Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كاميرات المراقبة "العين الثالثة" للأمن المغربي

وثقت جريمة دهس شاب مروعة أخيراً ومتخصصون يطالبون بتقنين وضعها

أسهمت كاميرات المراقبة في كشف هويات مجرمين سواء في حوادث الاغتصاب أو الخطف أو السرقة بالمغرب (أ ف ب)

ملخص

جريمة دهس شاب مغربي عمداً شهدتها الدار البيضاء أعادت التذكير بأهمية كاميرات المراقبة في توقيف الجناة.

شكلت كاميرات المراقبة عاملاً حاسماً في كشف هوية مرتكب جريمة قتل شاب مغربي يدعى بدر، كان يستعد لمناقشة أطروحة الدكتوراه في فرنسا، غداً الإثنين، لكنه سقط غارقاً في دمائه بعد أن دهسه شخص بسيارة في مرأب أحد المطاعم الشهيرة بمنطقة عين الذئاب السياحية في المغرب.

تتوزع كاميرات المراقبة في الشوارع والمؤسسات البنكية والمحلات التجارية الكبرى في المغرب من أجل تيسير عملية ضبط الجانحين والمجرمين في حالة تلبس، من دون أن تمس الحياة الشخصية للغير، بعد أن ظل مرتكبو الجرائم طلقاء سابقاً لعدم تثبيت كاميرات المراقبة في بعض الفضاءات والأماكن.

قبل أيام، اهتز المجتمع المغربي على وقع جريمة القتل دهساً للشاب الباحث الذي كان يودع أصدقاءه في مطعم بمنطقة عين الذئاب في الدار البيضاء، قبل أن ينشب خلاف بين أصدقائه وأشخاص آخرين في مرأب المطعم.

تطور الخلاف غير المتوقع إلى مشاحنات وتعارك بالأيدي بين الطرفين، قبل أن يتعمد أحدهم ضرب الشاب بدر بالصاعق الكهربائي ليسقط مغشياً عليه، ثم يذهب إلى سيارته الفارهة ويدهسه متعمداً ويفر هارباً وسط صدمة وذهول الحاضرين في الموقع.

هذا المشهد "الدرامي" الذي صدم ملايين المغاربة وظل محط اهتمام مواقع التواصل الاجتماعي، طيلة الأيام القليلة الماضية، لم يكن ليعرف بهذه التفاصيل، ولم يكن لتعرف هوية الجاني الذي أقدم على الجريمة الشنعاء، لو لم تلتقط كاميرا المراقبة التابعة للمطعم المذكور كل ما حصل من وقائع وأحداث.

وفي الوقت الذي هرب فيه القاتل إلى مدينة العيون جنوب البلاد، استطاعت الشرطة المغربية أن توقفه بسرعة قياسية بفضل مساعدة كاميرا المراقبة التي أظهرت أدق تفاصيل الجريمة، وهويات وملامح وجهه هو ومن كانوا برفقته أيضاً داخل السيارة.

ولعل الأكثر إثارة في هذه الجريمة أن الجاني نفسه تبين أنه هو من صدم بسيارته دهساً شابين عام 2018 في الشريط الساحلي للدار البيضاء، لكن من دون أن يعتقل، حيث لم تكن كاميرات مراقبة في المكان، واعتبرت الواقعة وقتها مجرد حادثة سير عابرة.

ويتابع المتهم الرئيس في هذه القضية المثيرة بمعية أربعة أشخاص آخرين كانوا برفقته وساعدوه في فعلته، وقد اعتقلوا أيضاً بتهم ثقيلة هي تشكيل عصابة إجرامية، والقتل العمد، ومحاولة القتل، والمشاركة في الجريمة، والسرقة الموصوفة، وتزوير لوحات ترقيم السيارة.

جرائم سابقة

قبل هذه الحادثة التي هزت الرأي العام المغربي، أسهمت كاميرات مراقبة في كشف هويات مجرمين سواء في حوادث الاغتصاب أو الخطف أو السرقة وغيرها من الجرائم والجنح المختلفة التي تقع في الشارع العام أو في المساكن وغيرها من الأماكن.

من هذه الجرائم التي لعبت فيها كاميرات المراقبة المبثوثة في عدد من الأماكن والمحلات دوراً فاعلاً في فضح الجناة، ما وقع للطفلة فاطمة الزهراء قبل أسابيع مضت بمدينة القنيطرة (شمال الرباط) عندما استطاعت الشرطة تحديد ملامح وهوية شخص عمد إلى استدراجها والذهاب بها إلى مكان مجهول.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبفضل كاميرا مراقبة كانت مثبتة في محل تجاري اشترى الرجل منه حلوى وقدمها للطفلة ذات السنوات الخمس حتى يضمن صمتها، تمكن الأمن من معرفة أن الأمر يتعلق باختطاف الصغيرة، قبل أن يعثر عليها داخل حافلة للنقل العمومي، حيث تركها الخاطف هناك بعد أن افتضح أمره لتلجأ الشرطة من جديد إلى كاميرا الحافلة لمعرفة هوية وملامح المجرم.

قبل بضع سنوات اهتز الرأي العام المغربي على وقع جريمة بشعة تداولتها الصحف ووكالات الأنباء العالمية، عندما اختطف رجل الطفل عدنان (11 سنة)، ليعمد إلى اغتصابه في بيته، ثم قتله ورمى جثته في خلاء بمدينة طنجة، غير أن إحدى الكاميرات أسهمت في توقيف المغتصب القاتل.

دلائل قانونية

مدير المركز المغربي لحقوق الإنسان عبدالإله الخضري يرى أن كاميرات المراقبة باتت وسيلة فعالة وقوية لكشف هويات المجرمين، وحتى التفاصيل الخاصة بالفعل الجرمي، موضحاً أنه ينبغي على القضاء المغربي أن يأخذ بها كوثيقة ودليل قانوني لأنها توثق الأحداث على نحو يساعد بشكل كبير على كشف الجاني أو الجناة، وأضاف الخضري أن "هناك مخاوف لدى المغاربة بخصوص تثبيت كاميرات المراقبة على أبواب المنازل، وفي المرافق الاجتماعية كالمقاهي والمحلات التجارية"، موضحاً أنه "من الناحية القانونية، لا يوجد نص يؤطر عملية تثبيت كاميرات المراقبة، سواء على أبواب المنازل، أو داخل الأحياء السكنية أو المحلات التجارية، وغيرها من الأماكن العمومية والمرافق الاجتماعية والاقتصادية".

وتابع "هناك قانون يحظر المساس بالمعطيات ذات الطابع الشخصي، وحماية الحياة الخاصة للأفراد، لكن لا يمكن أن يستعمل هذا القانون حين يتعلق الأمر بفضاءات ينتشر بها العموم، أو حتى فضاء خاص يقرر مالكه مراقبته عبر كاميرا مراقبة"،وقال أيضاَ إنه بفضل قوة التواصل الافتراضي الشبكي، من الطبيعي أن ينتشر التسجيل المتعلق بجريمة قتل الشاب بدر بهذه السرعة الفائقة، ومن الطبيعي أن تأخذ الجريمة النكراء طابع قضية رأي عام.

واعتبر أن "جرائم عديدة حصلت في السابق مثل هذه الجريمة، ولم ينل مقترفوها العقاب بسبب غياب كاميرات المراقبة والتسجيلات المرئية"، مطالباً بضرورة تثبيت كاميرات المراقبة في الأماكن العمومية، والسماح للمواطنين بتثبيتها لمراقبة منازلهم ومحالهم التجارية، ومن ثم إمكانية تزويد النيابة العامة بالتسجيلات في حالة وقوع جريمة ما.

الكاميرات والخصوصية

وفي موضوع استهداف كاميرات المراقبة للحياة الشخصية للناس، يحسم الباحث في القانون الخاص بجامعة "الرباط" معاذ باقي الله هذا الأمر بالتأكيد على أن كاميرات المراقبة صارت ضرورة اجتماعية وأمنية، لأنه من دونها لم يكن ليتم معرفة الجناة في قضية الشاب بدر بهذه السهولة والسرعة من طرف الشرطة المغربية.

وأضاف أن كاميرات المراقبة تكون فعلاً غير قانوني إذا ما نشر ما سجلته على مواقع التواصل الاجتماعي، كأن تنشر تسجيلات ما يجري داخل مقهى أو محل تجاري ليشاهده الناس في وسائط التواصل، ففي هذه الحالة لم تعد وسيلة للحماية والتوثيق الأمني بل تمس بالحياة الخاصة للمواطنين.

وتعمد السلطات المغربية إلى بث عديد من كاميرات المراقبة في شوارع المدن الكبرى، وهو ما سبق أن كشف عنه وزير الداخلية في جواب له عن أسئلة نواب برلمانيين عندما أوضح أن السلطات المعنية تعمل حالياً على "تعزيز وتوسيع المراقبة باستعمال الكاميرات في الفضاءات العامة، في احترام تام لخصوصية وحرية الأفراد والجماعات".

ووفق وزير الداخلية المغربي عبدالوافي لفتيت، فإن "كاميرات المراقبة تلعب دوراً محورياً في الحفاظ على الأمن العام، من خلال ضمان سرعة استجابة المصالح الأمنية لحوادث السرقة والعنف، ومواجهة الأعمال التخريبية في الشارع العام، وفي مجال المساعدة في التحقيقات البعدية المنجزة لحل القضايا المسجلة، علاوة على تدبير تنقلات الحشود البشرية خلال المباريات الرياضية والوقفات الاحتجاجية".

المزيد من تقارير