Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استخدام السلاح خلال الشجارات يدق ناقوس الخطر في غزة

رصد 190 مشاحنة عائلية داخل القطاع عام 2023 شهدت جميعها إطلاق أعيرة نارية

قتل العام الماضي 104 أشخاص نتيجة استخدام السلاح في الشجارات العائلية (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

ملخص

السلاح المنفلت في غزة يقودها إلى فتنة... ما القصة؟

في الخامس من أغسطس (آب) الجاري تشاجرت عائلتان في غزة وتخلل المشكلة استخدام السلاح وإطلاق أعيرة نارية، مما أسفر عن مقتل مواطن مباشرة وإصابة إثنين آخرين، ولم يتوقف هذا العراك إلا بعد تدخل قوات الشرطة لضبط الموقف وضمان عدم تمادي استخدام أدوات القتال.

ونشبت نحو 190 مشاجرة عائلية في عموم الأراضي الفلسطينية منذ بداية العام الحالي، 12 منها خلال أغسطس الجاري، وبحسب الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (مؤسسة رسمية حكومية) فإن الأسلحة النارية استخدمت في جميع المشكلات التي أخذت طابعاً عائلياً وأطلقت خلالها أعيرة نارية خلفت عدداً من الضحايا في صفوف المواطنين.

سبب الفتنة

ووفقاً لمؤشرات الأفعال الإجرامية في بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (مؤسسة حكومية)، وتوثيقات الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، فإنه سقط خلال النصف الأول من العام الحالي نحو 19 ضحية نتيجة استخدام السلاح، سواء في شجار عائلي أو خلافات أخذ الثأر أو غيرها من الحالات، وفي عام 2022 قتل 104 مواطنين نتيجة الأسباب نفسها، بينما وصل عدد الضحايا إلى 92 عام 2021، وانخفضت الحالات عام 2020، إذ سجلت 65 جريمة قتل.

تكرار استخدام الأسلحة النارية في الشجارات العائلية نكأ جرحاً غائراً عند سكان غزة بأن السبب في إشعال القتال يتمثل في استخدام أدوات القتال النارية المنتشرة بين أيدي المواطنين، ووصفوا ذلك بأنه الحقيقة المرة التي من الممكن أن تدفع إلى تزايد إطلاق النار، وتساءلوا عن دور الأجهزة الأمنية.

وهذا أيضاً ما أثار مخاوف المؤسسات الحقوقية من ظاهرة استخدام السلاح بشكل غير مشروع، وزيادة الاقتتال العائلي وارتكاب جرائم تخالف القانون بما يثير الفتنة، وطالبوا بضرورة اتخاذ قرارات صارمة من النيابة العامة ضد مطلقي النار بدلاً من حل الشجارات من طريق مجالس عشائرية.

 

 

وتواجه الأجهزة الأمنية في غزة معضلة انتشار السلاح بين أيدي العائلات، واستخدامه بطريقة منفلتة في بعض الأحيان، وفي كل مناسبة اجتماعية أو وطنية تصدر وزارة الداخلية تحذيرات للمواطنين بضرورة عدم إطلاق النار حتى لو كان ذلك ضمن احتفالات.

إجازة قانونية

ويعود تاريخ انتشار السلاح بين أيدي سكان الأراضي الفلسطينية لعام 1948، وكان وقتها لأغراض مقارعة إسرائيل ولا يزال في هذا الإطار، إلى جانب التفاخر به نظراً لأنه يغلب على المجتمع طابع السطوة العشائرية والقبلية، كما أن للقانون الفلسطيني موقفاً غير معارض نسبياً لوجود سلاح في أيدي الأفراد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب القانون الفلسطيني الأساس الذي يجيز حيازة السلاح للأفراد بغرض الحماية بعد ترخيصه وتسجيله بإجراءات معينة تتبعها وزارة الداخلية، لكنه يحظر على الأفراد اقتناءه من دون رخصة، كما يعد تملكه بشكل غير مشروع جريمة تعرض صاحبها للمساءلة.

ومن الصعب أن تمنع الأجهزة الأمنية وجود السلاح بين أيدي المواطنين لأن غالبيته في أيدي منتسبي الأمن والفصائل الفلسطينية، وعلى رغم ذلك فهو يستخدم في محله، ولعدم وقوع أحداث فقد رفعت الأحزاب المسلحة الغطاء التنظيمي عن مطلقي النار في أي حدث، وأقرت ضرورة محاسبة مرتكب الفعل وفقاً للقانون بعد اتفاق مع وزارة الداخلية.

مصادرة وسجن

وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية في غزة إياد البزم إنهم يبذلون جهوداً ضخمة لمنع استخدام السلاح في غير مكانه، وإن الأجهزة الأمنية تصادر أدوات القتال المستخدمة في الشجارات وتحيل ملفات القضايا وكل المضبوطات إلى النيابة العامة لاستكمال الإجراءات القانونية وفقاً للأصول، إضافة إلى توقيف كل من يطلق النار، مشدداً على أهمية عدم حدوث انفلات أمني.

وأضاف البزم، "نحاول أن نمنع استخدام السلاح من خلال إجراءات قانونية مشددة بحق المخالفين، وبذل جهد إعلامي لتوعية المواطنين حول خطورة هذه الظاهرة وما تخلفه من أضرار وكوارث على المجتمع".

من جانبه أوضح المتحدث باسم الشرطة في غزة أيمن البطنيجي أن "المشكلة تكمن في الأشخاص الذين ينحرفن في استخدام السلاح"، لافتاً إلى أن معدل الجريمة في القطاع منخفض وأن الظاهرة عبارة عن أحداث غير منظمة بل ناتجة من خلافات لا يمكن التنبؤ بها.

فتنة وثأر

وعبرت مؤسسات حقوق الإنسان في غزة عن تخوفها من تحول استخدام السلاح إلى ظاهرة تشعل الفتنة في المجتمع وتعود به للانتقام العشائري، وهو ما أكده المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار الدويك قائلاً "يقلقنا أن يكون إطلاق النار باباً لأخذ الثأر بعيداً من القانون"، مضيفاً أن "المجتمع الفلسطيني معروف بقبليّته، وفي حال سقوط ضحايا في الشجارات نتيجة إطلاق النار فإن عائلة القتيل لن تسكت عن أخذ الثأر وقتل شخص آخر من طرف الخصم"، مشيراً إلى أنه من الصعب أن يقتنع الأفراد بقرار القانون والمحكمة.

 

 

وحذر الدويك من مغبة اللجوء إلى "الانتقام العشائري لما يسببه من تهديد للسلم المجتمعي".

تهديد مجتمعي

ولفت مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان إلى أن سقوط ضحايا في الشجارات العائلية نتيجة الأعيرة النارية يزيد حالات الجريمة المنخفضة أساساً في الأراضي الفلسطينية، مؤكداً أنها تعقد الاجراءات القانونية التي قد لا تردع الطرف الآخر، مما يؤدي إلى تهديد بنية المجتمع ونسيجه.

وأوضح دويك أن السلاح يهدد حق الأفراد في الأمن الشخصي والحياة والسلامة الجسدية، ولذلك فمن الضروري حماية أركان السلم الأهلي عبر الأجهزة الأمنية والنيابة العامة بتطبيق وحفظ القانون، وذلك من خلال وقف فوضى السلاح والعمل الفوري على فرض سيادة القانون وتفعيل الإجراءات والتدابير الهادفة إلى منع انتشاره وحصر استخدامه من قبل المكلفين في إنفاذ القانون فقط.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات