Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رقعة الفقر تتسع في تونس ومطالبات ببرامج حكومية

دعا باحثون إلى وضع سياسات لتكوين الثروة وخفض نسبة الفائدة للحفاظ على ما تبقى من الطبقة المتوسطة

ارتفاع نسبة التضخم أضعف القدرة الشرائية للتونسيين وزاد عدد الفقراء (أ ف ب)

ملخص

تقر الجهات الرسمية في تونس باتساع رقعة الفقر في البلاد لتشمل ثلث السكان بينما تتهدد الظاهرة نصفهم في حال لم تطبق سياسات عمومية ناجعة تدفع النمو وتحد من التضخم

ترتفع نسبة الفقر في تونس من عام إلى آخر بحسب التقارير الرسمية في ظل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد وارتفاع نسبة التضخم، مما جعل التونسيين يكابدون من أجل لقمة العيش وسط نسق جنوني لزيادة الأسعار مقابل اهتراء القدرة الشرائية.

يوسف المغراوي، من سكان ولاية منوبة (تونس الكبرى)، موظف حكومي يبلغ من العمر 54 سنة، عبر عن تذمره من "الارتفاع المشط للأسعار"، ملقياً باللوم على أجهزة الرقابة الاقتصادية ومستحضراً أسعار بعض الغلال التي لا يمكن استيعابها على غرار التين الذي يبلغ سعر الكيلوغرام الواحد 12 ديناراً (أربعة دولارات)، بينما سعر الكيلوغرام من العنب في حدود ستة دنانير (دولاران)، قائلاً "هذه أسعار خيالية لا يمكن تصديقها لأن التين منتج تونسي والعنب كذلك" متسائلاً في حيرة عن سبب هذا الغلاء الفاحش.

أضاف المغراوي في إجابته عن أسباب زيادة نسبة الفقر في تونس "جميعنا أصبحنا فقراء، أنا موظف حكومي متوسط الدخل، لكنني أصبحت عاجزاً عن توفير ما يلزم من الضروريات لعائلتي من دراسة ومصاريف يومية وفواتير الماء والكهرباء"، مردفاً "أحياناً أغض الطرف عن العلاج لعدم قدرتي على ذلك".

واقع يوسف المغراوي لا يختلف كثيراً عن ملايين الحالات المشابهة التي باتت تحت خط الفقر في تونس، إذ أكدت مروى المهدوي، 39 سنة وهي متزوجة وأم لطفلين وعاطلة من العمل، أن "وضعها بات مزرياً أمام غلاء الأسعار وهي تكابد من أجل توفير لقمة العيش لابنيها ولمساعدة زوجها، العامل اليومي الذي بالكاد يقدر على دفع معينات المعيشة وفواتير الكهرباء والماء، وهي تصنع الخبز وتبيعه أحياناً على الطريق وأحياناً بالتعاون مع تجار الحي".

أضافت أنها "باتت لا تقدر على توفير مستلزمات طفليها من حليب ولباس وعلاج وأدوات مدرسية ضرورية"، وبتأثر شديد دعت إلى مزيد من دعم الطبقة المفقرة من خلال برامج خصوصية تضعها الدولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

اعتراف حكومي

ولا تنكر المؤسسات الرسمية اتساع خريطة الفقر في تونس، الناتجة من تأثيرات خارجية بينها الحرب الروسية - الأوكرانية وأيضاً تداعيات جائحة كورونا علاوة على ارتفاع المواد الأساسية والطاقة والنقل البحري في العالم، وأسباب أخرى داخلية أبرزها الركود الاقتصادي وتراجع سعر الدينار وارتفاع التضخم ليبلغ مستوى تسعة في المئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان تقرير صادر عن البنك الدولي حذر من تفاقم معدلات الفقر في تونس إذا استمرت الأسعار العالمية بالصعود في الأشهر المتبقية من العام الحالي.

وعن أسباب اتساع خريطة الفقر في تونس قال أستاذ الاقتصاد في "الجامعة التونسية" رضا الشكندالي لـ"اندبندنت عربية" إن "ضعف النمو الاقتصادي وغياب الاستثمار ينتج منهما ارتفاع في نسبة البطالة وانعدام موارد الرزق وزيادة في نسبة التضخم، بالتالي تضعف القدرة الشرائية ويقفز عدد الفقراء".

خلق الثروة لخفض التضخم

ودعا إلى "وضع سياسات لخلق الثروة وتغيير السياسة الجبائية والعمل على خفض نسبة الفائدة واستعادة عافية الدينار التونسي وخفض نسبة التضخم من أجل الحفاظ على ما تبقى من الطبقة المتوسطة ولكي لا تزداد رقعة الفقر اتساعاً في البلاد".

من جهته عاد أستاذ التاريخ في "الجامعة التونسية" وعضو المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية حسن العنابي للمسار التاريخي لخط الفقر في البلاد قبل 2011 وبعدها، وأكد أن "الجهات الداخلية معنية أكثر من غيرها بالفقر"، لافتاً إلى أن برامج عدة وضعتها الدولة قبل 2011 كان لها دور في التخفيف من حدته، بخاصة في المناطق الداخلية وفي الأحياء الشعبية على غرار صندوق التضامن الوطني (26-26)، وعلى رغم بعض المؤاخذات عليه، إلا أنه كان يؤدي دوراً مهماً في تقليص حدة الفقر من خلال دعم العائلات محدودة الدخل.

وأضاف أن "جمعيات ومنظمات كانت تقوم بدورها في معاضدة جهود الدولة في الحد من الفقر إلا أنها تراجعت لارتباطها بالمنظومة السياسية القائمة قبل 2011، كما أن بنك التضامن لعب دوره بدفع الاستثمار الخاص بالنسبة إلى المشاريع الصغرى كما شجع على المبادرة الخاصة بحاملي الشهادات العليا"، وأشار العنابي إلى أن "انعدام الاستقرار الحكومي بعد 2011 الذي لم يسمح للحكومات المتعاقبة بتقييم الوضع بناء على تقارير الجهات الرسمية كالمعهد الوطني للإحصاء والبنك المركزي ومؤسسات المجتمع المدني من أجل وضع سياسات عمومية ناجعة للحد من اتساع رقعة الفقر في تونس".

وتوقع أن "تتسع رقعة الفقر في البلاد نظراً إلى غياب النمو الاقتصادي وتراجع الاستثمارات وميل جزء كبير من التونسيين إلى الهجرة بحثاً عن آفاق أرحب في العيش الكريم".

هذا الوضع فاقمته المتغيرات الدولية كالحرب الروسية - الأوكرانية وتزايد الطلب العالمي على المواد الغذائية الأساسية، مقابل ضعف النمو وتراجع قدرة الدولة على التصدي لظاهرة الفقر والبطالة والأمية، مما جعل تونس تهوي في مؤشرات تنموية عدة.

يذكر أن معدل الدخل المتوسط للفرد في تونس كان في حدود 500 دينار تونسي عام 2010، أي ما يعادل 350 دولاراً شهرياً، واليوم في حدود 850 ديناراً، أي أقل من 275 دولاراً بسبب هبوط قيمة الدينار التونسي.

في المقابل، أكد وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي خلال جلسة مع نواب في البرلمان أن "عدد التونسيين تحت خط الفقر تجاوز أربعة ملايين"، مضيفاً أن "الوزارة وضعت خططاً وبرامج للقضاء على الفقر، غير أن هذا ليس من مشمولات وزارة الشؤون الاجتماعية فحسب، بل دور كل مؤسسات الدولة"، وأشار إلى أن "نسبة البطالة فاقت الـ20 في المئة و70 في المئة منها من حاملي الشهادات الجامعية".

اقرأ المزيد