ملخص
خطوة جديدة تعمق رفض الخدمة في الجيش الإسرائيلي
كشفت المستشارة القضائية لحركة "رافضات" الداعمة لرافضي الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي، نوعا ليفي، في حديث مع "اندبندنت عربية"، أن عدداً كبيراً من الطلاب الثانويين في إسرائيل، الذي سيلتحقون لأول مرة بالجيش، قريباً، يجمعون تواقيع على وثيقة يعلنون فيها رفضهم الامتثال والخدمة النظامية في الجيش. وقالت ليفي إن "هذه خطوة في غاية الخطورة، إذ تتضمن الوثيقة رسالة واضحة في شأن امتناعهم عن الخدمة النظامية وستنشر لاحقاً بشكل علني".
وجاء حديث نوعا ليفي، في وقت عبر مسؤولون عسكريون وأمنيون عن قلقهم من احتمال عدم حضور العشرات أو المئات ممن أتموا 18سنة، الأربعاء الموافق الثاني من أغسطس (آب) الجاري في اليوم الأول لهم للامتثال في مقر الجيش لبدء الخدمة الإلزامية، إذ سيكون هذا اليوم الأول من أيام عدة يخضع فيها الشبان للخدمة الإلزامية.
مجموعة من الأمهات
وأعلنت مجموعة من الأمهات رفضهن إرسال أبنائهن إلى الجيش للخدمة احتجاجاً على سياسة الحكومة، من خلال رسائل وتصريحات علنية أو من خلال شعاراتهن التي رفعت خلال تظاهرات الاحتجاج التي تشهدها إسرائيل.
وتباحث مسؤولون عسكريون في كيفية التعامل مع الظاهرة الجديدة التي تخترق الجيش النظامي "وتجعل كل رفض للخدمة في الجيش أمراً بإمكان كل إسرائيلي تنفيذه، طالما سبقه في ذلك كبار الضباط والعسكريين في الاحتياط، خصوصاً ضباط سلاح الجو والاستخبارات العسكرية"، كما قالت نوعا ليفي.
وعرض أكثر من مسؤول إمكانية فرض عقوبة السجن لمن لا يمتثل للخدمة الإلزامية كوسيلة ردع منعاً لاتساع التمرد داخل الجيش.
وفي جانب ظاهرة رفض الخدمة الإلزامية، قالت نوعا ليفي إنها تستقبل، يومياً، عشرات الطلبات من الجنود في الجيش النظامي يطلبون مرافقتهم أمام المسؤولين في الجيش للدفاع عن موقفهم الرافض للخدمة الإلزامية. وأضافت "إذا كنا نرافق، قبل خطة الإصلاح القضائي، جنديةً أو جندياً مرة كل أسبوعين اليوم نرافق يومياً عديداً منهم للدفاع عنهم أمام الجيش". وأضافت "نشهد انقساماً حقيقياً في الجيش والمطلب الأعلى هو رفض حماية أمن حكومة دكتاتورية وهذا الشعار يشد الآلاف من الجنود، وبعد إعلان عشرة آلاف جندي احتياط قبل حوالى أسبوع، رفضهم الامتثال للخدمة ومن بعدهم ضباط سلاح الجو والاستخبارات العسكرية والسايبر وغيرهم، اتسع الأمر ليشمل مختلف الخدمات العسكرية في الجيش وليس فقط الاحتياط".
جيش أعلى وجيش أسفل
وتقول ليفي إن أكثر من باحث يجري اليوم أبحاثاً حول وضعية الجيش الإسرائيلي وما يمر به من أزمات وتدهور لوضعه منذ تشكيل الحكومة الأخيرة، حتى بات الجميع يستخدم مصطلحي "جيش أعلى وجيش أسفل"، و"جيش هكريا (مبنى وزارة الأمن في تل أبيب) وجيش الضفة"، وهذا يظهر عمق الشرخ والانقسام ليس فقط داخل الجيش إنما داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه، فمبادرة مجموعة الأمهات لمنع التحاق أبنائهن الشبان بالجيش هو أيضاً شرخ في المجتمع".
وعندما يعلن الجنود أنهم يرفضون الدفاع عن دولة ديكتاتورية، ذلك يعني أنهم يمتنعون عن الدفاع عن أمن هذه الدولة وفي هذا، تقول ليفي، "يمس بشكل مباشر المناعة القومية والأمن القومي".
وكان رئيس أركان الجيش، هرتسي هليفي، أجرى خلال اليومين الأخيرين محادثات مع مسؤولين أمنيين وعسكريين لاتخاذ خطوات لوقف التمرد داخل الجيش وعدم الامتثال للخدمة.
وجاءت محادثات هليفي بعد إعلان مجموعة جديدة من ستين ضابطاً من وحدة النخبة في شعبة الاستخبارات العسكرية عن عدم امتثالهم للجيش، فور إنهائهم الخدمة في الجيش النظامي، وأوضحت رسالتهم أن الرفض يشمل جميع الوحدات بما في ذلك وحدات البحث والميدان والتدريب.
ودعا هليفي المسؤولين إلى التصرف بعقلانية وضمان أعلى مستوى من الاستعداد للتحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل".
اتساع الموجة
وكشف عن وثيقة كان قد بعث بها هليفي إلى نتنياهو إزاء اتساع موجة الامتناع عن الخدمة في الجيش حذر فيها من تداعيات وخطورة استمرار هذه الموجة وتغلغلها إلى الوحدات النظامية، وعبر عن تخوفه من أن يؤدي الخطاب الداخلي في الجيش إلى "إلحاق ضرر بالدوافع المتعلقة بالتجنيد في عمليات التجنيد المقبلة المقررة في أغسطس" (تبدأ الأربعاء الثاني من الشهر الجاري).
ورأى من اطلع على الوثيقة أنها عكست صورة قاتمة ومرعبة عن تفكك الجيش وضعف قدراته على مواجهة التحديات، و تطرقت الوثيقة في بند خاص، إلى إمكانية التصعيد على الجبهة الشمالية، إثر تصعيد التوترات مع "حزب الله" عند الحدود الشمالية.
و يحذر هليفي في الوثيقة من حال الاستمرار في عملية التشريع القضائي قائلاً إن "استمرار التشريع من طرف واحد ومن دون الأخذ بالاعتبار ضرورة التوقيع على اتفاقيات وتفاهمات مع المعارضة فسيؤدي ذلك إلى إلحاق الضرر بنموذج "جيش الشعب"، بالتالي سيتغلغل ما يحدث في قوات الاحتياط ليصل الأمر إلى نهاية تتراوح بين قرار عدم البقاء في صفوف الجيش أو عدم تجديد العقود، وقد يصل إلى ترك ضباط الخدمة في تشكيلات مختلفة لأنهم لا يريدون الخدمة في مثل هذا الجيش".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تراجع المناعة القومية
التحركات الجديدة بين ضباط الاحتياط ومن أنهوا فترة الخدمة النظامية، إلى جانب تواقيع من يتوجهون لأول مرة للخدمة في الجيش، تأتي مع اعتراف وزير الدفاع، يوآف غالانت، ومسؤولين عسكريين وأمنيين آخرين خلال اجتماع سري عقدته لجنة الخارجية والأمن، الثلاثاء، من أن الوضع الذي يشهده الجيش الإسرائيلي أدى إلى تراجع في المناعة القومية "الذي قد يؤدي إلى استهداف الأمن القومي في إسرائيل".
وعلى رغم أن الاجتماع عقد خلف أبواب مغلقة، لكن مشاركين فيه سربوا أن القيادة العسكرية قلقة جداً من الوضع وأن حديث غالانت لم يأت صدفة بل إزاء تقارير عرضت في الاجتماع توضح أن الوضع الأمني في إسرائيل يتراجع وكذلك الأمن القومي.
وفي تقرير عرضه خلال الاجتماع، قال رئيس قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش، عميت ساعر، إنه "تم تقويض قدرة إسرائيل على تشكيل تهديد عسكري موثوق به، ضد إيران، بسبب الوضع الداخلي، وطبيعة العلاقة مع الولايات المتحدة في الوقت الراهن". وأضاف ساعر أن "حزب الله يشخص الوضع في إسرائيل، على أنه يتيح له مساحة أكبر للمناورة والجرأة".
وظهرت في الاجتماع خلافات بين القيادة العسكرية متمثلة بالوزير غالانت وبين رؤساء الأجهزة الأمنية وعسكريين حول الوضع في الجيش، وفق ما سرب. ففي حين حذر أكثر من مسؤول من انعكاس ما يحدث في الجيش على قدراته واستعداداته لمواجهات التحديات والأوضاع الأمنية، خصوصاً عند الحدود الشمالية، وعدم ضمان إجراء تدريبات واستعدادات وفق السيناريوهات التي يتوقعها الإسرائيليون ادعى غالانت أن "الجيش جاهز الآن لتنفيذ مهماته، لكن يوجد ضرر من شأنه أن يؤثر في المدى البعيد. ويوجد شعور بتراجع التماسك الداخلي".
ووفق تقديرات غالانت تواجه إسرائيل حالياً إمكانية اشتعال كبير على كل الجبهات، واستغل وزير الدفاع هذه التقديرات للتنديد بقرارات ضباط الاحتياط، في سلاح الجو والوحدات العسكرية البرية والبحرية، الامتناع عن الخدمة، وطالب المسؤولين بالعمل على الحد من هذه الظاهرة وإرجاع من اتخذ مثل هذا القرار.
وطالب غالانت بالتنديد بامتناع عناصر الاحتياط بخاصة في سلاح الجو عن الامتثال في الخدمة العسكرية.
وخلال الاجتماع استمع أعضاء الكنيست، في لجنة الخارجية والأمن، إلى تقارير حول الوضع عند الحدود اللبنانية ونشاطات "حزب الله" بالقرب من السياج الأمني ومزارع شبعا.