Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مفتي الجمهورية اللبنانية يسعى إلى لم شمل النواب السُنة

هذه المبادرة يواكبها حراك للعشائر العربية هدفه تفعيل دور الطائفة في الاستحقاقات الوطنية

أقام السفير السعودي في لبنان وليد بخاري عشاءً تكريمياً لمفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في 26 يوليو الجاري وبحضور أغلب النواب السُنة في البرلمان (دار الإفتاء اللبنانية)

ملخص

تحاول دار الإفتاء اللبنانية دعوة النواب السنة إلى لقاء يوحد دورهم لاستعادة الفعالية في الاستحقاقات الوطنية ولا سيما انتخاب رئيس للبلاد

كشفت جلسات انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية انقسامات واضحة المعالم بين النواب السنة، إذ تبلورت ضمن ثلاثة خيارات رئيسية، الأولى ضمن تحالف المعارضة الذي يخوض مواجهة سياسة مشروع "حزب الله" في البلاد، ومجموعة أخرى موالية تماماً للحزب ومتماهية معه، في حين برزت مجموعة "رمادية" توصف نفسها بأنها "وسطية" في حين يتهمها خصومها أنها تتقاطع مع مصالح "حزب الله" وتتجنب مواجهته.

وفي هذا الإطار، برزت مبادرة مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، بهدف إعادة لمّ الشمل وإعادة تصويب المسار، حيث تؤكد مصادر في دار الإفتاء وجود تواصل واتصالات بين دار الفتوى والكتل النيابية السنّية، من أجل عقد لقاء في دار الفتوى، يؤكد ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، ضمن مقاربة واضحة بين هذه الكتل، لأن هذه الخلافات تزيد في حدة الانقسام.

وتشير المعلومات إلى وجود تنسيق بين دار الإفتاء والعشائر العربية التي تقود حراكاً لتفعيل دور الطائفة في الاستحقاقات الوطنية، إذ يبدو أن تغييب عدد كبير من النواب السنة (كتلة الاعتدال ومستقلين) لقرارهم عبر التصويت بشعارات يؤثر سلباً في سير العمل المؤسساتي والوصول إلى انتخاب رئيس، إضافة إلى التأثير السلبي على "العيش المشترك"، حيث قد يؤدي ذلك مستقبلاً إلى عزوف المسيحيين عن المشاركة بتكليف رئيس للحكومة، في حين تشدد دار الإفتاء على عدم حصول مقاطعة مسيحية من خلال المناصفة والتوازن القائم في البلد بين المسلمين والمسحيين.

توحيد الموقف السني

وفي السياق يؤكد رئيس لجنة الإعلام والتواصل في المركز الثقافي الإسلامي في بيروت الشيخ بلال المُلّا، أن دار الفتوى حريصة على انتظام عمل المؤسسات الدستورية، وأن "ما دفع سماحة مفتي الجمهورية الطلب من النواب السنة توحيد موقفهم، هو الحرص الوطني عند الرئيس الديني الأول والأعلى للمسلمين في لبنان سماحة المفتي الشيخ عبداللطيف دريان، لانتخاب الرئيس اللبناني المسيحي الوحيد في العالم العربي، وبالتالي لانتظام عمل مؤسسات رئاسة مجلس الوزراء ومجلس النواب والمؤسسات الشرعية الأمنية والقضائية والمالية والاجتماعية وغيرها".

وأوضح أن مفتي الجمهورية ليس في وارد إنشاء ما يمكن تسميته "اللقاء الإسلامي الجديد" على غرار ما فعله المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد، بسبب اختلاف الزمن والظروف، ودعوة المفتي للنواب عموماً والسنة بشكل خاص، تهدف لتوحيد القرار السياسي السني الذي شكل على الدوام رافعة لتوحيد القرار الوطني العام، وأنها "دعوة وطنية لإصلاح الخلل في عمل النواب وتشرذم الموقف النيابي السني الوطني العام".

وتوقع أن ينجح المفتي إلى حد ما بتوحيد القرار النيابي السني لأغلب الكتل النيابية السنية ليصبح خيارها وقرارها الاستراتيجي يخدم المصلحة العامة للبنان ضمن الأطر الدستورية من دون تعديل ولا تعطيل للدستور".

وأضاف أنه "بالنسبة للنواب الذين يسمونهم "رماديين" أو الذين يتماهون مع محور هنا أو حزب هناك، فليست مهمة المفتي تأديب هؤلاء إنما يترك هذا الأمر للناخب السني الذي يقيّم بعد انتهاء ولاية هذا المجلس عمل هؤلاء وجدوى مواقفهم وتأثير خروجهم عن الإجماع السني العام الذي لم يكن ولو لمرة واحدة في تاريخ لبنان، ضد المصلحة اللبنانية العامة".

وأشار إلى أن تكريم السفير السعودي وليد بخاري لسماحة المفتي، "هو تكريم لرجل حمل الطائفة والوطن على كتفيه وتلقى المهام المستعصية بصدره في أصعب الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية التي يمر بها لبنان، ولقد نجح سماحته في ذلك إلى حد كبير من دون أن يؤخذ عليه أنه كان يعمل لمصلحة حزب أو تيار أو طائفة، اضافة للثبات في دعم اتفاق الطائف الذي أثبتت التجارب كلها أنه الخيار الأفضل والأنجح لكل اللبنانيين".

واعتبر أن للمفتي دوره الكبير في تثبيت والعمل على تطبيق الطائف، مضيفاً "أن تكريمه من قبل السعودية هو لتثبيت واستكمال تطبيق هذا الاتفاق لما فيه مصلحة اللبنانيين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"العشائر" قوة صاعدة

وفي هذا السياق أوضح الشيخ بدر عبيد من تجمع العشائر العربية، أن الواقع "الاسلامي السنّي" تجاوز مرحلة الانتظار والرضى بالفراغ، وأن "القيادات السنية تستطيع أن تفعل وأن تنجز، وأن سياسة التنازلات أثبتت فشلها وما يجري الآن هو إزالة آثارها من الساحة السياسية"، مشيراً إلى أن "المسلمين السنة ليسوا أيتاماً كما يحاول البعض تصويرهم عن سوء نية بهدف إحباطهم".

وكشف أن العشائر العربية بدأت بحراك واسع لتوحيد "المعارضة" على خطاب وطني جامع، معتبراً أن الأداء السياسي لهذا المكون بدأ ينعكس إيجاباً على الرأي العام الوطني والإسلامي السني في لبنان، لإخراجه من فكرة الإحباط والشعور الذي رسخ لديهم بالمظلومية والعجز عن الفعل. وقال "تستند الحركات السياسية إلى ركيزتين لجمهور المواطنين وهما الحماية والرعاية، وقد اثبتت العشائر أنها قادرة على حماية أفرادها في وجه التغول وتعمل على رعايتهم بما لديها من إمكانات".

وأكد أن النواب والفعاليات والقوى الإسلامية السنية قادرة على صنع الحدث السياسي، مشدداً على ضرورة خروجهم من مربع الانتظار والبقاء على هامش الفعل السياسي، وأن مصلحة "المسلمين السنة" ليست منفصلة عن المصلحة الوطنية العامة ابداً، والانتظام ضمن الشرعيتين العربية والدولية، حيث تمثل الانخراط في نظام المصلحة العربية الذي يؤمن الغطاء والحماية للمصلحة الوطنية، والالتزام بقرارات الشرعية الدولية، إلى جانب الشرعية الوطنية المتمثلة بالعقد الاجتماعي والميثاق واتفاق الطائف، لافتاً إلى أن "الوجدان الإسلامي السني هو بطبيعته وطني وسيادي وعروبي، والمشروع الوحيد الذي يتبناه المسلمون السنة ويدعون إليه هو بناء الدولة الوطنية الجامعة والقوية العادلة".

وأشار إلى أن العشائر العربية لديها حضور وحيثية واسعة على مستوى الوطن، إذ انتشر أبناؤها على امتداد الساحة اللبنانية بأعداد تتجاوز المئة وثلاثين ألف ناخب، موزعين جنوباً (30 ألفاً) وفي جبل لبنان (15 ألفاً) وفي بيروت الأولى (8 آلاف) وبيروت الثانية (5 آلاف)، وفي البقاع الغربي (6 آلاف) والبقاع الأوسط (13 ألفاً) والبقاع الشمالي (5 آلاف)، وفي مجمل دوائر الشمال وعكار (35 ألفاً).

وقال "إن العشائر العربية في لبنان قوة مستقلة تفوق قوتها قوة أي حزب أو حركه أو تيار قائم، وإن كانت اللعبة السياسية لا تعطيهم حقهم في التمثيل العادل الموازي لحجمهم الشعبي، وهم الكتلة الأكثر تضامناً وتماسكاً واستلهاماً لوجدانٍ واحد في الشكل والمضمون، وقد نجحوا في رسم معالم شخصية معنوية سياسية مستقلة تحاكي وجدان المسلمين السنة والبعد السيادي والعروبي الحضاري للبنانيين".

تجاوز الحريرية

بدوره لفت الصحافي زياد عيتاني، إلى أن ثلاث نقاط في رسالة المفتي شكلت علامة فاصلة بالمسار السني وفي الحياة السياسية، الأولى عبر التأكيد على مرجعية الطائف وبوابة لحل المشكلات بحيث أكد دريان على إعادة تكوين السلطة السياسية على أن تكون البداية بانتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة، والنقطة الثانية عبر التشديد على دور السنّة في المعادلة الوطنية والتأكيد على العيش المشترك، أما النقطة الثالثة جاءت بمثابة نداء للنواب السنة لتوحيد كلمتهم والعمل على تفعيل مشاركتهم في عملية انتخاب الرئيس لأن الغياب عن المشاركة الفعّالة في انتخاب الرئيس يشكّل مقدّمة للغياب عن تشكيل الحكومة.

وكشف أن دعوة المفتي ليست إلى لقاء في دار الفتوى للنواب كالذي جرى بعد الانتخابات النيابية بقدر ما هو دعوة إلى تواصل هؤلاء النواب في ما بينهم برعاية دار الفتوى لإحداث نوع من الانسجام والتكامل لأجل مواجهة الاستحقاقات العديدة في لبنان.

وبرأيه "ليس صحيحاً أن هناك تشرذماً سنّياً أو ضعفاً وهواناً"، معتبراً أن "السنة سبقوا كل الطوائف في مسألة العبور نحو التغيير بعد 30 سنة من الحريرية السياسية"، وأن الانتقال منها إلى حالة تغييرية هي عملية تراكمية بدأت بالانتخابات النيابية ثم بانتخابات المفتين، ثم انتخابات الاتحادات العائلية، مشيراً إلى أن "الطائفة السنية هي الوحيدة التي خاضت ثلاثة استحقاقات انتخابية من دون الحريرية السياسية وبالتالي هي مرحلة انتقالية بامتياز وتجري بشكل ممتاز ثم عبرها يكون هناك تراكم سياسي للوصول إلى التغيير الكلّي والشامل".

"مرض" رئاسة الحكومة

من جانبها لفتت الصحافية مريم مجدولين اللحام، إلى أن انسحاب سعد الحريري من الحياة السياسية في لبنان أثار غباراً كثيراً حول "من سيكون خليفة الوصاية السُّنية بعده"، إذ برأيها بعث تعليقه العمل السياسي التفاؤل ببدء مرحلة جديدة تغييرية صحيّة تمهّد لإلغاء الطائفية السياسية.

واعتبرت أن سبب "التشرذم" بين النواب السنة ليس بسبب غياب الحريري إنما نتيجة تحول موقع رئاسة مجلس الوزراء إلى "مرض" يحلم فيه كل سنيّ يحمل رتبة ما في الدولة. وأضافت "تحول منصب رئاسة الوزراء إلى بطاقة "جوكر" يستخدمها الثنائي الشيعي لاستمالة الأمنيين والقضاة والنواب والوزراء السنة، فيصبحون طيعين أمام خيارات الحزب".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي