Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بين التهديد والتحذير... توقعات إسرائيلية متناقضة للحرب مع لبنان

غالانت يهدد بإعادة لبنان للعصر الحجري وتقارير تحذر نتنياهو من خطوة متهورة

تقارير أمنية وعسكرية إسرائيلي ترغب في إبقاء الحدود مع لبنان هادئة دون إشعال حرب (أ ف ب)

ملخص

 تقارير إسرائيلية تتحدث عن خسائر مرعبة في حال خوض حرب ضد "حزب الله" حالياً.

بعد أقل من 24 ساعة على نشر تفاصيل سيناريو جهاز الأمن الإسرائيلي للحرب المقبلة مع لبنان والمتوقع أن تشمل مختلف الجبهات، ظهرت صورة مقلقة أطلق عليها إسرائيليون "الكابوس المرعب"، فقد وقف وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت عند نقطة مرتفعة من مزارع شبعا ليطلق تهديدات ضد لبنان و"حزب الله" بقوله "لا تخطئوا، فأي تهديد لأمننا سيعيد لبنان إلى العصر الحجري".

ولا تتناسب تهديدات غالانت مع ما كشف عنه جهاز الأمن الإسرائيلي من توقعات حول الحرب المقبلة، ودعا خلاله الجيش ومختلف المؤسسات العسكرية والأمنية إلى الاستعداد لها، باعتبارها مدمرة وقادرة على شل إسرائيل بجميع مرافقها، وإحداث الفوضى وسقوط ما لا يقل عن 500 قتيل وإصابة 1500 إسرائيلي، عدا الدمار الهائل للمرافق الحيوية.

وأوصى جهاز الأمن الإسرائيلي بضرورة نصب قبة حديدية في كل مكان فيه مرفق حيوي وخصوصاً في مقار الطاقة والكهرباء، وضرورة استعداد الجبهة الداخلية لضمان تقديم الحماية في جميع البلدات الإسرائيلية.

القوة الكاملة

وتعكس زيارة غالانت الحدود الشمالية وتصريحاته جانباً من الخلاف الجوهري الذي تشهده إسرائيل بين القيادة السياسية التي يعتبر غالانت عنصراً مهماً فيها، وبين القيادة العسكرية والأمنية التي كثيراً ما حذرت من خطورة تهديدات وتصريحات القيادة السياسية، وأعلن بعضها رفض أي توجه من شأنه أن يدخل البلاد في حرب.

كما أكد مسؤولون سياسيون أن هذه الزيارة تأتي في ظل توقعات إسرائيلية باحتمال نشوب حرب عند الحدود الشمالية بسبب التوتر المتصاعد خلال الأسبوعين الأخيرين، والتهديدات المتبادلة بين "حزب الله" وإسرائيل.

وقال غالانت إن "إسرائيل ستكون موحدة أمام أي اعتداء من الخارج"، مضيفاً "لن نتردد في استخدام كل قوتنا وتقويض كل متر من ’حزب الله‘ ولبنان إذا لزم الأمر، وسنعرف كيف ندافع عن مواطني إسرائيل ودولتنا بكل الطرق، ويجب أن يفهم العدو أنه عندما يتعلق الأمر بأمن إسرائيل فنحن جميعاً متحدون".

وأمام التقارير الأمنية حول وضع الجيش وعدم جهوزيته لحرب أو ما قد تلحقه الحرب بإسرائيل من أضرار، استدرك وزير الأمن قائلاً إن "إسرائيل ليست مهتمة بالحرب، لكننا مستعدون لخوضها".

وأشغل هذا الوضع جهات إسرائيلية عدة، بعضها حذر من أخطار محاولة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو تصدير أزمته إلى الخارج بإشعال حرب مع "حزب الله" في أعقاب التطورات الأخيرة والتوتر الأمني عند الحدود ومزارع شبعا، غير أن هناك من توقع أن يكون سيناريو الحرب رادعاً لنتنياهو نفسه، بل للمؤسسة الأمنية والعسكرية برمتها لمنع اتخاذ أي قرار متهور يشعل المنطقة.

وتوقع ردع نتنياهو والمؤسسة الأمنية والعسكرية لا يرتبط بخطورة الدخول في حرب ضد "حزب الله" وحسب، وإنما لعدم استعداد وجهوزية الجيش الإسرائيلي لمثل هذا السيناريو، بخاصة أن التمرد بين القوات مستمر احتجاجاً على خطة الحكومة للإصلاح القضائي.

سيناريو يقض مضاجع الجيش

وتقدر أجهزة الأمن الإسرائيلية أن الفترة الحالية جعلت احتمال الحرب تجاه الحدود الشمالية أعلى من أي وقت مضى في ظل الصراعات الداخلية في إسرائيل حول خطة "الإصلاح القضائي".

وبالتزامن مع ما تشهده الحدود مع لبنان خلال الأسابيع الأخيرة من توتر متصاعد للوضع الأمني بعد مقتل مهندس إيراني خلال القصف الإسرائيلي الأخير لسوريا، ارتفعت حدة القلق من تصعيد مفاجئ تكون نتيجته غير متوقعة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتحدث السيناريو الذي بحثته أجهزة الأمن الإسرائيلية عن أن الحرب لن تنحصر في جبهة واحدة تجاه لبنان وإنما ستشمل مختلف الجبهات، وهذا بحد ذاته يشكل تحدياً كبيراً لإسرائيل، خصوصاً على صعيد الجبهة الداخلية التي أعدت خطة للحماية في حال وقوع حرب، وفيها ضمان هجرة سكان مستوطنات وبلدات الشمال إلى الجنوب والمركز لحمايتهم داخل بيوت نقاهة أو فنادق.

وفي حال الحرب متعددة الجبهات فذلك يعني أن الجنوب الإسرائيلي لن يكون آمناً من صواريخ غزة، والمركز سيكون الأكثر تعرضاً للصواريخ المتوقعة من لبنان وغزة، وهذا الجانب من السيناريو جعل القلق متزايداً لدى أجهزة الأمن، وقد وصفته المتخصصة في الشؤون العسكرية ليلاخ شوفال بـ "الكابوس المرعب الذي يقض مضاجع الجيش، إذ ستأتي التهديدات من إيران ودول أخرى في المنطقة".

آلاف الصواريخ اليومية

 وبحسب جهاز الأمن الإسرائيلي فإن التخوف الاستراتيجي الأكبر هو الشلل الشامل للبلاد من شبكة الكهرباء والاتصالات والإنترنت وسلسلة توريد الغذاء والقدرة على توريد الخدمات للمواطنين عقب عدم الامتثال للعمل.

ووفق السيناريو كذلك فإن إسرائيل ستواجه نيران آلاف الصواريخ، ففي اليوم الأول من الحرب ستتلقى نحو 6 آلاف صاروخ، ثم سيتراجع ويقل العدد خلال أيام الحرب إلى ما بين 1500 و2000 صاروخ يومياً، بحسب توقعات جهاز الأمن.

وتشير التقديرات في أوساط خبراء الأمن إلى أنه ستقع كل يوم 1500 إصابة فاعلة في الأراضي الإسرائيلية، وسيقتل نحو 500 مواطن في الجبهة الداخلية وسيصاب الآلاف، لكن على رغم هذه الأعداد المذهلة فإن ما يقلق جهاز الأمن هو القدرة الدقيقة والمتعاظمة للطرف الآخر، وفق التقرير.

ظلام دامس

ولا يستبعد أمنيون إمكان نجاح "حزب الله" في ضرب محطات الكهرباء بصورة تجعل البلاد تعيش في الظلام لساعات طويلة وربما حتى أيام، إذ يتوقع السيناريو أن تعلق إسرائيل في الظلام ما بين 24 و72 ساعة.

وعبّر جهاز الأمن في التقرير الذي يشمل تفاصيل السيناريو عن تخوفه الشديد من ضربات دقيقة لمحطات توليد الطاقة بشكل يلحق ضرراً كبيراً بالقدرة الإسرائيلية على إنتاج الكهرباء، والتي من دونها سيحدث تشويش للاتصالات وشبكة الخلوي، وحتى قدرة الإخطار من نار الصواريخ.

وفي هذا الجانب توصي أجهزة الأمن المؤسسة العسكرية بوضع قبة حديدية أمام جميع الأماكن الاستراتيجية المهمة، وتحديداً محطات توليد الكهرباء.

16 كتيبة في الاحتياط

أما على صعيد الساحة الداخلية في إسرائيل فقد اعتبرت الأجهزة الأمنية الوضع تحدياً لا يقل أهمية، حيث التوقعات بإحداث الفوضى وخلل النظام نتيجة الوضع الذي ستلحقه كمية الصواريخ الكبيرة التي ستسقط على إسرائيل.

وفي هذا الجانب أقام الجيش 16 كتيبة جديدة من جيش الاحتياط انضم مئات من أفرادها إلى التمرد والاحتجاج، مما يزيد القلق لدى الأجهزة الأمنية، علماً أنه لا يختلف اثنان في إسرائيل أنهم أمام أول طلقة من الخارج سيتوحدون مهما كانت الخلافات بينهم.

وستعمل كتائب الاحتياط بشكل مكثف من أجل مواجهة الوضع الذي ستتعرض له الجبهة الداخلية، وبحسب جهاز الأمن فإنه في حال وقوع حرب فلن يكون هناك إمكان دخول إلى الموانئ والمطارات في إسرائيل، وسيتوقف الطيران الأجنبي وستكون المحاور مغلقة.

أما التخوف الآخر فيرتبط بعدم امتثال "فلسطينيي 48" لعملهم الحيوي كسائقي شاحنات، وهذه الوضعية ستقطع سلسلة التوريد في إسرائيل، والتقدير هو أن الضرر سيكون دراماتيكياً حين يتغيب 50 في المئة من المواطنين عن عملهم، وما بين 60 و70 في المئة سيتغيبون في مرافق حيوية، وسيعاني القطاع الحيوي من غياب نحو 20 في المئة من العاملين.

الأنفاق والملاجئ

والسيناريو الذي طرحته أجهزة الأمن يجعل التحديات الداخلية أكثر مما هو متوقع، فالوضع الحالي من حيث الحماية داخل الملاجئ سيئ للغاية، بحسب تقارير السلطات المحلية، ليس فقط لعدم توفير العدد الكافي من الملاجئ، بل لعدم صلاحية غالبية الملاجئ القائمة.

وبحسب التقديرات فسيبحث عشرات آلاف الإسرائيليين عن ملجأ لهم في مواقع أرضية مثل أنفاق الكرمل، مع محدودية وقلة الأنفاق في إسرائيل.

وتقول شوفال إن "مثل هذا السيناريو الذي يعرف تفاصيله متخذو القرار في المؤسستين السياسية والعسكرية يشكل دافعاً إلى إعلان إسرائيل عدم رغبتها في الحرب ولا حتى الانجرار إليها".

وتضيف، "لا شك في أن صورة الوضع المفزعة تردع إسرائيل، وفي القيادة يحاولون عمل كل شيء لأجل عدم التدهور إلى مواجهة، وإن كان التقدير هو أن احتمال الحرب أو في الأقل بضعة أيام قتالية قد ارتفع بشكل كبير، غير أن التردد الإسرائيلي والوضع الداخلي المعقد يدفعان حسن نصر الله إلى أن يزيد أكثر فأكثر الثقة بالنفس، وإعداد تربة خصبة وأعمال أخرى من شأنها أن تجر الطرفين إلى حرب".

وترى المتخصصة في الشؤون العسكرية أنه "في حال رغبت إسرائيل في أن تبادر إلى خطوة ما بهدف تقليص التهديد على الجبهة الداخلية وتحسين شروط بدء الحرب لتكون في مصلحتها، فلن تتمكن من عمل ذلك في المناخ السياسي الحالي حين يشكك كثيرون في دوافع الحكومة ورئيسها، ولكن في ضوء الوضع الأمني المتحدي جداً فلا يمكن لإسرائيل أن تسمح لنفسها بأن تواصل المناكفة الداخلية فيما يتزايد القلق من تداعيات استمرار الشرخ الداخلي على الوضع الأمني".

استدراك الوضع

ودعا الجيش الإسرائيلي، ضمن توصيات جهاز الأمن، إلى ضرورة تكثيف الاستعداد والتدريب لمواجهة التحديات الكبيرة والخطرة المتوقعة في حال نشوب حرب، في وقت حذرت تقارير محلية من عدم جهوزية الجيش واستعداده لمواجهة حرب على جبهة واحدة فقط، وفي ظل الشرخ الداخلي فإن وضعه يتراجع ويتطلب وقتاً طويلاً لاستعادة ما كان عليه، ومن ثم الاستعداد لمختلف السيناريوهات.

من جانبه التقى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي قيادات من الجيش للبحث في سبل إعادة الجنود الذين توقفوا عن الخدمة، وما سماه في بيان خاص للجيش "إعادة اللحمة في الجيش وجهوزيته"، إذ شارك جميع قادة الجيش من رتبة كولونيل وما فوق من جميع الأذرع العسكرية والقيادات والهيئات في أحد اللقاءات.

وفي الأثناء تواصل أجهزة الأمن البحث في تداعيات استمرار سلاح الجو بقصف سوريا واستهداف إيرانيين وشخصيات وضعتها ضمن بنك أهدافها، وفي الوقت نفسه بات هجوم الـ "سايبر" هو القلق المتزايد، إذ توقع أمنيون أنه سيكون هدفاً مركزياً خلال الحرب المقبلة، وقد ينجح في اختراق مؤسسات أمنية وعسكرية أو أماكن استراتيجية مهمة تضاعف التحديات والأخطار.

المزيد من تقارير