ملخص
أثار بيان منظمة متخصصة في حقوق الأطفال حول ظاهرة صيد العقارب لصالح معهد باستور الحكومي ضجة واسعة في تونس أعادت إلى الواجهة ملف تشغيل الأطفال في مهن خطرة.
عبرت المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط عن قلقها على ما اعتبرته ظاهرة خطرة تهدد حياة الأطفال وهي صيد العقارب في الجنوب التونسي لصالح معهد باستور تونس الحكومي، إلا أن مديره الهاشمي الوزير نفى تلك الاتهامات. وقال في تصريحات إعلامية إن "المعهد لم يقتن عقارب أو أفاعي منذ أكثر من سنة، وعملية شرائها منظمة وتتم عبر شركة خاصة وبكراس شروط".
وأفادت رئيسة المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط، ريم بالخذيري، في تصريح خاص، بأنهم تحصلوا على مقاطع فيديو توثق عمليات صيد العقارب من طرف أطفال لا تتجاوز أعمارهم 12 سنة، في إطار مجموعات يترأسهم كهل يدلهم على أماكنها، مستدركة "الخطر في الأمر أن الصيد يتم من دون وسائل حماية أو أدوات خاصة"، منوهة بأن "عملية صيد العقارب تكون بموافقة الأولياء لأسباب مادية واجتماعية".
أمصال مضادة
وقالت بالخذيري إن "بيع العقارب يكون لفائدة معهد باستور من أجل إنتاج الأمصال المضادة للدغات العقرب" مضيفة أن "ثمن البيع من قبل الأطفال وعائلاتهم يذهب لصالح وسيط بأسعار زهيدة جداً لا تعكس مدى خطورة العمل والجهود التي يبذلها الصغار والأخطار التي تهدد حياتهم أحياناً".
في المقابل، نفى معهد باستور تونس في بيان له ما اعتبره "اتهامات مشبوهة في شأن استخدام الأطفال في اقتناء العقارب ولتصنيع السيروم المضاد للأفاعي والعقارب".
وقال المعهد، إنه "يشعر بالفخر كونه أحد المنتجين النادرين في أفريقيا للسيروم المضاد للأفاعي والعقارب" مؤكداً أن "هذا النوع من الدواء ضروري لمكافحة المضاعفات المحتملة نتيجة للدغات هذه الحيوانات السامة مما يعكس مسؤوليتنا الاجتماعية وتفانينا في مجال الصحة العامة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف "اقتناؤنا للعقارب والثعابين لتصنيع هذه السيرومات يتم بشكل قانوني تماماً، بالتعاون مع شركات حائزة تراخيص وتشارك معنا بعد عروض طلب محددة بعناية وفقاً لكراس شروط صارمة، تحدد معايير أمان صارمة، منذ الاصطياد وحتى نقل الحيوانات، إضافة إلى ذلك، نطالب بالامتثال الصارم لتوجيهات منظمة الصحة العالمية".
"صيد العقارب" ظاهرة في الجنوب التونسي وبعض مناطق الوسط، تعود إلى عشرات السنين، فلا يخفى عن أحد أن اصطياد هذه الزواحف السامة يعرف ذروته خلال الصيف عندما تشتد الحرارة. وهو نشاط منتشر في المناطق الجنوبية القريبة من الصحراء كمحافظة تطاوين ومدنين وتوزر وقبلي والقيروان.
رياضة شعبية
يقول أحد سكان بني خداش من محافظة مدنين إنه "لطالما جمع العقارب أثناء عطلة الصيف ليبيعها إلى العم نجيب الذي يأتي إلى قريتهم الجنوبية كل فترة لجمع ما تحصل عليه أطفال المنطقة من عقارب"، ويواصل "أتذكر جيداً أنهم يقولون لنا إنهم يجمعونها لصنع لقاح مضاد للدغة العقارب" مضيفاً "كنا نشعر بالفخر لأننا نشارك في إنقاذ أرواح الناس".
ثامر طالب يعيش في العاصمة يقول "صيد العقارب عبارة عن رياضة شعبية في جهتنا بتوزر، حيث كنا نتسابق من يجمع أكثر حتى نبيعها ونشتري بها لوازم العودة المدرسية أو زياً رياضياً وكرة" ويواصل "كنا نعرف أن العقارب تستخدم لصنع الدواء".
إلا أن ما أثار الموضوع اليوم على رغم أهمية جمع هذه الزواحف لصناعة سيرومات يختص بها معهد باستور التونسي في المنطقة الأفريقية، هو استغلال الأطفال في مثل هذه الأنشطة الخطرة التي قد تتسبب في موتهم.
وكانت المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط دعت في بيانها السلطات المحلية والجهوية والوطنية بالتدخل الفوري ومنع هذا النشاط، مطالبة وزارة الصحة بإسداء تعليماتها لمعهد باستور من أجل التوقف عن قبول العقارب من "السماسرة" وإطلاق برنامج وطني آمن للاستفادة من هذه العقارب في اللقاحات والأدوية بعيداً من استغلال الأطفال.
ويقول الباحثون في العلوم البيولوجية، إن هناك 152 نوعاً من العقارب تهدد التونسيين بحلول فصل الصيف لا سيما في مناطق الوسط والجنوب الصحراوي التي يتكاثر فيها هذا النوع من المفصليات.
وتقول الإحصائيات، إن هناك 425 حالة تتعرض للدغة العقارب من بين كل 100 ألف ساكن، وتكثر في الجنوب، بخاصة منطقة توزر، بواقع 14.26 في المئة مقابل أدنى نسبة في مناطق سوسة والمنستير بالساحل التونسي بمعدل يقل عن 1 في المئة.
وتنقسم أنواع العقارب بحسب خطورتها إلى ثلاثة مستويات، يحتل منها المستوى الأول، الذي لا يشكل خطورة كبيرة، نسبة 90 في المئة من مجموع الإصابات، مقابل تسعة في المئة من المستوى الثاني الخطر نسبياً، وواحد في المئة للمستوى الثالث شديد الخطورة.