ملخص
محللون يتوقعون زيادة حصيلة العملة الصعبة واستقراراً أكبر بسوق الصرف
على أكثر من محور، تتحرك الحكومة المصرية بشكل مكثف للقضاء على أزمة شح الدولار. الأرقام تشير إلى تحسن كبير في عائد برنامج الطروحات الحكومية، إضافة إلى تحسن قوي في ملف الاستثمارات الأجنبية، وأيضاً تطور كبير في عائدات السياحة وقناة السويس، لكن التحرك الأخير من قبل البنوك التابعة للحكومة المصرية في شأن طرح شهادات دولارية بعائد سنوي يبلغ سبعة في المئة، كان الأحدث والأكثر أهمية في هذا الملف.
المحللون، يرون أن إصدار هذه الشهادات في هذا التوقيت سيعيد نسبة كبيرة من تحويلات المصريين العاملين في الخارج إلى خزائن البنوك المصرية، ويستفيد منها الطرفان، سواء المودعون من الخارج أو البنوك التي تبحث عن العملات الصعبة. ووفق البيانات المتاحة، فقد تراجعت تحويلات المصريين العاملين في الخارج بنحو 26 في المئة خلال الفترة بين يوليو (تموز) 2022 وحتى مارس (آذار) 2023 في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من شح العملة الصعبة.
لكن منذ منتصف عام 2017 وحتى نهاية العام الماضي، فقد بلغ إجمالي تحويلات المصريين العاملين في الخارج نحو 155 مليار دولار. حيث سجلت نحو 26.4 مليار دولار خلال 2017/2018، ثم 25.2 مليار دولار في 2018/2019. وارتفعت لتسجل 27.8 مليار دولار خلال 2019/2020، ثم 31.4 مليار دولار في 2020/2021، وواصلت الارتفاع إلى 31.9 مليار دولار في 2021/2022، لكنها تراجعت إلى 12 مليار دولار خلال النصف الأول من العام المالي 2022/2023.
توقعات بزيادة كبيرة في الحصيلة الدولارية
وأمس الأربعاء، بدأ بنك الأهلي المصري وبنك مصر، وهما أكبر بنكين تابعين للحكومة المصرية، في تلقي طلبات الراغبين في شراء هذه الأوعية ذات العائد المرتفع لتوجيه مدخراتهم من العملات الأجنبية للاستفادة من الفرص الاستثمارية بمصر.
وطرح البنك الأهلي المصري شهادتي ادخار جديدتين بالدولار لمدة ثلاث سنوات وبحسب بيان البنك - الشهادة الأولى "الأهلي بلس" تبلغ مدتها ثلاث سنوات بسعر عائد سنوي سبعة في المئة ويصرف العائد بذات العملة ربع سنوية الثانية "الأهلي فوراً" تبلغ مدتها ثلاث سنوات بسعر عائد سنوي تسعة في المئة يصرف مقدماً بالمعادل بالجنيه المصري عن الفترة كلها.
كما طرح بنك مصر شهادتي ادخار "القمة" و"إيليت" بالدولار الأميركي لمدة ثلاث سنوات، وبحسب بيان البنك فإن شهادة "القمة" ذات عائد يبلغ نحو تسعة في المئة سنوياً، هي شهادة اسمية تصدر للمصريين والأجانب ويصرف العائد مقدماً للثلاث سنوات (27 في المئة) بشكل تراكمي بالجنيه المصري، كما أن شهادة "إيليت" ذات عائد سبعة في المئة سنوياً، هي شهادة اسمية تصدر للمصريين والأجانب ويتم صرف العائد ربع سنوي بالدولار.
ويرى المحللون، أن الأوعية الادخارية بالدولار تأتي في توقيت مهم جداً وتتيح مزايا عديدة لجذب عملاء جدد داخل القطاع المصرفي، كما أن سعر الفائدة جاذب جداً ما يعمل على زيادة الحصيلة الدولارية. حيث أكد علي محمود مدير خدمة العملاء بأحد البنوك العاملة في مصر، أن هذا التوجه سيزيد من الحصيلة الدولارية التي تبحث عنها البنوك في ظل زيادة الطلب من قبل المستوردين على العملة الصعبة.
القطاع المصرفي
وأشار في حديثه لـ"اندبندنت عربية"، إلى أن كل زيادة في حصيلة الدولار، تؤكد قدرة الحكومة والقطاع المصرفي المصري في ظل الضغوط الصعبة التي تواجه عديداً من الأسواق الناشئة، بخاصة أن هناك التزامات كبيرة مستحقة على مصر خلال الفترة المقبلة، واستقرار سوق الصرف يعزز من متانة وصلابة الاقتصاد المصري.
كان يحيى أبو الفتوح نائب رئيس البنك الأهلي المصري، قد أعلن في تصريحات حديثة، أن طرح شهادات ادخار بالدولار بمدى ثلاث سنوات وبعائد سنوي يصل إلى تسعة في المئة، لتلبية حاجة العملاء في مصر للاحتفاظ بالدولار للتحوط ضد التضخم مع تحقيق عائد من المدخرات الدولارية يستهدف الأفراد بصفة خاصة سواء من داخل مصر أو خارجها، مضيفاً أنه لم يتم تحديد موعد لانتهاء مدة طرح الشهادات الجديدة حتى الآن.
وتوقع أبو الفتوح، أن تحقق الشهادات الجديدة نجاحاً أكبر من الشهادات الدولارية ذات عائد خمسة في المئة التي طرحت في وقت سابق، وإنه يمكن للمواطنين كسر الشهادات الدولارية بعد مرور ستة أشهر.
155 مليار دولار حصيلة تحويلات المصريين في الخارج
وقبل أيام، أظهرت بيانات البنك المركزي المصري عن أداء ميزان المدفوعات الصادرة، الثلاثاء، أن تحويلات المصريين بالخارج انخفضت إلى نحو 17.5 مليار دولار في الفترة ما بين يوليو (تموز) الماضي، ومارس (آذار) من العام المالي الجاري، مقابل نحو 23.6 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي.
وأوضح، أن عجز حساب المعاملات الجارية شهد تحسناً ملحوظاً ليهبط إلى 5.3 مليار دولار في الفترة من يوليو 2022 إلى مارس 2023 مقارنة مع 13.6 مليار في الفترة نفسها من العام المالي السابق. وجاء هذا التحسن في ميزان المعاملات الجارية مدفوعاً بتراجع عجز الميزان التجاري بنسبة 29.8 في المئة ليقتصر على نحو 23.6 مليار دولار، وتضاعف فائض الميزان الخدمي ليسجل 14.5 مليار دولار بفضل الزيادة الملحوظة في إيرادات السياحة وحصيلة رسوم المرور في قناة السويس.
وأوضح، أن صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر ارتفع إلى نحو 7.9 مليار دولار في الفترة نفسها، مقابل 7.3 مليار دولار قبل عام. وتابع أن عائدات السياحة ارتفعت إلى 10.3 مليار دولار في الفترة نفسها مقابل 8.2 مليار دولار قبل عام.
وأظهرت البيانات، أن استثمارات محفظة الأوراق المالية أو ما يعرف بالاستثمار غير المباشر، واصلت تحقيق تدفقات للخارج بنحو 3.4 مليار دولار، وإن كان ذلك أقل كثيراً من التدفقات الخارجة في الفترة نفسها قبل عام، التي بلغت 17.2 مليار دولار.
وتواجه مصر نقصاً في العملة الصعبة وخسر الجنيه نحو 50 في المئة من قيمته أمام الدولار بعد خفض قيمته عدة مرات منذ مارس، حيث تضررت البلاد من أزمة الحرب الروسية - الأوكرانية التي رفعت أسعار المواد الأولية، وخروج مبالغ كبيرة من الأموال التي كانت مستثمرة في أدوات الدين المحلية، إلى جانب ارتفاع معدلات الفائدة عالمياً.