أشهر بنك ليمان براذرز إفلاسه في 15 من سبتمبر 2008 ، وكان ذلك إيذانا ببدء الأزمة الاقتصادية العالمية. نحن نندفع حالياً إلى الامام على طريق كارثة جديدة صنعناها كليا بأنفسنا، لكن ليس هناك رغبة على ما يبدو في سؤال الشعب ما إذا كان سعيداً بهذاالمشوار أم لا.
في الحقيقة، كانت الكارثة التي لحقت بالاقتصاد العالمي منذ ما يزيد عن عقد من الزمان أكثر من أزمة مالية. فهي كانت أزمة اجتماعية وسياسية، ولحظة فارقة في عملية تقويض الثقة بين المواطنين والسلطات والخبراء في تلك البلدان التي تضررت أكثر من غيرها.
في المملكة المتحدة، صوّر جورج أوزبورن، وكان وزير المالية في حكومة الظل المحافظة آنذاك، تلك الأزمة بصورة ذكية وساخرة على أنها محلية وليست عالمية، إذ تحدث عن "عهد من انعدام المسؤولية" متهما الحكومة العمالية آنذاك بفشلها في التقنين وارتفاع المديونية.
وبعد عام من ذلك، تحدث عن الانفاق المتراكم لمبالغ تستدينها الحكومة، مشيراً إلى "الرعاية الاجتماعية المجانية، المواقف المجانية للسيارات في المستشفيات، أماكن مجانية لحضانة الأطفال. كلنا نرغب في تلك الأشياء كلها. لكن من أين ستأتي الأموال اللازمة لها؟ إنه (أي غوردون براون) يعامل الشعب البريطاني كالأغبياء."
يبدو أن صعود بوريس جونسون لرئاسة الوزراء قد وضع حداً للتقشف الصارم الذي جاء بعد تلك الحقبة وبدا كل يوم جديد وكأنه يأتي بمزيد من وعود الانفاق الحكومي. تعهد هذه المرة بضخ 1.8 مليار جنيه إسترليني في جيب "خدمة الصحة الوطنية" بالإضافة إلى 7 مليارات جنيه إسترليني لرفع عتبة ضريبة الدخل، ومليار جنيه إضافية لتوظيف المزيد من أفراد الشرطة، وعشرات المليارات للموانئ الحرة، وشبكات الاتصالات ذات النطاق العريض، وخط القطار السريع 3 للربط بين لييدز ومانشستر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وإذا سُئل الوزراء من أين ستأتي الأموال، فإنهم يقدمون معلومات مضللة أو عديمة الصلة بالموضوع، حتى أنهم زعموا بأن هناك " بعض الوفرفي الميزانية" وهي أموال قال وزير المالية السابق فيليب هاموند ذات مرة إنها ستكون متاحة إذا خرجنا من الاتحاد الأوروبي بصفقة خلافاً للخروج من دونها، وهي مبالغ حقيقية تبحث الخزينة في كيفية صرفها.
لكن ثمة سؤال يتوجب الإجابة عنه هو ماذا عسى أوزبورن أن يقول حول مستوى المديونية التي تورط حكومة المحافظين نفسها فيه لإيجاد مخرج لبريكست، تلك الأزمة الداخلية التي صنعناها بايدينا لأنفسنا؟
خلال الأسبوع الذي أعقب خفض بنك إنجلترا توقعاته للاقتصاد البريطاني، إذ بات يتنبأ بحدوث ركود اقتصادي بنسبة واحد من ثلاثة، نحن نواجه احتمال إقتراض الحكومة 6 مليارات جنيه إضافية للتخطيط للخروج من دون صفقة.
تقترب مديونية الدولة في عام 2019 من 2 تريليون جنيه إسترليني، أي ما مجموعه 85% من الناتج المحلي الإجمالي. وعلى سبيل المقارنة، كان الدين العام بعد عامين من الأزمة العالمية أقل من 1 تريليون جنيه إسترليني، أي ما نسبته 70% من الناتج المحلي الإجمالي.
دار الحديث مرة حول "إصلاح السقف حين كانت الشمس ساطعة"، لكن الاقتراض في يونيو 2019 بلغ أعلى مستوياته منذ عام 2015. وفي غضون ذلك ترقص حكومتنا بتهور على أمل أن يؤدي ذلك لهطول المطر، فيما نتجه شيئاً فشيئاً نحو الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون صفقة. قد نكون على وشك الدخول في أتون إعصار، لكن يبدو أن المسؤول عن سقفنا الرئيس مصمم على كسر كل قطعة في سطح البيت.
أرفض بالطبع تلميح أوزبورن في ذلك الوقت بأن حزب العمال فشل في إصلاح السقف. وبالتأكيد لم نحدث أي فجوة فيه، ولم نقترض أكثر من اللازم لشراء معاطف تقينا من المطر. كما أننا لم نذهب في جولة في أرجاء البلاد في خضم أزمة ونتعهد للناس بكل شيء كما يفعل بوريس جونسون، مدعيا أن هناك " وفراً في الميزانية." لكن في واقع الأمر "يعامل جونسون الشعب البريطاني كما لوكانوا أغبياء."
إن من سيتحمل هذه الديون هم الأجيال المقبلة، والكثيرون منهم لم يكن لهم رأي في القضية التي تعلقت بها تلك الديون. إنها ديون لأجيال المستقبل، وهم ملايين الناس الذين لم يكونوا ضمن 0.1 في المائة من السكان الذين اختاروا رئيس الوزراء الحالي.
هذا ليس جيدا بما فيه الكفاية.
نواجه حالياً أزمة محلية حقيقية للغاية، ونحن على حافة هاوية لم تدفعنا إليها أحداث خارجة عن سيطرتنا. نحن من يقرر مسار مستقبلنا، لكننا بالطبع لم نعطَ فرصة "القول الفصل". يمكن إصلاح كل ما هو فاسد في بلادنا بواسطة كل ما هو صالح فيها، أي بمبادئنا وقيمنا وإيماننا بأساسيات الديمقراطية، بالإضافة إلى شعبنا.
في وقت سابق من هذا العام، تقدمت باقتراح حل وسط لضمان إعادة أي صفقة خروج إلى الشعب للتصديق عليها من خلال تصويت عام. لقد وضعت ثقتي في الشعب، وحان الوقت لهذه الحكومة أن تفعل كذلك.
(مارغريت بيكيت زعيمة لحزب العمال تسلمت حقائب وزارية عدة، بينها الخارجية، وهي حالياً نائبة في مجلس العموم من حزب العمال عن دائرة ديربي ساوث)
© The Independent