ملخص
صاحبة صالون تجميل في كابول: هذه ليست نهاية عملنا، سنواصل وبشكل أقوى من الماضي
بناءً على الأوامر التي أعلنتها وزارة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" في حكومة "طالبان"، فإنه من المقرر أن يكون الخامس من أغسطس (آب) المقبل آخر يوم عمل لصالونات التجميل النسائية في أفغانستان، وبعد هذا التاريخ لا يسمح لصالونات التجميل العمل، ومن لا يمتثل لهذا القرار يعاقب، لكن يبدو أن عديداً من النساء لا يرغبن في الانصياع لهذا القرار ويعتزمن مواصلة عملهن بأساليب أخرى.
منذ اليوم الأول من يوليو (تموز) الحالي، انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي عديد من مقاطع الفيديو لصاحبات صالونات تجميل أفغانيات يقمن بتجميع أغراضهن أو إغلاق صالوناتهن، وفي بعض هذه المقاطع، بدت النساء حزينات يبكين ويصرخن من اليأس والإحباط ويضعن أدواتهن في حقائبهن ويعلن بذلك عن انتهاء عملهن في صالونات التجميل، وفي فيديوهات أخرى كانت رسائل الأفغانيات أقوى وأظهرت عزمهن على الاستمرار.
صالون رها أحد صالونات التجميل النسائية في مدينة كابول، افتتح منذ 10 سنوات حاله حال آلاف الصالونات الصغيرة الأخرى في أفغانستان. وخلال هذه السنوات، أصبح تدريجاً مركزاً للخدمات التجميلية التخصصية في العاصمة، ويضم هذا المركز أكثر من 20 موظفة ومدربة يعملن في مختلف الأقسام.
ضرر اقتصادي
وفي الأيام القليلة الماضية، نشر حساب رها على "فيسبوك" مقطع فيديو تظهر فيه الصالات المزدحمة لهذا المركز قبل فرض القيود من قبل حكومة "طالبان"، ومشهد عن الصالات الفارغة والمظلمة بعد القرار بمنع أنشطة صالونات التجميل في أفغانستان، لكن هذه المقاطع أظهرت رسالة فحواها مقاومة هذا القرار وعدم الانصياع له، وكانت موظفات مركز رها يتحدثن للزبائن قائلات "هذه ليست نهاية عملنا، انتظروا أنشطتنا الجديدة وسنعود أقوى وأكثر إصراراً من ذي قبل".
في هذه الظروف، عاد عدد من النساء إلى ما قبل 25 عاماً من خلال نقل معدات وأدوات صالوناتهن إلى منازلهن واستئناف أنشطهن من المنازل. وعلى رغم أن صاحبات هذه الصالونات شعرن بخيبة أمل وانزعاج عميقين من توقف العمل، إلا أنهن وعدن زبائنهن بأنه لا يزال بإمكانهم أن يستفيدوا من الخدمات التجميلية والصحية التي يقدمنها لهم.
وفي واقع الأمر، فإن فن المكياج وتصفيف الشعر ليس بالشيء الجديد ولا ينسب إلى ثقافة معينة كالشرق أو الغرب، بل إنه جزء من الروتين اليومي والطبيعي للحياة البشرية ويعود إلى آلاف السنين، كما أنه يخضع بالأساس إلى الغريزة والذوق، وعليه، إذا ما أرادت حكومة معينة منع هذا الشيء الطبيعي، فهذا يعني أنها منعته من الفضاء العام ومن الشوارع والأزقة، ولكن ليس من حياة المرأة وكيانها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إن القرار الذي أصدره زعيم "طالبان" بمنع صالونات التجميل من العمل لن يستطيع القضاء على هذه المهنة ورغبة النساء في الجمال، وهو إجراء سيضر في المقام الأول بالاقتصاد ويضغط على العائلات الفقيرة التي تسترزق من هذا النوع من النشاط الاقتصادي، لأن هناك أكثر من 12 ألف صالون تجميل في أفغانستان، بالتالي سيعاني أصحاب هذه الصالونات والمحال من هذا القرار وتداعياته، من ناحية أخرى، فقد استثمرت عشرات آلاف النساء في صالونات التجميل هذه واشترين المعدات والأدوات، ولا يمكنهن الآن استخدام سوى جزء بسيط منها في المنزل، وقد يجدن أنفسهن مضطرات إلى التخلص من البقية لأنه لا يوجد من يشتري هذه المعدات والأدوات، حتى لو أردن بيعها.
والجزء الآخر من هذا الضرر سيلحق حتماً بآلاف المحلات المخصصة لبيع المستحضرات ووسائل التجميل النسائية التي اعتمدت عليها هذه الصالونات خلال الأعوام الـ20 الماضية. اللافت في الأمر أن زبائن هذه المحلات صاحبات صالونات التجميل النسائية ولسن عامة الناس.
أكثر جرأة
وكما هو معلوم، فإن صالونات التجميل النسائية في أفغانستان لن تختفي نهائياً لأن النساء الأفغانيات أصبحن أكثر جرأة مما كن عليه قبل 25 عاماً، وأن معظمهن ما زلن يعملن من منازلهن، ومع ذلك، فقدت النساء جزءاً كبيراً من سوق العمل، لأن هناك المئات منهن قد لا يتمتعن بالشجاعة المطلوبة أو أسرهن قد لا تسمح لهن بالعمل في المنازل، ومن ناحية أخرى، قد لا يجرؤ كثير منهن الذهاب إلى صالونات التجميل في المنازل بسبب الخوف من "طالبان".
قرارات "طالبان" في العامين الماضيين، أدت إلى إقصاء النساء تدريجاً من المجتمع الأفغاني بالكامل، بدءاً من إغلاق المدارس الإعدادية والثانوية والجامعات، والعمل في الإدارات الحكومية، والمشاركة في اختبار دخول الجامعات، ودخول الحدائق ودورات المياه النسائية والأندية الرياضية وغيرها من القرارات الأخرى، بالتالي، منعت النساء من جميع الأماكن العامة والمكان الوحيد المتبقي للنساء هو جدران المنازل.
النساء الأفغانيات قد عانين من الإقامة الجبرية في المنازل قبل 22 عاماً وما زلن يتذكرن تلك الأيام، ولم تكن العواقب سوى الزواج القسري والولادات المتتالية التي غالباً ما تتسبب في وفاة الأم والطفل معاً، عدا عن العنف المنزلي وغيرها من المآسي.
نقلاً عن "اندبندنت فارسية"