ملخص
بررت قيادة ميليشيات الـ"فانو" الموقف بأنها انسحبت من المدن الرئيسة في إقليم أمهرة بهدف تجنب الخسائر في أوساط المدنيين
أصدرت كل من حكومات أستراليا واليابان ونيوزيلندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، بياناً مشتركاً حول الوضع في إثيوبيا، بخاصة بعد انفجار الحرب في إقليم أمهرة الإثيوبي. وأعربت الدول الخمس في بيانها عن شعورها بالقلق إزاء أعمال العنف الأخيرة في منطقتي أمهرة وأوروميا، التي "نتج منها مقتل عشرات المدنيين، فضلاً عن حالة من عدم الاستقرار".
وقالت الدول الخمس، إنها "تشجع جميع الأطراف على حماية المدنيين، واحترام حقوق الإنسان، والعمل معاً لمعالجة القضايا المعقدة بطريقة سلمية". ويأتي البيان المشترك مضافاً إلى جملة من الدعوات المتزايدة من شركاء إثيوبيا الدوليين، في شأن الحملة العسكرية الأخيرة التي اجتاحت إقليم أمهرة، والصراع المستمر في إقليم أوروميا، الذي تسبب بمقتل عدد كبير من المدنيين وتدمير البنية التحتية المدنية بما في ذلك المرافق الصحية والتعليمية في اثنتين من أكبر الولايات الإثيوبية من حيث عدد السكان.
من جهتها قالت اللجنة الدولية لخبراء حقوق الإنسان في شأن إثيوبيا، أمس الجمعة، إنها "تشعر بقلق عميق إزاء ما تردد عن تدهور الوضع الأمني في المنطقة الشمالية الغربية من إثيوبيا، لا سيما في إقليم أمهرة". ودعت "جميع الأطراف إلى احترام حقوق الإنسان واتخاذ خطوات لتهدئة الموقف وإعطاء الأولوية لعمليات الحل السلمي للخلافات".
هدوء نسبي وتقدم حكومي
من جهة أخرى، نقلت وسائل الإعلام المحلية، عودة الهدوء النسبي إلى عدد من المدن والبلدات في إقليم أمهرة، بعد خمسة أيام من القتال العنيف بين جماعة "فانو" المسلحة غير الحكومية، والجيش النظامي، أدت إلى فرض الحكومة الإثيوبية حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر، علاوة على حظر التجوال في عموم الإقليم.
وعلى رغم تراجع حجم العمليات العسكرية، بعد انسحاب قوات الـ"فانو" من المدن الرئيسة، أعلنت المؤسسات الصحية استقبالها مئات الضحايا من المدنيين. وأكدت تسجيل وفيات ومئات الجرحى، بخاصة في المدينتين الرئيستين في الإقليم، بحر دار وغوندار.
وأقر "مكتب القيادة المركزية" الذي أنشئ للإشراف على حالة الطوارئ في الإقليم، بأن "أرواحاً بريئة" فقدت، ودمرت ممتلكات ونهبت في الصراع المستمر في منطقة أمهرة، مضيفاً أنه "سيتم التحقيق في الأضرار ونشرها على الملأ".
وقال بيان مكتب القيادة إن "القوات النظامية أتمت بنجاح المرحلة الأولى من عملياتها التي كانت تهدف إلى تحرير المدن والبلدات التي كانت تسيطر عليها جماعة فانو المسلحة واستعادة السلام والنظام في المنطقة". وأضاف البيان أن من سماهم "قطاع الطرق" قد "فروا الآن من المدن لتحصين المواقع التراثية والمؤسسات الدينية لإلحاق الضرر بهذه الأماكن".
وأشار البيان إلى اعتقال 23 شخصاً، من بينهم النائب البرلماني كريستيان تاديلي والصحافي يكالوا لاميرو، للاشتباه في "قيامهم بأنشطة غير قانونية" في المدن و"تقديم دعم لوجيستي ومالي من خلال توليهم مهمة من الجماعة المسلحة". وأضافت أنه سيتم تقديم المشتبه فيهم للقضاء بعد جمع الأدلة اللازمة".
هل انتهت المعركة؟
وأثار انسحاب قوات الـ"فانو" من معظم المدن الرئيسة وتحصنها في الجبال، بعد أسبوع واحد من بدء الاشتباكات بينها وبين الجيش النظامي، اهتمام وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بخاصة أن المجموعة المسلحة ظلت تتوعد الحكومة بحرب طويلة داخل الإقليم.
وبررت قيادة الـ"فانو" الموقف بأنها انسحبت من المدن الرئيسة بهدف تجنيب خسائر بشرية في أوساط المدنيين، كما أشارت في بيان نشرته، الخميس الماضي، إلى أنها تجنبت المواجهة في مدينتي غوندار ولاليبيلا، لأنهما تضمان مواقع أثرية تعود لآلاف السنين.
من جهتها أشارت وسائل الإعلام الحكومية إلى أن "حملة إنفاذ القانون، قد نجحت بشكل كامل في مرحلتها الأولى، من خلال تخليص المدن من الوجود المسلح لهذه المجموعة، وأن المرحلة الثانية ستتمثل في تمشيط المناطق الجبلية" مؤكدة أن "المهمة الثانية ستجري بعيداً من الأهداف المدنية".
بدوره رأي الباحث السياسي الإثيوبي عبدالصمد عبدالشكور، أن "ملف الحرب في إقليم أمهرة على وشك الإغلاق، لا سيما بعد انتهاء الأعمال العسكرية الكبيرة، إذ تمت استعادة المدن الرئيسة من قبل الجيش الفيدرالي"، مؤكداً أن "تلك المهمة لم تستغرق وقتاً طويلاً، وقد تم تحقيق أهم أهداف هذه الحملة، وما تبقى يتعلق بالجيوب الجبلية التي لجأ إليها المسلحون، إضافة إلى ملاحقة القيادات المسؤولة عن الحركة المتمردة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
جهود متأخرة
وبرر عبدالشكور عوامل انهيار قوة الـ"فانو" بالقول إن الأزمة بالأساس "أزمة نشطاء وسياسيين، أكثر منها مواجهة عسكرية بين قوتين". وأضاف "لا أعتقد أن وجود هذه المجموعة سيستمر طويلاً، باستثناء عمليات متقطعة ومشتتة، وربما بعض العمليات المتعلقة باستقطاب وتجنيد واستعطاف أنصار للحراك الأمهري، بغية الحصول على زخم ومن ثم الضغط على النظام للحصول على تنازلات ومكاسب، بالاستفادة من الزخم والمقدرة على الحشد والضغط الإعلامي".
وفي تعليقه على رسالة الدول الخمس وإمكانية مساهمتها في إطلاق مبادرة دولية للحل، أشار عبدالشكور إلى تصريح وزير الاتصالات الحكومية، الذي أفاد بأن "المنتظر من أي جهة لديها المقدرة على المساهمة في حل المشكلة، هو إقناع عناصر الميليشيات المتطرفة بدخول معسكرات الإيواء المخصصة لهم".
وأكد أن هذه "الجهود تعد متأخرة جداً، بخاصة أن الحملة حققت أهم أهدافها، بالتالي يعتقد أن رسالة الدول المذكورة، مبنية على اعتقاد خطأ يرى أن الأزمة ستستمر وتطول" وذلك "بناء على مخاوف من تدهور الأوضاع إلى الأسوأ، واستجابة للضجة الإعلامية التي سبقت الأزمة ولازمتها".
انتهت معركة ولا تزال الحرب
من جهته قال الجنرال تفري ماماو، القائد السابق للقوات الأمهرية الخاصة، لإحدى الإذاعات المحلية، إن "الحديث عن انتهاء الحرب سابق لأوانه"، مؤكداً أن "انتهاء الجولة الأولى من المعارك لا يعني انتهاء الحرب".
وقال الجنرال الذي قاد القوات الأمهرية بجانب الجيش النظامي في حرب تيغراي، إن "التحالف مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، انتهى بمجرد توصله إلى تفاق بريتوريا مع الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي من دون حسبة مستحقة لنضالات قوات الأمهرة التي كانت شريكة في الانتصار ضد تيغراي".
وأشار ماماو إلى أن "نضالات قوات الأمهرة بدأت الآن ولن تنتهي إلا بتحقيق أهدافها"، وشخص الحالة الحالية، بأنها "فترة الهدوء التي تسبق العاصفة"، مؤكداً أن "هذه الحرب فرضت على الشعب الأمهري، ولم يخترها بإرادته". وأوضح أن "بوادر الأزمة بدأت منذ قبول الحكومة الفيدرالية، عرض السلام الذي قدم من المجتمع الدولي، متخلياً على المكاسب التي حققتها دماء الجيش النظامي وقوات الأمهرة في تيغراي".
وشدد ماماو على أن القوات التي كان يقودها لم تكن ضد الاتفاق ولكن كان ينبغي الاستفادة من الانتصارات التي حققتها لفرض "شروط المنتصر على الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي".
وتحدث الفريق السابق الذي يوجد الآن بالخارج عن أن "الضغوط الدولية وضعت إدارة آبي أحمد في وضع المهزوم في تيغراي وليس المنتصر".
ونوه بأن "الأزمة بلغت ذروتها بمحاولات الحكومة الفيدرالي نزع سلاح القوات الأمهرية الخاصة، وميليشيات الفانو، في حين لا تزال الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي تحتفظ بعتادها وعناصرها العسكرية"، مؤكداً أن القوات التي قادها تأسست وفق بند دستوري يتيح تشكيل قوات خاصة لكل إقليم فيدرالي، معتبراً أن حلها لن يتم عبر اتفاقات تتجاوز الواقع الدستوري.
وفي تعليقه على الجهود الدولية الساعية لإيجاد مخرج من أزمة إقليم أمهرة، زعم المتحدث أن "الرهان سيبقى على الشعب وعلى القوات الأمهرية، وليس على الجهود الخارجية"، مشدداً على أن "الحرب لا تزال قائمة ولم تنته، وحملة الاعتقالات تطال نشطاء وصحافيين وقيادات سابقة في الجيش النظامي من أبناء الأمهرة. هناك استهداف واضح لكل القيادات الوطنية على أساس هويتهم".