرائق التي نشبت بالغابات المحاذية للشواطئ، بينما علق آخرون واستسلموا لمصيرهم المحتوم في انتظار إغاثتهم من قبل فرق الدفاع المدني والجيش.
وظهرت امرأة سبعينية وهي تبكي على قناة تلفزيونية، بعدما فقدت زوجة ابنها وحفيدتها، في منطقة آيت أوصالح قرب بجاية، وقالت "ليس لدي مكان أذهب إليه. لقد دمرت النيران بيتي ومنزل ابني تماماً".

من الانتعاش إلى الرعب

ولم يكن ينتظر زوار شلال كفريدة شرق بجاية، وهو الموقع السياحي الأشهر في الجزائر، أن تطل عليهم ألسنة اللهب وهم في غمرة الاستمتاع بعطلتهم داخل مجرى الوادي، وحولت لحظات الانتعاش إلى رعب حقيقي بعد أن شب حريق في بعض المحلات التجارية في محيط الشلال وانتشر بسرعة كبيرة إلى الغابات المجاورة.
وكادت الكارثة تقع لولا تدخل بعض الشباب لمساعدة العائلات على إخلاء المكان وسط حالة من الهلع لدى الزوار الذين اضطروا إلى ترك سياراتهم والفرار إنقاذاً لحياتهم من جحيم النيران.
وفي مشهد مؤثر، أظهر مقطع فيديو شخصاً من محافظة بجاية يروي بدموع منهمرة، فقدانه لـ16 شخصاً من عائلته وأقاربه، أغلبهم من النساء والأطفال، حاصرتهم النيران ولقوا حتفهم بعد اختناقهم إثر استنشاق الدخان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

صورة أخرى من آثار الحرائق الرهيبة، هي تلك التي ظهر فيها أحد المواطنين بمحافظة سكيكدة (شرق العاصمة) وهو يبكي بحرقة بعدما أتت النيران على الأشجار المثمرة وخلايا النحل ورؤوس الأبقار والأغنام التي كانت مصدر رزقه وقوت عياله، ولم يهدأ روعه إلا بزيارة ممثل السلطات المحلية الذي وعده بتعويضه كل ما ضاع منه من ممتلكات وماشية.

ولم يجد الآلاف من سكان المناطق الجبلية حيلة أمام توسع رقعة الحرائق، واكتفوا بالمراقبة من بعيد إلى غاية وصول فرق الإطفاء والإنقاذ.
ويشهد شمال الجزائر وشرقها، مع كل فصل صيف، حرائق تطاول الغابات والمساحات الفلاحية، وهي ظاهرة تتفاقم من سنة إلى أخرى بتأثير تغير المناخ الذي يؤدي إلى الجفاف وموجات الحر.

مقتل 10 عسكريين

وفي خضم تسارع عمليات إغاثة السكان المحاصرين في أرياف محافظة بجاية، لقي 10 عسكريين حتفهم بعد تقديمهم الدعم لعناصر الدفاع المدني والهيئات المكلفة بإطفاء الحرائق.
وأفاد بيان وزارة الدفاع الجزائرية بأنه "نظراً لازدياد قوة الرياح التي تسببت بتغيير اتجاه النيران بشكل عشوائي نحو مكان تواجد مفرزة للجيش الوطني الشعبي بمنطقة واد داس ببني كسيلة، تم الشروع بإخلاء أفرادها العسكريين رفقة سكان مشاتي المنطقة صباح 24 يوليو/ أيلول 2023 عند الساعة الرابعة فجراً". وأضاف البيان "فإنه خلال عملية الإخلاء ونظراً لسرعة انتشار النيران والأدخنة، حوصر الأفراد العسكريون رفقة سكان المشاتي المتاخمة، مما تسببت في استشهاد عشرة عسكريين، تابعين لمفرزة الجيش الوطني الشعبي المتواجدة بمنطقة بني كسيلة، إضافة إلى إصابة خمسة وعشرين عسكرياً بإصابات متفاوتة الخطورة، حيث تم إجلاؤهم مباشرة نحو المؤسسات الاستشفائية القريبة".
وأعلنت السلطات الجزائرية وفاة 34 شخصاً بينهم العسكريين العشرة في الحرائق التي اندلعت في محافظات عدة، خاصة جيجل وبجاية (شرق)، إضافة إلى إصابة 325 شخصاً، 134 حالة منها في ولاية بجاية وحدها، و122 إصابة في بومرداس، و78 إصابة بولاية سكيكدة.
 


قوافل إغاثة

وسارعت الجمعيات الخيرية المحلية بالتنسيق مع مواطنين ورجال أعمال، إلى تسيير قوافل إغاثة نحو المناطق المتضررة، محملة بمساعدات تمثلت في فرشات وأغطية ومياه معدنية ومواد غذائية وأدوية الحروق وحتى المولدات جراء انقطاع التيار الكهربائي على مستوى أغلب القرى، إضافة إلى تنظيم مخيمات للتكفل النفسي بالأطفال جراء الصدمات النفسية التي سببتها لهم الحرائق.
وأنشأت وزارة الداخلية الجزائرية لجنة تشارك فيها قطاعات عدة لدراسة ملفات تعويض المتضررين من حرائق الغابات، مهمتها معاينة الأضرار والخسائر وإحصاء المتضررين قصد تعويضهم في أقرب الآجال عن الممتلكات التي ضاعت منهم.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات