ملخص
اشتباكات واسعة النطاق بين الجيش وجماعة "فانو" في المنطقة
أعلنت الحكومة الاتحادية في إثيوبيا، اليوم الجمعة، حالة الطوارئ بعد اشتباكات لأيام في إقليم أمهرة بين الجيش وميليشيات محلية، وسرعان ما تحول القتال الذي اندلع في ثاني أكبر منطقة في إثيوبيا هذا الأسبوع بين ميليشيات "فانو" وقوات الدفاع الوطني الإثيوبية إلى أزمة أمنية كبيرة، وطلبت حكومة أمهرة، أمس الخميس، مساعدة إضافية من السلطات الاتحادية لإعادة فرض النظام.
"إجراءات حاسمة"
وأصدرت وزارة الدفاع الإثيوبية تحذيراً شديد اللهجة باتخاذ "إجراءات حاسمة" ضد القوات التي قالت إنها "تزعزع السلام في البلاد باسم فانو"، وهي جماعة مسلحة غير تابعة لوزارة الدفاع، سبق وحاربت بجانب الجيش النظامي، ضد الجبهة الشعبية لتحرير "تيغراي" في الفترة من 2020-2022 انطلاقاً من إقليم أمهرا المحاذي. وأكد مدير العلاقات العامة بالوزارة العقيد جيتنت دان، لوسائل الإعلام الرسمية، أن كبار ضباط الجيش تعرضوا لكمين في غرب دينبيا بإقليم أمهرا، في 26 يونيو (حزيران)، ووقوع مواجهات بين الجيش النظامي والجماعة المسلحة أثناء تحرك كبار أعضاء القيادة الشمالية لقوة الدفاع الوطنية الإثيوبية الذين كانوا في طريقهم إلى مشروع "غورغورا"، أحد منتجعات رئيس الوزراء آبي أحمد التي يجري بناؤها في المنطقة، وأفاد غيتنيت، في بيان، "الكمين وقع على بعد نحو كيلومترين من مكان محلي يسمى تشوهيت حيث تم فتح هجوم على الجيش"، كما تم نصب كمين آخر في منطقة كولاديبا المحلية لأفراد الجيش الذين "كانوا عائدين". أضاف أن الدولة ستتخذ إجراءات حاسمة ضد "الكيانات المختلفة" التي تنشر "مزاعم لا أساس لها" ضد الجيش، مؤكداً "أن الجيش حافظ على الانضباط على رغم المحاولات على مر السنين لتشويه سمعته"، مضيفاً "كان ضرورياً أن نعلن عن حقيقة الأحداث كي نضع الشعب أمام الحقائق في ظل حملات التضليل التي تجرى من قبل هذه الجماعة". وتابع "امتنع الجيش عن التعليق حتى الآن" على مثل هذه المعلومات "لأن أنشطة جيشنا لا تحتاج إلى تفسير ولأن هناك أوصياء على الحقيقة سيتحدون حملة التشهير من خلال دعم العمل الجيد للجيش الشعبي على وسائل التواصل الاجتماعي".
ومثل البيان الأخير لوزارة الدفاع الإثيوبية، وفق مراقبين، تعبيراً عن "نفاد صبر الدولة تجاه تحركات ميليشيات الفانو الأمهرية" التي رفضت، في وقت سابق، حملة نزع السلاح وإعادة دمجها في الجيش النظامي، وفق بنود اتفاقية بريتوريا للسلام، معتبرة أنها غير معنية بمخرجات هذه الاتفاقية لأسباب تتعلق بعدم مشاركتها في التفاوض أو التوقيع على نص الاتفاقية، فضلاً عن اعتقادها أن الجبهة الشعبية لتحرير "تيغراي"، لا تزال تمثل تهديداً لوجودها والسلام والاستقرار في إقليم أمهرة.
مواجهات دامية
وأشارت تقارير إعلامية محلية إلى وقوع اشتباكات عسكرية واسعة النطاق ومستمرة بين الجيش وجماعة "فانو" في منطقة أمهرا، مما أسهم في حال عدم الاستقرار الذي يشهده إقليم أمهرة، منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، كما أسهمت هذه المجموعة في قيادة حملات إعلامية وشعبية ضد قرار الحكومة الفيدرالية بإعادة تنظيم كل المظاهر المسلحة وإعادة دمج القوات في الشرطة والجيش الوطني، مما أدى إلى قيام احتجاجات حاشدة في المدن الكبرى في الإقليم الذي شهد حالات اغتيال سياسي لعل أهمها اغتيال رئيس "حزب الازدهار" الحاكم جيرما يتشيلا في 27 أبريل (نيسان) الماضي، وتلاه إعلان فرقة العمل الأمنية والاستخباراتية الإثيوبية المشتركة شروعها باتخاذ إجراءات رادعة ضد "القوى المتطرفة" التي اتهمتها "بمحاولة السيطرة على سلطة الدولة من خلال تدمير النظام الدستوري في ولاية أمهرا الإقليمية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الإجراءات لا تخص الإقليم وحده
وأكد العقيد جيتنت، في مؤتمر صحافي، أن الإجراءات المزمع اتخاذها لا تقتصر على إقليم بعينه، بل تشمل كل الجماعات المسلحة التي تعبث بالأمن والسلام، مشيراً إلى أن ثمة جماعات خارجة على القانون في إقليمي أمهرا وأوروميا. أضاف أنه تم تكثيف أعمال "استئصال شتى" وهو المصطلح الذي تستخدمه الحكومة للإشارة إلى جيش تحرير أورومو في منطقة أوروميا. وقال جيتنت "ينبغي طمأنة الشعب الإثيوبي بأن قوات الدفاع الوطني الآن أقوى مما كانت عليه في السنوات الماضية"، مؤكداً "التزامها الحفاظ على السلام". وأشار إلى "حوار بناء تم عقده مع المجتمعات المحلية والشباب والشيوخ" في أعقاب كمائن 26 يوليو (تموز)، والتي قال إنها "أبرمت باتفاق بالإجماع على السعي إلى تحقيق السلام".
حملة عسكرية محدودة
وأفاد المتخصص في الشأن الإثيوبي عبدالشكور عبدالصمد بأن هناك نهجاً لفرض حالة الطوارئ في الإقليم والقيام بحملة عسكرية في مناطق معينة أو محددة في إقليم أمهرا، مؤكداً "أنه لا يتوقع وقوع حرب بالمعنى الحرفي للكلمة بين الجيش النظامي ومجموعة فانو الأمهرية، بل حملة محدودة، لكبح جماح هذه المجموعة" إذ تفرض الدولة سيطرتها الأمنية للحفاظ على الأمن والسلم في الإقليم.
وعن مطالب "الفانو" رأى أنها "مطالب سياسية تعكس تطلعها للعب دور أكبر يتجاوز الإقليم، ومطالب دستورية تتعلق بشكل النظام الفيدرالي واستبدال نظام مركزي به، كما كان قبل سقوط نظام العقيد منغستوا هيلي مريام". وتابع "كأي خلاف، فإن النهاية هي تسوية سياسية يتفق عليها الفرقاء بخاصة أن كلاً من حكومة الإقليم والحكومة الفيدرالية أعلنتا استعدادهما للتفاوض.
رفض نزع السلاح
وعن مشاركة حكومة إقليم "أمهرا" والجبهة الشعبية لتحرير "تيغراي" في الحملة العسكرية التي قد تستهدف "الفانو"، قال "لا أتوقع مشاركتهما إذ إن الأقاليم لم يعد لديها عتاد قتالي كما في السابق، بخاصة بعد دمج القوات الخاصة بالأقاليم في الجيش والشرطة"، مشيراً إلى أن الدعم قد يقتصر على المساندة من الشرطة والمؤسسات الأمنية، وأوضح عبدالصمد أنه إضافة للشق السياسي، فلهذه المجموعة موقف واضح لجهة رفض إلغاء السلاح أو الاندماج في الجيش النظامي الإثيوبي، وترى ضرورة "الاحتفاظ بالقوات الخاصة للأقاليم" على رغم تعارض الأمر مع الاتفاقية الموقعة في بريتوريا جنوب أفريقيا.