تُجري دوائر الشرطة البريطانية تحريات بخصوص شميما بيغوم، على الرغم من قرار الحكومة إسقاط الجنسية البريطانية عنها بدلا من إعادتها إلى المملكة المتحدة بغرض محاكمتها.
كذلك تسعى الشرطة إلى مصادرة الملاحظات غير المنشورة التي كتبها الصحافيون الذين أجروا في سوريا مقابلات مع بيغوم، عضو "داعش" سابقاً.
ولذلك قدمت الشرطة طلبا إلى قاضٍ لإجبار ثلاث وكالات إعلامية على تسليم مواد تتعلق بمقابلات من هذا النوع بعد رفضها الاستجابة لطلب الشرطة تسليمها هذه المواد طوعاً.
يُشار إلى أن "قانون مكافحة الإرهاب" ينصّ على أن إصدار أمر قضائي بالحجز يستلزم إثبات الشرطة أن المواد المراد حجزها "مطلوبة لأغراض تحقيق يتصل بالإرهاب" وأنها ذات "قيمة جوهرية" كما أن مصادرتها هي في الصالح العام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جانبه، قال تسنيم أكونجي، وهو محامي بيغوم، لصحيفة "اندبندنت" إنه علم بتقديم الشرطة طلبا بهذا الشأن، وهو مقتنع من أنها "تعدّ لرفع دعوى ضد بيغوم". واضاف أنه لم يتحدد بعد تاريخ جلسة استماع للاستئناف الذي قدمه ضد قرار وزير الداخلية السابق ساجد جاويد، بإسقاط الجنسية البريطانية عن موكلته، ما يجعلها شخصا بدون وطن، كما يذكر.
وفي هذا السياق، اعتبر المحامي أنه "حين تجمع الخبرين معا، حقيقة أنهم مدّدوا جلسة الاستماع إضافة إلى حقيقة أن الشرطة تبذل جهودا كبيرة في هذا الشأن، فإنهما يشيران إلى أنها في حال إعادتها إلى المملكة المتحدة ستواجه إجراءات قانونية".
في المقابل، أوضح متحدث باسم الشرطة أنه لن يكشف لصحيفة "اندبندنت" سبب تقديم طلب إلى المحكمة، أو تأكيد ما إذا كانت الشرطة تجمع الأدلة لمقاضاة محتملة لبيغوم. وجاء في بيان للشرطة أن "عناصر الشرطة سيتصلون بوكالات الإعلام إن اقتنعوا بأن في حوزتها معلومات أو أدلة قد تساعد التحقيق الجنائي.. نحن نحترم كليا استقلالية الإعلام. والشرطة ستعمل، حين يكون مناسبا، على استصدار أمر بالحجز عندما لا تُسلم المواد طوعياً.. وقرار إصدار أمر بالحجز أو رفض ذلك ، هو من شأن المحكمة، وهذا أمر سليم تماما".
في المقابل، طلبت صحيفة "ذا تايمز" ومحطتا "سكاي نيوز" و"آي تي أن" من محامييها الاعتراض على طلب الشرطة، وذلك قبل بدء جلسة الاستماع التي كان مقرراً أن تبدأ في محكمة "أولد بيلي" في لندن هذا الاسبوع.
وكان من المفترض أن يراس جلسة الاستماع للقضية قاضي المحكمة العليا السيد سويني، لكنها أُجّلت بعدما حكم بوجوب استماع قاضي دائرة لها أولاً. لذلكمن المتوقع ان ينظر فيها هذا الأسبوع القاضي مارك دينيس في المحكمة نفسها.
تجدر الإشارة إلى أن واحدا فقط قد حوكم من كل عشرة جهاديين، من بين أكثر من 400 مقاتل عادوا من سوريا. وكانت الحكومة قد قدمت ملحقا لقوانين مكافحة الإرهاب الجديدة لجعل تطبيق الإجراءات القضائية في هذه الحالات أسهل. إلى ذلك، ترفض المملكة المتحدة حتى الآن إعادة مقاتلي داعش البريطانيين لمحاكمتهم، على الرغم من ضغوط دولية متزايدة والتماسات مسؤولين أكراد في سوريا.
وكان وزير الداخلية السابق ساجد جاويد قد عزا استخدامه صلاحياته لإسقاط جنسية بيغوم، إلى حرصه على "حماية البلد" ومنع عودتها إلى المملكة المتحدة. في هذا السياق، قال مصدر رسمي في وزارة الداخلية لصحيفة "اندبندنت" إن موقف الحكومة تجاه المحتجزين من مقاتلي داعش البريطانيين لم يتغير منذ حلول بريتي باتيل وزيرة للداخلية في حكومة بوريس جونسون الجديدة محل جاويد.
فحسب التوجيهات الرسمية، يحق لوزير الداخلية إسقاط الجنسية عن شخص إذا كان ذلك في "الصالح العام"، في حال كان الشخص المعني قادرا على تقديم طلب لنيل جنسية بديلة، لكن المسؤولين البنغلادشييين يقولون إن بيغوم ليست مواطنة مزدوجة الجنسية، ولن يُسمح لها بدخول بنغلادش.
غير أن محامييها رفعوا القضية إلى "لجنة الهجرة والاستئنافات الخاصة" التي وجدت سابقا أن قرار إسقاط الجنسية البريطانية عن شخصين يُزعم أنهما مقاتلَين "إسلاميين" من أصل بنغلادشي، كان غير قانوني.
يُشار إلى أن بيغوم محتجزة حاليا بمعسكر روج، في سوريا، إلى جانب نساء أخريات انضممن إلى داعش بصحبة أطفالهن. وكانت قد سافرت إلى معقل التنظيم الإرهابي حين كانت في سن الخامسة عشرة مع صديقتين أخرين لها من مدرستها من منطقة "بثنال غرين" وتزوجت هناك من مقاتل هولندي في "داعش". وقد أنجبت له ثلاثة أطفال ماتوا كلهم، بمن فيهم الرضيع الذي ولد في معسكر الهول أوائل العام الحالي. وجاءت ولادة بيغوم الأخيرة بعد أيام قليلة على عثور مراسل صحيفة " ذا تايمز" الحربي، أنتوني لويد، عليها، و أجرت لاحقا محطات إعلامية أخرى بما فيها "آي تي أن" و"سكاي نيوز" مقابلات معها.
واستأنفت بيغوم قرار إسقاط الجنسية عنها بهدف السماح لها بالعودة إلى المملكة المتحدة، مدعية بأنها لم تكن سوى "ربة بيت"، لكن مصادر أخرى زعمت أنها كانت اشتغلت في الشرطة الأخلاقية المخيفة لدى "داعش".
وكان مجلس الأمن الدولي قد أصدر تقريرا في أوائل العام الحالي، حذر فيه من أن نموذج "العروس الجهادية" النمطي كان يحمل الدوائر الأمنية على التقليل من خطورة النساء اللواتي انتسبن إلى "داعش". ودعا المملكة المتحدة ودولا أخرى أن تدرك أن الارهابيين يمكن أن يؤدوا " أدوارا مختلفة عديدة، بما فيها المساندين، أوالميسرين، أو الجناة " التي تلعبها النساء. وأضاف أن "من الممكن أن الافتراض الجندري الذي يرى أن النساء يفتقرن إلى القدرة، يمكن أن يؤدي إلى عواقب أمنية خطيرة من خلال السماح للاعبين خطرين بالتسلل عبر الفجوات".
كذلك، أشار التقرير إلى أن البلدان التي تقرر ترك النساء في ميادين النزاع "يمكنها أن تفاقم التهديدات المستقبلية ذات الصلة بتنظيم داعش، وتهدد، بشكل عام، وعلى المدى البعيد، استرجاع المنطقة عافيتها واستقرارها".
وكان عدد من النساء البريطانيات قد أصبحن بين الشخصيات التي اشتهرت لجهة استقطاب الآخرين إلى مجموعات متطرفة، بمن فيهم الطالبة الجامعية الاسكوتلندية أقصى محمود التي تواصلت مع بنات منطقة بثنال غرين اللندنية عبر تويتر قبل مغادرتهن صوب سوريا.
وكانت بيغوم قد اعتُقلت إلى جانب 20 امرأة وطفل بريطانيين في معسكرات "قوات سوريا الديمقراطية" بعد فرار إرهابيي داعش، كما علمت "اندبندنت".
وفي معسكر الهول رُفعت الراية السوداء، التي كان يستعملها التنظيم الإرهابي، تعبيرا عن الدعم له، بعد مرور أربعة أشهر على إعلان طرد دولة "الخلافة" المزعومة من الأراضي التي كانت تحتلها.
© The Independent