Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العلم الروسي في النيجر و"الاحتماء المحتمل" بجدار بوتين

فرنسا تلقي بآخر قطعة شطرنج على الساحل الأفريقي بعد مالي وبوركينا فاسو

رفع العلم الروسي في النيجر بدا كرسالة واضحة برغبة داعمي الانقلاب في التخلي عن الحليف الفرنسي والحنين لموسكو (أ ف ب)

ملخص

صدمة للغرب وفرنسا بعد انقلاب النيجر ومخاوف من تعزيزه للموقف الروسي بمنطقة الساحل الأفريقي عبر بوابة "فاغنر".

تتسارع وتيرة الأحداث في النيجر الواقعة على الساحل الأفريقي بشكل سينتهي على الأرجح بميلاد حقبة جديدة قد تحمل معها اكتمال بسط روسيا سيطرتها على المنطقة التي تواجه خطراً متنامياً من الإرهابيين الذين حاولت فرنسا بلا فائدة تقليم أظافرهم، خلال السنوات الماضية.

على رغم أن الرئيس الأميركي جو بايدن، سارع ليل أمس الخميس، إلى نفي تورط مرتزقة "فاغنر" الروس في الانقلاب الذي استهدف رئيس النيجر، محمد بازوم، إلا أن التساؤلات التي أثيرت تتمحور في معظمها حول من المستفيد؟ وما التالي؟ هل سيحذو الانقلابيون حذو نظرائهم في مالي وبوركينا فاسو بالارتماء في أحضان موسكو؟

البيت الأبيض ذهب في بيانه إلى قوله "مستمرون في مراقبة الوضع لكن لا أدلة لنا على تورط روسيا أو (فاغنر) في الأحداث التي عرفتها النيجر"، وذلك بعد احتجاز "بازوم" من قبل الحرس الرئاسي الذي أعلن انقلاباً عليه في خطوة أيدها الجيش "حقناً للدماء".


لجوء محتمل للروس

فور الإعلان عن احتجاز الرئيس بازوم قبل ساعات من بدء قمة روسية – أفريقية خرج أنصار الانقلاب في العاصمة النيجرية (نيامي)، ملوحين بالأعلام الروسية في مؤشر واضح على حجم العداء الذي بات يكنه كثيرون للغرب مقابل الحنين إلى موسكو، خصوصاً بعد تعزيز حضورها في القارة السمراء غير عابئة ببقية الأزمات التي تواجهها في مقدمتها أوكرانيا.

يثير ذلك تكهنات بإمكان توجه القادة الجدد للنيجر الذين لن يجدوا حتماً سجاداً أحمر على الساحة الدولية بعد استيلائهم على السلطة، في شأن استعانتهم بروسيا خصوصاً في المجال الأمني في ظل ما تواجهه البلاد من تهديدات إرهابية في خضم استمرار عناصر تنظيمي "القاعدة" و"داعش" الإرهابيين في ترسيخ نفوذهما بمنطقة الساحل الأفريقي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

المتخصص السياسي النيجري، إيساكا موسي مونكايلا، اعتبر أن "الانقلابيين ركزوا في البداية على القضية الأمنية لتبرير استيلائهم على السلطة، لأنهم يدركون أن ذلك يمثل أملاً جديداً للشباب في محاربة الإرهاب الذي التزمت به البلاد في وقت سابق".

وقال مونكايلا في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، إن "الانقلابيين يعرفون أن الشعب يريد سماع كلمات حول محاربة الإرهاب وغير ذلك حتى إن لم تكن هذه الكلمات ليست في مصلحته، في المقابل وفي اعتقادي سيلجأ الانقلابيون إلى روسيا، وهناك مؤشرات حول ذلك منها إشارتهم أمس الخميس إلى الانتهاك الذي قامت به طائرة عسكرية فرنسية للأجواء النيجرية".

ومضى في تحليله "الأهم الآن هو أن هذا الخيار أي اللجوء إلى الروس لن يكون مفيداً للنيجر وهذا ما يدركه الانقلابيون أنفسهم، بالاستناد إلى النتائج الهزيلة التي حققها مرتزقة فاغنر في مالي وبوركينا فاسو".

ولم تسقط النيجر في فلك النفوذ الروسي على رغم اتساعه في القارة السمراء خلال السنوات الأخيرة، حيث شمل جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي وبوركينا فاسو وليبيا والسودان وغيرها من دول القارة.

ويثير هذا الوضع توجساً يبدو مشروعاً من الغرب الذي بدا وكأنه يفقد آخر مواقعه في القارة الأفريقية التي تواجه معظم دولها أزمات عميقة تفجر غضباً بوجه فرنسا وغيرها من الدول الاستعمارية السابقة التي يتم تحميلها مسؤولية تلك الأزمات.

هنا توقف مونكايلا ليقول إن "الشباب النيجري اليوم له مشاعر متصاعدة من العداء لفرنسا، بينما أظهر الرئيس بازوم من دون تردد تأييده للتعاون بين نيامي وباريس الذي يعتبره أكثر من ضروري لضمان بقاء بلاده".

إعادة السلطة للمدنيين

قبل النيجر، شهدت بوركينا فاسو ومالي موجة من الانقلابات بين عامي 2020 و2022 انتهت بصعود حكام عسكريين يدينون بالولاء إلى روسيا، وهو ما يثير قلق الغرب لا سيما في ظل موجة العداء للحضور الفرنسي الذي كانت تعبر عنه عملية برخان العسكرية التي أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون نهايتها.

وعند الإعلان عن نهايتها، لم تجد باريس ملاذاً لآخر جنودها، حيث أرسلت أكثر من 1500 جندي لا يزالون يرابطون في قاعدة نيامي العسكرية، ومن غير الواضح ما إذا سيحذو القادة الجدد للنيجر والذين لم يتم بعد إماطة اللثام حول هويتهم حذو المجالس العسكرية في مالي وبوركينا فاسو بطرد القوات الفرنسية.

لم تعلن روسيا تأييدها للانقلابات التي شهدتها مالي وبوركينا فاسو والنيجر، لكن بدأت بقطف ثمار هذه الأحداث عبر اتفاقات أبرمها الحكام الجدد لا سيما في باماكو وواغادوغو مع مرتزقة "فاغنر"، ذراع روسيا القوية في الخارج، للمساعدة في الظاهر على مكافحة الإرهابيين الذين حققوا مكاسب عدة في السنوات الماضية وسط عجز من باريس التي قادت عملية عسكرية لم تفلح في الحد من نفوذهم.

المتخصص السياسي النيجري أضاف أن "الشيء الوحيد الذي نتمناه هو تسليم السلطة في أقرب وقت ممكن في النيجر إلى المدنيين حتى نتمكن من تفادي كارثة تلوح في الأفق بالتعاون مع الروس".

وفي حال نجاح "فاغنر" والروس في بسط نفوذهم على النيجر، ستكون صفعة يصعب على فرنسا كما الغرب ككل تقبلها. وتتولى النيجر توفير نحو 70 في المئة من حاجات فرنسا من الكهرباء، وفي عام 2020 استجلبت الدولة الأوروبية نحو 35 في المئة من اليورانيوم المستخدم في مفاعلاتها الرئيسة من نيامي.

ونجحت فرنسا عبر السنوات الماضية في توطيد علاقاتها مع النيجر مستغلة في ذلك وجود حليفها القوي والوثيق، محمد بازوم، في السلطة لكن الآن من غير الواضح مآلات الاتفاقات الثنائية وعما إذا سيعيد الحكام الجدد رسم خريطة حلفاء النيجر الخارجيين من جديد.

وقال مونكايلا إن "الوضع يتعقد الآن، الأمل يبقى في إعادة السلطة إلى المدنيين في أقرب وقت ممكن".

وفي ظل عدم اتضاح الصورة حول من سيتولى مقاليد الحكم بعد بازوم، فإنه من الصعب الجزم بأن نيامي ستتخلى عن حلفائها لمصلحة روسيا الصاعدة إقليمياً على رغم أن المزاج الشعبي الذي يمكن أن يسعى القادة الجدد إلى استرضائه يميل إلى الارتماء في أحضانها.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير